تفسير آية

تفسير آية: إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله

سنة النصر حق طبيعي لا إلهي

قال الله تعالى: ﴿إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾. سورة آل عمران – الآية 140

حينما أراد أن يتحدّث عن انكسار المسلمين في غزوة أُحُد ـ بعد أن أحرزوا ذلك الانتصار الحاسم في غزوة بدر ـ تحدّث القرآن الكريم عن هذه الخسارة، ماذا قال؟ هل قال بأنّ رسالة السماء خسرت المعركة بعد أن كانت ربحت المعركة؟

لأنّ رسالة السماء فوق مقاييس النصر والهزيمة بالمعنى الماديّ، رسالة السماء لا تُهزم، ولن تُهزم أبداً، ولكن الذي يهزم هو الإنسان، حتّى ولو كان هذا الإنسان مجسّداً لرسالة السماء، لأنّ هذا الإنسان تتحكّم فيه سنن التاريخ. ماذا قال القرآن؟ “وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاس“.

هنا أخذ يتكلّم عنهم بوصفهم أناساً. قال بأنّ هذه القضيّة هي في الحقيقة ترتبط بسنن التاريخ. المسلمون انتصروا في بدرٍ حينما كانت الشروط الموضوعيّة للنصر ـ بحسب منطق سنن التاريخ ـ تفرض أن ينتصروا، وخسروا المعركة في أحد، حينما كانت الشروط الموضوعيّة ـ بحسب نفس المنطق ـ في معركة أُحُد تفرض عليهم أن يخسروا المعركة، “إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ“.

لا تتخيّلوا أنّ النصر حقٌّ إلهيٌّ لكم، وإنّما النصر حقٌّ طبيعيٌّ لكم، بقدر ما يمكن أن توفّروا الشروط الموضوعيّة لهذا النصر، بحسب منطق سنن التاريخ التي وضعها الله سبحانه وتعالى كونيّاً لا تشريعيّاً، وحيث إنّكم في غزوة أُحُد لم تتوفّر لديكم هذه الشروط خسرتم المعركة.

المصدر: محاضرات الشهيد السيّد محمّد باقر الصدر

25 جمادى الأولى 1399 هـ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى