ثقافة

ومن يرتدد منكم عن دينه

﴿ومَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا والآخِرَةِ وأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ﴾.

هذا تحذير وتهديد من اللَّه سبحانه لمن يستجيب لأعداء الدين، ويرتد عن دينه فإنه بذلك يخسر الدنيا والآخرة، ومآله جهنم وبئس المصير.. وقوله تعالى: ( فَيَمُتْ وهُوَ كافِرٌ ) يدل بصراحة على ان المرتد إذا تاب قبل الموت يقبل اللَّه منه، ويسقط العقوبة عنه، والعقل حاكم بذلك.. ولكن فقهاء الشيعة الإمامية قالوا: إذا كان المرتد رجلا، وكان ارتداده عن فطرة ثم تاب يسقط عنه العذاب الأخروي، أما العقوبة الدنيوية، وهي القتل، فلا تسقط بحال، اما إذا تاب المرتد عن ملة فيسقط القتل عنه مستندين في هذا التفصيل إلى روايات عن أهل البيت عليهم السلام. ومعنى حبط الأعمال في الدنيا انه يعامل معاملة الكافر، بالإضافة إلى استحقاق القتل، أما الحبط في الآخرة فالعذاب والعقاب.

عبادة التائب بعد ارتداده

إذا تاب المرتد، وعاد إلى الإسلام قبل موته يقبل اللَّه توبته بحكم العقل، وبظاهر قوله تعالى: « فَيَمُتْ وهُوَ كافِرٌ » حيث قيد إحباط العمل بالموت على الكفر، ويتفرع على ذلك مسألتان:

الأولى: هل تصح العبادة، كالصلاة والحج والصوم والزكاة، من المرتد بعد عودته إلى الإسلام أو لا ؟.

قد اتفق فقهاء السنة على انها تصح وتقبل منه.

واتفق فقهاء الشيعة على انها تقبل من المرتد عن ملة بعد إسلامه، واختلفوا في صحتها من المرتد عن فطرة بعد عودته إلى الإسلام، فذهب أكثرهم إلى انها لا تصح منه بحال، وان إسلامه بعد الارتداد لا يجديه شيئا في الدنيا أبدا، بل يعامل معاملة الكافر، وانما ينفعه إسلامه بعد الارتداد في الآخرة فقط، حيث يسقط عنه العذاب.. وقال المحققون منهم، ونحن معهم: بل تصح عبادته، وينفعه إسلامه، ويعامل معاملة المسلم دنيا وآخرة.

الثانية: هل يجب على المرتد أن يقضي بعد عودته إلى الإسلام ما كان قد أتاه من العبادة قبل أن يرتد، فلو كان قد صلى وحج، وهو مسلم، ثم ارتد، ثم تاب، فهل عليه أن يعيد الصلاة والحج بعد العودة إلى الإسلام ؟.

قال الحنفية والمالكية: يلزمه القضاء. وقال الشافعية: لا يلزمه.

أما فقهاء الشيعة الذين قالوا بصحة عبادة من تاب بعد أن ارتد فإنهم ذهبوا إلى أنه لا يقضي شيئا مما كان قد أتى به من العبادة حال الإسلام، وقبل الارتداد، وانما يقضي خصوص ما فاته أثناء الارتداد فقط.


  • تفسير الكاشف /1/321.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى