تفسير آية

تفسير آية: وقاتلوا في سبیل الله الذین یقاتلونكم

قال الله تعالى: ﴿وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ سورة البقرة، الآية 190

الإشارات والمضامين

– وجوب الدفاع: ﴿َقَاتِلُواْ﴾ فعل أمر دال على الوجوب، والمراد من عبارة ﴿الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ﴾، الذين حالهم القتال مع المؤمنين من مشركي مكة، والمراد بآية ﴿وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ﴾، القتال: محاولة الرجل قتل من يحاول قتله، فهو عبادة يقصد بها وجه الله.

2- تشريع الجهاد: بناءً على ظاهر الآية، فالمراد من ﴿يُقَاتِلُونَكُمْ﴾ بيان حال ووصف العدو، وهذا حال من كان من المشركين في مكّة يقاتل المسلمين، وبالتالي أُذن للمسلمين بالقتال كما في آية ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا…﴾ سواء أكان بعنوان الدفاع عن المسلمين، أو عن بيضة الإسلام، أو كان القتال قتالاً ابتدائياً، فالكل بالحقيقة دفاع وجهاد ضد المشركين وعليه: فسياق هذه الآية مطابق لسياق الآية 39 من سورة الحج ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا…﴾ وفيه دلالة على الإذن الابتدائي بالجهاد ضد المشركين.

3- قيمة الجهاد والدفاع كونه في سبيل الله: ﴿فِي سَبِيلِ اللّهِ﴾ قيد يُبيِّن أنّ هدف المجاهد المؤمن من الجهاد والدفاع هو إقامة الدين، وإعلاء كلمة التوحيد، ومثل هذه الحرب هي عبادة ويجب أن تُخاض بنيّة كسب الرضا الإلهي والتقرّب من الله تعالى، وليس الاستيلاء على أموال الناس وأعراضهم.

4- الطبيعة الدفاعية للحرب في الإسلام: يستفاد من هذه الآية أنّ الحرب في الإسلام لها بُعدٌ دفاعي، فيقرّ الإسلام مبدأ الدفاع عن الحقّ المشروع للبشر عن طريق الحرب والجهاد، وهذا الحقّ تعترف به الفطرة الإنسانية لكل الناس وهو الحقّ بالعيش بحرية وكرامة.

5- النهي عن البدء بالقتال: الآية تأمر بالقتال ضد الذين يقاتلون، وهذا بيان عن النهي عن البدء بالقتال قبل بدئهم به[1] كما أنّ عبارة ﴿وَلاَ تَعْتَدُواْ﴾ تعني لا تعتدوا بقتال من لم يبدأكم بقتال.

6- النهي عن قتال غير المحاربين: هذه الآية تأمر المسلمين بقتال من يقاتلهم فقط، والنهي في ﴿وَلاَ تَعْتَدُواْ﴾ عن الاعتداء وهو الخروج عن الحد، يُقال: عدا، واعتدى إذا جاوز حده، وتعدي الحد يكون بالقتال قبل دعوته إلى الحق، أو الابتداء بالقتال، أو قتل النساء والأطفال، أو عدم الانتهاء إلى العدو….

7- وجوب الالتزام بكلّ مقررات وقوانين الجهاد والدفاع: النهي عن الاعتداء شامل، ويضمّ كلّ ما يصدق عليه أنّه اعتداء، كما هو ظاهر في العنوان السابق مما بيّنته السنة النبوية.

وعليه، فالنهي في عبارة ﴿وَلاَ تَعْتَدُواْ﴾ فيه دلالة على وجوب الالتزام بكلّ قوانين ومقرّرات الجهاد حتى فيما لو تم أسر العدو، أو سقوطه جريحاً في أرض المعركة…، مما أوضحه آل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم مما كانوا يوصون به من وصايا في الحرب حتى شملت حقوق العدو في الحرب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى