بيرق

آداب الإيثار

أنّ أصل الإيثار هو: “تقديم الشيء بحقّه”. وهذا التعريف يستبطن جميع مبادئ آداب الإيثار. ومن هذه الآداب:

1- الإخلاص

الأدب الأوّل الذي يؤطّر الإيثار هو الإخلاص، فمع غياب الإخلاص عن هذه الممارسة لا يتحقّق مفهوم “تقديم الآخر”. فلو وهب الإنسان إنساناً آخر شيئاً هو بحاجة إليه لكن بدافع غير إلهيّ فسيكون في الواقع كمن قدّم ذلك الشيء إلى نفسه، إذ هو في حقيقة الأمر قد استجاب إلى دافعه النفسيّ، وإنّ أنانيته هي التي دفعت به إلى هذه الممارسة، وهي الحافز الكامن وراءه.

2- الحبّ

تقدّم في بعض التعاريف أنّ الإيثار بمعنى أن يقدّم غيره على نفسه في النفع له والدفع عنه، وهو النهاية في الأخوّة. وهذا يعني أنّ هناك حبّاً وعلاقة لما تؤثر به الآخر. ولذا يتمثّل الأدب الثاني للإيثار بوجود حبّ يشدّ إلى ما يؤثر به، وإلّا فمع غياب هذه الصلة لا معنى لـ “تقديم الآخرين” ولن يتحقّق هذا المعنى في واقع هذه الممارسة. والدافع لهذا الحبّ وسببه هو لله تعالى. فعندما يكون الله تعالى هو المحور والأصل في كلّ معاملة تصبح منطلقات الأعمال وغايتها إلهية. ﴿وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾.

3- تقديم الأقرباء

من الآداب الاُخرى للإيثار تقديم أولي الأرحام والأقرباء بشكل عامّ، كما قال تعالى: ﴿وَأُوْلُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ﴾. ومن هنا يجب على الإنسان النهوض بنفقتهم شرعاً ويتحتّم عليه تأمين احتياجاتهم الحيويّة، فلا يتحقّق الإيثار مع احتياج الأرحام والأقارب من حوله. ويمكن فهم ذلك من قيد “بحقّه” في التعريف المتقدّم للإيثار، ذلك أنّ تقديم الآخرين على “الأرحام والأقرباء” لا يصحّ عقلاً ولا شرعاً.

4- تقديم أهل الإيمان

من الآداب الأُخرى للإيثار تقديم أهل الإيمان. ورد عن الإمام عليّ عليه السلام قوله: “عامِل سائِرَ النّاسِ بِالإِنصافِ، وعامِلِ المُؤمِنينَ بِالإِيثارِ”.

5- تقديم الأحوج

يدخل هذا الأدب كذلك في مقوّمات الإيثار، وإلّا فإنّ تأمين الاحتياجات الثانوية للآخرين على حساب التضحية بالاحتياجات الأساسية للمؤثِر نفسه والتفريط بها لا يعدّ حقّا ولا يندرج في عداد القيم. من هنا جاء عن الإمام عليّ عليه السلام في ظلّ آية الإيثار: “لا تَستَأثِر عَلَيهِ بِما هُوَ أحوَجُ إلَيهِ مِنكَ”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى