مقالات

مسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

لا يخفى على أحد أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الدين الإسلامي والأديان السابقة، فقد أبيدت أمم سابقة بمترفيها ومؤمنيها بسبب عدم قيامهم بهذه المسؤولية ونبذها، فتلك أمة النبي شعيب (ع) قد عذب منها ستون ألفاً من الأخيار؛ لأنهم داهنوا أهل المعاصي ولم يغضبوا لغضب الله، وتلك أمة النبي صالح (ع) قد أخذوا بذنب شخص واحد قتل ناقة الله؛ لأنهم رضوا بفعلته.

وأما الدين الإسلامي المحمدي قوامه هذه المسؤولية الإلهية التي يستقيم بها الدين والمؤمنين، قد ذكرت آيات كثيرة في هذا الجانب، مذكرة بما فعل الأقوام السابقة، مشجعة على إحياء هذه العبادة الإلهية.

قوله تعالى: {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون} سورة آل عمران: 104، قوله تعالى: {المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر …} سورة التوبة: 71، وقوله تعالى: {الذين مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور} سورة الحج: 41، وقوله تعالى: {يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور} سورة لقمان: 17، وغيرها من الآيات الكثيرة.

ونشفع بذلك برواية واحدة عن الإمام الصادق (ع) قال: (يكون في آخر الزمان قوم يُتبع فيهم قوم مراءون يتقرّءون ويتنسكون حدثاء سفهاء لا يوجبون أمراً بمعروف ولا نهياً عن منكر إلا إذا أمنوا الضرر يطلبون لأنفسهم الرخص والمعاذير يتبعون زلات العلماء وفساد عملهم يُقبلون على الصلاة والصيام وما لا يَكْلِمُهُم في نفس ولا مال ول أصرت الصلاة بسائر ما يعملون بأموالهم وأبدانهم لرفضوها كما رفضوا أسمى الفرائض وأشرفها إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة عظيمة بها تقام الفرائض هنالك يتم غضب الله عز وجل عليهم فيعمهم بعقابه فيُهلك الأبرار في دار الفجار والصغار في دار الكبار إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبيل الأنبياء ومنهاج الصلحاء فريضة عظيمة بها تقام الفرائض وتأمن المذاهب وتحل المكاسب وترد المظالم وتعمر الأرض وينتصف من الأعداء ويستقيم الأمر، فأنكروا بقلوبكم والفظوا بألسنتكم وصكوا بها جباههم ولا تخافوا في الله لومة لائم …)

يعتبر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أهم دستور اجتماعي منظم، بسبب وجود المفسدين والمعتدين والمنتهزين، والاستقامة الاجتماعية في حاجة لمن يأمر ولمن ينهى، ولا يتصور من يتصدى لهذه الفريضة أنه لن يحصل على الأذى في جنب الله، بل هذه الفريضة قريبة من فريضة الجهاد القائمة على حصول الضرر، وهذا ما يحتاج إلى الصبر على الأذى والاستقامة وتحمل ما يصيب الإنسان من المكاره.

وقد ذكر الفقهاء أعلى الله مقامهم أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس مختصاً بفئة محددة وصنف معين، كالعلماء ورجال الدين، بل ذلك شامل لكل إنسان مكلف توفرت فيه شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كالعادل والفاسق، والسلطان والرعية، والأغنياء والفقراء، فكل شرائح المجتمع تحمل هذه المسؤولية التي قد أوكلهم الله تعالى في ذلك.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى