ثقافة

منارتا الخميس.. رمز الأصالة الشيعية في البحرين

الكاتب: الشيخ محمد صالح مهدي

مقدمة

احتدم الجدل في السنوات الأخيرة حول مسجد الخميس- المعروف قديماً بالمشهد ذي المنارتين-، هذا المسجد التاريخي الذي يعد أحد أبرز المعالم التاريخية الشهيرة في البحرين(1)، وكان منشأ ذلك عندما أُريد تحويل الولاية عليه وحق التصرف فيه من إدارة الأوقاف الجعفرية (المؤسسة الرسمية في البحرين لرعاية الأوقاف الشيعية) إلى وزارة الثقافة والإعلام، بغرض جعله متحفاً للسواح بعدما كان مسجداً للمصـلين، إضـافة إلى المسـلسـل الممنـهج القائم على تزييف التاريخ والعبث بالهوية الوطنية فيما يُخشى بعد ذلك أن يتم تغيير هويته المذهبية علناً أو تغييبها مع تعطيل وظائفه الدينية وتجميدها، وهو الذي يعد وفق كل المستندات التاريخية والأدلة الثبوتية مسجّلٌ في الأوقاف الجعفرية، وقد كان من أكبر الحوزات العلمية في تاريخ البحرين والمنطقة.

مسجد الخميس(2) بالإضافة إلى كونه إرثاً إنسانياً، فهو رمزٌ للهوية المذهبية للمنطقة في حقبة زمنية معينة. هذه الرمزية المذهبية هي التي أنتجت العديد من القضايا الشائكة. وانعكست تلك القضايا على عملية كتابة التاريخ القديم لهذه المنطقة.

ومن ذلك تعددت الفرضيات حول تاريخ تأسيس المسجد وهويته، وأخذت بعض الأقلام المأجورة والأصوات النشاز تروج لبعض المغالطات التاريخية ساعيةً إلى استبدال ذاكرة بأخرى جديدة كلياً والتي تتعامل مع حقائق التاريخ من منطلق المغالبة السياسية، بحثاً عن تزويرات للجذور العميقة لأهل هذه التربة حيث لا يملكون عليها تاريخاً عريقاً ولا ماضياً بعيداً.

لقد استمرت الحياة في المسجد بعد تأسيسه على مر قرون لم يختلف فيها أحد على الهوية المذهبية له، وصولاً إلى مطلع القرن العشرين الميلادي تقريباً1900م بعد أن تصدّع بناؤه وخرب ليهجر شيئاً فشيئاً حتى أهمل تماماً، بينما كانت أوقافه مستمرة العطاء، فبقي معطلاً مهجوراً عن نشاطه الديني والفكري، وهنا كانت الفرصة سانحة في هذه الفترة للعبث في هويته ومسخها وسلبها من أيدي متوليه، وهو الذي حدث حتى أُسّست الأساطير وابتكرت الفرضيات ودُسّت في التاريخ ليُنسب تأسيسه إلى طرف آخر ومذهب آخر يراد إثبات هويته وأساسه غصباً، لكونه لا يملك شيئاً في البلد.

وقد استطاعوا من خلال خططهم أن يمرروا ما أرادوا على أجيال متعاقبة لم تستطع ردعهم والوقوف في وجه هذا المسخ والطمس للهوية.

ومن ذلك احتجنا لأن نحقق ونستدل ونبحث كل ما يردّ ويُسكت تلك التحريفات، لعل ذلك يردع شيئاً منها بعد تجذرها، ويرجع حقاً بعد سلبه.

كان الذوق السليم الحفاظ على الآثار العريقة لمكانة هذا المسجد التـاريخية فهو من أعرق المساجد التاريخية شاهد على حضارة إسلامية متأصلة كما حافظ المسلمون على مساجدهم الأثرية كالحرمين الشريفين وجامع الأزهر والجامع الأموي… وهل لغير المسلمين ذوق أفضل واهتمام أكثر منّا حتى يحافظوا علـى آثارهم الكفرية مثل تاج محل والمعابد البوذية وغيرها من الآثار؟

للأسف بدل أن يرمم المسجد ويفتح لتأدية دوره العظيم يراد أن يحوّل هذا المسجد في زماننا إلى متحف يزار للتفرج على آثاره القديمة الباقية تعدياً على حرمة المسجد في شرع المسلمين مع وقف الاستفادة من عطائه الديني والعلمي الذي امتد لقرون متواصلة.

وحقيقة ذلك التحويل ليس لما يشار إليه وإنّما المسألة أعظم من ذلك فإنّهم بذلك الفعل يحاولون التمويه على انتمائه المذهبي عند تعطيل وتغييب وظائفه الإسلامية التي لا يتَحمّلون بقائها.

وهناك علامات وشواهد كثيرة دالة على هوية المسجد، منها: أحوال البحرين زمان التأسيس الذي لم يذكر فيها غير مذهب واحد، وهوية المؤسس، وتسميته بالمشهد، والآثار والنقوشات الموجودة فيه، وهوية المنطقة المحيطة به، والوقفيات الشيعية التابعة له، وهوية العلماء المدفونين بجنبه، وهوية العلماء المتولين رئاسته، ووثائق إدارة الأوقاف التي تثبت توليها عليه، ومذكرات الرحالون المستشرقون الذين زاروا المسجد ووصفوا هويته مثال ذلك ما ذكره ثيودرت بنت  في عام 1889م، أو ما ذكره وصوره إيرنست دياز في بحثه باللغة الألمانية عام1925م الذي طبع تحت عنوان: (أطلال مسجد شيعي في جزيرة البحرين) وغيره، مما لا يسع المقام لذكرها، وإنّما هذا إيجاز بينتُ فيه بعض الحقائق المهمة لتنشر في قبال الأقلام النشاز الساعية باستمرار للتزوير والتحريف، آملا في تتميم ما بدأته مستقبلاً.

صورة للمسجد أبان نشاطه

مخاطر الدراسات القائمة

من أهم المغالطات الخطرة التي تواجه دراسة تأريخ مسجد الخميس هي الخلط بين معرفة هويته من خلال الآثار وتأريخ البناء والمؤسس والمحيي له، وبين تغير مذهب أهل البحرين تبعاً للحكّام المتعاقبين على المسجد على فرض صحّة هذه الدعوى المكذوبة.

فعند دراسة آثار المسجد في تحديد هويته المذهبية مع تعاقب الأزمان، يأتي البعض ويقسم الهوية المذهبية للمسجد وللبحرين كذلك على أقسام بحسب مذهب السيطرات السياسية والحكام ويُنظِّر إلى أن هوية البحرين مرّت بتطورات وتغيرات، مع أنّ الآثار الباقية والقرائن والشواهد الصريحة في المسجد وغير المسجد لا تدل على وجود أكثر من هوية واحدة.

فعلى سبيل المثال في العام 1987ميلادي نشر Cole بحثاً بعنوان (الإمبراطوريات التجارية المتصارعة والشيعة الإمامية في شرق الجزيرة العربية 1300 – 1800ميلادي)، حاول من خلال سياق معلومات تاريخية خاطئة واستنتاجات متناقضة، إثبات تحول المذهب الإسماعيلي إلى المذهب الإمامي الإثني عشري.

فعندما يدرس المذهب على أنّه أمر متغير ويتبع السيطرة السياسية، فإنّ هوية الشعوب المذهبية تابعة للسلطة المذهبية، أي ما معناه أنّ البحرين إبان السيطرة الأموية [التي يُدعى تأسيس مسجد الخميس فيها] كان لها مذهب ثم تحولت لمذهب آخر إبان السيطرة القرمطية وبعد ذلك اعتنقت لمذهب آخر، وهكذا.

وقد سار على هذا النهج عدد من الباحثين، على سبيل المثال: Nelida Fuccaro في كتابها حول تاريخ مدينة المنامة والذي صدر العام 2009ميلادي؛ ترى أن العام 1602ميلادي (بداية السيطرة الصفوية الشيعية على البحرين) كان عاماً فاصلاً ويحدد بداية التحول للمذهب الشيعي الإمامي في البحرين، أما تاريخ الإمامية قبل هذا العام فغير واضح، ولا يعلم بالتحديد مدى انتشاره في البحرين(3)!!

تحديد حقيقة المؤسس

كثرت الأقوال والادعاءات في تحديد مؤسس المسجد وهوية باني المسجد وعصره الذي عاش فيه، ولُفقت الأكاذيب والافتراءات وادعيت الأقوال الواهية وهي التي لا يقوم عليها أدنى دليل علمي معتبر، وإنّما غايتها التضليل والتغطية عن الحقيقة الحقة التي لا تتحملها بعض النفوس المريضة المليئة بروائح الطائفية العفنة، وهنا سنستعرض أبرز الشخصيات المدعى تأسيسها للمسجد مع مناقشتها بنحو من الإيجاز:

* عمر بن عبد العزيز بن مروان الأموي (توفي101هجرية)

وهو القول المأخوذ به الآن رسمياً، واعتُمد في بعض المناهج الدراسية، وثبِّت على موقع المسجد أنّه بُني المسجد في عهد عمر بن عبد العزيز.

وعند تقصّي حقيقة ذلك والرجوع إلى المصادر، لم نجد مدعياً بذلك غير محمد بن خليفة بن حمد بن موسى النبهاني الطائي (1301-1369هـجرية) في كتابه التحفة النبهانية. فقد زار النبهاني البحرين قادماً من الحجاز في العامين 1322 و1340هـجرية، فطلب منه عدد من وجهاء وشيوخ الأسرة الحاكمة، أن يوثق تاريخ البحرين في كتاب يعتمد رسمياً في البلد، وبالفعل استجاب المؤلف لذلك الطلب، وانهمك في البحث والتأليف إلى أن فرغ من تبييض مسودته الأولى في 12 ربيع أول عام 1332هجريةـ واسمى كتابه “النبذة اللطيفة في الحكام من آل خليفة”، ثم توسع في مادة الكتاب فأضاف إليه جزءاً من أخبار الجزيرة العربية وأبدل اسمه بعد ذلك إلى “التحفة النبهانية في تاريخ الجزيرة العربية”(4).

اعتماد التحفة النبهانية

يقول الباحث جلال الأنصاري: “والمطالع لهذا الكتاب يلاحظ أهميته حيث إنّه كتب قبل 100 عام تقريباً، وفي فترة امتازت بشح المصادر التاريخية التي تطرقت إلى الحديث عن تاريخ منطقة حوض الخليج العربي… نظراً لكون هذا الكتاب هو الكتاب الأول الذي كتب وطبع ونشر في دولة البحرين، في فترة كانت الأمية منتشرة، ومع شح وسائل الإعلام استطاع هذا الكتاب أن يحقق انتشاراً واسعاً، ويكتسب شهرة بين شريحة المثقفين، وبالتالي بين شريحة غير المثقفين  (صلّى الله عليه وآله) (صلّى الله عليه وآله)العامة (صلّى الله عليه وآله) (صلّى الله عليه وآله) فانتشرت أفكار ومحتويات الكتاب وتناقلها الناس جيلاً بعد جيل حتى أصبحت كل محتويات هذا الكتاب من الأمور المسلم بها، كما اعتاد أيضا أساتذة الجامعات الخليجيون والعرب على اعتماده مصدراً أساسيّاً”(5).

ولكن مع ما بذله المؤلف من جهد في جمع مادة الكتاب كما ذكره في مقدمة كتابه، إلا أنّه لم يخلُ كتابه عن الكثير من الأخطاء الجذرية والشطحات الكبيرة والتلفيقات الناشئة من دوافع العصبية المذهبية البغيضة، فهو لم يأخذ طريق الأمانة التاريخية في النقل وإنّما سيِّر الكتاب كما شاء وأراد.

ولذلك فقد رد العديد من الباحثين والمحققين بعض ما ورد فيه من اشتباهات وتزويرات، نذكر منهم الكاتب عدنان العوامي في بحثه الذي تصدى فيه لرد جانبٍ من اشتباهات الكتاب حول مسالة الصفوية في البحرين وقد طبع في موسوعة دائرة المعارف الإسلامية الشيعية للسيد حسن الأمين بعنوان “الصفويون والبحرين في كتاب التحفة النبهانية”(6).

ومن الكتّاب أيضاً جلال بن خالد الهارون الأنصاري في بحثه الذي نُشر في موقع مجلة الواحة الإلكترونية بعنوان “ملاحظات على كتاب التحفة النبهانية” وبيّن فيه بالأدلة والوثائق شطحات النبهاني في كتابة أنساب القبائل وبعض تواريخها، والحقّ أن ذلك الكتاب لكثرة ما فيه من معلومات يحتاج إلى تحقيق مستقل يستوعب ويتتبع جميع ما فيه مع التوقف عند مغالطاته واشتباهاته لأهمية الأمر.

اختلاق الأسطورة

ومن تلك الأخطاء التي صدرت من الكتاب وخلّفت تبعات كبيرة على تاريخ البحرين منذ صدوره واعتماد محتواه حتى يومنا هذا، هي مسألة تاريخ تأسيس مسجد الخميس ومؤسسه، عندما ذكر في كتابه أنّ مؤسس المسجد هو عمر بن عبد العزيز الأموي من دون أن يتطرق فيه كمؤرخ لأدنى شاهد ودليل يؤيد كلامه.

والذي أورده في كتابه بعد حديثه عن سوق الخميس وعين أبو زيدان القريبة من المسجد هو أنّه قال: “وشماليه[أي: شمالي سوق الخميس] على مسافة نحو 100 ذراع آثار مسجد آخر، وفي جانبه أطلال مدرسة قديمة لم يبق منها سوى بعض جدرانها وبعض إسطوانات مدورة منحوتة من صخور عظام، ومكتوب على الجدران نقرٌ في الحجارة بخط كوفي.

وعندها منارتان متقابلتان شرقاً وغرباً طول كل واحدة منهما نحو 70 ذراعاً، وتسمى هذه الأطلال المشهد، فوصلته وصعدت المنارة الغربية وكتبت اسمي نحتاً في أعلى حجر في داخلها، ووجدت عدد درجها إلى الدائر الثاني مئة درجة وعلى باب المنارة الغربية حجر مكتوب بالخط الكوفي، ولكن عسر علي قراءته لأن المدرسة المتهدمة ردمت باب المنارة حتى دفن معظمه فصار الحجر عند الأرض وجعل الصبيان يلعبون فيه بالدق حتى تثلمت غالب الكلمات فعسر علينا قراءتها، ولم يكن معي في ذلك اليوم آلة الرسم (المخيلة) لآخذ رسمه وأتفحص بعد ذلك في كتابته.

وهذا المسجد والمدرسة مع المنارتين الجميع من بناء عمر بن عبدالعزيز الأموي”(7).

وهنا نورد ملاحظتين سريعتين على ما ذكر:

1- من الواضح أنّ النبهاني لم يأتِ بأيّ شيء يثبت صحه مدعاه وإنّما ساق الكلام سوقاً على عواهنه، والمنصف هنا لا بد من أن يتساءل عن كيفية توصل النبهاني لذلك مع كونه عاش في القرن الرابع عشر الهجري وعمر بن عبد العزيز عاش في القرن الثاني وهو عصر متقدم جداً على عصر النبهاني!! وهو ما يجعل الباحث يتجاوز تلك الرواية إذ لم يسندها ويقومها شيء تعتمد عليه.

2- ذكر أنّه حاول قراءة الحجر الواقع على باب المنارة الغربية فلم يستطع لأنّ الصبيان دقوا عليه حتى تثلمت غالب الكلمات فعسر عليه قراءتها، ولم يملك الكاميرا لتصويرها. ونقول: إنّ هذه من الافتراءات المفضوحة والمسجد اليوم بنفسه يكذبها ويردها، فقد شاءت الأقدار الإلهية أن تحفظ هذا الحجر المثبت على بوابة المنارة الغربية والوحيد في المسجد منذ عصر تأسيسه حتى اليوم وهو عبارة عن لوحتين وعمرهما أكثر من 900 عام وهما موجودتان سليمتان ليس فيهما أي ثلم وكسر، غاية الأمر أنّه نقش فيهما ما لا يقبله النبهاني من حقائق لا يتحمل أن يوثقها ويذكرها في كتابه، منها اسم المؤسس الواقعي للمسجد ومنها الهوية المذهبية للبلد واسماء الأئمة المعصومين (عليهم السلام) وعبارات الولاء -وسيأتي بيانها-، ولو اعترف بما هو مكتوب لما كان يدعي من أنّ الباني للمسجد هو ابن عبد العزيز، وسيرى نفسه مرغماً على ذكر الشيعة وأئمتهم وهو الذي وصفهم في كتابه المذكور بأنهم طائفيين شديدي التعصب…(8)!!.

المنارة الغربية التي ثبت عليها اللوحان التاريخيان

الأسطورة مدروسة

ولما كانت جميع الآثار والنقوشات العريقة الباقية حتى يومنا هذا في المسجد تبين هويته الشيعية التي لا يمكن إخفاؤها أبداً ولا أن يشوبها شك وتزوير، ابتداء بذكر آيات الولاية كآية: {إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذينَ آمَنُوا الَّذينَ يُقيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ}(9)، ونقش أسماء المعصومين  (عليهم السلام)الأربعة عشر على الأحجار حتى ذكر بعض الشخصيات التاريخية المعروفة هويتها المذهبية، وعليه ينكشف قِدم التشيع في البحرين بقدم بناء المسجد، وجد النبهاني نفسه ملزماً بأن يأتي بشخصية تنسجم مع الشواهد والآثار الشيعية الموجودة وتناسب التحريف الذي يريده، بحيث يمكن أن تنطلي على الأذهان دون شذوذ عندما يريد أن يقلب هوية المسجد المذهبية.

 أسماء المعصومين (عليه السلام) في لوح الأئمة وهي تبدو واضحة

لذا كان الادعاء المحنك بأنّ باني المسجد هو عمر بن عبدالعزيز وهو المعروف بكونه أكثر خلفاء الدولة الأموية تعاطفاً مع مذهب أهل البيت (عليهم السلام)، وهو الذي رفع السب عن الإمام علي (عليه السلام) في فترة حكمه بعد شياعه أربعين عاماً، وهو الذي رد فدك المغصوبة إلى الإمام الباقر (عليه السلام). وبطبيعة الحال حينها لا يمكن أن يعترض معترض بالقول إن ابن عبد العزيز سني المذهب وآثار المسجد تبين أنّ بانيه من الشيعة لأن الجواب سيأتيه واضحاً في أنّ عمر مع هويته السنية إلا أنّ تعاطفه مع الشيعة يجعله يقبل بتلك الآثار بل يأمر بها.

من تبعاتها وقد نجح النبهاني فيما أراد، وانطلى الأمر على عقول الكثيرين من المؤالفين والمخالفين، ومن ذلك استدل بعض الجهلاء على أنّ المذهب السائد في البحرين في عصر بناءه هو مذهب باني مسجد الخميس عمر بن عبد العزيز الأموي!!

حتى جاء بعض الباحثين من المستشرقين ليعزز أسطورة النبهاني هذه، ففي العام 1990ميلادي نشرت “مونيك كيرفاران” دراستها حول تاريخ بناء مسجد الخميس، أوضحت أنّ هناك ثلاثة مساجد بنيت على بعضها وأن البناء الأول يتميز بمحراب بشكل حفرة في جدار القبلة. وبسبب شكل المحراب فقط، أعادت “مونيك كيرفاران” صياغة فرضية النبهاني: بما أن الثابت أنّ أول ظهور لمحراب بهذا الشكل كان في زمن الخليفة عمر بن عبد العزيز عندما أعاد بناء مسجد المدينة، فإنه من المرجح أن يكون هذا البناء بني في عهده أيضاً أي الفترة 99 – 101 هجرية (قرابة عام 718 ميلادي)(10).

وفي العام 2010م طور Carter هذه الفرضية وبنى عليها وجعل من عمر بن عبد العزيز مؤسساً للبلاد القديم، كبداية جديدة في البحرين بعد القضاء على الحركات المتمردة التي تمركزت في جزيرة المحرق(11). بهذه الصورة أُعطيت فرضية النبهاني صبغة علمية، فأصبح الرأي الرسمي يتماشى مع نتائج بعثات التنقيب(12)، ولذلك فإنّ مدعيّ أسطورة عمر بن عبدالعزيز يستندون في إثبات دعواهم إلى أبحاث هؤلاء المستشرقين ويقولوا ليس الذي أثبت ذلك هو النبهاني بل نتائج التنقيب المحايدة من البعثات.

إلا أنّ الكثير من الكتاب والمؤرخين المنصفين ردوا على النبهاني بعد ادعائه ذلك نظراً لكون ما ذكر تدليساً لا يمكن قبوله، منهم: المؤرخ ناصر بن جوهر بن مبارك الخيري (توفي 1344هجرية) وهو من أبناء السنة والمعاصر للنبهاني في كتابه التاريخي “قلائد النحرين في تاريخ البحرين” المطبوع بخط يده حيث يقول فيه: “وقد ذهب بعضهم إلى أنه مبني في زمن عمر بن عبدالعزيز فذاك زعم باطل لا دليل له ولا برهان، وتاريخ بناء هذا المشهد صريح منقوش على صخرة كبيرة بأحرف واضحة على واجهة المحراب الداخلي ولا تزال باقية حيث هي لم تمس بسوء…”(13).

ثم جاء الادعاء من أن ما قاله النبهاني هو رواية شعبية، وهذا الفرض أيضاً لا يمكن قبوله لأنّه لو كانت رواية شعبية لكان أهل المناطق المحيطة بالمسجد يعلمون خبرها، لا أقل أنّ بعضهم قد توارثها كأهالي البلاد القديم وطشان والخميس والمصلى فإنّ “أهل مكة أدرى بشعابها”، ولكنهم يجهلون أمرها وينفونها.

بل حتى لو سلّمنا جدلاً برواية النبهاني وأنّ المسجد بني في عهد عمر بن عبدالعزيز فإن ذلك لا يعني أن المسجد يعكس الهوية الدينية للدولة الأموية؛ لأنّ البحرين كانت في تلك الحقبة شبه مستقلة ذاتياً عنها. بل يمكن القول إنّ البحرين كانت مسرحاً نشطاً للانتفاضات وحركات التمرد ضد الدولة الأموية ولم تسقط حركات التمرد حتى بعد سقوط الدولة الأموية قرابة العام 749 ميلادي.

  • المبارك المعظم (عام84 هجري).

ولما لم تصمد أسطورة النبهاني أمام الواقع أجرت وزارة الإعلام بعض التنقيبات التي توصّلت من خلالها لنتيجة جديدة يكشف الستار عنها لأول مرة في أنّ باني المسجد هو شخص يدعى بـ”المبارك المعظم أو العظيم”، وهي شخصية مجهولة لم يذكر التاريخ عنها شيئاً، ولا تعرف هويتها الدينية فتضيع بذلك مسألة هوية المسجد وينتهي الصراع الدائر بين الطائفتين في أحقيتهما بالمسجد.

وقد أعلن عنها مدير إدارة السياحة والآثار سابقاً الشيخ رائد آل خليفة (في تصريح صحفي) قال فيه: “إن هناك كشفاً أثريّاً مضمونه أنّ مسجد الخميس بُنِي في عهد حاكم يدعى المبارك المعظم عام 84هـجري/703ميلادي”(14).

وقد يرجع ذلك الادعاء إلى أثرين تاريخيين من آثار المسجد، هما اللذان جاء اسم المبارك المعظم عليهما، وهما:

1-  نقش “الوقفية”:

ويعرف بذلك حيث فيه مجموعة من أسماء مزارع النخيل التي تعتبر وقفاً للمسجد. وهذا النقش حالياً معروض في متحف البحرين. ولم يعثر على هذا النقش في مسجد الخميس بل وجد في قرية المصلى(15)، إلا أنّ البعض(16) يحتمل نسبته إلى مسجد الخميس.

وهذا النقش يتكون من قطعتين، النص الذي نقش على القطعة الأولى يتكون من أربعة أسطر ونصه كالتالي:

الأول: بسم الله الرحمان الرحيم أمر بعمارة هذا المسجد المبارك الصاحب المعظم خواجه جمال الدين علي بن المرحوم منصور بن محمود كرد زيد تعظيمه قربة إلى.

الثاني: الله تعالى ووقف على مصالحه جميع السرمر والملك المعروف بفوليان من البلد القديم مع نصف الملك المعروف بحمكان من حويص عالي على أن (يلوث) ويبقى ستمائة (منا ثنا لمأن) (17) كل من يحضر لقراءة.

الثالث: القرآن كل يوم (….) رمضان ومائة وخمسون (منا ثنا لمأن) كل من يحضر للصلاة يوم الجمعة كل جمعة خمسة آن وستمائة (منا ثنا) لقيمه ومائة (منا ثنا) لقيمه ثمن سراجه بهما وباقي.

الرابع: لمصالحه من فروش (ورم) وغيرهما تقبل الله حسابه وأعلى درجاته في سابع وعشرين صفر سنة ست وسبعين وسبعمائة هجرية.

ونص القطعة الثانية يتكون من سطرين:

الأول: أيضاً يضاف على نصف حمكان مع صرمة فوليان جوبار.

الثاني: عين القصارين الصغرى الغربي وقفاً شرعياً متقرباً إلى الله تعالى.

وثيقة توثق أوقاف المسجد

2- نقش ترميم المنارة الشرقية للمسجد:

وقد عثر على هذا النقش في غرفة الحارس في مسجد الخميس على صخر حذفت منه أجزاء ويمكننا قراءة ثلاثة أسطر منه كالتالي: (أمر بعمارة هاذه [كذا مكتوبة] المنارة المباركة السيد المعظم المخدوم محي الجهاد (…..) سنة أربع وعشرين وسبعمائة).

أي يعود تاريخ النقش لقرابة عام 1323ميلادي مما يعني أن هذه المنارة قد تم تشييدها في عهد الدولة العصفورية التي ورثت حكم إقليم البحرين بعد العيونيين.

وهنا نورد ملاحظتين سريعتين:

1- من الملاحظ أنّ الصخرتين ليستا الأقدم من بين الآثار الموجودة في المسجد فهناك الأثر الموجود على المنارة الغربية الذي يفوق عمر هاتين الضخرتين بحدود المأتي عام!!! ولا يزال موجوداً في المسجد منقوش عليها اسم باني المسجد، ومن البديهيات المنطقية الأخذ بالتاريخ الأقدم لمعرفة المؤسس لا المتأخر.

2- الموجود في نص نقش الوقفية وكذلك في نقش المنارة الشرقية أن المبارك المعظم قد أمر بعمارة المسجد ومنارته الشرقية لا أنّه أمر ببنائه، بينما الموجود في نقش المنارة الغربية وهي الأقدم اسم الباني للمسجد وجاء نصه بلفظ البناء.

ومع وجود تاريخ أقدم من هذين النقشين وكون هذا التاريخ القديم للباني أيضاً لا للمعمر كما فيهما يتضح جلياً فساد هذا الرأي المغلوط استناده، وأن المبارك ما هو إلا معمر للمسجد لا بانيه.

والظاهر انه لأجل تقوية هذا الرأي لم ينقلوا التاريخين الموجودين في النقشين 724 و776 هجري والذي عاش في فترتهما المبارك المعظم، وإنّما الذي ادّعوه بناءه عام 84 هـجري، وهو عهد متقدم جداً على عصر المبارك تنفيه هذه النقوش ولا يوجد له أي ذكر في آثار المسجد، ولعل سبب وضع هذا التاريخ وابتكاره كونه الأقرب لتاريخ حياة عمر بن عبد العزيز، فإن لم يصح الأول بأن بانيه عمر بن عبد العزيز صح الثاني بأن بانيه المبارك المعظم!!!

والحيف أنّه كيف يكون كل هذا اللف والدوران ومن الكتاب والباحثين من أجل إخفاء حقائق جلية واضحة لم يتم التطرق إليها، لطمس الهوية المذهبية لهذا الصرح الأصيل!!

  • أبو البهلول، وهو العوام بن محمد بن يوسف الزجاج، من عبد القيس (422- 467هجرية).

ودليل هذا القول ما نقله بعض المؤرخين بأن أبا البهلول الزجاج بعد أن تخلص من القرامطة بنى مسجداً جامعاً له في البحرين، فادعى المعاصرون أن المسجد الذي بناه أبو البهلول هو مسجد الخميس لا غير.

وجاء ذلك في شرح ديوان ابن المقرب العيوني، وكذلك في كتاب “مرآة الزمان في تواريخ الأعيان” لسبط ابن الجوزي (582- 654 هجرية) حيث يقول:

“وورد الخبر بأنه قد ملكت جزيرة أوال المسماة بالبحرين، وهي من أعمال القرامطة، غلب عليها أهلها وأمروا عليهم أبا البهلول عزام بن محمد بن يوسف بن الزجاج، فخطب بها للقائم، وكان يخطب بها لصاحب مصر، وبعث إليهم القرامطة جيشاً فهزموه، وكان أبو البهلول وأخوه أبو الوليد من أهل الدين، فأبقوا من القرامطة، واجتمع أهل الجزيرة عليهما، وبذلوا للقرامطة ثلاثة آلاف دينار حتى يمكنوهم من بناء جامع يأوي إليه المجاورون والمسافرون والغرباء، ويصلون فيه الجمعة، فأجابوهم، فلما تكامل الجامع صعد أبو الوليد المنبر، فخطب للخليفة القائم، فقال من يهوى القرامطة: هذه بدعة، ويجب أن يمنع بنو الزجاج من الخطبة، ويصلون بغير خطبة… فلما أخرج الخليفة من بغداد نوبة البساسيري قال المخالفون له: الخليفة الذي كنتم تخطبون له زالت أيامه، والخطبة لصاحب مصر. فلم يمتنعوا من الخطبة للقائم”(18).

وهذا القول مع كونه منقولاً من موروث تاريخي إلا أنّه ناقص الدلالة مفتقر للحجة، وأبسط ما يرد عليه هو ما الدليل على كون المسجد الذي بناه أبو البهلول في البحرين هو مسجد الخميس لا غيره؟؟

فمن عادة الحكام إذا أرادوا أن يظهروا إسلامهم ويقووا نفودهم فإنّهم يقومون ببناء المساجد ويجمعوا فيها الناس وبعنوان الجمعة والجماعة، وهو أمر طبيعي.

فلا يرقى عندها هذا القول إلا إلى مجرد التخرّص الذي لا يمكن التعويل عليه والأخذ به إطلاقاً.

وقد أخذ هذا القول صداه الواسع بسبب الترويج له، لا ندري لماذا نشر مع كونه لا يقبله المنطق ويفتقر للحجة، وترك النص الصريح المنقوش باسم مؤسس المسجد والماثل للجميع على مأذنة المسجد -سيأتي بيانه- !!

  • أبو سنان وأبو عبدالله محمد بن الفضل بن عبدالله بن علي العيوني(عام518هجرية).

في العادة إن أول ما يقوم به الباحثين لمعرفة تاريخ أيّ أثر أو معلم تاريخي هو زيارته وتفحص آثاره وقراءة دلالاتها، وعند تعذر الوصول إلى المعطيات من ذلك يلجأ إلى آراء الكتاب والمؤرخين، وذلك لأن الآثار القديمة هي شاهد عملي واقعي يفيد الاطمئنان، فلا تعد الكتابات التاريخية شيئاً في قبالها.

وعند عمل الدراسة الدقيقة الوافية لجميع النقوشات في مسجد الخميس، سيلاحظ: إن أهم تلك النقوش وأقدمها بالاتفاق للمسجد هما الوثيقتان الموجودتان على باب المنارة الغربية، وهي المنارة القريبة من محراب المسجد، والتي كان بناؤها مع فترة تأسيس المسجد، قبل بناء المنارة الشرقية بكثير، وهذان النقشان اللذان خلّدهما التاريخ إلى هذا الزمان وحفظهما من الخراب منقوشان على لوحين من الحجر الجيري الرملي على قاعدة المنارة الغربية. وقد أسماهما علماء الآثار الأول: بـ(لوح الائمة)، والثاني: بـ(لوح أبي سنان) (19).

ونصهما كالتالي:

1- لوح الأئمة: ويتكون من 7 أسطر، وهي:

السطر الأول: بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلا الله محمد رسول الله.

الثاني: علي ولي الله هذا من فضل ربي ليبلوني ءأشكر أم أكفر، مما أمر ببنائه.

الثالث: معالي بن الحسن بن علي بن حماد العبد المطيع الفقير إلى الله سبح الله.

الرابع: محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين وعلي ومحمد وجعفر(….)(20).

الخامس: وموسى وعلي ومحمد وعلي والحسن والحجة المنتظر صلوات الله عليهم ابتغاء(….).

السادس: (….) الله وراجياً ثوابه في أيام الملك الفاضل أبو عبدالله محمد بن الفضل أعزه الله سنة ثماني عشر وخمس مائة.

السابع: (….) وصلى الله (….).

صورة حديثة  للوح الأئمة (عليهم السلام) الذي يحكي هوية المسجد وتاريخ تأسيسه

2- لوح أبي سنان: ويتكون من أربعة أسطر ونصه كالتالي:

الأول: بسم الله الرحمن الرحيم.

الثاني: (…)(21) هذه المنارة في أيام الملك العا.

الثالث: دل زين الدنيا والدين القائم في رضا رب العالمين.

الرابع: أبي سنان محمد بن الفضل بن عبدالله.

لوح أبي سنان مؤرخاً للدولة العيونية

من خلال لوح الأئمة (عليهم السلام) يمكننا أن نستنتج منه بواضح الدلالة من العبارات الصريحة أن المسجد قد بني في أيام حكم الحاكم أبي سنان محمد بن الفضل العيوني(توفي538هـجرية) على البحرين، وبحسب مصادر التاريخ هو ثالث أمراء الدولة العيونية تولى الحكم (عام 520 هجرية وفي رواية 526هجرية حتى 538 هجرية) (1126-1143م).

وأن الباني الفعلي هو “معالي بن الحسن بن علي بن حماد”، ولعله أحد علماء الدولة العيونية أو من ولاة الحاكم أو غيرهم ممن له سلطة في الأمر والنهي، وأما عن هويته فقد أعلن هو عنها وأدرجها في هذا النقش عندما ذكر أسماء المعصومين (عليهم السلام) وكأنه يعلم بما سيجري على المسجد من تزوير لهويته ليثبتها.

ولو لم تُنقَش أسماء المعصومين (عليهم السلام) أمكننا كذلك معرفة مذهب الباني عموماً من نقش اسم الحاكم ابن الفضل العيوني الذي وصف في الحجر المنقوش بكونه الملك الفاضل فهو من العيونيين الذين لا مجال لإنكار تشيعهم(22).

ومن أهم ما وثقه هذا الأثر للعصور والأجيال هو تاريخ تأسيس وتشييد هذا الصرح العظيم وهو عام 518 الهـجري القمري الذي يوافق تقريباً عام 1124- 1125ميلادي، فيعلم حينها أنّ التشيع كان نابضاً حياً في ذلك الحين في البحرين، وهو يعني بدوره أن جذوره كانت قبل ذلك العام بكثير.

وأما النقش الثاني “لوح ابن سنان” فهو توثيق يعرف منه أنّ المنارة الغربية بنيت في نفس عصر تأسيس المسجد أيام الحاكم أبو الفضل العيوني، وهذا النقش يؤكد ما في نقش “لوح الأئمة” بالنسبة لعصر بناء المسجد ويعطيه قوة تأييد.

تعاقب الشيعة على رئاسته

وعندما نريد أن نلمس هوية المسجد من زاوية أخرى، سنجد أنّ كتباً تاريخية تذكر وتشير إلى أنّ المسجد منذ العصور الأولى بعد التأسيس كان في يد الشيعة دون غيرهم مشكلاً مقراً للقضاء ورئاسة شيخ الإسلام (أثناء الحكم الصفوي) تتعاقب عليه الأيدي وتتولى إدارته، مجتذباً كبار علماء الدين في البحرين وتم تعيين علماء شيعة في منصب شيخ الإسلام وهي طريقة الحكام الصفويين، ويعد الشيخ محمد الرويسي أول عالم دين أصولي يتولى القضاء في البحرين أثناء الحكم الصفوي.

يصف الفترة صاحب أنوار البدرين فيقول نقلاً من ديوان الشيخ جعفر الخطي: “قال جامع الديوان [تعقيباً على قصيدة رثى فيها شيخ الإسلام السيد عبد الرؤوف الجدحفصيّ توفي 1006هجرية]: ثم قُربت(23) العهود والتأييدات المقررة من قبل هرموز بتقليد القضاء ابنه أبا عبد الله السيد جعفر، وولاية الأوقاف وفوض إليه الأمور الحسبية وأفرغت عليه الخلع من الديوان، وذلك بالمشهد المعروف بذي المنارتين من أوال البحرين وذلك في ثالث عشر شهر صفر سنة السادسة بعد الألف انتهى”(24).

ومن النص السابق يلاحظ أن حفل التأبين لشيخ الإسلام السيد الجدحفصي قد حدث في مسجد الخميس، وكذلك عملية تنصيب خليفة له بقرار مرسوم حدثت فيه، فربما كان مسجد الخميس هو مركز القضاء في البحرين ومقرا لشيخ الإسلام.

وممن تقلد منصب قاضي القضاة أو شيخ الإسلام في الحقبة الصفوية في البحرين كما يفهم من بعض المصادر هم:  الشيخ محمد الرويسي، والسيد حسين بن أحمد الحسيني الموسوي والسيد عبد الرؤوف بن حسين الحسيني الموسوي الجد حفصي (توفي 1006 هجرية) وابنه السيد جعفر بن عبد الرؤوف الموسوي، والسيد ماجد بن هاشم الصادقي، هاجر إلى شيراز وتوفي بها عام 1028 هجرية، والسيد حسين بن عبد الرؤوف الموسوي (توفي 1028 هجرية)، والشيخ علي بن سليمان القدمي البحراني (توفي 1064هجرية)، والشيخ صلاح الدين بن علي بن سليمان القدمي (توفي بعد فترة بسيطة بعد والده)، والشيخ محمد بن سليمان المقابي، والشيخ محمد بن ماجد الماحوزي (1105هجرية)، والسيد هاشم التوبلاني (توفي 1107هجرية)، والشيخ سليمان بن عبدالله الماحوزي (توفي 1121هجرية)، والشيخ  أحمد بن عبدالله البلادي (توفي 1725ميلادية).

وأخد المسجد يستمر في عطاءه حتى القرون المتأخرة زاخراً بأهل العلم والعلماء، مكوناً مركزاً رئيسياً لهم يزاول فيه العلماء مختلف نشاطاتهم الإسلامية حتى صار منتداهم العلمي التاريخي وحوزتهم العريقة، وإلى ذلك يشير الشيخ علي البلادي (1274-1340هجرية) في كتابه “أنوار البدرين”، في معرض حديثه عن أحوال البحرين نقلاً بالمعنى عن الشيخ علي ابن الشيخ محمد المقابي (قدِّس سرُّه) أنّه قال:

“وقد اتفق أن فاتحة [مجلس عزاء] أُقيمت لبعض أشخاص البحرين في مسجدها المسمى بالمشهد ذي المنارتين، فاتفق فيها حضور ثلاثمائة أو يزيدون من العلماء الأفاضل في وقت من الأوقات، فأتى رجل يسأل عن مسألة مهمة في دينه فقصد المشار إليه من بينهم، فسأله عنها، فأحاله إلى الذي عن يمينه، فسأله، فأحاله إلى الذي إلى جانبه، وهكذا لم يزل يحيل كل واحد [منهم] على الآخر، حتى أتى [الرجل] على آخر ذلك الصف، ثم أحالوه إلى [العالم] الأول، أي المسؤول أولاً، فأحاله إلى الذي كان على يساره، فسأله، فأحاله إلى الذي بجانبه، وهكذا حتى أتى على آخرهم، فأحالوه إلى الأول، فرجع إليه وأجابه عن مسألته. انتهى”(25).

وثيقة حكومية تؤكد تبعية المسجد للأوقاف الجعفرية سابقاً

أما صلاة الجمعة في مسجد الخميس فكانت مستمرة على يد العلماء لعصور طويلة حتى توقفت في الفترة الأخيرة قبل هجران المسجد. وإلى ذلك أشار المؤرخ الشيخ إبراهيم المبارك (1326- 1399هجرية) في كتابه حاضر البحرين، قال:

“وكانت الجمعة في البحرين لم تزل قائمة على أصولها من الزمن القديم تقام في الدراز وفي الشاخورة ومشهد الخميس، وممن أقامها في مشهد الخميس الشيخ سلمان بن الشيخ عبد اللّه بن العلامة الشيخ حسين العصفوري صاحب كتاب الرزايا رأيت الكتاب مخطوطاً عند أستاذنا المرحوم الشيخ خلف، وآخر من أقامها في مشهد الخميس الشيخ محمد العصفوري الملقب بابن العبدة [ولعله الشيخ محمد النحوي] سمعت ذلك من المرحوم الشيخ خلف قال: وكان الشيخ محمد له النفوذ العام في البحرين وكان العلماء كثيرون في زمانه…”(26).

ويقول المؤرخ الشيخ علي البلادي في أنواره: “ولهذا الشيخ المبرور[الشيخ عبد الله  ابن العلامة الشيخ حسين العصفور] ولد عالم فاضل اسمه (الشيخ سلمان) تولى الحسبة الشرعية في البحرين بعد تنقل الشيخ خلف إلى أبي شهر وكذا الجمعة والجماعة ومحل إقامته الجمعة في مشهد الخميس وهو أحد أساتيذ السيد علي ابن السيد محمد آل إسحاق..”(27).

قبور فقهاء الشيعة في المسجد

ومن الشواهد الدالة على هوية المسجد أنّ القبور المحيطة به والتي لا زالت موجودة منذ قرون هي جميعها قبور للشيعة لا لغيرهم، وليس مما تواطأ عليه الشيعة دفن موتاهم في مقابر غير ملتهم فضلاً عن كون تلك القبور قبور سادات قومهم من الفقهاء والعلماء.

وشواهد القبور مشيد عليها ساجات صخرية منقوشة بإتقان فريد وراقٍ للغاية يحكي فن العمارة الإسلامية في العصور الغابرة للبحرين، وتحوي الشواهد أسماء كبار فقهاء وعلماء البحرين في العصور الفائتة.

قبر الشيخ سالم عبدالوهاب الذي ذكر في أنوار البدرين

وتمتد المقبرة -مقبرة المشهد- من جدار مسجد الخميس شرقاً بشكل متّصل واسع مشكلة جبانة(28) أبي عمبرة الضخمة وهي إحدى أكبر جبانات أوال الأثرية، وفي داخل جبانة أبي عمبرة تقع مقبرة الشيخ راشد وهي جزء منها، واستمرت الجبانة على هذا الشكل حتى في العصر الأخير عندما قامت الجهات الحكومية بفتح شارع في وسطها يشقها فانفصلت أبي عمبرة عن المسجد فصارت بعض القبور مع مشهد الخميس والآخر مع الجبّانة.

شواهد قبور العلماء في مقبرة المسجد

ومن أشهر الشخصيات التي تضمهم مقبرة المشهد بكاملها مع أبو عنبرة والشيخ راشد هم: الفقيه الشيخ حسين بن عبدالصمد الحارثي الجباعي العاملي “والد شيخنا البهائي” (توفي 984هـجرية) والذي رثاه ابنه بقصيده جاء فيها: يا ثاوياً بالمصلى من قرى هجر…

ويقصد الشيخ البهائي من المصلى هي القرية المجاورة لمسجد المشهد التي كانت محل سكنى والده، والشيخ عبدالله بن ناصر المُقَلَّد (توفي 999هـجرية)، وقاضي القضاة السيد ابو جعفر عبدالرؤوف بن حسين الموسوي الجدحفصي (توفي 1006هجرية) وقد أقيم له تأبين في (مسجد الخميس) المشهد عند تنصيب ابنه مكانه كما ذكر(29)، وألقيت فيه المراثي والخطب، وذلك في اليوم السابع من وفاته وممن رثاه الشيخ جعفر الخطي بقصيدة مطلعها “كف الحمام وترت أي جواد…” وقد كتب على حجر قبره هذان البيتان للعلامة السيد ماجد بن هاشم العلوي:

هذا مقر العلم والفضل

ومخيم التوحيد والعدل

شبران جزئيان ما خلقا

إلا لحفظ العالم الكلي

قال الشيخ جعفر الخطي “أبو البحر” في ديوانه:…وكتبا على حجر قبره بمقبرة الشيخ راشد بجبانة أبي عنبرة من أوال البحرين…

ومنهم الشيخ شهاب الدين بن الشيخ صلاح الدين الكرزكاني (توفي1011هجرية)، والشيخ عبدالله ابن الشاعر الشيخ أبو البحر الخطي، والشيخ سالم بن عبدالوهاب (توفي 1103هجرية) وقد ذكره المؤرخ الشيخ علي البلادي (توفي1340هـجرية) عن جده الشيخ علي بن الشيخ سليمان يقول: “وجدت على حجر موضوع على قبر من مقابر المسجد المسمى بأبي عنبرة الكائن في أرض البلاد القديم، ما لفظه: هذا ضريح المبرور المقدس الشيخ سالم بن الأقدس الشيخ عبد الوهاب. توفي في خامس عشر من جمادى الأولى سنة 1103هـجرية وعليها هذان البيتان:

طبت يا قبر حيث واريت شيخاً

ســالماً كاملاً عليماً خبيرا

قدس الله روحـــه وحبـــــاه

كرماً منه جنة وحريرا”(30)

والشيخ محمد بن ماجد بن مسعود الماحوزي (توفي 1105هـجرية) السيد علي بن محسن المقابي (توفي 1135هـجرية)، والشيخ محمد بن محسن بن صديف بن علي آل عصفور (توفي 1155 هـجرية) والشيخ عبدالنبي بن أحمد بن إبراهيم آل عصفور (توفي 1173 هـجرية)، والشيخ يوسف البلادي (القرن 11هـجري)، الشيخ عبدعلي ابن العلامة الشيخ حسين العصفور (توفي 1208هـجرية)، والشيخ علي بن محمد بن أحمد بن إبراهيم آل عصفور (توفي 1215هـجرية)، والشيخ محمد بن خلف الستري (القرن 13هـجري)، والسيد علي بن محمد بن إسحاق البلادي (توفي 1288هـجرية) وغيرهم.

نموذج من شواهد قبور العلماء

مساعي الطمس القائمة

مع كل تلك الحقائق الواضحة الجلية لهوية المسجد، كم تعرض مسجد الخميس للكثير من تزوير وتغييب لحقائقه، سواء كان ذلك على الصعيد النظري والفكري أم العملي؛ فعلى النظري لو أردنا تقصّي الأبحاث والمقالات التي كتبت ولازالت تكتب في الكتب والمجلات والجرائد لاستطعنا أن نحصي العشرات منها وشغلها الشاغل هو نسف هوية هذا المسجد وتبديلها بأي أسلوب اتفق، وسأورد مثالاً واحداً على ذلك:

بحث عبد الرحمن سعود مسامح في كتابه المسمى بـ”مقدمة في تاريخ البحرين” المطبوع في مؤسسة الأيام البحرين1997ميلادي آثار ونقوشات مسجد الخميس الأثرية بكامل التحليل والاستقراء والوصف؛ لكنه لم يذكر شيئاً ولا بنحو الإشارة عن لوح الأئمة العريق الذي هو أبرز وأهم تلك الآثار على نحو الإطلاق فهو نقش تأسيس المسجد الموجود حتى اليوم في المسجد، ولا النقوشات التي تثبت هوية المسجد كشهادة (لا آله إلا الله محمد رسول الله علي ولي الله)!!!

فهل يمكننا الاعتماد عندها على مثل هذه البحوث الظالمة، والاطمئنان لهذه الكتب الخائنة التي تفوح منها روائح الطائفية في تدوين تاريخ البلد الحبيب، وهل يمكن الأخذ باستنتاجاتها العمياء التي ما تزيد قارئها إلا بعداً وضلالا!

ومما يحز في النفس أن نفس “مسامح” في بحث آخر يطمس حقيقة هوية المسجد الشيعية وذلك في ترجمته لتقرير ثيودر بنت –المنقب الآثاري الإنجليزي-  التي نشرها عام 2001م في “البحرين الثقافية” العدد 27، عندما حرف في الترجمة الصحيحة وغير في المعاني المقصودة، لكون ثيودر بنت أعطى في تقريره وصفاً دقيقاً لهوية مسجد الخميس عندما زاره في عام 1889م ومما جاء فيه:

“… وبعد اجتيازنا نصف الطريق المؤدي إلى موقع عملنا، توقفنا بجانب بقايا المدينة العربية القديمة (أي البلاد القديم)، التي لا زالت تضم بعض الأطلال المهمة، المسجد القديم مدرسة أبو زيدان بمنارتيه الرائعتين واللتين تختلفان عن مباني الوهابية الرهيبة في هذه الأيام. ويمثل هذا المسجد معلما للسفن التي تقترب من السواحل المنخفضة لهذه الجزر. وعلى جدران المسجد تمتد نقوش جميلة كتبت بخط كوفي واضح، ومن حقيقة اقتران اسم (الأمام) علي (عليه السلام) باسم النبي (صلَّى الله عليه وآله) يمكننا استنتاج أنه مسجد شيعي، ربما بني في إحدى فترات السيطرة الفارسية”(31).

وأما على الصعيد العملي فإن العديد من الآثار والنقوش سواء المؤرخة بصورها في كتب المستشرقين أم غير المؤرخة لا زالت مخفية مجهولة حتى اليوم، وليس لها وجود لا في المسجد ولا المتحف ونحو ذلك، وتحت ذلك الأمر علامة استفهام؟ ولا يعلم إلى أين اختفت.

والمتبقي منها في موقع المسجد بعضه يحوي الهوية الشيعية فلم يحصل على الحفظ أو يؤخذ ليعرض في المتحف كالعادة، وإنّما بقي مكشوفاً في المسجد بدون رعاية عرضّه لعوامل التعرية، وكأنّما ليست هناك قيمة لتك الآثار التاريخية، هذه التي تساوم على امتلاكها الدول والمتاحف، حتى تلف الكثير من النقوشات وساجات القبور وتآكلت وبذلك انمحى جزء من تاريخ البلد، والجزء الآخر المتبقي ينتظر.

بل إن العصبية الطائفية تعدت ذلك وجاءت لتعتدي على بعض تلك الآثار التاريخية وتزورها من دون أي رادع من أحد، ومن ذلك ما ذكره الباحث المحامي عبدالله آل سيف في كتابه المأتم في البحرين يقول:

“ولقد عثر على حجر المحراب نقشت عليه كلمات (بسم الله الرحمن الرحيم) وتحتها اسم محمد وعلي ثم أتى مزورو التاريخ ومسيسوه المدعون أنهم فنانون تشكيليون، الذين لا يستطيعون العيش إلا في إخفاء الحقائق ونسخوا حجر المحراب بعد أن أمحوا اسم الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) من النسخة الأصلية لذلك الحجر الأثري التليد.

ومن أراد أن يقترب من هذه الحقيقة فليذهب إلى متحف البحرين الوطني ليتعرف على ذلك الحجر ويعاين بأم عينه المحراب الأصلي ويقارن بينه وبين عمل ذلك الفنان ليعاين آثار محو اسم الإمام علي (عليه السلام) من القطعة التي شكلها ذلك الذي يدعي بأنه فنان تشكيلي، ثم يفتح على كتاب (البحرين ترحب بكم) لمستر جيمس بلجريف [1929-1979ميلادية] (وهو ابن بلجريف المستشار السابق لحكومة البحرين) ويقرأ ما كتب على الصورة الخاصة بذلك الحجر ليكتشف يد التزوير التي أقدمت على محو اسم الإمام علي (عليه السلام) من النسخة المحرفة حيث فضح الفنان التشكيلي عمله بنفسه لأنك سوف تقرأها (بسم الله الرحمن الرحيم محمد الله) حيث تقدم اسم محمد على لفظ الجلالة وهذا لا يجوز”(32).

الهوامش:

  • (1) وهي عديدة ومن أقدمها مسجد الصحابي صعصعة بن صوحان (توفي 56-60هجرية)، ومسجد الصحابي زيد بن صوحان، ومسجد عمير المعلم، وغيرها.
  • (2) يقع مسجد الخميس في بلدة البلاد القديم وهي احدى ضواحي المنامة عاصمة البحرين، ويبعد عن المنامة قرابة أربعة كيلو مترات، وكانت البلاد سابقاً هي العاصمة التاريخية والدينية للبحرين، وتقدر مساحتها 3.5 كيلو متر مربع، واشتهرت بكثرة مساجدها ومآتمها وعلمائها، والنسبة اليها البلادي، ويعتبر البلاديون المسجد رمزاً مميزاً لبلدتهم العريقة.
  • (3) “مسجد الخميس والصراع حول الهوية” لحسين الجمري من موقع مرآة البحرين الإلكتروني http://mirrorbh.no-ip.org/news/18782.html.
  • (4) النبهاني، محمد بن خليفة، كتاب التحفة النبهانية في تاريخ الجزيرة العربية، دار إحياء العلوم – بيروت، الطبعة الثانية 1419هـ، صفحة 8.
  • (5) “ملاحظات على كتاب التحفة النبهانية” لجلال بن خالد الهارون الأنصاري في موقع الإلكتروني لمجلة الواحة عبر: http://www.alwahamag.com/?act=artc&id=520.
  • (6) راجع دائرة المعارف الاسلامية الشيعية للسيد حسن الامين ج7 ص429-437.
  • (7) التحفة النبهانية في تاريخ الجزيرة العربية محمد النبهاني المكتبة الوطنية البحرين ص44-45.
  • (8) التحفة النبهانية في تاريخ الجزيرة العربية محمد النبهاني المكتبة الوطنية البحرين ص85.
  • (9) المائدة: 55.
  • (10) مونيك كيرفاران هي الباحثة الأثرية التي قادت البعثة الفرنسية التي زارت البحرين عام1990ميلادي وحققت في المسجد ونشرت دراستها حول ما توصلت اليه.
  • (11) Carter2010 page66.
  • (12) راجع “مسجد الخميس والصراع حول الهوية” لحسين الجمري في مرآة البحرين الإلكتروني: http://mirrorbh.no-ip.org/news/18782.html.
  • (13) قلائد النحرين في تاريخ البحرين، ناصر بن جوهر بن مبارك الخيري تقديم ودراسة عبدالرحمن الشقير طباعة مؤسسة الأيام البحرين عام1424هـ.
  • (14) راجع العقد النظيم في تاريخ أوال والبلاد القديم للأستاذ حسن إبراهيم السعيد1994م.
  • (15) المصلى: من بلدات البحرين القديمة والصغيرة القريبة من موقع مسجد الخميس، والتي كانت محل سكنى الفقيه الشيخ حسين العاملي والد شيخنا البهائي وتلميذ الشهيد الثاني (قدِّس سرُّه).
  • (16) حيث يقول جيمس بلجريف في (البحرين ترحب بكم): “أنه بلا شك كان هذا النقش موجوداً في المسجد بالأصل”.
  • (17) ما بين الأقواس لم يفهم معناه.
  • (18) مرآة الزمان في تواريخ الأعيان لسبط ابن الجوزي ط الرسالة العلمية ج ١٩ ص ١٨٧.
  • (19) أول من نشر اللوحين دياز عام 1925م وكذلك نشرا في كتاب جيمز بلجرايف عام 1957م، ونشرا عام 1990م من قبل لدفيك كالوس ومونيك كيرفران.
  • (20) ما بين الأقواس غير واضح ومفهوم.
  • (21) الكلمة الأولى من الحجر تآكلت وانمحت واحتمل بعض المؤرخين أنها: “بنيت”.
  • (22) علامات تشيع العيونيين كثيرة منها: انتمائهم لقبيلة عبد القيس الواضح تشيعها منذ عصور الإسلام الأولى وخروج راياتهم من البحرين لنصرة الإمام علي (عليه السلام) في معاركه ابتداءً بالجمل وحتى النهروان، ومنها شعراء دولتهم ومن أبرزهم “ابن المقرب العيوني” وهو الذي يقول في ديوانه الشهير:
  • قبيلة من رسول الله عنصرها      ومن علي فتى الدنيا ومفتيـها
  • إليك يبن رسـول الله شـاردة      ذكراً يطول رواة الشعر راويها
  • ومنها نقود دولتهم فقد كشف الباحث السعودي نايف الشرعان في كتابه الذي نشره مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية تحت عنوان “نقود الدولة العيونية في بلاد البحرين” نماذج من نقود الدولة العيونية الموجودة في المتحف البريطاني بلندن، وكان أبرز ما كُتب عليها بعد الشهادتين شعار التشيع: (علي ولي الله).
  • (23) كتبت قربت ولعها مصحفة من قُرئت وهي الأصح معناً.
  • (24) أنوار البدرين في تراجم علماء القطيف والاحساء والبحرين الشيخ علي حسن البلادي ص106.
  • (25) أنوار البدرين الشيخ علي البلادي ص50-51.
  • (26) حاضر البحرين الشيخ ابراهيم آل مبارك العالي طباعة المؤسسة العربية للدراسات والنشر عام2004م.
  • (27) أنوار البدرين في تراجم علماء القطيف والاحساء والبحرين الشيخ علي حسن البلادي ص116.
  • (28) قال في لسان العرب: الجبَّان والجبَّانة بالتشديد: الصحراء، وتسمى بهما المقابر لأنّها تكون في الصحراء تسمية للشيء بموضعه.
  • (29) يفهم ذلك من أنوار البدرين فقد ذكر قصائد للشيخ جعفر الخطي ثم قال: انشدت بسابع موت هذا الشريف -السيد عبدالرؤوف- في جمع كثير وجم غفير، ثم نقل عن شارح ديوان الخطي: أنه تمت مراسيم تقليد ابنه السيد جعفر منصب القضاء في المشهد المعروف بذي المنارتين، مما يوحي بأن هذه المراسم تمت في مسجد الخميس.
  • (30) أنوار البدرين في تراجم علماء القطيف والاحساء والبحرين الشيخ علي حسن البلادي ص115.
  • (31) وهذا النص الأصلي الذي كتبه المنقب ثيودر بنت:
  • (32) المأتم في البحرين عبدالله آل سيف طباعة مكتبة فخراوي ج2 ص85-86.

المصدر: مجلة رسالة القلم / العدد 40

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى