ثقافة

من بركات وفود السيدة فاطمة المعصومة (عليها السلام) إلى قم المقدسة

بعض البقاع تكتسب حالة جديدة بسبب وفود بعض الأشخاص إليها، خصوصاً إذا كان هؤلاء الأشخاص من المتصفين بالتقوى والعظمة الأخلاقية وعلو النسب والشأن وغير ذلك. وهذا مما يشير إلى ما يمكن لهذا الإنسان، فيما إذا اتصف بصفات حميدة، أن يكون له من تأثير حتى على مصير ومآل المدن والبلدان من دون أن يحكمها أو تكون له يد في إدارة شؤونها..

ومن هذه الشخصيات العظيمة المؤثرة، شخصية السيدة فاطمة المعصومة (عليها السلام) التي وفدت إلى قم وكان لسكنها هناك ومن ثم دفنها بالغ الأثر في تلك المدينة، وههنا نذكر بعضاً مما يمكن اعتباره من بركات حضور هذه البضعة العلوية المباركة إلى قم المقدسة:

1 ـ توسيع مدينة قم
اتسعت المدينة من الشمال الشرقي والجنوب الغربي حيث أصبح حرم المعصومة (عليها السلام) يقع في وسط المدينة بعد أن كان في أطرافها.

2 ـ قم محل اهتمام الكثيرين
جذبت قم أنظار الكثيرين من الملوك والحكام والأشخاص الآخرين فتوجه إليها مشتاقي أهل بيت النبوة (صلوات الله عليهم) وكل ذلك بسبب وجود حرم المعصومة فيها.

3 ـ قوة التدين في قم
يتمتع التدين في قم بثبات واستحكام واضح حيث مركز العلماء الشيعة وقد عاش ونشأ فيها الكثير من كبار علماء الشيعة.

4 ـ كثرة السادات في مدينة قم
توجه الكثير من أبناء الأئمة والشيعة إلى قم للحياة فيها ومن جملة ذلك الكثير من أحفاد الإمام الحسن والإمام الحسين وموسى بن جعفر وعلي بن موسى الرضا (عليهم السلام)، وكذلك أبناء محمد بن الحنفية وزيد بن علي بن الحسين (عليهما السلام) وإسماعيل ابن الإمام الصادق (عليه السلام). واليوم يظهر بوضوح كثرة الشيعة في المدينة حتى أطلق على بعض الأحيان فيها: احياء العلويين والسادات.

5 ـ الاعتناء بأمور أبناء الأئمة (عليهم السلام)
عمل أهل قم منذ القرن الثالث الهجري تاريخ دخول السيدة المعصومة على الاهتمام بقبور أبناء الأئمة (عليهم السلام) من حيث البناء والقبب. وقد تحدث بعض السياح الذين زاروا قم في المرحلة الصفوية والقاجارية عن مقابر أبناء الأئمة وقبب مراقدهم…

6 ـ العلماء الكبار في قم
من جملة بركات السيدة المعصومة (عليها السلام) تربية علماء ومفكرين عظماء من أبرزهم:
ـ علي ابن الحسين بن بابويه القمي، والد الشيخ الصدوق أو الصدوق الأول.
ـ محمد بن علي بن بابويه القمي، المعروف بالشيخ الصدوق ومؤلف ما يقرب من 300 كتاب في الأصول والفروع.
ـ محمد بن حسن الصفار، من أصحاب الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) والمقربين إليه.
ـ أحمد بن إسحاق القمي، وكيل الإمام العسكري (عليه السلام) في قم وباني مسجد الإمام المعروف وذلك بأمر من الإمام.
ـ أحمد بن إدريس القمي، من محدثي الشيعة.
ـ زكريا بن آدم، من أصحاب الإمام الرضا (عليه السلام)
ـ أبو عبد الله محمد بن خالد البرقي، أديب ومحدث ومؤلف العديد من الكتب المهمة من جملتها: التنزيل والتعبير، كتاب العلل، كتاب اليوم والليلة .
ـ أحمد بن محمد بن خالد البرقي، مؤلف العديد من الكتب الهامة: المحاسن، كتاب التبليغ والرسالة، كتاب التراحم والتعاطف .
ـ علي بن إبراهيم القمي، المفسر المعروف.
ـ الخواجه نصير الدين الطوسي الجهرودي المعروف بأستاذ البشر.
ـ صدر المتألهين الشيرازي الذي ترك آثاراً فلسفية هامة: الأسفار الأربعة، الشواهد الربوبية، شرح الكافي و…
ـ الملا عبد الرزاق اللاهيجي، فيلسوف وحكيم معروف. عاش في القرن الحادي عشر الهجري وصاحب كتاب شوارق الإلهام، وكوهرمراد.
ـ الملا مهدي القمي النراقي صاحب جامع السعادات.
ـ الميرزا أبو القاسم القمي، صاحب القوانين.
والعديد من العلماء والأشاعرة والوزراء والمؤرخين ورجال العلم والسياسة حيث لا تتسع هذه المقال لذكر أسماءهم.

7 ـ حوزة قم العلمية
لعل ازدهار الحوزة العلمية في قم من جملة بركات وجود مرقد السيدة المعصومة (عليها السلام) فيها. وقد عمل العلماء والفقهاء منذ القرن الثالث الهجري على توسيع وتطوير العلم والأدب والحديث في هذه المدينة. وما زالت هذه المدينة وحتى هذا اليوم محلاً للعطاء العلمي.
وأعطت هجرة الفيلسوف صدر المتألهين إلى المدينة صورة أخرى لها. وبعد صدر المتألهين لعب المرحوم الفيض الكاشاني دوراً في تأسيس المدرسة الفيضية في جوار حرم المعصومة (عليها السلام) مما ساهم في النمو والرشد العلمي والفكري.
واستمر هذا العطاء إلى أن كان العام 1315هـ.ش حيث استقر في المدينة المرحوم الشيخ عبد الكريم الحائري أحد اعلام العلم والفضيلة الذي قدم إلى قم من أراك فأضفى على المدينة روحاً جديدة. وكان لوجود آية الله العظمى البروجردي (رحمه الله) دوراً هاماً في ارتقاء النشاطات الثقافية والاجتماعية وهكذا بدأ المراجع يتوافدون على المدينة لتصبح المركز الأساس للمرجعية الشيعية.
واليوم يتواجد في قم تجمع عظيم لمراجع وفقهاء ومجتهدي الشيعة وكل ذلك ببركة وجود السيدة المعصومة (عليها السلام).

8 ـ الثورة الإسلامية في إيران
من جملة ما امتازت به مدينة قم أنها احتوت الجذور الأساسية والمركزية للثورة الإسلامية في إيران. فكانت قم هي مهد انطلاق الثورة ومحل نشأة باني الجمهورية الإسلامية.
لعل أغلب الحوادث التي شهدتها الثورة الإسلامية ترتبط بقم. وقد أشارت روايات الأئمة (عليهم السلام) إلى وقوع هكذا حادثة في هذه المدينة، يقول الإمام الكاظم حول القيادة والناس في إيران:
“رجل من أهل قم يدعو الناس إلى الحق، يجتمع معه قوم كزبر الحديد، لا تزلهم الرياح والعواصف ولا يملون من الحرب، ولا يجبنون وعلى الله يتوكلون والعاقبة للمتقين” .
ونختم هذا المقال بعبارة للإمام الخميني (قدس سره) أصبحت محل افتخار هذه المدينة المقدسة، يقول: “قم، حرم أهل البيت (عليهم السلام) ومركز العلم والتقوى والشهادة والمروءة. منها سطعت أنوار العلم إلى كافة بلدان العالم وما زالت إلى يومنا هذا مشعلاً يضيء الطريق للكثيرين. سطرت هذه المدينة أروع ملاحم المروءة والشهامة وكانت منذ عهد الأئمة الأطهار (عليهم السلام) محط أنظار المسلمين ومعقل الإسلام وقلعته الحصينة. فيها ترعرع الإيمان ومنها تفجرت ينابيع العلم والتقوى”

عبد الكريم باك نيا – بتصرف

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى