ثقافة

كفّارة الغيبة

اعلم أن الواجب على المغتاب أن يندم ويتوب ويتأسف على ما فعله ليخرج من حقّ الله تعالى، ثمَّ يستحلّ المغتاب عنه ليُحلَّه فيخرج عن مظلمته، وينبغي أن يستحلّه وهو حزينٌ متأسّف نادم على فعله، إذ المرائي قد يستحلّ ليظهر من نفسه الورع، وفي الباطن لا يكون نادماً، فيكون قد قارن معصية أخرى، وقد ورد في كفَّارتها حديثان:

أحدهما: 
قوله صلى الله عليه وآله وسلم : “كفَّارة من استغبته أن تستغفر له”1.
الثاني:
 قوله صلى الله عليه وآله وسلم : “من كانت لأخيه عنده مظلمة في عرض ومال فليستحللها منه من قبل أن يأتي يوم ليس هناك دينارٌ ولا درهم يؤخذ من حسناته، فإن لم تكن له حسنات أخذ من سيّئات صاحبه فيزيد على سيّئاته”2.

ويمكن أن يكون طريق الجمع حمل الاستغفار له على من لم يبلغ غيبته المغتاب فينبغي الاقتصار على الدعاء له والاستغفار لأن في محالَّته إثارة للفتنة وجلباً للضغائن. وفي حكم من لم يبلغه من لم يقدر على الوصول اليه بموت أو غيبة وحمل المحالة على من يمكن التوصّل إليه مع بلوغه الغيبة. ويستحبّ للمستعذر إليه قبول العذر والمحالة استحباباً مؤكداً، قال الله تعالى: ﴿خُذِ العَفْوَ﴾3 الآية. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : يا جبرائيل ما هذا العفو؟ قال: “إنَّ الله يأمرك أن تعفو عن من ظلمك وتصل من قطعك وتعطي من حرمك4.

وفي خبر آخر: “إذا جيء الأمم بين يدي الله تعالى يوم القيامة نُودُوا: ليقم من كان أجره على الله فلا يقوم إلاَّ من عفى في الدُّنيا5.

وروي عن بعضهم أنَّ رجلاً قال له: أنَّ فلاناً قد إغتابك، فبعث إليه طبقاً من الرّطب وقال: بلغني أنَّك قد أهديت إليَّ حسناتك، فأردت أن أُكافيك عليها، فاعذرني فإني لا أقدر أن أكافيك على التمام6. وسبيل المعتذر أن يُبالغ في الثناء عليه والتودّد ويلازم ذلك حتى يطيب قلبه، فإن لم يطب كان اعتذاره وتودّده حسنة محسوبة له، وقد تقابل سيّئة الغيبة في القيامة.

ولا فرق بين غيبة الصغير والكبير، والحيّ والميّت، والذكر والأنثى، وليكن الاستغفار والدُّعاء له على حسب ما يليق بحاله، فيدعو للصّغير بالهداية وللميّت بالرحمة والمغفرة، ونحو ذلك.
ولا يسقط الحقّ بإباحة الانسان عرضه للناس، لأنَّه عفو عمَّا لم يجب، وقد صرَّح الفقهاء بأنَّ من أباح قذف نفسه لم يسقط حقَّه من حدّه، وما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : “أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم كان إذا خرج من بيته قال: اللهم إنِّي تصدّقت بعرضي على الناس”7.

معناه إنّي لا أطلب مظلمته في القيامة ولا أخاصم عليها لا ان صارت غيبته بذلك حلالاً، وتجب النية لها كباقي الكفَّارات والله الموفّق.

وأما الخاتمة:
فاعلم وفَّقك الله تعالى وإيَّانا أنَّ الغرض الكلّي للحق تعالى من الخلق، والمقصد الأول من بعثة الأنبياء والرسل بالكتب الإلهية والنواميس الشرعية، إنَّما هو جذب الخلق إلى الواحد سبحانه ومعالجة نفوسهم من داء الجهل، والتفاتها الى دار القرار ورفضها لهذه الدار وحمايتها أن ترد موارد الهلاك إذا كانت من ذلك على خطر، وتشويقها إلى ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.

ثُمَّ ما يلزم ذلك المقصود من تدبّر أحوال المعاش البدني وسائر أسباب البقاء للنوع الانساني، وكان ذلك موقوفاً على الاجتماع والتعاون والتعاضد بالتعلّم والتعليم وتذكير المعارف للعاقل بالعهد القديم واستعانة كلّ واحد بالآخر في تحصيل نفعه إذ كان الانسان مدنيّاً بطبعه لا يستقلّ وحده بتحصيل معاشه ولا يقدر على استنباط جميع أغراضه من مأْكله ورياشه، فلا جرم توقّفَ غرض الحكيم جلّ جلاله على الاجتماع وتألّف القلوب والموادّة حالتي الحاضر والغيوب، فلذلك تضافرت الأخبار والآثار بالحثّ على المودّة والنَّهي عن المباينة والمحادَّة وأكثر على عباده لبعضهم بعضاً الحقوق وحذَّرهم من الكفران والعقوق ووعدهم على التآلف والتعاطف جزيل الثواب وأوعدهم على ترك ذلك مزيد النكال والعقاب، كما ستقف عليه إن شاء الله في ضمن ما نورده من الأخبار عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وآله الأخيار الأطهار، ولنذكر ما يناسب هذه الرسالة اثني عشر حديثاً للاختصار، ومن أراد الغاية في ذلك فليطالعه من كتب المصنّفة فيه ككتاب الإخوان للصدوق ابن بابويه، وكتاب الإيمان، وكتاب العشرة، وغيرهما من كتاب الكافي للكليني فإنَّ فيها بلاغاً وافياً لأهل الاعتبار ودواءً شافياً لأولي الأبصار.

الحديث الأول:
أخبرنا الشيخ السعيد المبرور نور الدين عليّ بن عبدالعالي الميسي قدّس سرّه ونوَّر قبره، إجازة عن شيخه المرحوم المغفور شمس الدين محمد بن المؤذّن الجزيني عن الشيخ ضياء الدين علي، ولد الامام العلاَّمة المحقق السعيد شمس الدين أبي عبدالله الشهيد محمد بن مكّي عن والده المذكور، عن السيّد عميد الدّين عبدالمطلب والشيخ فخر الدين ولد الشيخ الامام الفاضل العلاَّمة محيي المذهب جمال الدين الحسن بن يوسف بن المطهّر عن والده المذكور عن جدّه السعيد سديد الدّين يوسف بن عليّ بن المطهّر عن الشيخ المحقق نجم الدين جعفر بن الحسن بن سعيد الحلّي جميعاً عن السيّد محيي الدين أبي حامد محمد بن عبدالله بن عليّ بن زهرة الحلّي، عن الشريف الفقيه عزّ الدين أبي الحرث محمد بن الحسن الحسيني البغدادي، عن الشيخ قطب الدين أبي الحسين بن سعيد بن هبة الله الراوندي، عن الشيخ أبي جعفر محمد بن عليّ بن المحسن الحلبي، عن الشيخ الفقيه أبي الفتح محمد بن عليّ الكراجكيّ، قال: حدثني أبو عبدالله الحسين بن محمد بن الصيرفي البغدادي، قال: حدَّثني القاضي أبو بكر محمد بن الجعابي، قال: حدَّثنا أبو محمد القاسم بن محمد بن جعفر من ولد عمر بن عليّ عليه السلام : قال: حدَّثني أبي عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين علي عليه السلام ، قال عليه السلام : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : “للمؤمن على أخيه ثلاثون حقاً لا براءة له منها إلاَّ بأدائها أو العفو، يغفر زلّته، ويرحم عبرته، ويستر عورته، ويقيل عثرته، ويقبل معذرته، ويردُّ غيبته، ويديم نصيحته، ويحفظ خلّته ويرعي ذمّته، ويعود مرضته، ويشهد ميتته، ويجيب دعوته، ويقبل هديّته، ويكافىء صلته، ويشكر نعمته، ويحسن نصرته، ويحفظ حليلته، ويقضي حاجته، ويشفع مسألته، ويسمت عطسته، ويرشد ضالَّته، ويردّ سلامه، ويطيّب كلامه، ويبرّ انعامه، ويصدّق أقسامه، ويواليه ولا يعاديه، وينصره ظالماً ومظلوماً، فأماَّ نصرته ظالماً فيردّه عن ظلمه، وأمَّا نصرته مظلوماً فيعينه على أخذ حقّه ولا يسلمه ولا يخذله، ويحبّ له من الخير ما يحبّ لنفسه، ويكره له من الشرّ ما يكره لنفسه8.

ثم قال عليه السلام : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: “إن أحدكم ليدع من حقوق أخيه شيئاً فيطالب به يوم القيامة فيقضى له عليه9.

الحديث الثاني:

وبالإسناد المتقدّم إلى السيّد محيي الدين زهرة، قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن وهب بن سليمان بقراءتي عليه في شعبان سنة إحدى وتسعين وخمسمائة، قال: أخبرنا القاضي فخر الدين أبو الرضا سعيد بن عبدالله بن القاسم السّهروردي يوم الجمعة سابع شهر ربيع الآخر سنة أربع وسبعين وخمسمائة بالموصل، قال: أخبرنا الشيخ الحافظ أبو بكر وجيه طاهر الشحاميّ بقراءتي عليه يوم الأربعاء خامس شهر رمضان سنة تسع وثلاثين وخمسمائة، قال: أخبرنا الشيخ الزكيّ أبو حامد أحمد بن الحسن الأزهري، قال: أخبرنا الشيخ أبو محمّد الحسن بن أحمد بن محمّد بن الحسن بن علي مخلّد المخلّدي العدل، قرأه عليه فأقرَّ به، قال: أخبرنا العباس محمد بن اسحاق بن إبراهيم الثقفي السرّاج في ما قرأته عليه لسنة اثني عشر وثلاثمائة فأقرَّ به.
وقال نعم، قال: حدَّثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدَّثنا الليث، عن عقيل، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: “المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يشتمه، من كان في حاجة أخيه كان الله له في حاجته، ومن فرَّج عن مسلم كربة، فرَّج الله عنه بها كربة من كُرَبِ يَوم القيامة، ومن سَتَرَ مُسلماً، سَتَره الله يوم القيامة”10.

الحديث الثالث:

وبالإسناد المتقدّم إلى السيّد محيي الدين قال: أخبرنا القاضي شيخ الاسلام أبو المحاسن يوسف بن رافع بن تميم، بقراءتي عليه في الرابع عشر من جمادي الآخرة من سنة ثمان عشرة وستمائة، قال: أخبرنا القاضي الإمام فخر الدين أبو الرضا سعيد بن عبدالله بن القاسم السهروردي سماعاً عليه في الجمادي الأخرى سنة أربع وسبعين وخمسمائة، قال: أخبرنا الشيخ الإمام أبو الفتح محمد بن عبدالرحمن الخطيب الكشمهيني بقراءتي عليه يوم السبت سابع عشر شوَّال سنة إحدى وأربعين وخمسمائة.

قال: أخبرنا الشيخ أبو القاسم هبة الله بن عبدالوارث بن عليّ بن أحمد الشيرازي أو كتبه لي بخطّه في شهر ربيع الأول سنة ستّ وثمانين وأربعمائة، قال: أخبرنا أبو نصر أحمد بن عبدالباقي بن الحسن بن طوق المعدّل، قال: أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن محمد الفقيه.

قال: أخبرني أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى الموصلّي التميمي.
قال هبة الله: وأخبرنا أبو القاسم عبد العزيز علي بن أحمد السكري، قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبدالرحمن بن العباس المخلص، قال: حدَّثنا أبو القاسم عبدالله بن محمد بن عبدالعزيز البغوي، قال: حدَّثني عبد الأعلى بن حماد التونسي، قال: حدَّثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: “إنَّ رجلاً زار أخاً له في قرية أخرى فأرصد الله على مدرجته ملكاً، فلمَّا أتى عليه قال: أين تريد؟ قال: أردت أخاً لي في قرية كذا وكذا، قال له: هل لك عليه من نعمة تريها، قال: لا إلاَّ انّي أحبّه في الله قال: إنّي رسول الله إليك إنَّ اللَّه تعالى قد أحبّك كما أحببته فيه”11.

الحديث الرابع:

وبالإسناد المتقدّم إلى القاضي فخر الدين السهروردي قال أخبرنا الشيخ الحافظ ثقة الدين أبو القاسم زاهر بن طاهر بن محمد الشحَّام قراءة عليه وأنا أسمع يوم الأربعاء التاسع والعشرين من شوَّال سنة خمس وعشرين وخمسمائة ببغداد.
قال: أخبرنا الشيخ أبو نصر عبدالرحمن بن عليّ بن موسى، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن الصلت القزويني ببغداد، قال: حدَّثنا أبو اسحاق ابراهيم بن عبدالصمد الهاشمي املاءً، قال: حدَّثني أبو مصعب أحمد بن أبي بكر الزهريّ عن مالك بن أنس، عن أبي شهاب، عن أنس بن مالك، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: “لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحلّ لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال”12.

الحديث الخامس:
وبالاسناد المتقدّم إلى الشحّامي قال: أخبرنا الشيخ أبو سعيد محمد بن عبدالعزيز الصفّار، قال: أخبرنا الشيخ أبو عبدالرحمن محمد بن الحسن السَّلمي، قال: أخبرنا عبدالرحمن بن محمد بن محبوب، قال: حدَّثنا أحمد بن محمد بن يحيى، قال: حدَّثنا محمد بن الأزهري، قال: حدَّثنا محمد بن عبدالله البصري، قال: حدَّثنا يعلى بن ميمون، قال: حدَّثنا يزيد الرّقاشي عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : “من ألطف مؤمناً أو قام له بحاجةٍ من حوائج الدنيا والآخرة صغر ذلك أو كبر كان حقاً على الله أن يخدمه خادم يوم القيامة”13.

الحديث السادس:
وبالاسناد المتقدّم الى السلمي قال: أخبرنا عبدالعزيز بن جعفر بن محمد بن الحرابي ببغداد، قال: حدثنا محمد بن هارون بن بريّة، قال: حدَّثنا عيسى بن مهران، قال: حدَّثنا الحسن بن الحسين، قال: حدَّثنا الحسين بن زيد، قال: قلت لجعفر بن محمد: جعلت فداك، هل كانت في النبيّ مُداعبة؟ فقال: لقد وصفه الله بخلق عظيم في المداعبة، وإنَّ الله بعث أنبياءه فكانت فيهم كزازة، وبعث محمَّداً بالرّأفة والرحمة، وكان من رأفته لأمّته مداعبته لهم لكي لا يبلغ بأحد منهم التعظيم حتى لا ينظر إليه.

ثمَّ قال: حدَّثني أبي محمد عن أبيه علي عليه السلام عن أبيه الحسين عليه السلام عن أبيه علي عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليُسرُّ الرجل من أصحابه إذا رآه مغموماً بالمداعبة وكان يقول: “إنَّ الله يبغض المعبس في وجه إخوانه14.

الحديث السابع:
وبالاسناد المتقدّم إلى شيخ المذهب ومحييه ومحقّقه جمال الدين الحسن بن يوسف بن المطهر عن والده السعيد سديد الدّين يوسف بن المطهّر، قال: أخبرنا الشيخ العلاَّمة النسّابة فخار بن المعد الموسوي عن الفقيه سديد الدين شاذان بن جبرائيل القمّي عن عماد الدين الطبري عن الشيخ أبي علي الحسن بن الشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي عن والده الشيخ قدّس الله روحه عن الشيخ المفيد محمّد بن محمد بن النعمان، عن الشيخ الصدوق محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي، عن الشيخ أبي عبدالله جعفر بن قولويه، عن الشيخ أبي عبدالله محمد بن يعقوب الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن عبدالله بن بكر، عن معلَّى بن خنيس، عن أبي عبدالله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام ، قال: قلت له ما حقّ المسلم على المسلم؟ قال: “له سبعة حقوق واجبات، ما منها حقٌ إلاَّ وهو واجب إن ضيّع منها شيئاً خرج من ولاية الله وطاعته ولم يكن لله فيه نصيبٌ”.

قلت له: جعلت فداك، وما هي؟ قال: يا معلَّى إنِّي عليك شفيقٌ أخاف أن تضيّع ولا تحفظ وتعلم ولا تعمل، قال: قلت لا قوَّة إلاَّ بالله. قال:
الحق الأول: 
أيسرَُ حقّ منها أن تحبّ له ما تحبّ لنفسك وتكره له ما تكره لنفسك.

والحقّ الثاني: 
أن تتجنَّب سخطه وتتّبع مرضاته وتطيع أمره.
والحق الثالث: 
أن تعينه بنفسك ومالك ولسانك ويدك ورجلك.
والحقّ الرابع: 
أن تكون عينه ومرآته ودليله.
والحقّ الخامس: 
أن لا تشبع ويجوع، ولا تروى ويظمأ، ولا تلبس ويعرى.
والحقّ السادس:
 أن يكون لك خادم وليس لأخيك خادم، فواجب لك أن تبعث إليه خادمك فيغسل ثيابه ويصنع طعامه ويمهّد فراشه.

والحقّ السابع: أن تبرّ قسمه، وتجيب دعوته، وتعود مرضته، وتشهد جنازته، وإذا عَلِمْتَ أنَّ له حاجة فبادر إلى قضائها، ولا تلجئه إلى أن يسألكها، ولكن تبادره مبادرة، فإذا فعلت ذلك وصلت ولايتك بولايته وولايته بولايتك15.

الحديث الثامن:
وبالاسناد إلى محمد بن يعقوب الكليني عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن محمد بن مروان، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: “إذا مشى الرجل في حاجة أخيه المؤمن تُكتب له عشر حسنات، وتُمحا عنه عشر سيِّئات، وتُرفعُ له عشر درجات ولا أعلمه، إلاَّ قال ويعدل عشر رقبات، وأفضل من اعتكاف شهر في المسجد الحرام”16.
الحديث التاسع:
بالاسناد عن الكليني ، عن علي بن إبراهيم بن الهاشم القمّي ، عن أبيه، عن محمد بن أبي عميد، عن حسين بن أبي نعيم، عن مسمع بن أبي سيَّار، قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: “مَن نفَّس عن مؤمن كربة، نفَّس الله عنه كربةً يوم القيامة، وخرج من قبره وهو ثلج الفؤاد، ومن أطعمه من جوعٍ أطعمه الله من ثمار الجنَّة، ومن سقاه شربةً سقاه الله من الرحيق المختوم”1718.

الحديث العاشر:

رويناه بأسانيد متعدّدة أحدها الاسناد المتقدم في الحديث السابع إلى الشيخ أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه عن أبيه عن سعد بن عبدالله عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبيه محمد بن عيسى الأشعري، عن عبدالله بن سليمان النوفلي، قال: كنت عند جعفر بن محمد الصادق عليه السلام ، فإذا بمولى لعبدالله النجاشي قد ورد عليه، فسلَّم وأوصل إليه كتاباً، ففضّه وقرأه، فإذا أوَّل سطر فيه: بسم الله الرحمن الرحيم أطال الله تعالى بقاء سيّدي وجعلني من كلّ سوءٍ فداه، ولا أراني فيه مكروهاً، فإنّه وليّ ذلك والقادر عليه.

واعلم سيّدي ومولاي انّي بُليت بولاية الأهواز، فإن رأى سيّدي أن يحدّ لي حدَّاً أو يمثّل لي مثالاً لاستدلّ به على ما يقرّبني إلى الله عزَّ وجل وإلى رسوله ويلخّص في كتابه ما يرى الى العمل به وفيما تبدله (ابذله) له وابتدله، وأين أضع زكاتي، وفيمن أصرفها، وبمن آنِسُ، وإلى مَن أستريح، وبمن أثق وآمِنُ وألجأ إليه في سرِّي، فعسى الله أن يخلّصني بهدايتك ودلالتك فإنَّك حُجَّة الله على خلقه وأمينه في بلاده ولا زالت نعمته عليك. كذا بخطّه.قال عبدالله بن سُليمان: فأجابه أبو عبدالله عليه السلام : “بسم الله الرحمن الرحيم، جامَلك اللَّه بصنعه ولطف بمنِّه وكلاك برعايته فإنَّه وليُّ ذلك.

أما بعد فقد جاءني رسولك بكتابك فقرأته وفهمته ما فيه وجميع ما ذكرته وسألت عنه وزعمت أنّك بُليت بولاية الأهواز فسرَّني ذلك وساءني، وسأخبرك بما ساءني من ذلك وما سرَّني إن شاء الله تعالى. فأمَّا سُروري بولايتك فقلت عسى الله أن يغيث الله بك ملهوفاً من أولياء آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، ويعزّ بك ذليلهم، ويكسو بك عاريهم، ويقوّي بك ضعيفهم، ويطفىء بك نار المخالفة عنهم، وأمَّا ما ساءني من ذلك فإنّ أدنى ما أخاف عليك أن تعثر بوليّ لنا فلا تشمّ رائحة حظيرة القدس، فإنِّي ملخّصٌ لك جميع ما سألت عنه إن أنت عمِلت به ولم تجاوزه رجوت أن تسلم إن شاء الله. أخبَرَنِي يا عبدالله أبي، عن آبائه، عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنَّه قال: “من استشاره أخوه المؤمن فلم يمحضه النصيحة سلبه الله لُبّه”
19.

واعلم أنّي سأشير عليك برأيٍ، إن أنت عملت به تخلَّصت ممَّا أنت متخوفه. واعلم أنَّ خلاصك ونجاتك من حقن الدماء (في حقن الدنيا)، وكفّ الأذى عن أولياء الله، والرفق بالرعيَّة، والتأنّي، وحسن المعاشرة من لين في غير ضعف، وشدَّة من غير أنف، ومداراة صاحبك، ومن يرد عليك من رسله، وارتق فتق رعيّتك بأن توقّفهم على ما وافق الحقّ والعدل إن شاء الله تعالى، وإياك والسّعاة وأهل النمايم، فلا يلتزقنّ منهم بك أحد، ولا يراك الله يوماً وليلة وأنت تقبل منهم صرفاً، ولا عدلاً، فيسخط الله عليك ويهتك سترك، واحذر مكر خوز الأهواز، فإنَّ أبي أخبرني عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: “إنَّ الايمان لا يثبت في قلب يهودي ولا خوزيّ أبداً20 فأما من تأنس به وتستريح إليه وتلجأ أُمورك إليه فذلك الرجل المستبصر الأمين الموافق لك على دينك وميّز أعوانك وجرّب الفريقين، فإن رأيت هنالك رشداً فشأنك وإيَّاه، وإيَّاك أن تعطي درهماً أو تخلع ثوباً، أو تحمل على دابَّة في غير ذات الله لشاعر أو مضحك، أو ممتزج إلاَّ أعطيت مثله في ذات الله، ولتكن جوائزك وعطاياك وخلعك للقواد والرُّسل والأحفاد وأصحاب الرسائل وأصحاب الشرط والأخماس، وما أردت أن تصرفه في وجوه البرّ والنجاح، والعتق، والصدقة، والحج، والمشرب، والكسوة التي تصلّي فيها وتصل بها، والهدية التي تهديها إلى الله تعالى وإلى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم من أطيب كسبك”.

يا عبد الله اجهـد أن لا تكـنز ذهـباً ولا فضَّـة فتكــون من أهل هذه الآية، قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾21، ولا تستصغرنّ من حلو أو فضل طعام تصرفه في بطون خالية يسكن بها غضب الله تبارك وتعالى.واعلم أنّي سمعت أبي يحدّث عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه سمع النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يقول لأصحابه يوماً: “ما آمَنَ بالله واليوم الآخر مَن باتَ شبعاناً وجارهُ جائع”، فقلنا: هلكنا يا رسول الله، فقال: “من فضل طعامكم ومن فضل تمركم ورزقكم وخلقكم وخرقكم تطفئون بها غضب الربّ”22.

وسأنبّئك بهوان الدُّنيا وهوان شرفها على ما مضى من السلف والتابعين، فقد حدّثني محمد بن علي بن الحسين عليه السلام قال: لمَّا تجهَّز الحسين عليه السلام إلى الكوفة، أتاه ابن عبَّاس فناشده الله والرحم أن يكون هو المقتول بالطفّ.

فقال: بمصرعي منك وما وكدي من الدنيا إلاَّ فراقها، ألا أخبرك يا ابن عباس بحديث أمير المؤمنين والدنيا؟ فقال له: بلى لعمري إنِّي لأحبّ أن تحدّثني بأمرها، فقال أبي: قال علي بن الحسين عليه السلام سمعت أبا عبدالله يقول: حدَّثني أمير المؤمنين عليه السلام قال: إني كنت بفدك في بعض حيطانها، وقد صارت لفاطمة عليها السلام ، قال: فإذا أنا بامرأة قد قحمت عليَّ وفي يدي مسحاة وأنا أعمل بها، فلمَّا نظرت اليها طار قلبي ممَّا تداخلني من جمالها فشبّهتها بثيْنة بنت عامر الجمحي، وكانت من أجمل نساء قريش، فقالت: يا ابن أبي طالب هل لك أن تتزوّج بي فأُغنيك عن هذه المسحاة وأدلّك على خزائن الأرض فيكون لك الملكُ ما بقيت ولعقبك من بعدك، فقال لها علي عليه السلام : مَن أنت حتى أخطبك من أهلك؟ فقالت: أنا الدُّنيا، قال لها: فارجعي واطلبي زوجاً غيري، وأقبلتُ على مسحاتي وأنشأت (أقول):

لَقَدْ خَابَ من غرّته دُنياً دَنِيَّة           ومَا هِيَ انْ غَرَّت قُروناً بتائل
أتتنا على زيّ العزيز بثينة              وزينتها في مثل تلك الشمائلِ
فقلت لها غرّي سواي فانّني          عزوفٌ عن الدُّنيا ولست بجاهل
وما أنا والدُّنيا فإنَّ محمداً               أحلَّ صريعاً بين تلك الجنادلِ
وهيهات أتتني بالكنوز وردّها           وأموال قارون ومُلك القبائل
أليس جميعاً للفناء مصيرها            ويطلب من خزَّانها بالطوائل
فغرّي سوايَ انّي غير راغب            بما فيك من مُلكٍ وعزّ ونائلِ
فقد قنعت نفسي بما قَد رُزِقْتهُ           فشأنكِ يا دنيا وأهل الغوائل
فإنِّي أخافُ يوم لقائِه                  وأخشى عذاباً دائماً غير زائل
23

فخرج من الدنيا وليس في عنقه تبعة لأحدٍ حتى لقي الله محموداً غير ملوم ولا مذموم.

ثمّ اقتدت به الأئمّة من بعده بما قد بلغكم لم يتلطّخوا بشيءٍ من بوائقها عليهم السلام أجمعين وأحسن مثواهم. وقد وجّهت إليك بمكارم الدُّنيا والآخرة وعن الصادق المصدّق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإن أنت عملت بما نصحت لك في كتابي هذا ثم كانت عليك من الذُّنوب والخطايا كمثل أوزان الجبال وأمواج البحار رجوت الله أن يتجاوز عنك جلّ وعلا بقدرته، يا عبدالله إيَّاك أن تخيف مؤمناً فإنَّ أبي محمد بن علي عليه السلام حدَّثني عن أبيه عن جده علي بن أبي طالب أنه عليه السلام كان يقول: من نظر إلى مؤمن نظرة ليخيفه بها، أخافه الله يوم لا ظلَّ إلاَّ ظلّه، وحشره الله في صورة الذرّ لحمه وجسده وجميع أعضائه حتى يورده مورده24.

وحدَّثني أبي عن آبائه عن علي عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انّه قال: من أغاث لهفاناً من المؤمنين أغاثه الله يوم لا ظلّ إلاَّ ظلّه وآمنه يوم الفزع الأكبر، وآمنه من سوء المنقلب، ومن قضى لأخيه المؤمن حاجة، قضى الله له حوائج كثيرة إحداها الجنَّة، ومن كسا أخاه المؤمن من عري، كساه الله من سندس الجنة واستبرقها وحريرها، ولم يزل يخوض في رضوان الله ما دام على المكسوّ منها سلك، ومن أطعم أخاه من جوع أطعمه الله من طيِّبات الجنَّة، ومن سقاه من ظمأٍ سقاهُ الله من الرحيق المختوم ريَّهُ، ومن أخدم أخاه أخدمَهُ الله من الوِلدان المخلَّدين وأسكنه مع أوليائه الطاهرين، ومن حمل أخاه المؤمن رحله حمله الله على ناقة من نوق الجنة وباهى به على الملائكة المقرَّبين يوم القيامة، ومن زوَّج أخاه المؤمن امرأةً يأنس بها وتشدّ عضده ويستريح إليها زوَّجه الله من حور العين وآنسه بمن أحبّ من الصدّيقين من أهل بيته واخوانه وآنسهم به.

ومن أعان أخاه المؤمن على سلطانٍ جائر أعانه الله على إجازة الصراط عند زلزلة الأقدام
25. ومن زار أخاه المؤمن إلى منزله لا لحاجةٍ منه إليه كُتِبٍ من زوّار الله وكان حقاً على الله أن يُكرم زائره26.

يا عبد الله وحدّثني أبي عن آبائه عن علي عليه السلام أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول لأصحابه يوماً: “معاشر الناس إنّه ليس بمؤمن من آمن بلسانه ولم يؤمن بقلبه فلا تتّبعوا عثرات المؤمنين فإنَّه من اتّبع عثرة مؤمن اتّبع الله عثراته يوم القيامة وفضحه في جوف بيته”27.

وحدَّثني أبي عن آبائه عن علي أنَّه عليه السلام قال: “أخذ الله ميثاق المؤمن أن لا يصدّق في مقالته ولا ينتصف في عدوّه، وعلى أن لا يشفي غيظه إلاَّ بفضيحة نفسه لأنَّ كلَّ مؤمن ملجم وذلك لغاية قصيرة وراحة طويلة. أخذ الله ميثاق المؤمن على أشياء أيسرها عليه مؤمن مثله يقول بمقالته فيفيه ويحسده، والشيطان يغويه ويمنعه، والسلطان يقفو أثره ويتبع عثراته، وكافر بالذي هو مؤمن يرى سفك دمه ديناً وإباحة حريمه غنماً فما بقاء المؤمن بعد هذا”28.

يا عبد الله وحدَّثني أبي عليه السلام عن آبائه عن علي عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: نزل جبرائيل عليه السلام فقال: يا محمد صلى الله عليه وآله وسلم إنَّ الله يقرأ عليك السلام ويقول: اشتققت للمؤمن إسماً من أسمائي سمّيته مؤمناً فالمؤمن منّي وأنا منه، من استهان بمؤمن فقد استقبلني بالمحاربة29.

يا عبدالله وحدّثني أبي عليه السلام عن آبائه عن علي عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنَّه قال يوماً: “يا عليّ لا تناظر رجلاً حتى تنظر في سريرته فإن كانت سريرته حسنة فإن الله جلَّ وعلا لم يكنليخذل وليّه، وإن كانت سريرته رديّة فقد يكفيه مساوئه فلو جهدت ان تعمل به أكثر ممَّا عمله من معاصي الله عزَّ وجلَّ ما قدرت عليه”30.

يا عبدالله وحدّثني أبي عليه السلام عن آبائه عن علي عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنَّه قال: “أدنى الكفر أن يسمع الرجل عن أخيه الكلمة ليحفظها عليه يريد أن يفضحه بها أُولئك لا خلاق لهم”31.

يا عبدالله وحدَّثني أبي عليه السلام عن آبائه عن علي عليه السلام أنه قال: “مـن قـال فـي مـؤمـن مـا رأت عينـاه وسـمعت أذناه ما يشينه ويهدم مروّته فهو من الذين قال الله عزَّ وجل: ﴿إِنَّ الـَّـذِيـنَ يُحِبُّـونَ أَن تَشِـيـعَ الْفَـاحِشـَةُ فِـي الَّـذِيـنَ آَمَنُــواْ لَهُـــمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾”3233.

يا عبدالله، وحدَّثني أبي عن آبائه عليه السلام عن علي عليه السلام أنَّه قال: من روى عن أخيه المؤمن رواية يريد بها أن يهدم مروءته وثلبه أوقبه (أوبقه) الله تعالى بخطيئته حتَّى يأتي بمخرج ممَّا قال ولن يأتي بالمخرج منه أبداً، ومن أدخل على أخيه المؤمن سروراً فقد أدخل على أهل البيت سروراً، ومن أدخل على أهل البيت سروراً فقد أدخل على رسول الله سروراً، ومن أدخل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سروراً فقد سرَّ الله، ومن سرَّ الله فحقيق عليه أن يدخله الجنَّة34.
ثمَّ إني أُوصيكَ بتقوى الله وإيثار طاعته والاعتصام بحبله فإنَّه من اعتصم بحبل الله فقد هُدي إلى صراط مستقيمٍ، فاتّق الله ولا تؤثر أحداً على رضاه وهواه فإنَّه وصيّة الله جلَّ وعلا الى خلقه لا يقبل منهم غيرها ولا يعظم سواها.

واعلم أن الخلائق لم يوكّلوا بشيءٍ أعظم من التقوى، فإنه وصيّتنا أهل البيت فإن استطعت من أن لا تنال من الدُّنيا شيئاً تسأل عنه غداً فافعل. قال عبدالله بن سليمان فلمَّا وصل كتاب الصادق عليه السلام الى النجاشي نظر فيه وقال: صدق الله الذي لا إله إلاَّ هو ومولايَ فما عمل أحدٌ بهذا الكتاب إلاَّ نجا، فلم يزل عبدالله يفعل به أيَّام حياته35.

الحديث الحادي عشر:
بالاسناد إلى الكليني عن محمد بن يحيى، عن عليّ بن النعمان، عن ابن مسكان، عن خيثمة، قال: دخلت على أبي جعفر عليه السلام أودّعه، قال عليه السلام : يا خيثمة أبلغ من ترى من موالينا السلام وأوصيهم بتقوى الله العظيم، وأن يعود غنيّهم على فقيرهم وقويّهم على ضعيفهم، وأن يشهد حيّهم جنازة ميّتهم وأن يتلاقوا في بيوتهم فإنَّ لقيا بعضهم بعضاً حياة لأمرنا رحم الله عبداً أحيى أمرنا.

يا خيثمة أبلغ موالينا أن لا يغني عنهم من الله شيئاً إلاَّ بعمل وانّهم لن ينالوا ولايتنا إلاَّ بالورع، وأنّ أشدّ الناس حسرة يوم القيامة من وصف عدلاً ثمَّ خالفه إلى غيره
36.

الحديث الثاني عشر:

بالاسناد عنه عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن العلاء بن الفضل، عن أبي عبدالله عليه السلام ، قال: كان أبو جعفر صلوات الله عليه يقول: “عظِّموا أصحابكم ووقّروهم ولا يتّهم بعضكم بعضاً ولا تضادّوا ولا تحاسدوا وإيَّاكم والبخل وكونوا عباد الله المخلصين”37.

وبهذا نختم الرسالة ونبتهل اليه تعالى بفضله العميم وكرمه الجسيم وبمحمد وآله عليهم أفضل الصلاة والتسليم أن يرزقنا العمل بما اشتملت عليه من الكمال، وأن لا يجعل حظَّنا منها مجرّد المقال ويصلحنا لأنفسنا وإخواننا ويصلحهم لنا إنَّه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين والحمدلله رب العالمين، وصلواته على سيّد رسله وخير خلقه محمد وآله الطاهرين.

  • كشف الريبة في أحكام الغيبة، سلسلة تراثيات إسلامية، نشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية

المصادر والمراجع

1- الحجرات:12
2- إحياء علوم الدين، ج3، ص541، وانظر الكافي ج2، ص753. وانظر أمالي الشيخ المفيد، ص271.
3- إحياء علوم الدين، ج3، ص541.
4- الأعراف:991.
5- إحياء علوم الدين، ج3، ص641.
6- إحياء علوم الدين، ج3، ص641.
7- إحياء علوم الدين، ج3، ص641.
8- إحياء علوم الدين، ج3، ص641.
9- كنز الفوائد، ج1، ص603.
10- كنز الفوائد، ج1، ص703.
11- العوالي، ج1، ص821.
12- صحيح مسلم، ج4، ص8891، ح7652.
13- صحيح مسلم، ج4، ص3891، ح9552.
14- انظر الكافي، ج2، ص602.
15- انظر مكارم الأخلاق، ص12.
16- الكافي، ج2، ص961.
17- الكافي، ج2، ص691.
18- الرحيق المختوم: الرحيق من اسماء الخمر يريد خمر الجنة، والمختوم: المصون الذي لم يبتذل من أجل ختامه.
19- الكافي، ج2، ص002.
20- انظر البحار، ج27، ص401، ح63.
21- راجع كتاب الأربعين، (مخطوط).
22- التوبة:43.
23- الكافي، ج2، ص866.
24- انظر مناقب آل أبي طالب، ج2، ص201.
25- جامع الأخبار، ص451، في إيذاء المؤمن، وانظر الكافي، ج2، ص863.
26- جامع الأخبار، ص98، في عورة المؤمن أنظر ثواب الأعمال، ص711.
27- جامع الأخبار،ص09، في ادخال السرور على المؤمن وانظر الكافي، ج2، ص671.
28- انظر الكافي، ج2، ص553.
29- انظر البحار، ج57، ص672 نقله عن كتاب الغيبة الملحق بكشف الفوائد.30- انظر البحار، ج57، ص672 نقله عن كتاب الغيبة الملحق بكشف الفوائد.
30- المصدر نفسه.
31- انظر البحار، ج57، ص672، وانظر المحاسن، ج1، ص401، ح38.
32- جامع الأخبار، ص451، في إيذاء المؤمن، وانظر الكافي، ج2، ص753.
33- النور:91.
34- جامع الأخبار، ص09، في ادخال السرور على المؤمن، وانظر عقاب الأعمال، ص682، عقاب من روى على مؤمن رواية، وانظر الكافي، ج2، ص291.
35- الأربعين، ص79، مخطوط، ونقل الحديث بأكمله في البحار، ج57، ص172، ح211 عن كتاب الغيبة الملحق بكشف الفوائد، ص462.
36- الكافي، ج2، ص571.
37- الكافي، ج2، ص736.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى