ثقافة

ماذا يستهدف العدو؟

المعنى المتبادر من العدو هو من يريد الفتك بالإنسان أو قتله وإنهاء وجوده في هذه القطعة الزمنية كي لا يؤثر على الناس وينهض بهم وبهممهم، ليسيروا على خط الله وخط رسوله والأولياء الصالحين، وتعتبر حالة الإنهاء الوجودي هي السائدة في العصر القديم، حيث قتل بنو إسرائيل وغيرهم كثير من الأنبياء والمرسلين والصالحين، قوله تعالى: (ويقتلون الأنبياء) وقوله تعالى: (وقتلهم الأنبياء) وكذلك في عصر نبيان محمد صلى الله عليه وآله باستهدافه في منزله بقصد قتله وإنهاء تأثيره على الناس ونشر الدعوة الإلهية بين الناس.

ويسبق هذه المرحلة الترغيب أو التهديد، فالترغيب يميل بأهل الدنيا إلى دنياهم، والتهديد يركع أهل الدنيا لسلطانها، ولكن المؤمن لا يفت في عضده ونهجه في طريق الله لا ترغيب ولا تهديد، تراه يسير بعزم راسخ لتحقيق الوعود الإلهية وترسيخ دعائم الدعوة الإلهية.

والمعنى الأكثر انتشاراً في هذه الأيام – مع استخدامهم للقتل والتصفية – الإعلام المضلل الذي يستعمل التغذية غير المباشرة لنا ولأبنائنا، ويدس السم في العسل، حيث يحسن الظاهر والباطن حقيقته نتنة فاسدة، يؤدي للخواء والعبثية في الأهداف والنظرة الكونية، وقد اتقن الأعداء هذا الأمر وساروا فيه منذ زمن.

وهذا هي الحرب الناعمة بحقيقتها التي تغذينا بالأمراض من دون أن نشعر بها إلا بعد الاستفحال أو الإدمان والتخلي عن المبادئ والقيم المأمورين باتباعها.

وبحسب المنظور الإسلامي للعدو هو الذي يعمل بخلاف مقتضى الشريعة المنزلة بقصد إزاحة المؤمنين عن عبادة الله إلى عبادة الشيطان. نعرف من خلال هذا المنظور ماذا يستهدف العدو المؤمنين، يستهدف أولاً الاعتقادات والرؤية الكونية التي يراها المؤمنين، وثانياً يمنع من انطباق هذه الرؤية على العمل الخارجي، وكل ما عدا هذين الأمرين فهو يصب بطريق وآخر في هذين الخانتين.

أما الرؤية الكونية، فهو يخاطب الأطفال في عمر صغير من خلال برامج التلفزة والأفلام الكرتونية، ينشأهم على التربية الغربية بفسح مجال منا، يخاطب الأطفال في نشأتهم بأساليب جذابة معلبة برسومات وخيالات واهمة، بخلاف ما يعتمد عليه في الرؤية الكونية الإلهية حيث يعتمد على التعقل والفهم، فهذا يؤدي إلى عطب شديد في القوة العاقلة، فلم تمرن ولم تستعمل فيما هو له،

أما خلق حالة انفصام بين ما يعتقد وبين ما يعمل، حيث ترى هذا الانسان مسلم يؤمن بالله ولكن عمله لا يطابق فكره، فيرى الحرية المطلقة، ولا يهتم بالحجاب الشرعي، ويرى الفصل بين الدين والسياسة، وغير ذلك من الأفكار التي تهدم الدين ولا تجعل حجراً يقوم على حجر ولا لبنة على لبنة، قوام ذلك كله الاعتماد على المادية الرأسمالية التي تنبذ الدين التوحيدي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى