ثقافة

كيف أؤمن بالنبيّ؟

الأصل الثالث: النبوّة
قال الإمام الكاظم : “إنّ لله على النّاس حجّتين، حجّة ظاهرة وحجّة باطنة، فأمّا الظّاهرة فالرسل والأنبياء والأئمّة عليهم السلام، وأمّا الباطنة فالعقول “1.

إحدى ثمرات معرفة الله عزّ وجلّ ومعرفة صفاته، أنّها تجعلنا نؤمن بضرورة بعث الأنبياء والرّسل لهداية النّاس وإرشادهم. فالله عزّ وجلّ هو خالق هذا الوجود وربّه. وهذا يعني أنّه سبحانه يدبّر شؤونه ويرزقه ويوصل كلّ موجود فيه إلى كماله اللّائق به، لا سيّما المجتمع البشريّ، الذي جعل له حتّى يستطيع العيش بسلام على هذه الأرض جملة من القوانين والتشريعات التي تؤمّن له ذلك. هذه التّشريعات والقوانين لا بدّ لها من ضامن لها لإيصالها إلى البشر وتطبيقها، هذا الضّامن لذلك هو النبيّ الذي يرسله الله عزّ وجلّ، يقول تعالى: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ﴾2.

من هو النبيّ؟

النبيّ هو الإنسان القدوة ووليّ من الأوّلياء، جعله الله عزّ وجلّ هادياً ومرشداً لعباده بالحكمة والموعظة الحسنة، وقد يكون مؤيّداً بمعجزة تكون دليلاً على صدق دعواه.

إستنتاج

– معرفة الله عزّوجلّ ترشدنا إلى ضرورة بعث الأنبياء،لأنّ من يتّصف بالربوبيّة واللطف والحكمة شأنه أن يبعث الهداة لعباده.
– النبيّ هو الإنسان القدوة ووليّ من الأولياء جعله الله عزّ وجلّ هادياً ومرشداً لعباده بالحكمة والموعظة الحسنة، وقد يكون مؤيداً بمعجزة تكون دليلاً على صدق دعواه.
فالنبيّ اصطفاه الله وخصّه بالرسالة دون غيره من البشر، لكونه معصوماً ومطهّراً من الذنوب، بحيث أصبحت نفسه القدسيّة قابلة لتلقّي الوحي من الله عزّ وجلّ.
قال أمير المؤمنين : “فبعث فيهم رسله، وواتر إليهم أنبياءه، ليستأدوهم ميثاق فطرته، ويذكّروهم منسيّ نعمته”3.

الهدف من بعث الأنبياء

خلق الله الإنسان ليصل إلى الكمال وإلى السّعادة الأبديّة المتمثّلة بالحياة الطيّبة في الآخرة. من هنا فإنّ الهدف الرئيس لبعث الأنبياء يتمثّل في مساعدة النّاس وإرشادهم للوصول إلى هذا الهدف.

إلى جانب هذا الهدف الرئيس هناك هدفان آخران

1ـ إقامة العدل في العالم، وهذا الهدف إضافة إلى كونه هدفاً في حدّ ذاته، فهو أيضاً مقدّمة أساس تساعد على تحقّق الهدف الرئيس وهو وصول الإنسان إلى الكمال اللّائق به.
2ـ إيصال البشريّة إلى السّعادة والرفاهيّة في عالم الدّنيا، فالدّين الإلهيّ لا يركّز على إسعاد الإنسان في الآخرة فقط، فالسّعادة في الدّنيا هي أحد أهدافه أيضاً، وهذا الأمر لا يتحقّق إلّا بالالتزام بالقوانين والتّشريعات التي أمر بها الله عزّ وجلّ، يقول تعالى: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا ﴾4.

إثبات النبيّ
قال الإمام الصادق : “المعجزة علامة لله لا يُعطيها إلّا أنبياءه ورسله وحججه، ليعرف به صدق الصّادق من كذب الكاذب”5.

كيف نثبت للناس أنّ النبيّ مرسل من عند الله عزّ وجلّ؟

تعتبر المعجزة من أهمّ الأمور التي يثبت بها النبيّ حقّانية ما يدعو إليه. فمن المعلوم أنّ الذي له سيطرة تامّة على نظام الوجود وعلى قوانين الطّبيعة هو الخالق جلّ وعلا، والنبيّ عندما يأتي للنّاس بمعجزة يخرق بها قوانين الطبيعة، فكأنّه يريد أن يقول لهم إنّ الّذي أرسلني إليكم هو الّذي أجرى المعجزة على يدي؛ حتّى تكون هذه المعجزة شاهد صدق على دعوتي، ولو كنت كاذباً فيما أقول لما استطعت أن آتي بمعجزة لا يمكن لأيّ إنسان عاديّ أن يأتي بها.

كذلك يُعتبر رقيّ ورفعة الدّعوة الّتي يأتي بها النبي من أهمّ الدّلائل على نبوّته. فالنبيّ يأتي ليخاطب عقول النّاس بدعوة وشريعة من عند الله عزّ وجلّ، ليس لها مثيل على صعيد القوانين والتّشريعات الأرضيّة، بحيث يظهر بشكل واضح وجليّ أنّ الذي وضعها هو موجود فوق البشر، منزّه عن محدوديّة الرؤية، ومنزّه عن العصبيّة والانجرار خلف الغرائز وما شاكل ذلك. ولذلك لا نزال نرى أثر هذه التّشريعات على البشرية حتّى الآن، رغم أنّ آخر نبيّ قد أرسل كان قبل أكثر من 1430 عام.

  • طريق المعارف، سلسلة المعارف الإسلامية ، نشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية

المصادر والمراجع

1-تحف العقول، ص386
2-الحديد:25
3-نهج البلاغة، ج1، ص23
4-نوح:10-12
5-ميزان الحكمة، ج3، ص1830

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى