بيرق

ثمرة الإيثار

الإيثار صفة تدفع الإنسان إلى معالجة الأنانية النفسية عنده، وإلى القضاء بشكل تدريجيّ على صفة الاستئثار التي تضرّ بالبنية الاجتماعية، وتدمّر وحدته وانسجامه. فكلّما شاعت صفة الإيثار ضعفت بمقدار ذلك صفة الاستئثار.

لذا يهدف الإسلام من وراء إشاعة ثقافة الإيثار والمواساة للآخرين إلى التخفيف أو القضاء على ثقافة الاستئثار والأثرة التي هي وليدة الفكر الماديّ الذي لا يؤمن بالغيب والماورائيات، بخلاف الإيمان بالله الذي يرتكز على عالم ما وراء المادة والغيب. والقرآن الكريم أعطى قاعدة لبيان فائدة الإيثار وهي أنّ تربية النفس على خلق الإيثار تعني أن يبني الإنسان ذاته ويُحسن لنفسه ويُؤمّن مصالحه الحقيقية الدائمة كما قال تعالى: ﴿إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَ﴾. إنّ اللام في ﴿لِأَنفُسِكُمْ﴾ و﴿فَلَهَ﴾ هي للاختصاص، أي إنّ من إحسانكم وإساءتكم مختصّ بأنفسكم دون أن يلحق غيركم، وهي سنّة الله الجارية أنّ العمل يعود أثره وتبعته إلى صاحبه إن خيراً وإن شراً. لقد أوجز القرآن الكريم الآثار والثمرات الفردية والاجتماعية للإيثار بقوله ﴿وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾، أي الَّذي يصان عن الشحّ المكنون في نفسه فهو المفلح.

وهذه الصفة إذا رسخت وثبتت في القلب وغلبت على الأهواء والغرائز، فإنّها ستحصّن النفس وتحول دون وقوعها في الكثير من الموبقات والآثام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى