ثقافة

المقاومة على طريقة الإمام الخميني

بسم االله الرحمن الرحيم

الحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا أبي القاسم المصطفى محمد، وعلى آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين المعصومين الهداة المهديين، سيما بقية االله في الأرضين .

اليوم يكون قد مضى ثلاثون عاماً بالضبط على ذلك اليوم التاريخي المرير، ثلاثون عاماً على فراق إمامنا الكبير المحبوب، ثلاثون عاماً على ذلك الوداع التاريخي والتشييع العظيم المنقطع النظير الذي قام به الشعب لإمامه العزيز الفذّ. خلال هذه الأعوام الثلاثين بذلت محاولات كثيرة لتبهيت ذكرى الإمام الخميني واسمه. وقد مورست ألاعيب كثيرة لتجاهل مبادئ الإمام الخميني وفكره وجه في الإدارة العامة للجمهورية الإسلامية الإيرانية. وجرت محاولات للتقليل من بريق الجاذبية المنقطعة النظير لإمامنا الخميني الجليل. منذ ثلاثين عاماً ومثل هذه المحاولات تمارس من قبل أعداء شتى وأحياناً من قبل بعض الأفراد الغافلين، لكن الواقع جرى على الضد تماماً من إرادة المعارضين والأعداء.

الواقع أنّ جاذبية الإمام ليس فقط لم تقلّ، بل اتسعت رقعتها وازداد امتدادها أكثر. ومن مؤشرات ذلك هذا التجمع الهائل اليوم. فبعد ثلاثين عاماً من رحيل الإمام الخميني الجليل، تضفي هذه الحشود المتحمسة العظيمة، وبكلّ هذا النشاط والحيوية، وفي هذا اليوم من شهر رمضان، وفي وقت العصر، وفي هذا الجو الحار، الرونق على مراسم ذكراه السنوية. أين نجد نظيراً لمثل هذا الشيء في العالم؟

ولقد شاهدتم جاذبية الإمام الخميني قبل عدة أيام في مظاهرات يوم القدس، وشاهدها العالم كلّه. قبل أربعين سنة ابتكر الإمام الخميني الجليل يوم القدس للدفاع عن قضية فلسطين المهمة. وها قد مضى أربعون عاماً [على ذلك]، إلّا أنّ يوم القدس لا يزال جديداً لم يعتره القِدام. وقد خرجت هذا العام مظاهرات في أكثر من مائة بلد في يوم القدس على ذكرى الإمام الخميني الجليل. ففي الوقت الذي تنصب فيه مساعي السياسات الاستكبارية لأمريكا وأذناها وأتباعها على إيداع القضية الفلسطينية طي النسيان ومحوها ـ وأنتم تسمعون هذه الأخبار عن خبث الأمريكيين وخيانة بعض الرؤساء العرب في هذا الخصوص ـ وفي مثل هذه الظروف يؤدي عامل نفوذ إمامنا الكبير إلى طرح قضية القدس في أكثر من مائة بلد وإحيائها؛ لا من قبل الساسة والمتحدثين السياسيين الرسميين بل من قبل الجماهير الشعبية وعموم المسلمين. وهذا دليل على جاذبية الإمام الخميني التي لا تزال قائمة حتى بعد ثلاثين عاماً من وفاته. ما من جاذبية في العالم يمكنها أن تضاهي هذه الجاذبية. وإنني هنا، أغتنم الفرصة لأتقدم من شعبنا العزيز بالشكر من أعماق القلب على مشاركته العظيمة الباهرة تلك، في يوم الجمعة الأخير من شهر رمضان المبارك، حيث نزلت حشود الشعب الضخمة إلى الساحات في كلّ أنحاء البلاد. والحق أنّ الشعب لم ولن يقصر في العمل بتوصية الإمام الخميني.

ما السر في هذه الجاذبية؟ ومما تنشأ هذه الجاذبية المنقطعة النظير للإمام الخميني الجليل؟ أذكر فقط جانباً واحداً من هذا الموضوع الذي يحتاج إلى بحث أوسع. كان الإمام الخميني يتمتع بمزايا شخصية ومواهب منحها االله له قلّما تجتمع في شخص إلى هذه الدرجة. ومن هذه المزايا أنه: كان إنساناً شجاعاً، إنساناً حكيماً مدبراً، إنساناً ورعاً تقياً مرتبطاً باالله العظيم عاشقاً لذكر االله؛ كان الإمام رجلاً مقارعاً للظلم لا يساوم الظلم، [بل] يكافحه، يدعم المظلوم، ويقارع الاستكبار؛ كان الإمام رجلاً مطالباً بالعدالة، مناصراً وحامياً للمظلومين؛ من أهل الصدق، فكان صادقاً مع الناس، يتكلّم مع الناس بكلام قلبه وكما يشعر في داخله؛ وكان يتعامل مع الناس بصدق؛ كان من أهل الجهاد في سبيل االله، لا يقر له قرار ولا يهدأ له بال في ذلك، كان في حال جهاد دائم، ومصداقاً للآية الشريفة: «فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب».

كان عندما يفرغ من عمل كبير يفكّر في عمل كبير آخر ويتابعه. كان من أهل الجهاد في سبيل االله. هذه عوامل جاذبية الإمام الخميني. ولقد اجتمعت ٣ هذه المزايا فيه، وكل من تجتمع فيه هذه المزايا تنجذب إليه القلوب. هذه هي الأعمال الصالحة التي يقول االله تعالى عنه: « إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا». هذا وعد إلهي، وهذه المودة هي مودة إلهية، وليست مودة دعائية وتلقينية ومفروضة. إنه شأن إلهي وفي يد االله.

هناك سمة من سمات الإمام الخميني أريد التحدث اليوم عنها أكثر من غيرها، وهي سمة «المقاومة»؛ المقاومة والصمود. وهذه هي السمة التي جعلت الإمام ياطرح على شكل مدرسة وفكر وعقيدة وج في زمانه وفي التاريخ، سمة المقاومة وعدم الاستسلام مقابل المشكلات والعقبات. لقد أعلن الإمام الخميني للعالم كافّة مقاومته للطواغيت، سواء الطاغوت الداخلي خلال فترة الكفاح حيث تعب الكثيرون وشارف كثيرون على اليأس، لكن الإمام الخميني وقف بصلابة ومن دون أن يتراجع قيد أنملة في طريق الكفاح، وكان هذا قبل انتصار الثورة. وبعد انتصار الثورة ظهرت ضغوط من نوع آخر وبنحو أشمل في وجه الإمام، لكن الإمام لم يتخلّ هناك أيضاً عن مبدأ المقاومة والثبات وصمود.

عندما أنظر إلى سمات الإمام وخصوصياته هذه وأراجع الآيات القرآنية أجد أنه فسر حقاً الكثير من الآيات القرآنية بصموده ومقاومته هذه. مثلاً حين يقول القرآن: «فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ» نرى أنّ التهديد والترغيب والخداع لم يؤثّر في الإمام الخميني. لا أنهم لم يهددوا أو لم يرغّبوا أو لم يخادعوا، بلى، فعلوا كلّ هذا، لكن أفعالهم هذه لم تكن لتؤثر في الإمام مطلقاً ولم تنل من ثباته ومقاومته. والمهم أن مساعي العدو وتهديداته لم تستطع التأثير سلباً على حسابات الإمام أو خلطها. فمن الأعمال الأساسية للأعداء أنهم حين يواجهونكم ويعلمون نواياكم وقراراتكم يعملون على تغيير حساباتكم والإخلال بجهاز حساباتكم. هذه إحدى الأعمال المهمة التي يمارسها العدو في االات المختلفة. ولم يستطع العدو الإخلال بجهاز حسابات الإمام الخميني الجليل المستند إلى بينات الدين الإسلامي المبين.

ما معنى المقاومة؟ معنى المقاومة أن يختار الإنسان طريقاً يعده الطريق الحق والطريق الصحيح ويسير فيه، ولا تستطيع الموانع والعقبات صده عن السير في هذا الدرب وإيقاف مسيرته. هذا هو معنى المقاومة. افترضوا مثلاً أنّ الإنسان يواجه في طريقه سيلاً أو حفرة، أو قد يواجه صخرة [كبيرة] في حركته في الجبال حيث يريد الوصول إلى القمة، البعض عندما يواجهون هذه الصخرة أو المانع أو العقبة أو السارق أو الذئب يعودون عن طريقهم وينصرفون عن مواصلة السير، أما البعض فلا، ينظرون ويفكّرون ما هو طريق الالتفاف على هذه الصخرة، وما هو السبيل لمواجهة هذه العقبة، فيجدون ذلك الطريق أو يرفعون المانع أو يتجاوزونه بأسلوب عقلائي. هذا هو معنى المقاومة، وهكذا ٤ كان الإمام الخميني، لقد اختار طريقاً وسار فيه، فما هو هذا الطريق؟ وما هو الكلام الذي كان يقوله الإمام ويصر عليه؟ كان كلامه حاكمية دين االله، حاكمية دين االله والمدرسة الإلهية على مجتمع المسلمين وعلى حياة عموم الناس. هذا ما كان يقوله الإمام الخميني. بعد أن وافّق للتغلّب على الموانع والعقبات وتأسيس نظام الجمهورية الإسلامية أعلن أننا لا نظلِم ولا نخضع للظلم. لا نظلِم لكننا في الوقت نفسه لا نرضخ للظلم؛ لا نتصالح مع الظالم وندعم المظلوم. هذا ما كان يقوله الإمام.

هذا الكلام مستمد من أصل الدين، ومن نص القرآن. وفضلاً عن أنّ القرآن يصرح بذلك فإنّ العقل السليم أيضاً يعضده ويؤيده. مواجهة الظلم والدفاع عن المظلوم وعدم التعاون مع الظالم وعدم مساومته أمر يستحسنه كلّ عقلاء العالم. وقد ثبت الإمام الخميني على هذا الكلام. ومن البديهي أن يكون لهذا الكلام وهذا النهج أعداؤه الغلاظ العتاة في العالم، فالأجهزة الاستكبارية في العالم من أهل الظلم. قبل أن يبدأ الإمام الخميني هذه النهضة العملاقة كانت الدول الغربية ولأكثر من مائتي عام تمارس الظلم بشكل متصاعد متزايد ضد الشعوب في أنحاء مختلفة من العالم، في آسيا وأفريقيا وبلدان متعددة. البريطانيون في الهند وبلدان تلك المنطقة والفرنسيون في أفريقيا والجزائر وبلدان أخرى، ودول أوروبية أخرى كانت تمارس الظلم بشكل واضح ومكشوف في بلدان عديدة. ومن الطبيعي أن يترعج هؤلاء من هذا الشعار. أن تظهر دولة في قلب آسيا وفي هذه المنطقة الحساسة، في إيران، ويكون شعارها أنها لا تتصالح مع الظلم ولا تقبل به، ولا تساوم الظالم، وتدعم المظلوم، فمن الواضح أن يكون هذا صعباً عليهم ولا يطاق. لذلك بدأت العداوات منذ بداية المسيرة.

لقد بدأ العداء من هم من أهل الظلم والعدوان والابتزاز. هؤلاء حتماً، لم يكن بوسعهم الانسجام مع طبيعة رسالة الإمام الجليل أي نظام الجمهورية الإسلامية. لذلك انطلقت حالات العداء منذ البداية، وقد كانت حالات العداء هذه في العقد الأول للثورة، وفي زمن الحياة المباركة للإمام الخميني الجليل بنحو، وبعد رحيله أيضاً خلال العقدين أو الثلاثة الأخيرة بنحو آخر. وقد أرسى الإمام الخميني منذ البداية فكرة المقاومة والصمود وعدم تضييع النهج والهدف مقابل هذه الهجمات الدنيئة الخبيثة، وقدمها كدرس وج لنا وللشعب الإيراني وللمكافحين المجاهدين ولمسؤولي البلاد لننطلق منه ونسير عليه.

وقد تجاوزت هذه المقاومة تدريجياً حدود الجمهورية الإسلامية. لا أننا نريد تصدير عنوان المقاومة أو فكر المقاومة هذا حتى يعترض البعض من سياسيين وآخرين هنا وهناك ويقولوا، لماذا تريدون تصدير الثورة. إننا لا نصدر الثورة. الثورة فكر وعقيدة وج، فإذا ما انجذب إليها شعب وأعجبته فسوف يتقبلها تلقائياً. وهل نحن الذين ذهبنا هذا العام إلى تلك البلدان وقلنا لهم اخرجوا في مظاهرات في يوم القدس؟ هم خرجوا بأنفسهم، وهم أرادوا، والمقاومة نفسها أمر تقبلته الشعوب. في منطقتنا اليوم، في منطقة غرب آسيا، تاعد المقاومة الكلمة المشتركة بين الشعوب، الجميع يقبلون بالمقاومة ويؤيدوا.

حتماً البعض يتجرأون ويدخلون ساحة المقاومة والبعض لا يتجرأون، لكن الذين يتجرأون ليسوا بقلّة. والهزائم التي ماني ها الأمريكان في العراق وسورية ولبنان وفلسطين وغيرها هي ثمرة مقاومة الجماعات والأحزاب المقاومة. جبهة المقاومة اليوم جبهة قوية.

بالتأكيد، نحن لا ننكر أننا نحن الشعب الإيراني، لأننا تمسكنا بالمقاومة بشدة ومضينا قدماً ووافّقنا في ذلك، تشجع الآخرون على المقاومة. وهذا ما قاله حتى الخبراء والمحلّلون السياسيون الدوليون غير الإيرانيين وصرحوا به. يقول محلّل عالمي معروف ـ وهو أمريكي، يعرفه الجميع وسمعوا باسمه ـ إنّ من أهم أسباب عداء أمريكا للجمهورية الاسلامية أنّ الجمهورية الإسلامية سارت في طريق المقاومة وحقّقت النجاحات واستطاعت التغلب على العقبات في هذا الطريق، هذا من أسباب العداء. إنهم يريدون لنا أن ننهزم وننكسر ونتراجع ونرفع أيدينا بالاستسلام، ولأننا لا نفعل ذلك يعادوننا.

التفتوا، سأشير هنا إلى نقطة مهمة وضرورية. حسنٌ، لقد اختار الإمام طريق المقاومة. الفكرة المهمة هي أنّ الإمام لم يختر المقاومة بدافع الحماس والأحاسيس والمشاعر العابرة الزائلة. فالخلفية التي على أساسها اختار إمامنا الجليل المقاومة هي خلفية منطقية وعقلانية وعلمية، وحتماً هي خلفية دينية. هناك منطق يقف وراء صمود الإمام ومقاومته. وسأعرض هنا لعدة جوانب من هذا المنطق.

جانب من هذا المنطق هو أنّ المقاومة رد فعل طبيعي لأي شعب حر شريف مقابل العسف ومنطق القوة والظلم، ولا حاجة لسبب آخر. فأي شعب يعير أهمية لشرفه وهويته وإنسانيته، عندما يرى أنهم يريدون فرض شيء عليه سوف يقاوم ويمتنع ويصمد، وهذا بحد ذاته سبب مستقلّ ومقنع. هذا أولاً.

ثانياً، المقاومة تؤدي إلى تراجع العدو ،بخلاف الاستسلام. فإن تراجعتم خطوة إلى الوراء حين يمارس العدو ظلمه وأعماله التعسفية بحقّكم، سوف يتقدم هو بلا شك. والسبيل إلى أن لا يتقدم هو أن تقاوموا وتثبتوا. الصمود والمقاومة مقابل أطماع العدو وتعسفه وابتزازه هو السبيل للحؤول دون تقدمه. إذاً، فالفائدة في المقاومة. وهذا ما نقوم به نحن أيضاً، وتجربتنا في الجمهورية الإسلامية تدلّ على ذلك. ولدي الآن أمثلة ونماذج عديدة في ذهني ولا أريد الخوض فيها وذكر الأمثلة، إنما أقول على وجه العموم: أينما قاومنا وثبتنا استطعنا التقدم وأينما استسلمنا وعملنا طبقاً لرغبة الطرف المقابل تلقّينا الضربات. هناك أمثلة واضحة، والأذكياء والمطّلعون يستطيعون العثور بسهولة على أمثلة لهذا الأمر من حياة الجمهورية الإسلامية الممتدة لأربعين عاماً. هذا أيضاً جانب من هذا المنطق.

الجانب الثالث من منطق المقاومة هو ما قلته في هذا اللقاء نفسه قبل سنة أو سنتين وهو أنّ للمقاومة تكاليفها على كلّ حال، وهي ليست عديمة التكاليف، لكن تكاليف الاستسلام مقابل العدو أكبر من تكاليف مقاومته. عندما تستسلمون أمام العدو عليكم أن تتحملوا التكاليف. النظام البهلوي كان مستسلماً أمام أمريكا ـ وكانوا مترعجين في كثير من الأحيان وغير راضين لكنهم كانوا مستسلمين ويخافون ـ كان يعطي النفط والمال ويخضع للابتزاز ويتلقّى منهم الصفعات في الوقت نفسه! والحكومة السعودية في الوقت الحاضر على المنوال نفسه، فهي تقدم الأموال والدولارات وتتخذ المواقف وفقاً لإرادة أمريكا ومع ذلك تسمع الإهانات ويسموا بـ «البقرة الحلوب»! تكاليف الاستسلام والرضوخ وعدم المقاومة أكثر بكثير من تكاليف المقاومة. وللاستسلام تكاليفه المادية والمعنوية أيضاً (التفتوا رجاءً، نحن الآن لا نتكلّم عن «الحرب» بل عن «المقاومة»، قضية «الحرب» شيء آخر، وأنا أتحدث الآن عن الثبات والمقاومة وعدم التراجع، فالتفتوا جيداً).

الجانب الرابع أو العنصر الرابع من منطق المقاومة الذي أرساه الإمام الجليل في نظام الجمهورية الإسلامية هو الجانب القرآني والوعد الإلهي. لقد وعد االله تعالى في آيات متعددة من القرآن بأنّ أهل الحق وأنصار الحق هم المنتصرون في النهاية. والآيات القرآنية الكثيرة تدلّ على هذا المعنى. قد يقدمون التضحيات لكنهم في اية المطاف لا ينهزمون. إنهم المنتصرون في هذه الساحة… من بين هذه الأمثلة القرآنية أذكر هنا آيتين أو ثلاث آيات، وليراجعها الشباب الأعزاء من حملة القرآن وليفكّروا فيها: «أم يريدونَ كيدا فَالَّذينا كفَروا هاما المَكيدون»، يتصورون أنهم يخطّطون ويمهدون الأرضية ويتآمرون على جبهة الحق والمقاومة، لكنهم لا يدرون بأنّ مكرهم يحيق هم طبقاً للقانون والسنة الإلهية. وآية أخرى: «وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ» إلى آخر الآية. وآية أخرى: « إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ» وآية أخرى: « وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ». آيات كثيرة من القرآن تبشر كلّها هذه العاقبة للسائرين في درب المقاومة. هذا أيضاً دليل. هذه الآيات القرآنية هي جزء من الدليل الرصين والمنطق القوي للإمام الخميني ـ وهناك عشرات الآيات في القرآن الكريم ـ وقد قرأت منها ثلاث أو أربع آيات.

النقطة الخامسة التي ينبغي أخذها بالحسبان فيما يتعلّق بمنطق المقاومة وقد أخذها الإمام الخميني بعين النظر، ونحن أيضاً نعلمها ونفهمها ونأخذنا في حساباتنا، هي أنّ المقاومة أمر ممكن، وهذا على الضد ٧ تماماً من التفكير الخاطئ للذين يقولون ويروجون بأنه «لا فائدة من ذلك، وكيف تريدون أن تقاوموا؟ والطرف المقابل جبار ومتعسف وقوي ،«هنا يكمن الخطأ الكبير. الخطأ الكبير هو أن يتصور المرء بأنّ المقاومة والصمود بوجه عتاة العالم أمر غير ممكن. ولأوضح هذه النقطة أكثر لأنها قضية مهمة وشائعة وموضع ابتلاء، ولدينا الآن أيضاً من يروجون، وبمظهر المثقّفين والمستنيرين وما إلى ذلك، في الصحف والكتب والمحاضرات هنا وهناك ويقولون: «لا فائدة يا أخي، ولا يمكن الدخول معهم في حرب ونزاع، ولا يمكن الصمود بوجههم، ويجب أن نوافق» والخلاصة أنه يجب أن نرضى بأن يهيمنوا علينا ونريح بالنا. وما أقوله هو أنّ هذه النظرة التي تقول «لا نستطيع» ناجمة عن تلك الأخطاء في الحسابات التي سبق أن أشرت إليها، هذا خطأ في الحسابات.

خطأ الحسابات في كلّ قضية ناجم عن أننا لا نرى العوامل المتنوعة في القضية. عندما يكون الكلام عن مواجهة وصِدام بين جبهتين فإنّ خطأ الحسابات ينجم عن أننا لا نعرف جبهتنا بدقّة، وكذلك لا نعرف الجبهة المقابلة بدقّة. وعندما لا نعرف هذه الأمور سنخطئ في الحسابات. [أما] إن عرفناها بدقّة فستكون حساباتنا بنحو آخر. وأقول هنا، علينا في حساباتنا التي يجب أن نقوم ها فيما يتعلّق بقضية مقاومة عتاة العالم، أن نعرف بدقة الحقائق المتعلّقة هؤلاء العتاة ونعرف أيضاً الحقائق المتعلّقة بنا. ومن هذه الحقائق «القدرة على المقاومة.«

لاحظوا، في الأدبيات السياسية الدولية هناك عنوان «المقاومة على طريقة الإمام الخميني». ما شاع كثيراً في تعابير الأجانب وبعد تحرير خرمشهر هو هذا المصطلح: «مبدأ مقاومة الإمام الخميني». هذا ما طرحوه وكتبوا المقالات حوله. وقد سجلت هنا عبارة لإحدى الشخصيات السياسية المعروفة في العالم وإذا ذكرت اسمه فسيعرفه الجميع. حيث كتب: «إن زمن الدور الحصري للقوة العسكرية والاقتصادية في السيطرة العالمية آخذ بالأفول. أن يكون هناك بلد له قوة عسكرية كبيرة وقوة اقتصادية كبيرة ويستطيع مواصلة سيطرته، فهذا شيء في طريقه إلى الأفول، فالعالم قد تغير» ويكتب: «في المستقبل غير البعيد سوف نشهد ظهور قوى تتجاوز حدودها، وهي ليست على درجة عالية جداً من حيث [امتلاك] الآلات الحربية من قبيل القنبلة النووية، أو من حيث المشاركة في الإنتاج الصناعي العالمي، لكنها بقدرتها على التأثير في ملايين البشر سوف تتحدى السيطرة العسكرية والاقتصادية للغرب». هذا ما يقوله سياسي وخبير غربي أمريكي في الشؤون السياسية. ثم يضيف: «مبدأ مقاومة الخميني يستهدف بكلّ قوة الشريان الأساسي لسيطرة الغرب وأمريكا». هذا هو سر بقاء الجمهورية الإسلامية. وهذا هو النهج الذي تركه لنا هذا الإنسان الجليل وعبد االله الصالح، ج المقاومة والصمود، وج معرفة قدر ما نمتلكه.

وأقولها لكم إنّ جبهة المقاومة اليوم في أكثر أحوالها انسجاماً خلال الأربعين عاماً الماضية؛ في المنطقة وفي مواقع حتى خارج المنطقة، وهذا واقع. وفي الطرف المقابل هناك القوة الاستكبارية، القوة الاستكبارية لأمريكا وقوة الكيان الصهيوني المثيرة للفتن والخبيثة، والتي تدنى مستواها وانخفض منذ أربعين عاماً وإلى اليوم. هذا ما ينبغي أن نأخذه في حساباتنا. يجب أن ندخل في حساباتنا الأحداث والتحولات التي جرت وتجرى في الواقع السياسي الأمريكي أو الوضع الاجتماعي والاقتصادي الأمريكي. وهذا ما يقوله بعض الأمريكان أيضاً: «الأفول على طريقة الأرضة»، هذا ما يقوله كاتب أمريكي. يقول حول أفول الاقتدار الأمريكي إنه «أفول كأفول الشيء الذي تأكله الأرضة » أي إن أمريكا تتآكل من الداخل مثل ما تفعل الأرضة ـ هذا ما تقوله المؤسسات الأمريكية نفسها ـ وهذا هو وضعهم من الناحية الاقتصادية ومن الناحية الاجتماعية ومن الناحية السياسية. وهناك إحصائيات واضحة بشأن وضع القدرة الاقتصادية لأمريكا وتأثير أمريكا في الاقتصاد العالمي الذي هبط في العقود الأخيرة بشكل عجيب، والإحصائيات موجودة وقد سجلتها، لكن لا ضرورة لذكر التفاصيل. وقد أفل اقتدار أمريكا في الجانب السياسي أيضاً.

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، أقولها لكم: لو لم يكن لأفول أمريكا سياسياً سوى دليل واحد ـ سوف أذكره الآن ـ لكفى، والدليل هو انتخاب شخص بصفات السيد دونالد ترامب في أمريكا. هذا الانتخاب نفسه دليل على الأفول السياسي لأمريكا. مصير أكثر من ثلاثمائة مليون من السكان بيد شخص يمتلك هذه الصفات والخصائص دليل على الأفول السياسي لأمريكا. الشخص الذي يوجد في داخل أمريكا نفسها كلّ هذا الكلام حول توازنه النفسي والفكري والأخلاقي، عندما يصبح رئيساً لبلد فهذا دليل على أفول ذلك البلد، سياسياً وأخلاقياً. لطالما دعم هؤلاء جرائم الكيان الصهيوني ومذابحه ودافعوا عنها. ودعموا جرائم عدد من الدول في اليمن والمذابح التي يرتكبوا ضد الشعب اليمني البريء. إنهم يدعمون الجريمة، فهل هناك سقوط أخلاقي أسوأ من هذا؟

في داخل أمريكا نفسها، المشكلات كثيرة. وقد قلت قبل فترة في بداية شهر رمضان على ما أذكر إنّ وزارة الزراعة الأمريكية أعلنت رسمياً أن ٤١ مليون شخص في أمريكا يعانون الجوع. هذا هو وضع أمريكا وهذا هو واقعها الاقتصادي. ولقد بلغت ديون الحكومة الأمريكية ٢٢٠٠ مليار دولار. ٢/٢ ترليون وهذا شيء خياليّ، بل لا يمكن تصور هذه الأرقام. هذه مشكلاتهم، وإذا هذا ٩ السيد يبدي حرقة على الشعب الإيراني ويقول إننا نريد السعادة والرفاه للشعب الإيراني وتوفّره على فرص عمل؛ اذهب وأصلح نفسك وحسنوا أوضاعكم إن استطعتم. تحتلّ أمريكا المرتبة الأول عالمياً من حيث ارتكاب الجرائم المصحوبة بالعنف. وهي في المرتبة الأولى عالمياً من حيث تعاطي المخدرات. وهي البلد الأول في العالم من حيث قتلهم لمواطنيهم، حيث ياقتل الناس على يد الشرطة الأمريكية. هذا ما تظهره إحصائياتهم، ففي الأشهر الثمانية الماضية قتل ٨٣٠ شخصاً من المواطنين الأمريكيين على يد الشرطة في الشوارع. هذا هو الوضع الاجتماعي للحكومة التي تهدد الشعب الإيراني وتتوعده.

أحد الأطراف التي ينبغي أخذها بالحسبان حين القيام بالحسابات هو نحن أنفسنا. فنحن بالتأكيد لدينا مشكلات، لدينا مشكلات اقتصادية، وقد قلنا هذا مراراً، والمسؤولون يسعون لحلّ هذه المشكلات بحسب قدراتهم. لدينا مشكلات لكن ليس هناك من طريق مسدود. المهم هو أننا لا نواجه طريقاً مسدوداً في البلاد، لا في الشؤون الاقتصادية ولا في القضايا الاجتماعية، ولا في الأمور السياسية. لدينا مشكلات لها أسباب مختلفة، لكن ليس لدينا في البلد طريق مسدود، بل على العكس لدينا تقدم. وعلى رأس المميزات التي يتمتع ها بلدنا، شعبنا الإيراني العزيز هذا، هذا الشعب المتحمس المتوثّب صاحب البصيرة. لو لم يكن شعبنا من أهل البصيرة لما شوهدت هذه المشاركة الشعبية في المواطن التي تلزم فيها المشاركة، المشاركة الشعبية. لاحظوا في الثاني والعشرين من همن للعام ٩٧ أي قبل أربعة أو خمسة أشهر، أي تجمعات عظيمة حصلت في الشوارع في شتى أنحاء البلاد. هذا شيء يحتاج إلى بصيرة وهمّة وجاهزية واستعداد، وهذا ما يتحلّى به الشعب الإيراني: الوعي والبصيرة والقدرة على الصمود والإرادة القوية. هذه نقطة القوة الكبرى في بلادنا، وهناك نقاط قوة أخرى. وعليه، فمنطق المقاومة يتمثّل في هذه الجوانب التي أشرنا إليها، وقد ورد الإمام الخميني ساحة المقاومة مرتكزاً على مثل هذا المنطق.

لقد سجلت جملة من النقاط سوف أسردها بسرعة لأنّ الوقت أدركنا إلى حد ما. إحدى النقاط هي أنّ هدف المقاومة يتمثّل في الوصول إلى مرحلة الردع. يجب أن نصل في الاقتصاد، وفي الشؤون السياسية للبلاد، وفي المسائل الاجتماعية، وفي القضايا العسكرية إلى مرحلة تكون رادعة، بمعنى أن يستطيع الشعب تقديم نفسه بنحو يصرف العدو عن التطاول على الشعب الإيراني في االات كافّة، ويرى العدو بأن لا فائدة من التطاول ولا يمكنه فعل شيء مع الشعب الإيراني. على الصعيد العسكري وصلنا اليوم إلى مرحلة الردع هذه إلى حد كبير. وحين تروم يصرون على قضية ١٠ الصواريخ وما إلى ذلك فهذا هو السبب، فهم يعلمون أننا وصلنا إلى مرحلة الردع ومحطّة الثبات والرسوخ ويريدون حرمان البلد من هذا الشيء، وحتماً لن يستطيعوا ذلك أبداً.

ينبغي لتعاطينا مع قضايانا ومع أعدائنا أولاً، أن يكون بشجاعة ولا يكون بفزع وخوف، ثانياً، يجب أن يكون مصحوباً بالتفاؤل، لا باليأس. ثالثاً، ينبغي أن يكون تعاطٍ عقلاني حكيم، ولا يكون حماسياً نابعاً من الأحاسيس العابرة. ورابعاً يجب أن يكون تعاطٍ إبداعياً ابتكارياً، لا من منطلق الانفعال؛ فلنبتكر؛ فإن سرنا وتحركنا هذا النحو فاعلموا بأنّ الشعب الإيراني سينجح وسيستطيع التقدم في مواجهته لكلّ القوى الكبرى.

وشرط آخر للنجاح هو أن نراقب ونرصد حيل العدو الرامية لإضعاف فكر المقاومة. لاحظوا يا أعزائي، إنّ فكرة المقاومة هي أقوى سلاح بيد شعب من الشعوب. إذاً، من الطبيعي للعدو أن يسعى إلى نزع هذا السلاح من يد الشعب الإيراني. لذلك يشرعون بالوسوسة وبثّ الشكوك ضد فكرة المقاومة، ويرددون: «يا أخي! ما الفائدة من هذا، وهذا غير ممكن». ينبغي تحصين فكر المقاومة من حيل العدو ومكره، والحؤول دون إضعافه عن طريق خدعه وأحابيله.

ولأحابيل العدو أنواع وصنوف، فهو أحياناً يهدد وأحياناً يرغّب. كهذه الحيلة الأخيرة لرئيس جمهورية أمريكا المحترم الذي صرح مؤخراً بأنه “يمكن لإيران هؤلاء القادة الحاليين أنفسهم أن تحقّق حالات تقدم كبيرة» وهذا معناه أن يا قادة إيران الحاليين، إننا لا نريد إلإطاحة بكم، فلا تحزنوا، ولا دف إلى إسقاطكم، ونحن على استعداد للاعتراف بكم. وهذا في الواقع نوع من الشطارة السياسية يخاطبون ها قادة إيران. وحتماً هذا الكلام صحيح؛ فإذا شمّر القادة والمسؤولون الحاليون في إيران عن سواعد الهمة والعزيمة، وعملوا ليلاً واراً، وجاهدوا وكانوا متحدين قلباً وقالباً، واستثمروا طاقات الشعب بنحو مناسب وصحيح، فسوف يحقّقون، بلا شك ،مزيداً من التقدم. هذا مما لا شك فيه، لكن بشرط أن لا يقترب الأمريكان، شرط التقدم أن لا يقترب الأمريكيون. هذه الشطارة السياسية من قبل هذا السيد لا تخدع مسؤولي الجمهورية الإسلامية ولا الشعب الإيراني. يجب على الأمريكان أن لا يقتربوا. في أي مكان وطأته قدم الأمريكان، إما اشتعلت حرب، أو نشب اقتتال بين الإخوة، أو حدثت فتنة، أو حصل استغلال أو استعمار أو إهانة، قدم الأمريكان قدم مشؤومة سيئة. إذا لم يقتربوا، فإننا نعلم كيف نتصرف، ونحن نجيد ونحسن مهماتنا، وسوف يوفّقنا االله تعالى وسنتقدم إن شاء االله.

الشعب حاضر في الساحة وينبغي لهذا الحضور أن يستمر .أيها الإخوة الأعزاء أيتها الأخوات العزيزات، أقولها لكم: اعلموا، بمجرد أن تحضروا في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان في الساحة هذا النحو، ستتلخبط حسابات الأعداء وتختلّ. أنزل االله بركاته ورحمته عليكم إن شاء االله. نعم، الشعب الإيرانيّ جاهز حقّاً.

وأوجه توصية للمسؤولين المحترمين في البلاد: ألا وهي التركيز على المشكلة والقضية الأساسية. في كلّ فترة من الزمن تكون في البلد قضية أساسية ينبغي التركيز عليها. قبل انتصار الثورة كان «نظام الطاغوت» هو القضية الأساسية التي ركز عليها الإمام الخميني ونجح. وبعد انتصار الثورة كانت القضية الأساسية لفترة ما «تكريس النظام»، وفي فترة ما كانت «الحرب التي فرضها صدام على البلاد» هي القضية الأساسية حيث ركّز البلد كلّه [جهوده وطاقاته] حول قضية الحرب، وقد حصل النجاح والتوفيق بحمد االله. واليوم فإنّ القضية الأساسية والملحة هي قضية الاقتصاد. حتماً هناك أيضاً القضايا الثقافية وهي على جانب كبير من الأهمية. وكذا الحال بالنسبة للقضايا الأمنية، لكن القضية الأكثر إلحاحاً من بين كلّ هذه القضايا هي القضية الاقتصادية ذات الصلة بمعيشة الناس والشعب، والتي تؤثّر أيضاً في الشؤون الثقافية والأمنية أيضاً.

في قضية الاقتصاد هناك مسائل أساسية وعناوين مهمة أشير إلى بعضها: منها مسألة ازدهار الإنتاج، ومنها قيمة العملة الوطنية، ومنها تحسين أجواء التجارة والعمل، ومنها قضية فصل اقتصاد البلد عن بيع النفط الخام ـ فلنقطع حبل سارة ميزانية البلد واقتصاده عن النفط الخام، وبيع النفط الخام، والمتاجرة بالنفط الخام، فهذه إحدى مشاكلنا الرئيسية ـ ومن هذه القضايا والمسائل تبديل تدخل الحكومة في الاقتصاد إلى توجيه الحكومة وإشرافها عليه، ومنها قطع أيدي المفسدين الاقتصاديين، أي المختلسين، والإرهابيين الاقتصاديين، والمهربين عديمي الرحمة الذين ينبغي قطع أيديهم عن الاقتصاد. لاحظوا! هذه هي المشاكل الأساسية في اقتصاد البلد. على مسؤولي البلاد، وخاصة السلطة التنفيذية، وإلى جانبها السلطة التشريعية، وفي بعض المسائل السلطة القضائية، أن يعملوا سوياً على هذه القضايا ومعالجتها. هذه هي المسائل والقضايا الأساسية. لنركّز على هذه القضايا ولا نخوض في الأمور الهامشية الجانبية والفرعية. لا نخلق لأنفسنا أموراً هامشية. التضامن الوطني على درجة كبيرة من الأهمية، ونبذ التراعات السياسية والحزبية أمر مهم جداً، ومن أهم الأمور الحفاظ على الارتباط القلبي باالله تعالى.

لقد كان شهر رمضان هذا العام شهراً جيداً. فبحسب ما اطّلعت عليه وطبقاً للتقارير التي رفعت إليّ عن قرب، كانت مجالس الدعاء والذكر والمناجاة والوعظ وتبيين المعارف الإسلامية حارة جداً في شهر رمضان من هذا العام. في مدينة طهران هذه وفي أحيائها المختلفة تشكّلت تجمعات شعبية عظيمة، وغالباً من الشباب، فعكفوا على المناجاة وذرف الدموع والتوسل والتضرع. هذه أمور غاية في الأهمّية، وهي مقدمة للرحمة والهداية الإلهية. فاعرفوا قدر هذا الأمر وواصلوه. أيها الشباب الأعزاء، يمكن لقلوبكم الطاهرة النيرة أن تعمل كمفتاح لحلّ المعضلات الكبرى وتستجلب الرحمة الإلهية. ونتمنى إن شاء االله أن يكون شهر رمضان العظيم هذا الذي أمضاه الشعب هذه السنة مباركاً على شعبنا. واليوم هو آخر أيام شهر رمضان، ونحن الآن في الساعات الأخيرة من هذا الشهر، فمن المناسب أن ندعو االله ببعض الدعوات. نسألك اللّهم وندعوك باسمك العظيم الأعظم الأعز الأجلّ الأكرم وبحرمة محمدٍ و آله، يا االله يا رحمن يا رحيم يا مقلّب القلوب ثبت قلوبنا على دينك.

اللّهم ثبت أقدامنا على صراطك. أللّهم احشر الروح الطاهرة للإمام الخميني الذي علّمنا المقاومة مع أوليائه. أللّهم أدم ظلّ ذكرى الإمام الخميني وذكرى الشهداء فوق رؤوس هذا الشعب. ربنا أنزل نصرك على الشعب الإيراني. ربنا من على الأمة الإسلامية بالنصر. أللّهم أذلّ وافضح مثيري الفتن في العالم الإسلامي. أللّهم بمحمد وآل محمد وبكرمك ولطفك حقّق حاجات هؤلاء الناس الذين لهجوا ها بألسنتهم أو استحضروها في قلوهم في جلسات الذكر والدعاء هذه، واستجب أدعيتهم. أللّهم بمحمد وآل محمد اجعل شهر رمضان هذا مباركاً على الشعب الإيراني وعلى الأمة الإسلامية. ربنا لا تحرمنا من كرمك ولطفك وعفوك ومغفرتك، واغفر لنا خطايانا واعف عن ذنوبنا وإسرافنا، وأرحم أمواتنا وآباءنا وأمهاتنا. أللّهم بمحمد وآل محمد اشملنا بأدعية وليك وحجتك المستجابة، واجعلنا من جنوده، والمستشهدين بين يديه. أللّهم بمحمد وآل محمد اجعل ما قلناه وسمعناه وما نفعله لك وفي سبيلك وتقبله منا بكرمك.

والسلام عليكم ورحمة االله وبركاته.

٢٠١٩/٠٦/٠٤م

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى