ثقافة

الوقاية من العدو

بعد معرفة العدو، ومن هو العدو، وماذا يستهدف، تجب الوقاية منه، لأنه هيأ كل مرصد للمؤمنين وأعد المزالق والمهالك لهم، كيف أتوقى من هذه الشراك والمزالق والمهالك:

أولاً: اِحكام المعرفة بالرؤية الكونية الإلهية عن طريق الدراسة المتأنية، الإشكالات المطروحة من قبل الرؤية المادية الاشتراكية الرأسمالية تحل بالفهم الحقيقي للرؤية الكونية الإلهية، وقد ورد عن الإمام علي في حديث الأربعمائة: (علموا صبيانكم (من علمنا) ما ينفعهم الله به، لا تغلب عليهم المرجئة برأيها، …) هؤلاء المرجئة كانوا يحدثون الصغار، كأن لا حساب ولا عقاب على ما يفعلون، ولعله كانت هذا المذهب راج بسبب الحكام وما يبرر لهم أعمالهم الشنيعة والعدوانية، ولعل ذلك راج بين الناس كي يبرروا مساوئهم، الإمام عليه السلام يؤكد على تعليم الصبيان وصغار السن العلوم الإلهية قبل أن يغزو المرجئة أذهانهم فيشوشوها، وما تفعله القوى الاستكبارية مثل هذا المنطلق من التأثير المباشر على أذهان الناس وتغيير رؤى المتجمعات الإسلامية.

وقد شخص الإمام أعداء الأمة من المذاهب في تلك الفترة من كالمرجئة الحرورية والقدرية وغيرهم، وهذا التحذير من المذاهب أمر مهم من بعد المعرفة للوقاية من الأعداء.

ثانياً: الحذر، في المعركة العسكرية فيها الحذر واضح وبديهي، واليقظة لمخططات العدو والتفافاته وتحركاته العسكرية، والحذر من الجواسيس والعملاء كي يصل العدو إلى الانتصار العسكري، فترى المدفع والبندقية والجهاز اللاسلكي وأجهزة التجسس وأجهزة مضادة لها والدوريات المسيرة وحراسة على الثغور، كل هذا حذراً من بطش العدو ومباغته لمعسكر المؤمنين، قوله تعالى: (وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم وإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة …) وهذا عندما وصل النبي محمد صلى الله عليه وآله إلى الحديبية وسمعت بذلك قريش فأرسلت خالد بن الوليد لاعتراض الرسول صلى الله عليه وآله، ولما حان وقت صلاة الظهر أقام النبي الصلاة أمر الله نبيه بالحذر من الهجوم من قبل خالد بن الوليد من المباغتة، وقد فشلت محاولة الكفار بسبب حذر المؤمنين من الأعداء.

ولا يكفي الحذر العسكري، بل لابد من الحذر الفكري حيق قوله تعالى: (يأيها الذين آمنوا خذوا حذركم فانفروا ثبات أو انفروا جميعاً) هذه الآية وإن كانت تدل على وجوب الحذر حيث حمل بعضهم الحذر على السلاح فيستفاد بها في الجانب العسكري، ولكن معنى الحذر شامل لكل الأوضاع الخاصة بالمسلمين، كالعسكرية والثقافية والنفسية والاقتصادية والفكرية، فأي طارئ ثقافي يجب التهيأ له ومواجهته سواء أفراد أو جماعات، فهذا الواجب مثله مثل المواجهة العسكرية الداهمة على بلاد المسلمين.

وبهذا الفهم يكون الاستعداد على كافة المستويات العلمية التعليمية جاهزة للرد على الأعداء سواء كان مدفع بمدفع وطائرة بطائرة أو فكرة بفكرة، والجانب الفكري والثقافي والمعنوي لا يقل عن الجانب العسكري بشيء إن لم يفوقه في الأولوية البنائية، كما بنى النبي أصحابه من الناحية العلمية والثقافية أولاً ثم كون الدولة والعسكر فيها.

ثالثاُ: الاستعداد بمختلف التسليحات العسكرية والعلمية، قوله تعالى: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم …) الاستعداد والاعداد من وسائل الوقاية التي تجعل العدو لا يقدم على حماقات، فإنه يرى التقدم في إنتاج السلاح والإنتاج العلمي الكمي والكيفي، والابداع في الابتكار، فيكون هذه الاعداد قوة ردع، وما هو جار في هذه الأيام خير شاهد على هذا الفكرة.

وغير ذلك كثير من الأمور الوقائية ونقتصر على هذه الأمور الثلاثة لأهميتها.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى