أدب المقاومة

كلّ الحروف تؤدّي إلى فاطمة !

ماذا يقاربُ ضوئي من ثُريّاهُ ؟ *** والعرشُ في سُدُفِ الأقداس حاكاه؟!
خطَّ اللجينُ على أثباجه دُررا *** ممهورة بشعاعٍ من تحاياه
والوصفُ يهطلُ بي من قطر سلسلِه *** فالشعر محضُ حُبابٍ في حُميّاه
والشمسُ حبّةُ خالٍ فوق وجنته *** شفّت على ولهٍ نشوى عِذاراه
والنخلُ نهنهةٌ في صدرِ أغنيةٍ *** كانت تراودها صهباءُ مغناهُ
والعمر ثيمةُ أشذاءٍ بلوحته *** والدهرُ وشمُ أفانين بحنّاه
والفجرُ بعض تواشيحٍ بمرفئه *** تعيدُ في ثقة الشطآن ذكراه
يا يومَ فاطمةَ الفاضت غدائرُه *** وطاف بالألق الهادي مُحيّاه
آتيك يا قبس الإيماض محتطبا *** والله ألهمني من قدس علياه

يا فاطمَ الوله الشادي بأوردتي *** حاشا ودادك أن يرفضّ حاشاه
و دارة النبأ المسجور مركزها *** بنجم عشقكِ مغرورٌ و تيَّاهُ
فالقلبُ يكرع من ملفاك أكؤسَه *** وكوثرُ الهبة الأغلى تعاطاهُ
والكونُ محضُ مجرّاتٍ وأنتِ له *** قطبٌ يوازن يُسراه بيمناه
ما غيرُ سرّك في الأخبار مبتدأٌ *** وما تَشيّأَت الأفلاكُ لولاه
ما غيرُ سرِّك للصلصال أوسمة *** لأنَّ نورَك من أرقى خباياه
غداة بِسمكِ أومى آدمٌ خجلا *** فصار منسلخا عنها خطاياه
واستاف بردَكِ “إبراهيم” منعتقا *** فأربك الوهج الضاري و أطفاه
و قلبُ “يونس” في أغوار لجّته *** ما غيرُ حرفك بالنجوى تهجّاه
ولا “سليمانُ” مفتوناً بمملكة *** إلا وذكركِ أعطاه و أغناه
وشوقُ “طه” إلى عينيك أشرعةٌ *** والقلبُ يهدرُ كالموّال : “أماهُ”
وما خفوق “عليّ” في صبابته *** إلا لروحكِ يا أصفى مراياه
من حيثُ “لا حيثُ” كنتِ الأمس في غده *** وكنتِ أجمل ما تُبدي هداياه

آتيكِ في وطرٍ فُضّت خواتمه *** من أعين الزمن الغافي سَرَقْناهُ
كوثرتِ بذرته الحدباء فانفلقت *** بها المشيئةُ لمّا آذن الله
و كنتِ نبعةَ إحساسٍ بذمّتها *** نهرٌ يهدهده موجٌ وأمواهُ
يلتاح همسُكِ والأمشاج سادرةٌ *** حتّى يجنّح في الأرحام نجواه
يُهدي “خديجة” ميعادا يضاحكها *** ما أعذبَ الفرح الآتي وأحلاه !
فأنتِ حين صخور الهمِّ تكسرها *** وينشبُ القدرُ المحروم بلواه
تبلسمين مع الآلام غفوتها *** فلا تفيقُ على “آهٍ” و “أوّاهُ”
وتمطرين حنانا في شكايتها *** لا يرجعُ الأملَ المصهورَ إلاه
وتغزلين أمانا في توترها *** إذا البرية أشباحٌ وأشباه

وحين أزهر بالتفاح موسمه *** وفاض كلُّ رحيق من ثناياه
تأتين خالصة من كل مغلسة *** والصبح منبلج شعّت سراياه
تأتين ومضة إشراقٍ يعانقها *** ضمينُ ما خلق الباري و أنشاهُ
فأنت للشفق الولهان أحجية *** تضجُّ لغزَ أساطير حكاياه
و إن أقارب يا زهراء في نغمي *** فالحبر يعْلَقُ من ذكرى خزاماه
وكلّما ارتعش النسرينُ في ظمأ *** رحيقُ بيدرك الميمون غذّاه
وكلّما يبس الخفّاقُ من جدبٍ *** أجريتِ في دمه عطرا فأحياه
رهنتِ قلبك للإحسان فالتصقت *** به القلوبُ وذابت في سجاياه
وطاف صوتُك في التاريخ فانهمرت *** منك الفصاحة فجرا قد تغشّاهُ
و الستر أنت ملاك في خميلته *** وسوسنات ربيع في تكاياه

ينهالُ عشقك في مستعذبٍ شبمٍ *** من المراضع أطفالا شربناه
ففي الضلوع صبابات تنازعنا *** إن هام خافقُ مجنون بليلاه
حيث الكمال تجلّى في مفازته *** من القرابة أجرا قد تقاضاه
فبات عمرُك يا عشرين نافلة *** أسطورةً تهبُ الإنسان معناه
وصار دربك شوطا ليس نبلغه *** لو كان يُبذلُ من عزم قصاراه
وبات قلبك فانوسا لصحوتنا *** حتّى يصافح نور الله مسراه
فدمتِ مدرسة والمجد طالبها *** والعلم والمُثُل الأنقى نداماه

لكنّما الزمن الغدّار طعنته *** أجرت برزئك طبعاً ما تعدّاه
زهراء غادرت الأطيارُ أيكتها *** وجرح فقدك ما أقسى رزاياه !
زهراء غادرت الدنيا حلاوتُها *** والصبر بات ضريعا مذ جرعناه
لا زال بيتك مسكونا بوحشته *** قد صوّح الوجع الدامي يتاماه
والباب يحفر في الألباب صرخته *** وتطحن الغضب الموقوت عيناه
لازال خدّك محمرّا بلطمته *** وكسرُ ضلعك موتورا بشكواه
لا زلتُ طفلتَك الحيرى وخافقها *** طاف الهجيرُ على أعتاب دنياه
لو يزفرُ الوجعُ المحمومُ في رئتي *** لذابَ كلّ جليدٍ من شظاياه
والخطبُ يثقبُ أنفاسي ويجلدُني *** ويستبيح خيالاتي بشكواه
وظلُّ دمعتك الحمراء يخرسني *** والليل يرقب في صمتٍ مصلاّه!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى