ثقافة

حرمة إثارة المرأة لشهوة الرجال – من منظار آيات الأحكام

المقدّمة اهتمّ الدين الإسلامي القويم في تشريعاته لأحكام الفرد والمجتمع بالبعد المعنوي الروحي لحياة الإنسان، وسنّ له القوانين الكفيلة بإيصاله إلى أرقى وأعلى مدارج السمو والكمال الإلهي، وأراد له إطاراً من العلاقات والممارسات مبنيّة على أساس النظافة والطهر وبعيداً عمّا يكدّر صفو الهناء والسعادة البشريّة الحقيقيّة، ومن ذلك أنّه نظّم السلوك بين المرأة والرجل بنحوٍ متّزن ومعتدل لا يؤول إلى شياع الابتذال والميوعة -التي تستهلك منهما جهداً ونَصَباً كبيراً يستنفذ طاقتهما في غير طائل وعائد نافعٍ ويوقعهما في شراك المعاصي والمفاسد وسوء المنقلب والعاقبة-، وهذا هو الفارق والمائز بين القوانين الإلهيّة التي تغلّب جانب الروح وتنظر إلى الآخرة وبين الدساتير الوضعيّة التي تنغمس في الأرض ولذائذ المادة وتتمرّغ في وحلها.

 وأحد أبرز مصاديق هذه التشريعات الدينيّة هو حرمة إثارة المرأة لشهوة الرجال، وهو موضوع عمليّ بالغ الأهميّة ويستحقّ التوقّف عليه والتنويه باستمرار؛ إذ لا يخفى ما للشهوة من دورٍ فتّاك وقاتل في هدم عرى المجتمع وتفتيت أسس تقدّمه، كما وأنّ تفوّق المرأة على الرجل في مضمار الإثارة -من جهة أنوثيّتها وطبيعتها التكوينيّة- مما لا ينكر ولا يحتاج إلى بيان، خاصّة في هذا الزمن الصعب الذي أصبحت فيه العفّة تهمةً وتخلّفاً محارباً من قبل الأعداء المتحكّمين بأجهزة الإعلام العالمي، وعلى ضوء هذا السبب تولّد الداعي إلى الكتابة حول هذا العنوان.

 وأمّا تحديد نطاق البحث ضمن دائرة آيات الأحكام فيتّضح الهدف منه بملاحظة موقعيّة القرآن الكريم في حياة المسلم وأثره البالغ في اعتقاده وسلوكه، وكونه المصدر الأوّل في التشريع، وبالتوجّه إلى أنّ نفس أسلوب القرآن في طرح الموضوع وبيان حُكْمِه هو درسٌ وموعظةٌ بحدّ ذاته.

ومن باب التوطئة والتمهيد للدخول في صلب البحث نبدأ ببيان مفردتي الإثارة والشهوة في المقام.

المفهوم العام للـ (الإثارة) و (الشهوة) الإثارة في اللغة مأخوذة من الثَّوْر، وهو يأتي بمعنى الظهور والهيجان والانتشار، فثَوَرَان الغبار أو الدخان أو الحمرة في السماء بمعنى انتشارها وظهورها وتهييجها من موضعها[1]، ولذا يطلق على حالة هيجان الناس وبروز حركتهم وظهورها بالثّوْرَة[2]، وقد ورد استعمال هذا التعبير في القرآن الكريم عند قوله سبحانه: {اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاء}[3]، بمعنى يصبح السحاب منتشراً ساطعاً[4]، وكذلك عند قوله: {وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا}[5]، أي: قاموا بتقليب الأرض[6] وإظهارها.

وإذا كان الثَّوْر والثوَران فعلاً للنفس فالإثارة لشيء تكون فعلاً من الغير فيه، يقول الجوهري: “ثَارَ الغبار يَثُورُ ثَوْراً وثَوَرَاناً، أي سطَع.

وأثَارَهُ غيره”[7]. وأمّا الشهوة فهي مأخوذة من مادة الشَّهْو، بمعنى الاشتهاء[8]، أي: الاشتياق والتوقان والرغبة الشديدة من النفس ونزوعها إلى ما تريده[9]، وقد تطلق على نفس الشيء المشتهى أو على القوّة التي تشتهي[10].

 وقد وردت في القرآن الكريم إما بنفس صيغتها وإما بلفظ الاشتهاء، واستعمل الاشتياق والتوقان فيها -وذلك بملاحظة متعلّقه وسياق الآيات- على ضربين: الأوّل: اشتياق روحانيّ، وهو الذي يتلاءم مع الروح والفطرة السليمة ويخضع لسلطة العقل ويكون صادراً عن إذنٍ أو طلبٍ أو وعدٍ مسبقٍ من الله تعالى أو مرفقاً برضاه سبحانه، يقول المحقّق المصطفوي: “فالاشتهاء (الروحاني) في هذه المراحل إمّا من جهة كونه في سبيل الله وفي طريق رضاه، أو أنّه في الحقيقة مراده ومرضيّه، وذلك إذا بلغ العبد حدّ العبوديّة التامّة والإخلاص الكامل، ولم يبق له إرادة وطلب، وهو فان في عظمة الله تعالى، وبلغ إلى حقيقة مقامه، وتخلّى عن العوارض الحادثة، والدسائس المغطّية”[11].

ومن أمثلته قوله تعالى: {وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}[12]،{وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ}[13]، {وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ}[14].

الثاني: اشتياق مادّي، وهو الذي يتلاءم مع البدن وينسجم مع الأطماع والتمايلات الماديّة الصرفة، ويكون متحكِّماً في العقل لا خاضعاً لسلطته، ومتحلِّلاً عن التزامات وحدود الشرع.

ومن نماذجه قوله تعالى: {وَاللهُ يُرِيدُ أنّ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أنّ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا}[15]،{فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا}[16]، {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ}[17].

ونلاحظ أنّ سياق هذه الآيات فيه توبيخ وتهديد بالوعيد والخاتمة السيّئة وهذه علامة فارقة بين هذا الضرب وسابقه، كما أنّ الشهوة هنا وردت متَّبَعةً: {يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ} ممّا يعنى أنّ النفس تقع ذليلة طائعة إليها ومنقادة لأسرها، بينما في الروحيّة تكون تابعةً لما عليه المدد والإذن والرضا الإلهي {وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ}.

وعليه ينبغي الالتفات إلى أنّ أصل وجود الشهوة في الإنسان هو ممّا اقتضته الخلقة والتكوين وليس فيه اختيار، وله منافع وفوائد جمّة حيث لا تستقيم الحياة بدونه، وتعلّق الذم أو النهي وعدمه ليس مرتبطاً بهذا الأصل -إذ لا يتوجّه التكليف بدون القدرة والاختيار- وإنما يقع من جهة حصول الإتباع للشهوة والانقياد الأعمى لها أو عدم حصوله، فالمذموم هو طاعة الشهوة والميل إليها وليس في أساس استعمالها ووجودها الذي هو ضروريّ ويعدّ من مقوّمات البقاء.

نعم قد يقال بوجود فرقٍ بين مفهوم الاشتهاء والشهوة، فالأوّل استعمله القرآن فيما يتوافق مع الطاعة والمدح، والثاني فيما يتناسب مع الذم والمعصية والمقت، ولذا وُجِد من عرّف الشهوة بكلُّ شي‌ء من المعاصي يُضْمِرُه صاحبه ويُصِرّ عليه[18].

 ولكن يمكن النقض عليه بمثل قوله تعالى: {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إنّهم كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ}[19]، حيث أنّ الاشتهاء فيه لا ينسجم مع الطاعة والرضا، يقول العلامة الطباطبائي في المقام: “ظاهر السياق أنّ المراد بما يشتهون اللذائذ المادية الدنيوية التي يحال بينهم وبينها بالموت”[20].

وبمثل قوله تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ}[21] بناء على القول أنّ المزيّن هو الله تعالى لا الشيطان[22] وأن الشهوة هنا هي الطبيعيّة الفطريّة التي -بحدّ ذاتها- لا توصف بالذم وإنما الممقوت هو عبادتها والاتباع لها.

وكيف كان فالمحصلة أنّ القرآن استعمل الشهوة للإشارة إلى شدّة التعلّق والميل إلى شيء، إلا أنّ هذا التعلّق قد يكون عاماً لمطلق المشتهيات: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ …}، وقد يكون خاصاً لنمطٍ معيّنٍ منها كالشهوة الغريزية العاطفيّة: {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ… }.

وبالنسبة إلى المراد في البحث فهو التعلّق الخاص المرتبط بالعاطفة والجنس، ومن الضرب الثاني (المادي)، وعليه يصبح مضمون ومفاد العنوان هو: حرمة قيام المرأة بتهييج الرغبات الشديدة والتمايلات المادية الصرفة في الرجل التي تخرجه عن طاعة العقل وسمت الالتزام بحدود الشرع.

الآيات الدالة على الحكم من أبرز المقاطع القرآنيّة الصريحة والوافية بالمطلوب هي التي تذكرها الآيات الشريفة التالية: ـ {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إنّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ …}[23].

ـ {وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[24].

 ـ {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إنّ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا}[25].

 ولبيان وتقريب كيفيّة الاستدلال بها بنحوٍ جيّد وغير متداخل نبحث في مضمون ودلالة كلّ واحدة منها على حدة وبشكلٍ مستقلٍّ.

 المقطع الأوّل (آيتا غضّ الأبصار): وهو قوله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إنّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ…}[26].

وتقريب الاستدلال بها يتم عبر التوجّه لعدّة نقاط: النقطة الأولى: الأمر بالغض وحفظ الفرج توجّه إلى المؤمنين وإلى المؤمنات بحدٍّ سواء؛ ممّا يعني أنّ هذا التكليف مشتركٌ بينهما، وبالتالي تصبح الغاية منه ـ{ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ}ـ غايةً لهما أيضاً وينالهما نفس التنبيه: {إنّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}، بمعنى أنّ وجوب الغضّ والحفظ غرضه الطهارة وتصفية الكدور من القلوب لكلّ من المرأة والرجل، فالله سبحانه مطّلعٌ على حال وفعائل البشر واستعدادهم الكبير لتجاوز الحدود وهتك الرسوم التي من شأنها تلويث النفس فأراد لهم التزكية والصون.

النقطة الثانية: معنى الغضّ بحسب المتداول عند أهل اللغة هو الفتور في الطرف ودنوّ الجفنين دون التقائهما[27]، أي خفض البصر ونقصانه[28]، ويستخدم للصوت أيضاً، وعبّر عنه البعض بالكفِّ فقال: “الغضّ: الكفّ في كلّ شيء”[29].

وفي الاستعمال القرآني قد يأتي بمعنى النقص والخفض الكامل كقوله تعالى: {إنّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ}[30]، وقد يراد منه بعض الخفض بنحوٍ لا يصل إلى الإزعاج كما تومئ له الآية الكريمة: {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إنّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ}[31]، وأمّا في خصوص المقطع الذي نحن فيه فجمهور المفسّرين بين قائلٍ بخفض النظر وتنقيصه دون ضرورة تركه بالكامل في جميع الموارد -بمعنى عدم التحديق والإمعان-[32] وبين قائلٍ بالترك وإشاحة النظر من رأس[33]، والظاهر أنّ بينهم تقارباً نسبيّاً؛ إذ أنّ الكلّ متّفق على اجتناب حصّةٍ خاصّةٍ من النظر أو المنظور وقع النهي عنها ووجوب الكفّ عن ارتكابها، ومرجع هذا الاختلاف سببه واحدٌ أو أكثر من الأمور التالية: الأمر الأوّل: كلمات أهل اللغة.

الأمر الثاني: تفسير (من) في قوله تعالى: {يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ}؛ فهل هي زائدة أم للتَعْدِية أم لابتداء الغاية أم للجنس أم للتبعيض؟ الأمر الثالث: هل أنّ غضّ البصر وحفظ الفرج هما حكمٌ واحدٌ وأمرٌ متّحدٌ عُبّر عنه بجملتين -بمعنى وجوب ترك النظر إلى سوءة الآخرين عدا الزوجة وما بحكمها- أم هما عبارة عن حكمين اثنين أحدهما وجوب الغضّ عن مطلق ما يثير الشهوة غير العورة والثاني وجوب حفظ خصوص الفرج عن النظر؟ ولعلّ الأقرب في المقام بلحاظ سياق الآية وهدفها التربوي الذي يبغي التزكية والتطهير هو أنها تتحدّث عن حكمين كلاهما يرتبط بالنظر والإبصار وليس حكماً واحداً، إذ أنّ الأوّل عامٌ لسائر ما يهيج الشهوة من الطرف الآخر ولكن غير العورة والثاني يختص بها، كما أنّ الغضّ استعملت معه (من) ـ {يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} -دون الحفظ- {وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ}ـ وهذا يعطي مدلولاً أنّ الفرج يجب حفظه عن النظر بنحوٍ تامٍّ كاملٍ يشمل حتى اللمحة الخاطفة، بينما غير العورة يتأتى الاجتناب عنه بتنقيص حدّة البصر وإهمال التركيز والتحديق بحيث تكون النظرة باهتة خالية عن التفصيل المحرّك لتمايلات النفس، وإنّ شئت قلت: أنّ غضّ البصر المنهي عنه هو المتّجه إلى الشهوة، فإنّ أمكن النظر من دون ريبة إلى غير العورة جاز[34]، إلا أنّه يصعب الانفكاك أحياناً، ولذا يقول المرجع والمفسّر الكبير الشيخ مكارم: “ويتّضح لنا ممّا سبق أنّ مفهوم الآية السابقة ليس هو حرمة النظر الحاد إلى النساء غير المحارم، ليتصور البعض أنّ النظر الطبيعي إلى غير المحارم مسموح به، بل إنّ نظر الإنسان يمتدّ إلى حيّز واسع ويشمل دائرة واسعة، فإذا وجد امرأة من غير المحارم عليه أنّ يخرجها عن دائرة نظره وألاّ ينظر إليها، ويواصل السير بعين مفتوحة، وهذا هو مفهوم غضّ النظر. (فتأملوا جيداً)”[35].

 وربما لهذا الوجه أيضاً جاء التنبيه والتحذير الإلهي: {إنّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}.

 وحفظ الفرج وإنّ كان يستعمل في الإشارة إلى وقايته عن الوقوع في الزنا ولكن في هذه الآية بقرينة ما قبلها يستنتج منه صونه عن النظر وهو المروي أيضاً عن أبي عبدالله: >…كُلُّ شَيْ‏ءٍ فِي الْقُرْآنِ مِنْ حِفْظِ الْفَرْجِ فَهُوَ مِنْ الزِّنَا إلاّ هَذِهِ الْآيَةَ فَإِنَّهَا مِنَ النَّظَرِ<[36].

وعدم ذكر متعلّق الفعل في {يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} -حيث لم يبيّن ما يوجب الغضّ عنه- يفيد التعميم للغضّ عن كلّ ما يثير الشهوات والتمايلات المحرّمة[37].

وقد ورد في سبب نزول الآية عن أبي جعفر: >اسْتَقْبَلَ شَابٌّ مِنَ الْأَنْصَارِ امْرَأَةً بِالْمَدِينَةِ وَكَانَ النِّسَاءُ يَتَقَنَّعْنَ خَلْفَ آذَانِهِنَّ فَنَظَرَ إِلَيْهَا وَهِيَ مُقْبِلَةٌ فَلَمَّا جَازَتْ نَظَرَ إِلَيْهَا وَدَخَلَ فِي زُقَاقٍ قَدْ سَمَّاهُ بِبَنِي فُلَانٍ فَجَعَلَ يَنْظُرُ خَلْفَهَا وَاعْتَرَضَ وَجْهَهُ عَظْمٌ فِي الْحَائِطِ أَوْ زُجَاجَةٌ فَشَقَّ وَجْهَهُ فَلَمَّا مَضَتِ الْمَرْأَةُ نَظَرَ فَإِذَا الدِّمَاءُ تَسِيلُ عَلَى صَدْرِهِ وَثَوْبِهِ فَقَالَ: وَاللهِ لآَتِيَنَّ رَسُولَ اللهِ| وَلَأُخْبِرَنَّهُ، قَالَ: فَأَتَاهُ فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللهِ| قَالَ لَهُ: مَا هَذَا؟ فَأَخْبَرَهُ فَهَبَطَ جَبْرَئِيلُ بِهَذِهِ الْآيَةِ: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ‏ وَ يَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ‏ ذلِكَ أَزْكى‏ لَهُمْ‏ إنّ اللهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ}<[38].

كما روي عن أبي عبدالله: >… وَفَرَضَ عَلَى الْبَصَرِ أنّ لَا يَنْظُرَ إِلَى مَا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْ يُعْرِضَ عَمَّا نَهَى اللهُ عَنْهُ مِمَّا لَا يَحِلُّ لَهُ وَهُوَ عَمَلُهُ وَهُوَ مِنَ الْإِيمَانِ فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ‏ وَ يَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ‏} فَنَهَاهُمْ أنّ يَنْظُرُوا إِلَى عَوْرَاتِهِمْ وَأَنْ يَنْظُرَ الْمَرْءُ إِلَى فَرْجِ أَخِيهِ وَيَحْفَظَ فَرْجَهُ أنّ يُنْظَرَ إِلَيْهِ وَقَالَ‏ {وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ‏ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَ‏} مِنْ أنّ تَنْظُرَ إِحْدَاهُنَّ إِلَى فَرْجِ أُخْتِهَا وَتَحْفَظَ فَرْجَهَا مِنْ أنّ يُنْظَرَ إِلَيْهَا…<[39].

 النقطة الثالثة: قوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} هو تكليفٌ آخر على النساء غير غضّ البصر وحفظ الفرج، ومفاده حرمة إبراز المرأة لمفاتنها ومواطن الإثارة منها باستثناء الظاهر بعد الستر ممّا لا تترتّب عليه مفسدة، وتفصيل ذلك: الإبداء هو الإظهار والإبراز بنحوٍ بيّنٍ[40] فيكون في مقابل الستر والإخفاء، أمّا الظاهر فهو ما يقابل الباطن من كلّ شيء[41]، وأمّا الزينة فهي من الزَّيْن، وهو أصلٌ يدل على حسن الشيء وتحسينه[42]، أي إنّ الزينة إما هي من ذاتيّات الشيء إذا كان هو نفسه حسن أو أجزاءه حسنة كما في قوله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا}[43]، أو قوله سبحانه: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ}[44] إذا اعتبرنا أنّ ما على الأرض هو منها وأنّ المصابيح هي جزء السماء، وإمّا هي عارضة على الشيء وتقوم بإضفاء الحسن عليه من الخارج كما أفادته الآية الشريفة التي تصف خروج قارون على قومه وهو يتزيّن بموكبه المليء بوسائل التفاخر والمجوهرات: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إنّه لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}[45]، نعم هناك من قَصَرها على ما يُتزَيّن به كالأصباغ والحليّ فحسب، فلا تطلق على البدن[46].

والزينة قد تكون في الأمور المعنويّة كما في قول الذكر الحكيم: {وَلَكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ}[47]، وقد تكون في الماديّات كما هو الحال في الآيات السابقة، ومن الواضح أنّ الآية التي نتناولها لا يتناسب سياقها مع الحديث عن الزينة المعنويّة للمرأة.

وحينئذٍ إنّ قلنا أنّ الزينة تصدق على ذات بدن المرأة كحال صدقها على الحليّ والذهب الذي تتجمّل به فمبقتضى الإطلاق في متعلّق حرمة الإبداء تشمل تمام بدن المرأة ويكون الحكم هو وجوب سترها لجميع جسدها -سواء كانت به زينة عارضة كالذهب أم لا-[48]، وإنّ قلنا أنّ الزينة هي اسمٌ لما يُتزيّن ويُتجمّل به لا غير فمن أهل التفسير من ذهب إلى أنّ الآية وإنّ ذكرت الزينة ولكن أرادت مواضعها[49] بحجّة أنّ وسائل التزيّن لا يحرم إبداؤها في نفسها فلا يراد إلا أماكنها، ومنهم من رجّح أنّ المقصود هو نفس الزينة حينما تكون على الجسم ببيان أنّ إباحة وجواز النظر إليها يعدّ وسيلة للنظر إلى مواقعها[50].

وكيفما كان فالأصل هو حرمة إبداء المرأة لما يهيج غرائز الرجل ويذكي فيه نار الشهوة سواءً كان من بدنها أو حتى ما فوقه من الزينة إذا كانت تقود إلى الإثارة أيضاً؛ فلباسها إذا حيك بهيئة مثيرة أو بألوان أخّاذة ساحرة أو احتوى قطعاً من الحليّ والجواهر الفاتنة فهو وإنّ كان يغطّي بشرتها في الظاهر إلا أنّه لا يقيها افتراس النظرات الحرام ولا يحجب عفّتها عن أيدي الطامعين ومرضى القلوب، ويخرج من هذه الحرمة مقدارٌ يسير لا يترتّب عليه المحذور المذكور وهو الذي يشير إليه قوله تعالى: {إلاّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} سواء فسّر بالثياب -الخارجيّة التي ترتدى فوق الملابس الداخلية، من قبيل العباءة مثلاً- التي هي زينة أيضاً ولكنها ظاهرة فوق ما تحتها[51] أو عني به الوجه والكفّين أو غير ذلك من الوجوه التي نطقت بها بعض الروايات ووقعت محلاً للنظر والتحقيق بين الأعلام. 

النقطة الرابعة: وأمّا قوله سبحانه: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} فهو أمرٌ للنساء بتغطية رؤوسهن بالخمار (الحجاب) بنحوٍ تستتر معه الرقبة والنحر ومنطقة الجيوب التي هي أعلى الصدر[52]، وذلك لإنهاء ظاهرة الحجاب الناقص المنتشر عند النساء آنذاك والتي تكتفي فيه المرأة بإلقاء غطاء رأسها خلف أذنيها[53] فتبرز معه رقبتها والجزء الأعلى من صدرها، وهذا الحكم هو تعزيز لما تقدّم من حرمة الإبداء ويدخل ضمن غرضه.

النقطة الخامسة: تكرار الآية الشريفة ذكر حرمة الإبداء للزينة في قوله: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاّ لِبُعُولَتِهِنَّ …} الغرض منه هذه المرّة بيان من يحرم على النساء إبداء الزينة لهم ومن لا يحرم، ومن بين من استثنتهم الآية من الحرمة: {أَوْ نِسَائِهِنَّ}، أي النساء المسلمات[54]، إذ أنّ الكافرات لا يتحّرجن عن وصف جمال المرأة المسلمة لدى أزواجهن وهو خلافٌ لعفّة المسلمة ووقايتها، وقد ورد عن أبي عبدالله: >لَا يَنْبَغِي لِلْمَرْأَةِ أنّ تَنْكَشِفَ بَيْنَ يَدَيِ‏ الْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ فَإِنَّهُنَّ يَصِفْنَ ذَلِكَ لِأَزْوَاجِهِنَّ<[55].

والنتيجة من مجموع النقاط: كفاية المقطع ووضوحه في الدلالة على حرمة إثارة المرأة لشهوة الرجال حتى ولو لم يوجد ما يسنده ويعزّزه من المقاطع والأدلّة الأخرى؛ فالأمر بالغض غرضه التزكية وإيجاد البيئة الصحيّة للتعامل بين الجنسين إضافة لكونه مقدّمة لحفظ الفرج والستر الواجب، وعدم ذكر ما يوجب الغضّ عنه يفيد التعميم لسائر ما يثير التمايلات والشهوات المحرّمة، والنهي للمرأة عن إبداء الزينة بكل ما لها من سعة إلا ما ظهر هو تكليفٌ صريحٌ بأصل موضوعنا المبحوث، ويزيد عليه الأمر بالخمار بحدوده الصحيحة التي تغطّي المفاتن، ويعطف على جميع ذلك التأكيد على المرأة المسلمة بعدم التكشّف وإبداء الزينة أمام المرأة الكافرة حتى لا تقوم بوصف جمالها أمام الأجانب وهو وإنّ دلّ على اهتمام وحرص الإسلام على حرمة المسلمة ولكنه من زاوية ثانية يشعر بأنّ وقوف الرجل على خصال جسد المرأة وخصوصيّات مفاتنها ولو بالتصوّر هو بذاته ممنوع ويجرّ إلى الفساد ووقوع المحاذير.

المقطع الثاني (آية ضرب الأرجل): يقول سبحانه: {وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[56].

وهذه الآية هي ذيل وتكملة للآيتين السابقتين من سورة النور وتقع ضمن سياقها وأجوائها ولكن ذكرت كمقطع مستقل لصلاحيّتها بمفردها للدلالة على الحكم، ولا يخفى أنّ الخطاب فيها موجّهٌ إلى المرأة، وأصل الضَّرْب هو إيقاع شيءٍ على شيءٍ[57]، وضَرْب الأرض بمعنى الذهاب والسير فيها وضربها بالأرجل[58]، والمراد منه في الآية يحتمل فيه وجهان[59]: ضرب المرأة رجلها بالأرض بقوّة. ضرب أحد رجليها بالأخرى أثناء سيرها.

وعلى كلا الوجهين فالضرب يقع بداعي إخراج صوت الخلخال وإيصاله إلى مسمع الرجال بغرض إلفاتهم وتوجيه أنظارهم ومشاعرهم إلى الزينة المخفيّة، ويقال: إنّ نساء الجاهليّة كنّ يثرن الرجال ويجذبن أفئدتهم عبر هذه الممارسة[60].

ولا يفهم من سياق الآية وما سبقها ورافقها من أحكام وجود الخصوصيّة والموضوعيّة لضرب الأرجل والخلخال؛ بل كان ذلك من باب ذكر أحد المصاديق الشائعة والبارزة والتي تعبّر بنحوٍ عام عن حرمة سعي وتعمّد المرأة القيام بأيّ عملٍ من شأنه تنبيه الرجال إلى زينتها والانسباق إلى مفاتنها، كما أنّ قوله تعالى: {لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ} فيه تلويح إلى أنّ مجرّد علم الرجال وتخيّلهم لهذه الزينة المخفيّة هو كافٍ في الحرمة وترتّب المفسدة وإنّ لم ينظروا إليها بالفعل لخفائها؛ لوضوح أنّ هذا مهيّجٌ قويّ لشهوتهم ومحفّزٌ لهم على التطاول والتجاوز للحدود، ولذا جاء ذيل الآية ليطلب من الجميع التوبة من هذه الممارسات المضيّعة للفلاح والظفر في الحياة: {وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.

 والنتيجة: إنّ هذا المقطع كسابقه يدلّ أيضاً على المطلوب.

 المقطع الثالث (آية الخضوع بالقول): يقول الله: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إنّ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا}[61].

وتقريب الاستدلال بالآية يكمن في التالي: الخطاب وإنّ كان موجّهاً لنساء النبي| إلا أنّ الحكم فيه عامٌّ يشمل الجميع، وما التأكيد عليهن بالخصوص إلا من جهة ضرورة التزامهن أكثر من غيرهنّ لمكان قربهم من الرسول| مع أنّ الآية بيّنت أنّ معيار التميّز والتفاضل هو بالاشتمال على التقوى -{إنّ اتَّقَيْتُنَّ}- لا بمجرّد النسب.

 الخضوع في القول يعني الترقيق والتليين في الصوت أثناء التخاطب، ومن الطبيعي أنّ ذلك يكسبه نوعاً من الإثارة الزائدة على طبيعة الكلام، ويتولّد منه جوّ من الرومانسيّة والريبة يستغّلها ضعيف الواعز وسقيم الروح في نيل أغراضه الهابطة، يقول الشيخ الطبرسي حول مفاد الآية: “أي لا ترقّقن القول ولا تلنّ الكلام للرجال ولا تخاطبن الأجانب مخاطبة تؤدّي إلى طمعهم فتكنّ كما تفعل المرأة التي تظهر الرغبة في الرجال”[62].

 ذكر التعليل لحرمة ترقيق الصوت يوحي بعدم الخصوصيّة لهذا الفعل فيعمّ كلّ عملٍ يقود إلى نفس العاقبة، أيّ أنّ كلّ ممارسة من المرأة تجعل من الأجنبي طامعاً فيها -كحركات الجسم أو ارتداء الملابس الفاضحة أو الضيّقة أو ذات الألوان الملفتة أو استعمال العطور الفوّاحة القويّة وغيرها- هي غير جائزة ولا يقتصر الأمر على تليين القول وحسب.

القول المعروف هو المستقيم والمتعارف[63] الذي إمّا أنّ يؤدّى بكيفيّة لا ترقيق فيها ولا إثارة ويقتصر فيه على الضروري المعقول والمعتدل وإمّا أنّ يكون من حيث المحتوى[64] خالٍ من الكلمات المهيّجة والمحرّكة للطرف الآخر، وبعبارة ثانية: هو القول الذي لا يسلب من المرأة القدرة على القيام بحاجاتها وأداء ما تتطلّبه الحياة بأدبٍ واحترامٍ من جهة ولا يجعلها ألعوبة وفريسة بيد من تسوّل له نفسه من ناحية ثانية.

وحينئذٍ يتحصّل لنا المطلوب وتتمّ الحجّة على الحكم، ونكون قد ظفرنا بثلاثة مقاطع قرآنية -على الأقل- تثبت لنا حرمة الإثارة.

 أسلوب تعاطي القرآن مع المسألة انتهج القرآن الكريم أكثر من سبيل في بيان أبعاد المسألة؛ فتارة يشير إلى أصل الحرمة ومرّة إلى علّتها وأخرى إلى النتيجة المترّتبة عليها، وأحياناً يعبّر بصيغة مباشرة وعامّة وثانية عبر الواسطة ونصب القرينة وغير ذلك من الأساليب التي لها حكمتها وجمالها البلاغي.

فلو نظرنا إلى المقاطع الثلاثة السابقة سنجد أنّ القرآن سلّط حكم عدم الإثارة على المرأة ـ{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ}، {وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ}، {فَلَا تَخْضَعْنَ}ـ مع أنّ الغاية والهدف منه أعمّ، ويبدو ذلك منسجماً مع طبيعة خلقتها التي تعكس مظهر الجمال والعاطفة الساحرة، ومتناغماً مع حالة النعومة والضَّعْف التي تميّزها عن الرجال وبأسهم، فلا غرو أنّ قيامها بتدابير الحفظ والصون تكون أبرز وأوضح.

ومن حيث العلّة من هذا التشريع والحِكَم والغايات المترتّبة عليه تطلعنا الآيات على جملة منها، من قبيل: التزكية: {ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ}، حيث إنّ حرمة الإثارة بالنسبة للمرأة يجنّبها نشر مادة الفساد في المجتمع ويجنّب غيرها الابتلاء في براثنها فتتألّق النفس في سماء المعنويّات وتتكامل أكثر وتتصفّى من الكدورات، وهذا هو معنى التزكية والنقاء. 

حفظ الفرج: {وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ}، إذ لا ريب أنّ إطلاق حالة الإثارة بين الجنسين يكون مقدّمة لاستباحة النظر إلى الفرج ثم هتكه، ونجد بالعيان أنّ البيئة التي تتركّز فيها مظاهر التبرّج والابتذال هي نفسها التي يغيب فيها حفظ الشرف وصون العورات.

عدم إيذاء المرأة واستغلالها: {فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَض}، فالرجل الذي في أحشائه نار مضرمة من الشهوة ويريد أنّ يقذف بسعيرها نحو المرأة ينتظر أدنى مناسبة لينقضّ على فريسته ليستغلّها ويعتدي عليها، فمتى ما وجد ما يلفته إلى مفاتنها {وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ} تحفّز للوثوب وأداء ما يضمر من سوء. 

العيش المعتدل والمعروف: {وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا}، لأنّ العيش الهانئ السعيد هو المحتوي على الأمان والاحترام والمحبّة الحقيقيّة والشرف في التعامل وأمثال ذلك، وكلّها يكفلها الصون والستر، بينما إثارة الشهوة يتولّد منها النفاق والعاطفة المجازيّة الكاذبة وعدم الإخلاص والأمانة ويتعرّض معها أمن المجتمع إلى الاختراق والتطاول وتتفشّى الأمراض الماديّة والمعنويّة ويعصى الربّ ويموت المعروف والقائمة تطول.

 الفلاح: {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، وهو الفوز والبقاء في الخير[65]، ويشمل دار الدنيا ودار الآخرة التي هي الأصل والخلود، ويقابله الخسران والخروج والإزاحة عن الخير في الدارين أيضاً، فمن أراد الظفر في حياته -دنياً كانت أو آخرة- فعليه الإقلاع عن الإثارة والتوبة السريعة عنها عند ارتكابها، ومن اختارها ورضى بها فليقبل بمصير الشقاء أينما حلّ.

وأمّا من حيث كيفيّة بيان الحكم فتارة يكون بنحوٍ مباشر وشامل: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ}، وتارة يكون تأكيداً لجزئيّة مهمّة منه كـ: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}، وأحياناً بالإشارة إلى مصداقٍ بارز منه وينصب معه القرينة لإرادة الشمول وعدم الخصوصيّة مثل: {وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ}، {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ}، والمخاطب هو مجموع النساء سواء كان بضمير الجمع المؤنث كبعض النماذج المذكورة أو عبر التركيز على حصّة منها مع ذكر ما يوسّع الدائرة كقوله تعالى: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ…}، إلى غير ذلك من الأساليب البديعة التي يزخر بها الذكر الحكيم.

 التعدّي من الحكم إلى كلّ ما يثير الشهوة كل ما تقدّم كان حول مسألة حكم إثارة المرأة لشهوة الرجال عبر هيأتها أو صوتها أو زينتها التي ترتديها بما في ذلك المكياج أو العطور، ولكن ثمّة بحث ذكره بعض الأعلام في المقام وهو أنّه من وجهة نظر قرآنيّة -بغضّ النظر عن الروايات- هل يمكننا أنّ نفهم التعدّي من الحكم المذكور إلى حرمة كلّ ما يثير الشهوة بما في ذلك إثارة الإنسان شهوة نفسه كقراءة قصص الغرام أو مشاهدة الأفلام المهيّجة وما شابه ذلك؟ هناك من استذوق التعدّي[66]، وهو وجيهٌ بلحاظ النكات التي ذكرت في طيّات الحديث حول المقاطع الثلاثة والتي تفيد أنّ سياق الآيات -المعبّرة عن روح الإسلام- يكشف عن عدم رضى الشارع بتهييج الشهوة كيفما اتفقت في غير مواطنها كالعلاقة الزوجيّة.

وخلاصتها: أنّ ذكر الغايات لبعض الأحكام السابقة كالتزكية والفلاح وعدم الطمع من مرضى القلوب يفهم منه أنّ المشكلة الأساس التي توقع في الفساد وخراب العيش هي حصول التمايلات والاضطرابات الشهويّة وجليّ أنّها لا تنشأ من سببٍ واحدٍ كإبداء الزينة مثلاً، خاصّة أنّنا استفدنا التعميم في آيتيّ الغضّ لسائر ما يثير في المرأة والرجل على حدٍّ سواء، واعتبرنا كفاية التصوّر للمفاتن والزينة في ترتّب المحذور المنهي عنه الذي أفاده قول الله تعالى: {وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ}، بالإضافة إلى صحّة تعلّق التوبة لسائر ممارسات الإثارة والتقصيرات في الغضّ التي ذكرت: {وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ}، كلّ هذه الأحكام والتحذيرات تعكس لنا مقدار تنفّر الشارع ومحاربته روحاً لمطلق ما يثير الشهوات ويخلق الاضطرابات والتمايلات الماديّة الصرفة.

وحينئذٍ يصبح التعدّي له ما يسنده ويقوّيه.

 كلام جامع للشيخ المفيد في غمار ما نحن فيه يوجد كلامٌ نافعٌ للشيخ المفيد من الحسن أنّ نقتطف منه مقداراً للفائدة والاتعاظ، يقول: “وعلى المرأة الحرّة المسلمة أنّ تستتر في بيتها وتلزمه ولا تخرج منه إلا في حقّ تقضيه ولا تتبرّج في خروجها منه. ولا يحل لها كلام من ليس لها بمحرم من الرجال ولا تتولى معه خطاباً في بيع ولا ابتياع إلا أنّ تضطرّ إلى ذلك ولا تجد عنه مندوحة فيكون كلامها فيه على خفضٍ من صوتها وغضّ من بصرها عمن تحاوره به.

 ولها أنّ تسترسل أهل الأمانة فيما تحتاج إليه لدينها.

 وتكلم الحاكم عند حاجتها إلى ذلك وإنّ استنابت فيه محرماً لها كان أفضل وأعظم أجراً.

وتغضّ بصرها عن النظر إلى من ليس لها بمحرم من الرجال فلا تملأ طرفها منه ولا تخضع له بالقول في مكالمته كما وصى الله تعالى أزواج نبيه| بذلك فقال: {فَلٰا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَ قُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفاً وَ قَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَ لٰا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجٰاهِلِيَّةِ الْأُولىٰ وَ أَقِمْنَ الصَّلٰاةَ وَ آتِينَ الزَّكٰاةَ وَ أَطِعْنَ اللهَ وَ رَسُولَهُ}.

ولا يحل للمرأة المسلمة أنّ تبدي زينتها إلا لمن أباحها الله ذلك له منها ممن سماه في كتابه حيث يقول: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنٰاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصٰارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ …}. ولتجتنب المرأة الحرة المسلمة سلوك الطرق على اختلاط بالرجال ولا تسلكها معهم إلا على اضطرار إلى ذلك دون الاختيار وإذا اضطرت إلى ذلك فلتبعد من سلوكها عن الرجال ولا تقاربهم وتحتفز بجهدها إن شاء الله”[67].

الخاتمة بعد التعرّف على الموضوع وحكمه وأدلّته واستعراض بعض جوانبه يمكننا استخلاص النتائج التالية: المذموم في الشهوة هو اتّباعها والانقياد الأعمى لها -الذي هو المقصود في البحث- وإلا فأصل وجودها ضروريٌّ ومن مقتضيات الخلقة.

اهتم القرآن كثيراً بمسألة عفّة المجتمع وحرمة إثارة الشهوات فيه، وطرح ذلك بوضحٍ في عدّة مقاطع وبأساليب مباشرة وغير مباشرة، وخصّ المرأة بالنصّ لمكان إثارتها الشديدة ولضعفها أمام الطامعين ومرضى القلوب.

لهذه الحرمة مجموعة من الغايات والحِكم من قبيل التزكية للنفس والحفظ للفرج وعدم الإيذاء والاستغلال والعيش المعتدل والمتعارف والفلاح في الدارين.

 التعدّي من حرمة إثارة المرأة لشهوة الرجال إلى حرمة كلّ ما يثير الشهوة ولو للنفس -كقراءة قصص الغرام والغزل وما شابهها- له وجهٌ وقربٌ يستفاد من سياق الآيات ومذاقها وروح التشريع فيها.

وأخيراً نسأل الله تعالى أنّ يوفقنا للوقوف عند حدوده وعدم الطغيان والتجاوز، وأن يرزقنا الطهارة والعفاف والسلامة في القلب، إنّه على كلّ شيءٍ قدير، والحمد لله رب العالمين، وأفضل سلامه وصلواته على نبيّه الأمين وآله الغرّ الميامين.

الهوامش والمصادر

  • [1] راجع مثلاً: كتاب العين، الفراهيدي، ج8، ص232؛ المحيط في اللغة، ابن عباد، ج10، ص162.
  • [2] الصحاح (تاج اللغة وصحاح العربية)، الجوهري، ج2، ص606.
  • [3] سورة الروم: 48.
  • [4] مفردات ألفاظ القرآن، الراغب الاصفهاني، ص181.
  • [5] سورة الروم: 9.
  • [6] مجمع البحرين، الطريحي، ج3، ص238.
  • [7] الصحاح (تاج اللغة وصحاح العربية)، الجوهري، ج2، ص606.
  • [8] كتاب العين، الفراهيدي، ج4، ص68.
  • [9] التبيان في تفسير القرآن، الشيخ الطوسي، ج‏2، ص411؛ المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي، الفيومي، ج2، ص326؛ مجمع البحرين، الطريحي، ج1، ص253.
  • [10] مفردات ألفاظ القرآن، الراغب الإصفهاني، ص469.
  • [11] التحقيق في كلمات القرآن الكريم، المصطفوي، ج6، ص146.
  • [12] سورة الزخرف: 71.
  • [13] سورة الطور: 22.
  • [14] سورة المرسلات: 42.
  • [15] سورة النساء: 27.
  • [16] سورة مريم: 59.
  • [17] سورة الأعراف: 81.
  • [18] الفائق في غريب الحديث، الزمخشري، ج‌2، ص223.
  • [19] سورة سبأ: 54.
  • [20] الميزان في تفسير القرآن، السيد الطباطبائي، ج16، ص201.
  • [21] سورة آل عمران: 14.
  • [22] لاحظ مثلاً: الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، الشيخ مكارم الشيرازي، ج2، ص418.
  • [23] سورة النور: 30- 31.
  • [24] سورة النور: 31.
  • [25] سورة الأحزاب: 32.
  • [26] سورة النور: 30- 31.
  • [27] كتاب العين، الخليل الفراهيدي، ج‌4، ص341.
  • [28] الصحاح (تاج اللغة وصحاح العربية)، الجوهري، ج‌3، ص1095؛ مفردات ألفاظ القرآن، الراغب الأصفهاني، ص608‌.
  • [29] شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم، الحميري، ج8، ص4883.
  • [30] سورة الحجرات: 3.
  • [31] سورة لقمان: 19.
  • [32] انظر مثلاً: مجمع البيان في تفسير القرآن، الطبرسي، ج‏7، ص216؛ الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، الشيخ مكارم الشيرازي، ج‏11، ص75.
  • [33] لاحظ مثلاً: كنز العرفان في فقه القرآن، المقداد السيوري، ج‏2، ص220؛ الميزان في تفسير القرآن، السيّد الطباطبائي، ج‏15، ص110.
  • [34] لاحظ: الفرقان في تفسير القرآن بالقرآن، الصادقي الطهراني، ج‏21، ص107.
  • [35] الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، الشيخ مكارم الشيرازي، ج‏11، ص76.
  • [36] تفسير القمي، علي بن إبراهيم، ج2، ص101؛ الكافي، الشيخ الكليني، ج2، ص35.
  • [37] الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، الشيخ مكارم الشيرازي، ج‏11، ص76.
  • [38] الكافي، الشيخ الكليني، ج5، ص521.
  • [39] المصدر نفسه، ج2، ص35- 36.
  • [40] مفردات ألفاظ القرآن، الراغب الأصفهاني، ص113‌.
  • [41] كتاب العين، الخليل الفراهيدي، ج‌4، ص37.
  • [42] معجم مقاييس اللغة، ابن فارس، ج3، ص41.
  • [43] سورة الكهف: 7.
  • [44] سورة الملك: 5.
  • [45] سورة القصص: 79.
  • [46] لاحظ مثلاً: كتاب العين، الخليل الفراهيدي، ج‌7، ص387؛ مجمع البحرين، الشيخ الطريحي، ج6، ص262.
  • [47] سورة الحجرات: 7.
  • [48] انظر: كتاب التسهيل لعلوم التنزيل، الغرناطي، ج‏2، ص66- 67؛ تيسير الكريم الرحمن، آل سعدي، ص670.
  • [49] راجع: مجمع البيان في تفسير القرآن، الشيخ الطبرسي، ج‏7، ص217؛ مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام، الكاظمي، ج‏3، ص269؛ الميزان في تفسير القرآن، السيد الطباطبائي، ج‏15، ص111.
  • [50] كنز العرفان في فقه القرآن، المقداد السيوري، ج‏2، ص222؛ الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، الشيخ مكارم الشيرازي، ج‏11، ص77.
  • [51] انظر مثلاً: تقرير بحث السيّد البروجردي، السيّد البروجردي، ج1، ص55؛ مهذّب الأحكام، السيّد السبزواري، ج5، ص234 وج24، ص40 وما بعده.
  • [52] الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، الشيخ مكارم الشيرازي، ج‏11، ص78.
  • [53] الكافي، الشيخ الكليني، ج5، ص521.
  • [54] كنز العرفان في فقه القرآن، المقداد السيوري، ج‏2، ص222.
  • [55] الكافي، الشيخ الكليني، ج5، ص519.
  • [56] سورة النور: 31.
  • [57] مفردات ألفاظ القرآن، الراغب الأصفهاني، ص505.
  • [58] لاحظ: المصدر نفسه، ص505؛ مجمع البحرين، الشيخ الطريحي، ج2، ص104.
  • [59] راجع: تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة (الصلاة)، الشيخ اللنكراني، ص: 573.
  • [60] مجمع البيان في تفسير القرآن، الشيخ الطبرسي، ج7، ص218؛ كنز العرفان في فقه القرآن، المقداد السيوري، ج2، ص224.
  • [61] سورة الأحزاب: 32.
  • [62] مجمع البيان في تفسير القرآن، الشيخ الطبرسي، ج‏8، ص558.
  • [63] المصدر نفسه، ج8، ص558؛ الميزان في تفسير القرآن، السيّد الطباطبائي، ج‏16، ص309.
  • [64] الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، الشيخ مكارم الشيرازي، ج‏13، ص234- 235.
  • [65] كتاب العين، الخليل الفراهيدي، ج‌3، ص233؛ المحيط في اللغة، ابن عبّاد، ج3، ص105.
  • [66] دروس تمهيديّة في تفسير آيات الأحكام، الشيخ الإيرواني، ج1، ص384.
  • [67] أحكام النساء، الشيخ المفيد، ص55- 56.
المصدر
مجلة رسالة القلم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى