تفسير آية

تفسير آية: ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون

قال الله تعالى: ﴿وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ﴾.سورة البقرة، الآية 154.

أسباب النزول:

“عن ابن عباس أنّها نزلت في شهداء بدر، وقُتِل من المسلمين يومئذٍ أربعة عشر رجلاً: ستة من المهاجرين، وثمانية من الأنصار، وكان الناس يقولون: مات فلان، فأنزل الله تعالى هذه الآية، وهي أن لا يُقال فيهم أنهم أموات” . والمعنى: أن الله نهى أن يُسمّى من قتل في الجهاد أمواتاً، (بل أحياء)، أي هم أحياء . فلا تعتقدوا فيهم الفناء والبطلان كما يفيد لفظ الموت عندكم ومقابلته مع الحياة – كما يعين على هذا القول حواسكم – فليسوا بأموات بمعنى البطلان، بل أحياء ولكنّ حواسكم لا تنال ذلك ولا تشعر به. والآية دالة على الحياة البرزخية، وعالم القبر المتوسط ما بين القيامة وعالم الدنيا، حيث ينعم فيه الميت أو يعذب. والآية عامة شاملة وليست مخصوصة بشهداء بدر كما ذهب إليه بعض المفسرين .

الإشارات والمضامين

1- النهي عن اعتبار الشهداء في سبيل الله أمواتاً:

يجب على المؤمنين أن لا يعتبروا الشهداء في سبيل الله ضمن الأموات.

2- مقياس قيمة بذل النفس بكونه في سبيل الله:

القيد ﴿فِي سَبِيلِ اللّهِ﴾، يبيّن أنَّ قيمة بذل النفس والقتل هو بكونه في سبيل الله.

3- الحياة البرزخية للشهداء:

المقصود من كون الشهداء أحياء بعد الشهادة – كما ورد في أسباب النزول -، ليس المراد منه إحياء اسم الشهيد، وحسن الثناء، وجميل الذكر له مع الزمن، لأنّ هذه الحياة مجرّد حياة خيالية تقديرية… بل المراد الحياة البرزخية الحقيقية. هذا المعنى تؤكّده عبارة ﴿عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾، لأنّ الرزق يستلزم حياة حقيقية وليس خيالية، ولذا فالآية في صدد تبيين الحياة البرزخية للشهداء.

4- الشهادة هي الحياة الحقيقية:

إنّ فطرة الإنسان تدفعه إلى البحث عن الحياة الحقيقية الخالدة، والقرآن الكريم لا يكتفي بتقديم الموت في سبيل الله، والأهداف المقدّسة على أنَّه طريق الوصول إلى هذه الحياة، وإنما يعتبره عين هذه الحياة.

5- مواساة أعزاء الشهداء بتبشيرهم بالحياة الحقيقية:

هذه الآية لإيقاظ وتنبيه أولياء الشهداء بأنَّ قتل أعزاءهم ليس إلا مفارقة لهم في أيام قلائل في الدنيا، وأنهم سيلحقون بهم عما قريب بالموت، وهذا الفراق يسير في مقابل مرضاة الله سبحانه وتعالى، وما ناله أعزائهم من الحياة الطيبة، والنعمة المقيمة، ورضوان من الله أكبر.

6- تشجيع المؤمنين على القتل في سبيل الله:

إخبار الله سبحانه عن حياة الشهداء البرزخية، وتَنَعُّمهم عند الله، يشجِّع المؤمنين على القتال في سبيل الله، لأنَّهم سيعرفون بأنَّهم إذا قتلوا في ميدان الجهاد، فإنَّهم سيصلون إلى الحياة الخالدة، والرضوان الإلهي.

7- القتل في سبيل الله من القيم السامية:

يوضح الإسلام بأن للشهادة منزلتها العظيمة كما توضح الآية أعلاه وآيات أخرى، وهذا يعطي قيمة كبيرة لمسألة الجهاد من المنظور الإلهي، ويعطي المجاهد مرتبة سامية وهامة على ساحة المواجهة بين الحق والباطل. وهذا العامل أمضى من أي سلاح وأقوى من كل المؤثّرات .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى