ثقافة

حقيقة القيام لنصرة دين الله

 بسم الله الرحمن الرحيم، النَّوع الإنسانـِيّ في مسيرٍ إلـى نقش السَّعادة في كلِّ قطعة زمانيَّة ومكانيَّة، وإذا كان كلُّ مجموعة بشريَّة لها ديانة تَدين بها وتتقلَّب عليها في الشؤون الحياتيَّة والمعيشيَّة، فعلى ذلك لا يـخلو اعتقادُ كلِّ مُعتقِدٍ بصحَّة[1] وسلامة ما عليه اعتقاداته وديانته. والتَّسليم بضرورة إيجاد دينٍ ليُصلح أمور الحياة، ويـجعل القوانيـن الآخذة بالحقّ والرَّافعة للظُّلم تنطقها فطرة الإنسان الأصليَّة، وما كان من الأنبياء والمرسَلين إلّا أنَّهم سلَّموا النَّاس الدِّين الإلهيّ كنِظامٍ شاملٍ وكامل ووافر باحتياجات البشر كلّها.    

والدِّين الإلهيّ الخاصّ بآخر زمان هو الإسلام، والقرآن يلهج بقدرة الدِّين الإسلاميّ على مقابلة الحاجَة والنَّقص بالسَّداد والإكمال، وللإسلام أيضاً مرونة استيعابيَّة في رسم حُكم لكلِّ واقعةٍ وقضيَّة.

والأكثر من إرادة المولى بالتَّسليم والتَّصديق بالدِّين الإلهي هو القِيام لنصرة دين الله، والنُّصرة حسنُ إعانةٍ على تشييد أركان الدِّين من الـمُعتقدات والولاية وأداء المفروضات وتنمية الأخلاق وغيرها.   

فعن الإمام الحسين (ع)‏ في قوله -لِلفَرَزدَقِ الشّاعِرِ-: >يا فَرَزدَقُ! إنَّ هؤُلاءِ قَومٌ لَزِموا طاعَةَ الشَّيطانِ وتَرَكوا طاعَةَ الرَّحمنِ،…، وأنَا أولى‏ مَن قامَ بِنُصرَةِ دينِ اللهِ وإعزازِ شَرعِهِ<[2].

 وعندما يتولَّى إمام الأمَّة المعصوم (ع) قيادة النَّاس، وسلكهم طريق القيام لنصرة الدِّين فهذا يدلّ على خطورة وعظمة هذا الفرض، وما يشير إلى أعمق من ذلك هو أنَّ الإمام الحسين (ع) أثبَت لنفسه أولويـَّة القِيام لنصرة الدِّين، والنّتيجة من ذلك هو ثِقل الأمر ورجحان ذلك بكلِّ المقاييس فلا دواعي للاستِخفاف والانتقَاص ممّن ينتَصر لدينِه على وجه الأرض.

 والإنسان الـمؤمن ومِن قبله المعصوم (ع) على وثوق وتيقُّن من مجيء النَّصر من الله جاعل العزَّة للمؤمنين والحِكمة في جميع أفعاله. قال تعالى: {وَ مَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزيزِ الْحَكيمِ}[3].

 وهذا البحث هو قراءة لآيات الكتاب العزيز والرِّوايات الشَّريفة عن حيثيّات (نُصرة الدِّين) وما يدور في فَلَكه من العوامل والـموانع والنَّتائج.

 وإنَّ بذرة التَّفكير في ماهيَّة الدِّين تنشأ من وجود الكَون الـمُحاط بوجود الإنسان، فنجد الإنسان محاولاً تفسير الكَون وظواهره وعلاقته به وتأثيراته عليه، إذ إنَّ ما على الكَون مِن خَلْقٍ عظيم وإبداعٍ رائع وضخامة أفلاك وأسرارٍ، في بطونها خَزائن عِلميَّة يستوجب على الإنسان أن يصنع نفسَه ويضعها على الموقع اللائق به تجاه كلّ ذلك.

 وذلك من حيث إنَّ تلك العَظَمة لا تنمّ إلّا عن قُدرةٍ مُذهلةٍ لا مثيل لها قد أوجَدَها، وعليه يجعل الإنسانُ له نوعاً من النّمط التَّفكيريّ العقيديّ تجاه هذه القوَّة؛ والنَّتيجة تكون بأنَّ الإنسان الشَّاعر مُـجبَرٌ على التَّديُّن أي التَّخضُّع والتذلُّل والانقيَاد للرّبّ.     

 وقبل الخوض في تفاصيل البحث ننطلق من إيراد عَدَدٍ من البحوث التمهيديَّة التي تُبوِّب لدى القارئ النُّكات والفوائد الـمنظُورة من آيات الكتاب العزيز والرِّوايات الشَّريفة. 

 أوّلاً: معاني الـمفردات في اللُّـغة كلمة (النَّصر) النَّصر خلاف الخِذلان، والنَّصر مصدر وأمَّا اسم الـمصدر فهو النُّصرة، والأصول اللغويَّة تشير إلى أنَّ النَّصر والنُّصرة ترجع معانيها إلى الإغاثة[4] وحُسْن المَعونة[5]، ومن المشتقَّات المذكورة هي الانتِصار والاستِنصار والمُناصرة، ومعانيها هي في معنى الأصل وذلك بضمّ الدَّلالة الصَّرفيّة للصِّيغة.

 ونـجد في معجم مقاييس اللّغة أنَّ معنى (النَّصر) قد عُمِّم ليكون النَّصر دالّاً على إتيان خَيرٍ وإيتائـِه [6] .

 كلمة (الدِّين) الدِّين مِن دَانَ الشَّيء أي أذلَّه واستَعْبَده[7]، ونسبة الدِّين إلى اللهِ يُصيِّرُ معناه الطَّاعة والتّعبُّد له، والأصول اللُّغوية زاخرة بشتَّى الـمفردات لمعنى الدِّين، كالجزاء والحسَاب والعَادة، وبالتّأمُّل فيها فهي مصاديق آيلة إلى الأصل، وعصارة القول أنَّ للدِّين معنىً يبتني على الخضوع[8] والانقياد[9].

 ثانياً: معاني الـمفردات في الاصطلاح كلمة (النَّـصر) ذُكر في كتاب تـحقيق كلمات القرآن أنَّ النَّصر: “هو إعانة في‏ قِبال‏ مـُخالف”[10]، وأمَّا السَّيّد الطّباطبائي& له إشارة أعمَق في تعريف النَّصر وهي كالتّالي: “النَّصر إنّما يكون فيمَا إذا كان للمنصُور قوَّة ما لكنَّها لا تكفي لدفع الشَّرّ فتَتُّم بالنَّصر”[11].

 كلمة (الدِّين) واتَّفق الشّيخ مكارم الشّيرازي والسّيّد الطّباطبائي في أنَّ الدِّين يستند إلى حزمة معارف عقيديَّة بالدّرجة الأُولى، ففي تفسير الأمثل الدِّين هو: “مجموعة العَقائد والقَواعِد والآداب التي يستطِيع الإنسان بها بُلوغ السَّعادة في الدُّنيا، وأنْ يخطو في المَسير الصَّحيح من حيث التَّربية والأخلاق الفرديَّة والجماعيَّة”[12].

 وأمَّا تفسير الميزان فعلاوة على التَّعريف أدناه فقد ربط صاحب التَّفسير في كتابه بين (الدِّين) و(وجود الإنسان) من حيثيَّة الحاجَة[13]، والتّعريف هو: “الدِّين مَجموع مركَّب‏ من‏ معارف المبدأ والمعاد، ومن قوانين اجتماعيَّة من العِبادات والمعاملات مأخوذة من طريق الوحي والنُّبوة”[14].

 ثالثاً: مفهوم الدِّين فـي الكِتاب والسنَّة نجد في القرآن الكريم والرِّوايات حديثاً عن ماهيَّة الدِّين وذكراً عن مشخّصَّاته، وهذا لا يمكن أن يُتغافل عنه ونحن في بحث عن حقيقة نصرة الديِّن الإسلامي، فالقرآن هو كتاب الله منه نفهم المعاني الأصيلة، والرِّوايات أيضاً تعطينا بعض التَّفاصيل عمَّا أُجمل في الآيات. 

 والتعريف الشَّرعيّ المختصر لـ (الدِّين) هو الإسلام أي التَّسليم، والتَّسليم يكون للخالِق لا لسُلطان الحُكم مثلاً، قال تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ}[15]، وعن أمير المؤمنين (ع): >الْإِسْلَامُ‏ هُوَ التَّسْلِيمُ‏، وَالتَّسْلِيمُ هُوَ الْيَقِينُ<[16] ومن الآية نعرف وجود أديان أخرى ليست عند الله©، أي يوجد انقيَادٌ وخضُوع لأناس لكن خضوعهم وتذلّلهم موجَّه لسلاطين الأرض وما شابه ذلك، وهذا المضمون موجود في التّاريخ بأنَّ النَّبي محمّد| بُعث والجاهليَّة كانت على شرِّ دين.

 ومن كلام أمير المؤمنين (ع) ندرك أنَّ حقيقة الدِّين لا تتخندق في إسلامٍ فقط، بل أنَّ الدِّين بـمعنى وجوب خضوع الإنسان لخالِقه ورازقِه يسبق وجود الإنسان ويلحقه على كلّ حال، والدِّين عندما يستقرُّ في القلب فهو بذلك قد سلَّم، وعند العمل بالدِّين فهذا هو الإيمان. 

    الإمام علي (ع): >دِينُ‏ الله اسمُهُ الإسلامُ، وهو دِينُ‏ الله قبلَ أنْ تَكونوا حيثُ كُنتُم، وبَعدَ أنْ تكونوا، فمَن أقَرَّ بدينِ‏ الله فهُو مسلِمٌ، ومَن عَمِلَ بما أمرَ الله بهِ فهُو مؤمنٌ<[17].

 ومن الأحاديث العجيبة أنَّ مِن أصحاب الأئمّة^ كان يذهب ويطلب من الإمام معرفة ماهيَّة دين الله أو يتشرّف بحضوره عند الإمام ويسأله عن الدِّين المرضيّ عند الله.

 الإمامُ الباقرُ (ع) لَمّا قالَ أبو الجارودِ لَهُ: -أخبِرْنِي بدِينِكَ‏ الذي تَدِينُ الله بهِ أنتَ وأهلُ بَيتِكَ لِأدِينَ الله بهِ-: >إن كُنتَ أقصَرْتَ الخُطبَةَ فقد أعظَمْتَ المَسألَةَ، والله لَأعطِيَنَّكَ دِينِي ودِينَ آبائي الذي نَدِينُ الله بهِ: شهادةُ أن لا إلهَ إلّا الله، وأنَّ محمّداً رسولُ ‏الله| والإقرارُ بما جاءَ بهِ مِن عندِ الله، والوَلايةُ لِوَلِيِّنا، والبَراءةُ مِن عَدُوِّنا، والتّسليمُ لِأمرِنا، وانتِظارُ قائمِنا، والاجتِهادُ، والوَرَعُ<[18].

 والإمام في الحديث قد فسَّر الدِّين وفصَّل ما يقوم عليه من أركان، فشهادة التَّوحيد والرِّسالة والإيمَان بالكتاب والوِلاية والبراءة من أوتَاد الدِّين.

 وفي حديث آخر يوضِّح الإمام (ع) أقلّ ما يُقبل من الدِّين ولا يُسمح بجهله من قبل الإنسان المتديّن.

الكافيّ‏ عن عليِّ بنِ أبي حمزَةَ عن أبي بصيرٍ، قال: سمعتُهُ يسألُ أبا عبدالله (ع) فقالَ له: “جُعِلتُ فِداكَ أخبِرْني عنِ الدِّينِ‏ الذي افتَرَضَ اللَّهُ عَلى العبادِ ما لا يَسَعُهُم جَهلُهُ، ولا يُقبَلُ مِنهُم غيرُهُ ما هو؟ فقالَ: >شهادةُ أن لا إلهَ إلّا الله، وأنّ محمّداً رسولُ‏ الله|، وإقامُ الصلاةِ، وإيتاءُ الزكاةِ، وحجُّ البيتِ مَنِ استَطاعَ إلَيهِ سبيلاً، وصومُ شَهرِ رمضانَ.

 ثُمّ سَكَتَ قليلًا ثُمّ قالَ: والوَلاية ـ مَرّتَينِ-<“[19].

 وكذلك نجد أنّ العبد الصّالح عبد العظيم الحسَنيّ قد عَرَض دينَه على الإمام (ع) فراجع المصدر[20].

رابعاً: أهميَّة نصرة دين الله في النُّـصوص الدينيَّـة لا يسع الـمخلوق والنَّوع البشري العامّ أن يتحرَّر وينسلخ من أيّة جهة دينيَّة ينتمي إليها، وإلّا رمى بنفسه في حظيرة الحيوانات الّتي رأس مالها الأكل والشُّرب والتَّناسل، بل إنّ الإنسان له أن يجلي ضميره الحيّ من دفائن التغلغُل المادِّي ليقدِّم اعترافَه بلزوم التديُّن واعتناق ديانة ما، ولا يروي الكمال المنشود إلّا دينٌ إلهيّ.

 وبعد الاقتناع بحتميَّة الانخراط والانقياد في دينٍ إلهيّ، يرى ضرورةَ مناصرة الدِّين المتَّبع؛ حيث إنَّه لم يسير بتعاليمه إلّا لتصديقه على الأقل بصحَّة ورجحَان دينه على غَيره، فهو بذلك يدعو إلى تكثِير الأفراد للدّخول تحت مظلَّة الدِّين لينعم بـما ينعم به هو مِن الأمن والاستقرار والسَّكن الروحيّ والثَّبات المعنويّ. 

 وكتاب القرآن قد أوجد الحتميَّة للنُّصرة لأوليائه من الرُّسل، حتَّى بعد تعاظُم الظَّنّ باليأس وتضاؤل الأمل، فهو بهذا يجعل الأولويَّة القصوَى لنُصرة من يُناصر دينَ الله(جل جلاله)، ومبدأ تقديم النَّصر لمُناصِر الدِّين قد جُعل في غاية الأهميَّة، وعليه تظهر الإرادة المولويَّة وطلبه في السَّعي لإظهار النُّصرة الدينيَّة أينمَا اقتَضَت.

 قال تعالى: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا}[21].

وفي حديثٍ رائع لأمير المؤمنين (ع)، قد أورد العلَّة من حثِّه الناس على الدين والتّمسُّك به، ونجد كيف كان خطاب الأمير (ع) بالنِّداء ليَكسب استماعَ النَّاس له، وأيضاً نلحظ تعاقب كلمة (دِينَكُمْ) مرَّتين، وكلّ تلك الأدوات ما هي إلّا لبيان خَطر الدِّين وضرورة التّجلبُب به في كلِّ حال.

 >يَا أَيُّهَا النَّاسُ دِينَكُمْ‏ دِينَكُمْ‏!! فَإِنَّ السَّيِّئَةَ فِيهِ خَيْرٌ مِنَ الحسَنَةِ فِي غَيْرِه، وَإِنَّ السَّيِّئَةَ فِيهِ تُغْفَرُ، وَإِنَّ الحسَنَةَ فِي غَيْرِه لَا تُقْبَلُ<[22].

 ونعود بالقول بأنَّ الأهميَّة المتعلِّقة بشيءٍ ما يتنزَّل منها ذاتيَّاً المبادرة لنصرته وإحقَاق الأمر المُهمّ، ومكانة الدِّين اللائقة لا تُجعل في بوتقةٍ وتُغلق! بل إنَّ محلّ الدِّين في التّنبُّه لحيثيَّاته والتَّيَقُّظُ له في القَول والفِعل وقبل ذلك في الضَّمير والقَلب والاعتِقاد. يقول الإمام عليّ (ع): >التَّيَقُّظُ في الدِّينُ‏ نِعمَةٌ على‏ مَن رُزِقَهُ<[23].

ومن الحديث عرفنا أنّ الدِّين قد أُثبت عليه وسام (الرِّزق) وما عظَمة هذا الوسام؟! والأعجب من السَّالف أنّ الأهميَّة الّتي يُرام تبيانها لنُصرة الدِّين، ما هي إلّا لاقترانها بالسَّعادة، وما يَستنكِف إنسانٌ عن ردِّ منشئها والتَّعامي عن مَجراها الأوَّل (دين الله)، فعن الإمام علي (ع): >سَعادَةُ الرَّجُلِ في إحرازِ دِينِهِ<[24].

خامساً: ثمَن النَّصر هو الشُّكر والتَّسبيح والاستغفار عند تحقّق النَّصر والغلبة لدى أحد على مخالفه مثلاً تبرز مسألة، وهي هل لهذه النُّصرة ثمن يجب بذله؟ يجيب القرآن بأنّ ثمن ذلك يُنجز بالرُّوح والبدَن، فمَن نالته النُّصرة ينبغي عليه الشُّكر والتَّسبيح والاستغفَار.

 قال تعالى: {وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَليلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآواكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}[25].

 قال تعالى: {إِذا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا}[26].

 سادساً: موارد استعمال القرآن كلمة (الإقامة) بعد الفحص عن الآيات الّتي يوجد فيها الجذر (ق-و-م) بمختلف المشتقَّات، اتَّضح أن النِّسبة الغالبة متعلِّقة بـ(الصَّلاة)، ومن بعدها ترتبط الإقامة بأمور كبيرة مثل (الدِّين)، (الوَزْن) و(الوجه).

 قال تعالى: {أَقيمُوا الصَّلاةَ}[27]، {أَقيمُوا الدِّينَ}[28]، {أَقيمُوا الْوَزْنَ}[29]، {أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ}[30].

 وما يلفت هو أنَّ هذه المتعلَّقات لها مكانة عظيمة عند الشَّارع وقد اهتمَّ بها أيـَّما اهتمام ورعاية، وعلاوة على الحثّ الشَّديد إليها فقد رتَّب الشّارع عقابًا غليظًا على التَّهاون والاستخفاف بها.

ومن ذلك يُدرك أنّ كلمة (الإقامة) لها وزن ثقيل في الشَّريعة؛ ولها قواعد وأسس متينة يجب إنشاؤها لتحقيق الإقامة المطلوبة شرعاً، فالثّمرة من المذكور هو أنَّ استعمال الإمام الحسين (ع) عبارة >أولى‏ مَن قامَ بِنُصرَةِ دينِ الله< له دلالة بأن نصرة دين الله تستحقّ الإقامَة.

المحور الأوّل: مقدِّمات النّصرة في القرآن الكريم في النَّظر للآيات يتّضح وجود موضوعات عبارة عن دواعي لظهور النُّصرة، وهي ليس بالضّرورة تلازم النَّصر، ولكن قد يكون وقوعها على النَّحو الغَالبيّ قبل وقوع النُّصرة.

 أـ وقوع البأسَاء والضَّرَّاء مُقرِّب للنُّصرة قال تعالى: {مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى‏ نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَريبٌ}[31].

من السّنن الإلهيَّة للبشريَّة هي أنَّ وقوع الشدَّة والامتحان والابتِلاء أمر ضروريّ؛ ليَظهر صدقُ الإيمان من عدمه، والمؤمنون الّذين كانوا مع الرسول| لاقوا من البأس والضَّرر حتّى حصلَت لهم البشارة والإمداد الإلهيّ بالنُّصرة.

ب ـ الوَلاية بين المؤمنين دعامة للنُّصرة قال تعالى: {وَالَّذينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ}[32].

 المؤمنون الأنصار الذين آوَوا الرسول| وآزروه كان بعضهم أولياء بعض وبعضهم حماة بعض، ويعني هذا أنَّ التّآزر الأخويّ والتّماسُك في قبال المبادئ ساعد الأنصار في المدينة على تقبُّل الرّسول| والمهاجرين، بل والإيثار وإعطاؤهم من أموالهم ومساكنهم.

ج ـ الإيـمان والتَّسليم ركنان لأصحاب النُّصرة قال تعالى: {قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ آمَنَّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}[33].

عبَّر الحواريُّون عن استعدادهم لنصرة المسيح (ع) بلسان في منتهى الإيمان والتَّوحيد والتَّسليم لرسالة السَّماء، فَهُم يعترفون بـ(قال) وينسبون لأنفسهم نصرة دين الله، ومرة أخرى يقرّون بـ(آمَنَّا) بثبات الإيمان وثالثة يطلبون بـ(اشْهَدْ) من المسيح الشَّهادة لهم بأنَّهم في غاية التَّسليم له ولدعوته. 

دـ نزول الأذَى على الأولياء والصالحين قال تعالى: {لَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى‏ ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا}[34].

هذه الآية في سياق الحديث عن الرّسل وأنّهم يصبرون ويقعوا في الأذى ولكنَّهم يُنصرون، فالصَّبر والأذى قد تقدَّما على نزول النَّصر، فقد تُفهم الملازمة أو المقدّمة لحلول النَّصر أن يتجلَّد الإنسان بالصَّبر ويطيق ما يمسّه من أذى.

 المحور الثّاني: عوامل النُّصرة في القرآن الكريم يُلاحظ في آيات النَّصر وجود موضوعات على نحو الشُّروط والعوامل لنزول النَّصر على قوم أو جهة معيَّنة، وذلك من خلال استعمال أدوات الشَّرط مثلاً وغيرها من الأساليب البلاغيَّة.

 أـ التَّقوى والصَّبر من شروط النَّصر تنشأ التقوى الشَّرعيّة من الإيـمان بالله، وكذلك الصَّبر في الإنسان المؤمن فهو رأسه ودَيدنه في الشَّدائد والـمضرَّات، وهذان -أي التَّقوى والصَّبر- من الأوامر والإرشادات الإلهيَّة فلا يفوت الـمتَّقِي والصَّابر النصرة والإغاثة في حياتهما، ففي الآية قال تعالى: {بَلى‏ إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمينَ}[35].

وأيضاً هنا في الآية فإنَّ المؤمنين مع طالوت طلبوا بصبّ الصَّبر عليهم في مواجهة جالوت، قال تعالـى: {وَلَمَّا بَرَزُوا لـِجالُوتَ وَجُنُودِهِ قالُوا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرينَ}[36].

 ب ـ التَّوكُّل على الله داعِمٌ للنُّصرة من المفاهيم الأساسيَّة في الإسلام أنَّ علـقة الربوبيَّة لا تدنو من عبادةٍ جوارحيَّة فقط، بل حتّى الرُّوح وما يخالجها وما يتشبَّث بها يجب أن يُطلى بصبغة الله، والتّوكُّل إحساس باطنيّ في القلب، وبه تصبح إحساسات الرُّوح ذات إشعار بالقوَّة عند تفعيل الإتصال والاعتمَاد، ومن يتوكَّل على خالقِه لا غالب له. 

قال تعالى: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}[37].

ج ـ الإيمان الحقيقيّ أساس النُّصرة قال تعالى: {وَالَّذينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَ جاهَدُوا في‏ سَبيلِ اللهِ وَالَّذينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَريمٌ}[38].

 كما أنَّ أهل مكَّة الأشراف الذين صدَّقوا وجاهدُوا مع الرَّسول| مؤمنون حَقًّا، فمثله أنصار المدينة الّذين رحَّبُوا وسانَدُوا المهاجِرين، فحينئذٍ إنَّ الطَّائفتَيـن من المهاجِرين والأنصار لولا الإيمان الحقيقيّ والصَّادق لما صَدَر منهم حُسن معونةٍ لرسالة الإسلام.   

دـ التَّوبة أرضيَّة ملائمَة لنُزول النَّصر فيهَا قال تعالى: {فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللهُ عَذاباً أَليماً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصيرٍ}[39].

لو يتوب الكفَّار والمُنافقون لكان ذلك صالحاً لهم، وعندما يتولَّوا الكُفر ويتهرَّبوا من التَّوبة فالعذاب هو عقابهم ولا يستطيع أحدٌ وَلايتهم ونصرتهم، وعليه نستنتج أنَّ سبيل التَّوبة هو ما تُنال فيه النَّصرة لا سبيل الغيّ والطّغيان.

ﻫ ـ نصر اللهڤ متوقِّف على نصر الإنسان لله قال تعالى: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزيزٌ}[40].

 لم يُبعث المرسلون والأنبياء إلّا وبحوزتهم برامج إلهية للتعليم والـتـربـية والتزكية للناس، واللهڤ يريد نصرة مَن ينصره، ونصرة الإنسان لربِّه تحدث عندما يتبنَّى المخلوقُ البرنامج الربَّانيّ والمقرَّرات الدّينيَّة الإلهيَّة، فمثلاً يستجيب للأمر وينزجر عند النَّهي، ويوسِّع رقعة الدِّين على مستوى الأفكار والعقائد والأيديولوجيَّات والسّلوكيَّات والتّصرُّفات وهكذا.

 و ـ إثبات جازم بنُصرة أصحاب الإيمَان قال تعالى: {وَكانَ حَقّاً عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنينَ}[41].

 في هذه الآية توعُّد وتعهُّد بنصر المؤمنين، وقد جاء العهد على مبدأ الحقّ، أي أنَّ الـمؤمن لإيـمانه استوجب نصرةً من الله، والإيجاب هذا لا يُرى كحقٍّ إنسانيّ كوجوب الرّعاية الصّحيَّة على الدّولة تجاه رعاياها؛ لأنَّ مثل ذاك لا يبعد أن يُتنكَّر لذلك الحقّ، وأمَّا الخالِق فهو له قُدرة وإيجاب حقٍّ بالنُّصرة كعلَّة تُوجد معلولها.

 زـ مطلوبيَّة الإنابة إلى الله لنزول النَّصر قال تعالى: {وَأَنيبُوا إِلى‏ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ}[42].

العذاب مصبوبٌ على حياة إنسانٍ لا يرجع إلى طاعة ربِّه، كيف ولا يكون ذلك وعند نكران الإنابة وهجر التَّسليم إلى الله يخرج الإنسان من مظلَّة الرَّحمة والعِنايات والألطَاف والكَرامات المؤيِّدة للإيمان، فهؤلاء الذَّاهبون خلاف طريق الرُّجوع لا يُنصرون ولا تَصِلهم إغاثة فيبقون في معرَض النَّوائب الـمُهلِكة والـمُنغِّصة لشؤون الحياة والمعيشة بشكل عامّ. 

  ح ـ مقام الرِّسالة والإيمان أرضَان ملائمتَان للنَّصر الإلهيّ قال تعالى: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ}[43].

 مقام الرِّسالة حَمَله رجال في غاية التَّسليم والتَّوحيد لله، والرُّسل صنف من أعالي المُصدِّقين والمُقرِّين لأمر السَّماء، وهذا النَّوع الإيمانيّ الرَّاقي قد جاء الخطاب لهم لَأنتم المنصورون، على عدوٍّ وكائِدٍ ومؤذٍ ومنتقصٍ ومتجبٍّر، ومن عظمة الإعانة الإلهيَّة فإنَّ النَّصر ينال أولئك في عوالِم مختلفة، عالَم الحياة الدّنيا وعالَم قيام الأشهَاد.

ط ـ البلاء قد يُقدَّم على حصول الانتِصار قال تعالى: {وَلَوْ يَشاءُ اللهُ لاَنْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ}[44].

الاِنتصار له معنى اختيار النَّصر وإرادته[45] والله له تقديـم مشيئـته وتأخيرها في إثبات النُّصرة، وذلك يتبع الملاك والمصلحَة، فحيث يكون ابتلاء فردٍ بآخَر مراداً له فيؤخِّر إنجاز الانتصار لتـَقع وقائع لها دور التَّبصرة للمؤمنين والوَعي لديهم، وأيضاّ لها سهم في صنع الـمعرفَة بحقائق القضايا، وكذلك لتُنزل على المؤمنين رحَمَات من التَّربية والأخلاق والتَّثبيت العقِيديّ والتَّشويق نحو الفرائِض مثلاً. 

 ي ـ الإيمان غير كافٍ لوحده لِتَلقِّي النَّصر من الله قال تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ}[46].

في الآية كلام مع الـمؤمنين وحثّ نحو نصر الله©، والسّؤال لماذا تُبيـّن معادلة النَّصر إلى الـمؤمنين؟ ألم يكْفِهم الإيمان كعامل يستوجب النُّصرة كما تقدَّم؟[47]، فيمكن القول بأنَّ النُّصرة لا تلازم الإيمَان في كلِّ مراتبه أو درجَاته، فلو كان الإيمان بسيطاً -كالإيمان غير المقترن بالعمل الصَّالح- لا يستوجِب نصرةً، وقد قيل إنّ في الآية ترغيباً للمؤمنين في جهاد أعداء الحقّ، أي إنْ ينصُر المؤمنون الله فإنَّ النَّصر حليفهم.

 المحور الثّالث: المَحرومُون من النُّصرَة توجد أعداد من آيات الكتاب العزيز تسلب النُّصرة عن أصناف من النَّاس، وذلك بأسباب متنوِّعة وكلّها لها مصبّ واحد وهو مخالفة المبدأ الحقّ.

 أـ تفضيل الدُّنيا على الآخِرة قال تعالـى: {أُولئِكَ الَّذينَ اشْتَرَوُا الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ فَلا يـُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ}[48].

 على ضوء ما يعنِيه الشِّراء والبيع المعاملاتِيّ، أن بالشِّراء يتخلَّص المشتريّ من الثّمن ويتملَّك مال البائع، ولو أُسقط المعنى على الشّراء الوارد هنا لكان مَن يشتري الحياة الدّنيا فإنَّه يتملَّك الدنيا -إن صحّ التّعبير- ويترك الآخرة، الّتي هي مآلُه الحقيقي تركاً لا رجعةَ فيه، فالفاعل لذلك له عذاب شديد، ولا يمكن أن يُتصوَّر له إعانة ولا استجابة لاستغاثاته.

 ب ـ إتّباع أهواء اليهُود والنَّصَارى ‏ قال تعالى: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلـِيٍّ وَلا نَصيرٍ}[49].

هنا دعوة لعدم اتّباع مرادات الكفَّار الباطِلة، وهذه الدعوة طبقاً لما ذكرت التّفاسير هي لمحمّد|، ولا محلّ لاتّباع أقوال اليهود والنَّصارى وقد جاء النّبيّ محمّد| البيانُ والعلم الذي يغنيه عنهم، فمع الرّكون لما يبتغِي اليهود والنَّصارى من الزَّيف والزُّور والتَّلفيق فهو اِتخاذ مسلكٍ تنعدم فيه الوَلاية والنُّصرة.

 ج ـ الظَّالمون لا أنصَار لهم قال تعالى: {وَما لِلظَّالِمينَ مِنْ أَنْصارٍ}[50].

 سياق الآية هو الإنفاق، والاحتكار والبخل وحبس الحقوق الماليَّة عن الفقراء والمساكِين ظُلم لهم، ومن الخصائص المترتِّبة على الظُّلم والجَور في الإنفاق وغيره، هو حرمان الأعوان والأنصار، ووجه الحرمان هو أنَّ البخيل مثلاً عندما مَنَع الاستحقاق الماليّ للمعوز؛ فإنَّ البخيل له أنْ يلهُو ويأنَس بمالِه مدّة وسوف ينقضِي ذلك المال فلا أنصار له، بخلاف المُراعِيّ للحقوق الماليَّة فهو وإن قدَّم بعض ما في جيبه للمسكين إلّا أنّه يجد النَّصير من ربّ المسكين.

 دـ حَبْط الأعمال في الدّنيا والآخرة قال تعالى: {أُولئِكَ الَّذينَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرينَ}[51]. توجد جماعات من أهل الكتاب وبالخصوص اليهود قد جنَوا بارتكاب ذنبَين كبيرَين وهما (الكُفر) و(القَتل)، فكانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء وأيضاً يقتلون مَن يأمر بالقِسط والـمعروف، ولِفداحة عملهم الشَّنيع فقد حَبِطت أعمالهم، وصار كلُّ خيرٍ وعمَلٍ حسَن منهم بمنزلة المعدُوم أو كالّذي لم يُفعل البتَّة، وعلى ذلك فقد حُرموا النُّصرة والشَّفاعة من أيّ أحَد.

  ﻫ ـ المؤمنون بالجِبْت والطَّاغوت لا نصير لهم قال تعالى: {أُولئِكَ الَّذينَ لَعَنَهُمُ اللهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصيراً}[52].

 ذكر المفسِّرون في شأن نزول الآية أن بعض أقطاب اليهود قد تحالفوا مع الـمشركين في مكَّة بعد واقعة أُحُد، وذلك لِيُضادُّوا الرّسول| والإسلام، فاليهود قد آمنوا وصدَّقوا بصنم المشركين (الجِبْت) وأطاعوا عَبَدة الأصنام (الطَّاغوت)، وتركوا مَن يشتركون معهم على الأقلّ في وجود كتاب سماويّ عندهم وهم المسلمون، فما كان الأثر إلّا أن نال اليهود اللَّعن والإبعاد والإقصَاء من الرَّحمة الإلهيَّة، واللَّعن هو عدم نُصرتهم وإغَاثتهم.

 و ـ النِّفاق مانعٌ من النّصرة قال تعالى: {إِنَّ الْمُنافِقينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصيراً}[53].

 الظُّهور بلباس الإسلام والصَّداقة والتَّخفِّي بقُبح السَّريرة والنَّوايا الشَّريرة هو عمل النِّفاق، والمنافق عدوُّ وإن كان قريب المسافة مِن الصَّديق، والقُدرة الّتي لدى المنافِق في إلحاق الضَّرر على دين الإسلام أكبر منها عند عدوٍّ مشخَّص ومعروف بظهوره؛ ولهذا فإنَّ المنافقين قد جُعل مستقرّهم ومكانهم النِّهائي في أبعد نقطة من النَّار في الآخرة، وهذا مكانٌ لا تَصلهُم فيه نصرةٌ ولا عون ولا شفاعَة صَديق.

 زـ المُستَنكِفون والمُستَكبِرون لا نصيرَ لهم قال تعالى: {وَأَمَّا الَّذينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذاباً أَليماً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصيراً}[54].

 سبق هذه الآية الحديث عن المسيح (ع) والملائكة وهم لا يستَنكِفون ولا يـمتَنعُون عن العبادة، وقيل في التّفسير[55] إنَّ الآية في صدد الرّدّ على المسيحيّين وعقيدتهم في الألوهيّة (تثليث الآلهة)، وعلى كلٍّ فإنَّ الامتناع والاستياء الشَّديد من العبادة التَّوحيديَّة مآلها لعذاب شديد وأليم، ولا يبرز لهم عندئذٍ أحدٌ بالوَلاية والنُّصرة وهم أداروا الظَّهر لـمَجمع كلِّ قوَّة ونصر.

ح ـ دعوة غير الله لا قدرة لهم على النُّصرة قال تعالى: {وَالَّذينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ}[56]. هذا كلام مع عبَّاد الأوثان وخطاب القرآن لهم بأنَّ الأوثان المدعوَّة لا تجلب لكم النَّصر فهي مجرَّد جمادات صمَّاء، وكذلك لا تقدر على نصر أنفسها حتّى، وهذا ليَعِي هؤلاء في لغويَّة تعلُّق دعواتهم بالتّفاهَات الدّنيويَّة، وحتّى يصرفوا كلّ نظرهم للحيّ القيُّوم والنَّصير لذاته والمنتصِر للمؤمنين الموحِّدين.

ط ـ عابدو الأوثان ليس لهم نصير قال تعالى: {وَما أَنْتُمْ بـِمُعْجِزينَ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصيرٍ}[57].

 هنا إبعاد لأيّ تصوُّر للقدرة على الهروب والانفلات من سلطان الله وحكومته، ومَن يعبد الأوثَان لا يعجِّز الخالقلا في الأرض ولا في السَّماء، وهؤلاء لا يجدون من يدافع عنهم ويناصر عنهم في ميادينهم وشؤونهم، وكيف ذلك؟ وهؤلاء العبَّاد يخلقون آلهتهم بدَل أن يكون إلههم علَّة وجودهم، وأنَّى ذلك؟ وهؤلاء يـُحيون ويـُميتون معبوداتهم في الفينة والأخرى.

ي ـ المُستعلِيّ على أوامر الله غير مُنتصِر قال تعالى: {فَمَا اسْتَطاعُوا مِنْ قِيامٍ وَما كانُوا مُنْتَصِرينَ}[58].

 عندما خرج قوم ثـمود عن أمر ربهم علوّاً واستكباراً فقد نزل بهم العذاب ولا يستطيعون النُّهوض من الصّرعة والرَّدى، ولم يكونوا الغالبين والمنتصرين، وهذه حالة عامَّة عند الأفراد حيث عند الاستعلاء على طاعة الله تندر النُّصرة لهم من أحَد، ولو يتذرَّع إنسان في حياته بأنَّه بالطّغيان يعيش الغلبة والانتصار في حياته فهو لا يدرك فلسفة العذَابات الإلهيَّة، فهو ليس بآمن عن الإملاء والاستِدراج والانتقَام والـمَكر.

 ك ـ سقوط استحقاق النَّصر من قوم المستكبرين قال تعالى: {فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ ريـحَاً صَرْصَراً في‏ أَيَّامٍ نَـحِساتٍ لِنُذيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى‏ وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ}[59].

 لماذا لم يُنصر قوم عاد؟ القرآن يحكي عنهم الاستكبار والجحود لآيات الله، فمِن شدَّة استكبارهم ادَّعوا بأن لا قوّة أشدّ من قوَّتهم، وعندما كان منطقهم كهذا نزَل بهم عذابٌ بريح ذات صوت عالٍ جدّاً، وكان هذا البلاء يرطمهم بالأرض بقوَّة تنكيلاً بهم لكفرهم وتعاليهم على الله، وما العذاب ذاك إلّا لَتوعيتهم أن الكُفر عاجز عن نصرتهم أبداً.

 المحور الرّابع: موانع النُّصرة في القرآن الكريم في القرآن وفي موضوعات النُّصرة نرى قضايا تشكّل موانعاً من حصول النَّصر للإنسان، وهي عندما توجد فكأنها تضادّ وجود النَّصر من الله.

 أ ـ المعصية إغلاق لباب نصر الله قال تعالى: {فَمَنْ يَنْصُرُني‏ مِنَ اللهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَما تَزيدُونَني‏ غَيْرَ تَخْسيرٍ}[60]. استنکر النّبي صالح (ع) من قومه وهم يستميلونه عن دعوته حتّى يتركها؛ ولأنَّ النَّبي كان واثقاً من عمله ويقول عن نفسه بأنّها على بيّنة وعِلم ورحمة من الله قد اعتَرض عليهم، وتساءل متعجِّبّاً منهم كيف يُنصر ويُعان من يعاند النَّصير؟! کيف يُنصر من يركب الذّنوب والفواحِش؟! فكلام القوم ما هو إلّا ترّهات وتقوّلات باطِلة تريد تخسير المطيع. 

ب ـ الركون إلى الظَّالمين يستدعي عدم النَّصر من الله قال تعالى: {وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ}[61].

 في الآية نهي عن الميل إلى الظَّالـمين والاعتماد عليهم والبناء على باطلهم في أمر أصل الدِّين والحياة الدينيَّة جميعاً[62]، وعقاب الرّكون إلى الظَّالمين هو الإصابة بعذاب النَّار، وفي الآية تحذير بـ (لا)، ونفيَان بـ (ما) و(لا)، فمناط مماسَّة النّار هو إحداث الرّكون المحذَّر منه، والآية تأتي بخصائص أكثر عن الجزاء، وهو خلوّ جانب مَن يركن إلى الظّالمين من الأولياء، وأيضاً لا يرى هذا مَن ينصره في طريقه وعمله.

ج ـ المُكذِّبون لا ناصر لهم قال تعالى: {وَنَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعينَ}[63].

 نصرة موجَّهة للنّبي نوح (ع) على القوم المكذِّبين لآيات الله، وعليه فإنَّ التَّكذيب بالآيات مَنَع النُّصرة وأوقفَها عن هؤلاء، وبعد صيرورة قوم نُوح بأفرادٍ سيّئين كانت عاقبتهم الإغراق، ولم يُقدَّم لهم أيّ إغاثة وإعانة ونصرة، ومنه نعرف شيئاً ما عمَّن يرفض البراهين والدّلائل والعلامات على أمور الدِّين، ومثال ذلك الحجاب للمرأة، فهو آية وعلامة على الدِّين والتّستُّر، وبينما يوجد أصوات تكذِّب هذه العلاميَّة وتنكِّس هذه الآية وتجعلها وكأنَّها من المندوبات والكماليَّات.

 د ـ المُترَفُون الـمُذنِبون لا يُنصَرون قال تعالى: {لا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لا تُنْصَرُونَ}[64].

 المُترَفُون هم قادة الضَّالّين وعذابهم أشدّ مِن سائر المضلّين، وفي الآية توبيخ وتقريع شديدَين في قطع الطَّمع في الغوث والنَّجاة من العذاب، وهؤلاء كانوا أئمّة في الضَّلال فأتاهم النَّهي بعدم التّضرُّع والتّوسُّل فإنَّه لا فائدة منه، فلن تُنصَروا من الله، وهذا يدلّ على كون مصدر الأعمال الشِّرّيرة له تعامل بالشّدَّة، وهذا له مصاديق عندنا كمَن يزرع بذرة الفتنة ومَن يُفتتن بها، فالأوَّل هو ضالٌّ لكثير من النَّاس لكونه الزّارع والمؤسِّس.

 ﻫ ـ فرعون المستكبر لا يُنصر قال تعالى: {وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ}[65].

فرعون وأمثاله من أعاظم الكفَّار قد ترعرعوا على الكفر ودعوة النَّاس إلى المعاصي، وهؤلاء منذ بداية حياتهم وهم مغمَرون في بحر الجحود والشِّرك، فكان من مجازاتهم على ذلك هو تصييرهم أئمَّة يدعون إلى النَّار، ويقتدي بهم اللّاحقون، وفي يوم القيامة تـُمنع النُّصرة عن هذا الصِّنف من الأئمَّة، ولا يُسمع له قولُ استغاثةٍ أو نجدة من النَّار.

 وـ كنوز قارون تعجز عن نصرته أمام الخَسف قال تعالى: {فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ فَما كانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَما كانَ مِنَ المُنْتَصِرينَ}[66].

 قارون الرجل ذو الثَّراء الفاحِش لم تستقم أموره على الصِّراط مع ما عنده من أموال، فهو عندما بَدَر منه الطغيَان والغرور وتحقير المؤمنين صار الخسف عقوبته، وصار كلُّ خدَمِه وحاشيته عاجزين دون نصرته من عذاب الله، ولم يقدروا عن الدِّفاع ومَنْع البلاء عنه، وهو أيضاً عجز عن الانتصار بنفسه لنفسه.

 زـ لا يَتوقع ذو الإيمان النَّاقص أنْ يشملَه النَّصر الإلهيّ قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ فَإِذا أُوذِيَ فِي اللهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللهِ وَلَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَ لَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بـِما في‏ صُدُورِ الْعالَمينَ}[67].

 يريد المنافقون أن يكونوا شركاء في الانتصار في حال أنَّ إيمانهم فيه نقص، فهم يؤمنون ما دامت نفوسهم في سلامة وعافية وأمَّا الإيذاء والابتلاء فلا طاقة لهم به، والنّكتة في الآية هي لم يرد الإيمان مطلقاً عنهم بل قالت {مَنْ يَقُولُ آمَنَّا} وهذا اعتراف بوجود الخدش في إيمانهم، وعلى ذلك يريدون الاشتراك في النَّصر، فالمانع من شمول النُّصرة هو الإيمان النّاقِص.

 ح ـ اتِّباع الأهواء يؤدّي لعدم وجود نصر اللهڽ قال تعالى: {بَلِ اتَّبَعَ الَّذينَ ظَلَمُوا أَهْواءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدي مَنْ أَضَلَّ اللهُ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرينَ}[68].

 عندما تعدَّى الظَّالمون وأقرُّوا الشِّرك واتَّبعُوا أهواءهم بغير علم وتعقُّل فقد أضلَّهم الله(جل جلاله) بظلمهم ولا يهتدون من هادٍ وليس لهم ناصر ينصرهم، فالشّرك ظُلم عظيم وهو متشعّب، بحيث إن َّفي الشّرك يظلم الإنسان نفسَه والخلقَ كذلك، ففي الآية تعبير بالظُّلم ويراد منه الشِّرك.

 هذا ما أردت تسليط الضّوء عليه ويبقى البحث حول جهات نصرة دين الله(جل جلاله) في جهات تسع -أرجو أن أوفّق لإعدادها في مقالة لاحقة إن شاء الله تعالى- وهي: نصرة الدِّين بالعقيدة المَتينَة.

 نصرة الدِّين بالولاية لأهل البيت^.

نصرة الدِّين بإعانة المُؤمنِين المظلومِين.

 نصرة الدِّين بأدَاء المَفروضَات والتّنفُّل بالنَّوافل.

 نصرة الدِّين باتِّقاء المُحَّرمَات والتَّورُّع عن الشُّبهَات.

 نصرة الدِّين بتحصيل العِلم والفِقه.

 نصرة الدِّين بالفضائل والسّجايا الأخلاقيَّة.

 نصرة الدِّين بسلاح الدُّعاء والزِّيارة.

 نصرة الدِّين بالرُّوح والبَدَن.

 والحمد لله ربِّ العَالمين.

المصادر والهوامش

  • [1] الإمامُ الصّادقُ×: >ثلاثُ خِلالٍ يقولُ كلُّ إنسانٍ إنّهُ عَلى‏ صَوابٍ مِنها: دِينُهُ‏ الذي يَعتقِدُهُ< ميزان الحكمة، ج4، ص174.
  • [2] موسوعة الإمام الحسين×، ج‏9، ص96.
  • [3] سورة آل‏ عمران: 126.
  • [4] تهذيب اللّغة، ج12، ص112.
  • [5] تهذيب اللّغة، ج12، ص113.
  • [6] معجم مقاييس اللّغة، ج5، ص435.
  • [7] تهذيب اللّغة، ج14، ص128.
  • [8] تاج العروس، ج18، ص214.
  • [9] معجم مقاييس اللّغة، ج2، ص319.
  • [10] التّحقيق في كلمات القرآن الكريم، ج‏12، ص155.
  • [11] الميزان في تفسير القرآن، ج‏17، ص157.
  • [12] الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج‏2، ص429.
  • [13] وجود الإنسان بحاجة دائمة إلى الدِّين.
  • [14] الميزان في تفسير القرآن، ج‏1، ص424.
  • [15] سورة آل ‏عمران: 19.
  • [16] تفسير القميّ، ج‏1، ص100.
  • [17] ميزان الحكمة، ج‏1، ص406، ح264.
  • [18] ميزان الحكمة، ج‏4، ص195.
  • [19] ميزان الحكمة، ج‏4، ص195.
  • [20] ميزان الحكمة، ج‏4، ص196.
  • [21] سورة يوسف: 110.
  • [22] تفسير القمّي، ج‏1، ص99.
  • [23] ميزان الحكمة، ج‏4، ص174، ح1296.
  • [24] ميزان الحكمة، ج‏5، ص303، ح1804.
  • [25] سورة الأنفال: 26.
  • [26] سورة النّصر: 1.
  • [27] سورة الأنعام: 72.
  • [28] سورة الشّورى: 13.
  • [29] سورة الرّحمن: 9.
  • [30] سورة يونس: 105
  • [31] سورة البقرة: 214.
  • [32] سورة الأنفال: 72.
  • [33] سورة آل ‏عمران: 52.
  • [34] سورة الأنعام: 34.
  • [35] سورة آل ‏عمران: 125.
  • [36] سورة البقرة: 250.
  • [37] سورة آل‏ عمران: 160.
  • [38] سورة الأنفال: 74.
  • [39] سورة التّوبة: 74.
  • [40] سورة الحجّ: 40.
  • [41] سورة الرّوم: 47.
  • [42] سورة الزّمر: 54.
  • [43] سورة غافر: 51.
  • [44] سورة محمّد: 4.
  • [45]  التّحقيق في كلمات القرآن، ج12، ص158.
  • [46] سورة محمّد: 7.
  • [47] العنوان المرمز بـ ج.
  • [48] سورة البقرة: 86.
  • [49] سورة البقرة: 120.
  • [50] سورة البقرة: 270.
  • [51] سورة آل ‏عمران: 22.
  • [52] سورة النّساء: 52.
  • [53] سورة النّساء: 145.
  • [54] سورة النّساء: 173.
  • [55] الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج‏3، ص558.
  • [56] سورة الأعراف: 197.
  • [57] سورة العنكبوت: 22.
  • [58] سورة الذّاريات: 45.
  • [59] سورة فصّلت: 16.
  • [60] سورة هود: 63.
  • [61] سورة هود: 113.
  • [62] الميزان في تفسير القرآن، ج‏11، ص51.
  • [63] سورة الأنبياء: 77.
  • [64] سورة المؤمنون: 65.
  • [65] سورة القصص: 41.
  • [66] سورة القصص: 81.
  • [67] سورة العنكبوت: 10.
  • [68] سورة الروم: 29.
المصدر
مجلة رسالة القلمر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى