ثقافة

المنبر الحسيني بين الهواية و الهويّة

الحمد والثناء لله الواحد الرحمن، واللطيف المنان، معلم الإنسان، (اللهم صلّ على محمد وآل محمد واجعلنا ممن جاسوا خلال ديار الظالمين واستوحشوا من مؤانسة الجاهلين، وسموا إلى العلو بنور الإخلاص، وركبوا في سفينة النجاة، وأقلعوا بريح اليقين، وأرسوا بشط بحار الرضا يا أرحم الراحمين.

 اللهم صل على محمد وآل محمد واجعلنا من الذين غلقوا باب الشهوة من قلوبهم، واستنقذوا من الغفلة أنفسهم، واستعذبوا مرارة العيش، واستلانوا البسط، وظفروا بحبل النجاة، وعروة السلامة والمقام في دار الكرامة.

 اللهم صل على محمد وآل محمد واجعلنا من الذين تمسكوا بعروة العلم، وأدبوا أنفسهم بالفهم، وقرؤوا صحيفة السيئات، ونشروا ديوان الخطيئات، وتجرعوا مرارة الكمد حتى سلموا من الآفات، ووجدوا الراحة في المنقلب)(1).

 مدخلٌ: قال تعالى: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللهِ هُوَ مَوْلاَكُمْ فَنِعْمَ المَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ}(2).

 من أعظم النعم والمنن الإلهية على الإنسان المؤمن أنّ مؤدبّه الله العزيز الكريم بالقرآن الحكيم والنبي صاحب الخلق العظيم(ص)، وأهل بيته المنتجبين(ع) من السميع العليم، وقد أولت الشريعة المقدسة اهتماماً كبيراً لمسألتي تربية النفس وتزكيتها من دنس الذنب والخطيئة والسعي نحو العلم والمعرفة، حيث كان الناس يعيشون في ظلمات الجهل والوهم وقذارة الرذيلة والظلم، فأخرجهم الله الرحيم الحليم على يد نبيّه الكريم بدينه العظيم من وحل الضلالة إلى نور الرسالة، قال تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى المُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ}(3).

 وقد برز بوضوح هذا الاهتمام في أقوال وأفعال وسلوك النبي(ص) والأئمة الأطهار(ع)، فقد ورد عن النبي الأكرم(ص): (أدّبوا أولادكم على ثلاث خصال: حب نبيكم، وحب أهل بيته، وقراءة القرآن)(4) وورد عنه(ص): (مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع)(5).

 ومن سلوكهم المربّي ما ورد عن أمير المؤمنين وسيّد المتقين(ع) في قصته مع العلاء بن زياد الحارثي وأخيه عاصم بن زياد، حيث كان العلاء مفرطاً في حب الدنيا وجمع المال وأما عاصم فكان مدبراً ظهره للدنيا صارفاً جلّ وقته للعبادة وتحصيل الكمالات الروحية، وذات يوم مرض العلاء فقصد أمير المؤمنين(ع) عيادته وهذا نص ما ورد عنه في نهج البلاغة.. (ومن كلام له(ع) بالبصرة وقد دخل على العلاء بن زياد الحارثي وهو من أصحابه يعوده فلما رأى سعة داره قال: (ما كنت تصنع بسعةِ هذه الدار في الدّنيا.

أما أنت إليها في الآخرة كنت أحوج، وبلى إن شئت بلغت بها الآخرة تقري فيها الضيف وتصل فيها الرحم، وتطلع منها الحقوق مطالعها، فإذا أنت قد بلغت بها الآخرة ـ أي أذا كانت هذه السعة وهذا الجاه من أجل أن يعينك لتحصيل السعادة المعنوية بخدمة المؤمنين والضيوف وصلة الرحم وتقضي بها الديون وتتصدق وتفعل بها الخيرات فلا بأس ـ فقال له العلاء ـ بعد أن تأثر بكلام الأمير(ع) ـ: يا أمير المؤمنين أشكوا إليك أخي عاصم بن زياد، قال وماله ؟ قال لبس العباءة وتخلى عن الدنيا.

 قال عليَّ به. فلما جاء قال: يا عديّ نفسه لقد استهام بك الخبيث ـ أي الشيطان ـ أما رحمت أهلك وولدك. أترى الله أحل لك الطيبات وهو يكره أن تأخذها ؟ أنت أهون على الله من ذلك.

 قال: يا أمير المؤمنين هذا أنت في خشونة ملبسك وجشوبة مأكلك. قال: ويحك إني لست كأنت، إن الله فرض على أئمة العدل أن يقدّروا أنفسهم بضعفة الناس كيلا يتبيغ بالفقير فقرُه)(6). يعني أن الزهد وسيلة وليس غاية.

هكذا كان سيّدُ الخلق أجمعين(ص) وأهلُ بيته الطاهرين(ع) يُعلّمون ويربّون أصحابهم المؤمنين، حيث كانوا يطبّقون أولاً ما يقولونه، ويفعلون ما يأمرون به، ولذلك كان لقولهم وفعلهم الأثر المباشر والسريع والفاعل في نفوس الناس من حولهم.

 واليوم حيث نعيش ألم الفراق ولوعة الفقد للإنسان الكامل الذي نستلهم منه روح الشريعة العظيمة ـ روحي لتراب مقدمه الفداء ـ، أصبحت مهمة التربية والتعليم والحفاظ على الدين والدفاع عن العقيدة على عاتق العلماء والخطباء والمثقفين من المؤمنين، وحيث إننا في رحاب مدرسة عاشوراء الحسين بن علي(ع)، صوت الحقّ والعدالة والحريّة، سنلقي الضوء حول دور المنبر التربوي ومسئولية الحفاظ على الهويّة الحسينية والمشروع الإلهيّ المقدس.

 مقـدمــةٌ: لم يكن الإمام الحسين بن علي(ص) طالب دنياً عندما خرج بأهل بيته وإخوته وأصحابه من المدينة رافضاً بيعة يزيد بن معاوية، بل خرج ليوقظ ضمير الأمة من نومته العميقة التي أحدثتها الحكومات الجائرة من خلال سياسة الترغيب والترهيب والتحريف، من أجل تحقيق مطامع وأغراض سياسية ودنيوية وشخصية، فبدأ تطبيق المشروع الإلهي المحمدي العلوي الفاطمي الحسني الحسيني، لإخراج الأمة من محنتها وضياعها بين ظلمات الجهل والرذيلة، بعد أن ابتلت بحكّام أضاعوا الهويّة الإسلامية، وحرّفوا التعاليم والقيم الدينية، وتجاوزوا علناً التكاليف الشرعية، وتجرؤوا على الكتاب العزيز والعترة الطاهرة النقية، فاحتاجت الأمة إلى حدثٍ يهزّ وجدانها ومشاعرها وضميرها لتستفيق من سباتها وتنتبه من غفلتها، فكان الثّمنُ لإصلاح ما فسد من أمة محمد(ص)، واقتلاع جذور الفساد وأسباب الانحراف، هو التضحية بأزكى وأطهر دم على وجه الأرض، فكانت عاشوراء الحسين(ع) والفداء والصدق والوفاء والعدل والعطاء والإيثار والولاء.

 وقد أجاد شاعر أهل البيت(ع) السيد جعفر الحلي (نور الله ضريحه):

   الله أيّ دم في كربلا سفكا                         لم يجرِ في الأرض حتى أوقف الفلكا

  وأيّ خيل ضلالٍ بالطفوف عدت                         على حريم رسولِ الله فانتهكا     إلى أن يقول… 

 فما رأى السبط للدين الحنيف شفاً                         إلا إذا دمــه فــي كـربــلا سُـفِــكَــا(7)    

ولقد تجسّد صوتُ الحسين(ع) الحرّ في جملة من الوسائل، ومن أهمّها المنبر الحسيني، وحاولت الفئة الضالة إسكات هذا الصوت بشتّى الوسائل، بالقتل والسجن والتعذيب وشراء الذمم وتحريف الحقائق، ولكن هيهات أن يخمدوا صوتاً يحمل هموم الإنسانية وحريتها وكرامتها وتطلعاتها، وهيهات أن يُوقفوا هذا المشروع الإلهيّ أو يُطفئوا نور الحسين(ع) لأنه من نور الله العزيز قال تعالى: {يُرِيدُونَ أَن يُّطْفِؤُواْ نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}(8).

 ومثلُ الطرح المنبري مثل بعض الأحكام المتغيرة بتغيّر موضوعاتها فلا تبقى أكثر مكوناته ثابتة، بل متحركة وتحتاج إلى مواكبة وإدارة تنسجم مع المستجدات، وما دُمنا نعتقد أنّ المنبر جزءٌ من ثقافة الناس ولا يمكن الاستغناء عنه فينبغي الرقيّ به إلى مستوى التحديّات وسدّ حاجاتهم، ومهمة تطوير وإنجاح هذه المؤسسة الحسينية العظيمة مسؤولية المجتمع بجميع أفراده وطوائفه، وعلى رأسهم خطيب المنبر الحسيني الذي تصدّى لأن يكون وعاءً من أوعية الفكر والوعي والثقافة الحسينية، ويحتاج ذلك إلى جد واجتهادٍ لتحقيق هذا الهدف على مستوى تربية النفس وتطهيرها من روح الرذيلة وملوثات الحسد والحقد والطمع وحب الذات والدنيا، والتحلّي بالأخلاق الحسينية وبروح الفضيلة والمثابرة نحو الصلاح والإصلاح.

 ولنخرج إلى كل منبر كما خرج الحسين(ع) (…وإني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي(ص)، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب…)(9).

 دور خطيب المنبر الرّسالي: كلُّ عمل أو نشاط لم يقترن بالعنصر الأخلاقي فهو مجّردٌ عن روح التأثّر والتأثير وخصوصاً النشاط الديني، وقد بيّن النبي الكريم(ص) ذلك المعنى في قوله (إنما بُعثت لأتمّم مكارم الأخلاق)، وخطيب المنبر الحسيني أحد أهم حَمَلَة هذه الرسالة العظيمة، ومن أكثر الوسائل والأدوات تفاعلاً وأثراً والتي أبقت وحافظت على الهويّة الإسلامية والمشروع الإلهي الحسيني هو المنبر، والذي هو وعاء من أوعية العطاء المحمديّ النقيّ ينضح بالعطاء الروحيّ والتربويّ والعلميّ، فلابد أن يتحلّى خطيب المنبر بمؤهلات ومواصفات وأخلاقيات المنبر الحسيني، وأهمها نجعله في سبع نقاط: الأولى: أن يستهدف الخطيب في منبره وجه الله تعالى قبل وبعد كل شيء، فإنّه إن حاد عن إلى هذا الهدف فإمّا إلى مكانةٍ أو مالٍ أو مصلحةٍ دنيوية أو شخصية وكلها أهدافٌ محدودةٌ وزائلةٌ، ولكن ما كان لوجه الله تعالى دام وبقي لأنه مربوطٌ بالدائم الباقي وما رُبط بالزائل يزول ويضمحل(10).

 ولذلك فإنّ ظاهرة الاختلاف والتنازع على الأجرة ظاهرةٌ سيّئةٌ في بعض صورها، حيث تكشف عن وجود خلل أو ضميمة مُخلّة بالقصد والهدف، وتُحوّل المنبر إلى دكّان لعرض بضاعةٍ لا ترتفع به عن هذا المستوى وتعجّل بنهايته، وأنا لا أقول أنّ الخلل يصدر من الخطيب دائماً، بل يتحمّل المسؤولية الطرفان ـ الخطيب والمتولّي على المنبر ـ في انتشار حالة من حرف الهدف المنبريّ عن مساره، وجعله صورة من صور المعاملات السوقيّة الماديّة والدنيوية، ممّا أدّى إلى خلق حالة من ردّة الفعل عند الكثير من الناس تجاه خطيب المنبر، تُصوّره طالب دنيا ممّا أدّى إلى اختلال الثقة به، وبالتالي يفقد موقعه الحقيقي في كونه قدوةً ومعلماً ومرشداً وهادياً وداعياً إلى الله عزّ وجل.

 إذاً لابد لنا من منطلق المسؤولية في الحفاظ على هذا المشروع الإلهي، وعلى هذه الرسالة المحمدّية، وعلى تلك الدماء الطاهرات التي سالت على أرض كربلاء لتُحيي فينا الضمائرَ الميّتة وتُشفي القلوبَ المريضة وتُوقظ النفوس الغافلة، بأن نترفّع عن مثل هذه المظاهر التي تعمل على تشويه المؤسسة الحسينية وضياع الهدف الإلهي، وأن يُعطى الخطيب حقّه وأجره المتعارف لأمثاله، وأن لا يجعل الخطيب الأمور الماديّة هي هدفه وغايته من ارتقاء المنبر الحسيني، وأن يجعل ثقته بالله العزيز وحده، ويطلب بذلك وجهه فهو الموفّق وهو الرزّاق الكريم.

 قال تعالى: {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىَ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إلى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}(11).

 الثانية: يعتمد المنبر الحسيني على المستوى العلمي، فلابد للخطيب أن يتحلّى بمستوى علمي يستطيع به التعامل مع النصّ الشرعي وفهمه من الكتاب العزيز وسنّة المعصوم المباركة، ورد عن النبي المصطفى(ص): (إنّي أوشك أن أدعى فأجيب، وإنّي تاركٌ فيكم الثقلين: كتاب الله عزّ وجلّ، حبلٌ ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، وإن اللطيف الخبير أخبرني أنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض، فانظروا بِمَ تخلفوني فيهما)(12).

ولا يمكن للخطيب أن يتعامل ويتفاعل مع النص الشرعي بدون مستوى علمي جيّد.

 وعلى الخطيب أن يعتمد الوسائل والقنوات الموثوقة التي تحمل الفكر الإسلامي الأصيل، لأن الخطيب يتحمّل مسؤولية نقل المعلومة إلى الجماهير التي ستتفاعل وتتأثر بها وسينعكس ذلك على أفعال وسلوك المجتمع سلباً وإيجاباً، فلا يكون الاسترزاق من المنبر على حساب فقه وعقائد الناس، فلعلّ معلومة فقهية خاطئة تكلّف المستمع الكثير، فإنّ عدم الدّقة وكثرة الاشتباه في نقل المعلومة يخلق ردّة فعل عنيفة عند الناس تجاه الخطيب وربّما تجاه الدين في بعض الحالات.

 الثالثة: ارتفاع ممارسة العمل المنبري عن إرضاء القاعدة الهابطة أو النزول إلى رغبات الشارع على حساب الحقائق والقيم الدينية، وعلى أشلاء العقل والذوق العرفي لتحصيل مكانة أو سمعة أو ثناء أو استقطاب جمهور من أجل سحب البساط من تحت رجلٍ آخر، فالطعام الجيد لا يضرّه أن لا يتذوّقه الآخرون، ولا ينفع الطعام الرديء أكل الكثير إليه(13).

 ولا ينبغي أن ينصبّ همّ الخطيب على اجتماع غني بالعدد والتفاعل مع النعي وإن كان بفكرٍ فقير في النوعية، بل على الخطيب أن يرتقي بالناس إلى مستوى الفكر والوعي الحسيني الأصيل.

ولا بد أن يختار الخطيب الطرح المناسب للمكان ومستوى الحضور وملاحظة الظروف المحيطة المناسبة، فليس استخدام المصطلحات الكثيرة في الخطاب دليل على المستوى العلمي، وليس دائماً طرح البحوث العميقة والدقيقة التي تناسب طبقة معينة من المثقفين أمرٌ سليمٌ ومطلوبٌ، بل لابد من مراعاة الظروف المحيطة بالمكان والزمان ومستوى الحضور وجوّ المناسبة.

 الرّابعة: الارتباط بالصالح العام وعدم تحويل المنبر إلى قناة يستخدمها الخطيب لخدمة جهات أو تيارات سياسية وغيرها لأغراضٍ شخصيةٍ أو مناصب دنيويةٍ لا ربط لها بخدمة الدين والمجتمع الإسلامي، وأرجو أن لا يلتبس الأمر على القارئ فيحسب أنّي أريد أن أجرّد المنبر من التدخّل في المسائل السياسية والاجتماعية ومعالجة مواطن الخلل في جسم الأمة الإسلامية، بل أريد أن يكون التقويم مرتفعاً عن الهدف الشخصي ويصبّ في المصلحة الإسلامية وخدمة المجتمع بجعله مجتمعاً مترابطاً متفائلاً واعياً مستقراً.

 وأمّا الدفاع عن الرموز والمقدسات والقيادات الدينية والمحافظة عليها، كالأنبياء والأئمة(ع) والمرجعيات الدينية، وكبيت الله الحرام والمشاهد المشرفّة، فهو واجبٌ مقدّسٌ على كل فردٍ مسلم، والمنبر أحد أهم المواقع الدفاعية والدروع المضادة من اختراق فكر المشككين ونظريات المغرضين وسخرية المارقين والكافرين.

 الخامسة: على الخطيب الموجّه والقدوة أن لا ينتقد أمراً وقد ابتلى به، ولا يقاوم فكرةً وهو متلبسٌ بها، وينهى عن فعل وهو مشغولٌ به، فإذا لم يتأثر بنصحه ووعظه فإنه لن يُؤثر في نفوس الآخرين.

 قال تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ}(14)، وقال عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ.كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللهِ أَن تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ}(15).

 وعن أبي عبد الله الصادق(ع): قال رسولُ الله(ص):(إن أشدّ الناس ندامةً وحسرةً رجلٌ دعا عبداً إلى الله تبارك وتعالى فاستجاب له وأطاع الله، فأدخله الله الجنة وأدخل الدّاعي النّار بتركِ عمله واتّباعه هواه)(16).

 وهنا قصةٌ يذكرها الخطيب الشيخ محمد باقر المقدسي ـ وفقه الله تعالى ـ عن والده مع الشيخ جعفر التستري(ره)، فيقول: كان العالم العامل والواعظ الزاهد الشيخ جعفر التستري يعظ الناس في الجهة الشمالية من الصحن الحيدري قرب التكية، وكنت أحضر مجلسه ووعظه، وكان قويّ التأثير نافذ القول، يجتمع حول منبره الكثير من العلماء وأبناء البلد.

 وفي يوم جاءه رجل من أهل الزهد فسأله أن يعظ الناس في الغد ويفهمهم سوء مغبّة الترف؛ لأنّ نسيجاً أجنبياً وفَدَ على العراق يُعرف بـ(الكَرمسود) وهو يعلو بثمنه عشرات المرّات على اللباس المتعارف، وتقاوم بوعظك الأجنبي لئلا ينتفع من بلادنا ويسلب ثروتنا، كما تجعل المساواة بين الغنيّ والفقير باقية، فاستحسن منه ذلك وما أن جاء اليوم الثاني والسائل ينتظر منه الدّخول في الموضوع، وإذا بالشيخ كأن لم يُسأل، فوجّه أسباب التأخر، وتصوّر أنه سيطرح الموضوع في اليوم التالي، وإذا به لم يفعل، فقال: لعلّ الشيخ بدا له رأيٌ وهو أعرفُ بما يبدو له، ولكنه لم ينقطع عن سماع وعظه والحضور في مجلسه، غير أن الشيخ في اليوم العاشر طرق الموضوع طرقاً عنيفاً وتبسّط في وعظه، فإذا بمن كان لابساً من ذلك النسيج ودّ أن الأرض ابتلعته ليرتاح من مشاهدة المستنكرين له، وبعد الفراغ من وعظه جاءه السائل فقبّل يده وقال: جزاك الله خيراً، ولكنّي أريدُ أن أعرف سبب التأخير؟ فتنفّس الشيخ الصعداء وقال له: يا أخي إنّي رأيت أن لا أنهى عن أمرٍ وربما عندي ما يشبهه؛ لذا رأيت أن أحاسب نفسي أولاً، فإذا بي لم أجد شيئاً، ثم فتّشت زوجتي فلم أجد شيئاً، فصرت أذهب إلى من أعول بهم أو أؤثر عليهم مباشرةً كابن أخي وزوجته وصهري وابنتي، وإذا بعد فحصٍ دام عشرة أيّام توثّقت خلالها من انعدام الشيء الذي أنوي استنكاره.

 لذا ترى أثر الموعظة في النفوس بالغاً(17).

 وصدق النبي الكريم(ص) (مثلُ الذي يُعلّم الخيرَ ولا يعمل به، مثل السّراج يُضيء للناسِ ويحرقُ نفسه)(18).

 وقول أبي الأسود الدؤلي:   يا أيها الرجلُ المعلمُ غيرَه                         هلاّ لنفسك كان ذا التعليمُ 

 تصفُ الدواءَ لذي السقام وذي الضّنى                         كيما يصحّ به و أنت سقيمُ  

وأراك تُصلحُ بالرّشادِ عقولنا                         أبداً وأنت من الرشادِ عقيمُ  

فهناك تُعذرُ إن وعظت و يُقتدى                         بالقولِ منك و يُقبلُ التعليمُ  

لا تنهَ عن خلقٍ و تأتيَ مثلهُ                         عارٌ عليكَ إذا فعلتَ عظيمُ   

 السادسة: التركيز على الهدف المهدويّ المقدّس، إذ على الخطيب أن يذّكر الناس ويربطهم بالإمام الغائب# وبيان الهدف الإلهي من دولة الإمام المهدي#، والدفاع عن هذه العقيدة المقدّسة بدفع الشبهات والأباطيل وفضح المخطط الغربي في اجتثاث هذه العقيدة من نفوس المؤمنين أو التشكيك فيها.

 وخصوصاً عندما نرى آثار هذه الحملة الخبيثة، حيث غاصت الناس في ملذّات الدنيا وابتعدت عن الحقيقة والجوهر وانخدعت بالوهم والمظهر فارتبطت بالمادة والمحسوس، وكلّما ظهرت النظريات الحديثة والاكتشافات العلمية وتطوّرت الأجهزة الإلكترونية، انبهر الناس بها وأفرطوا في التفاعل معها ممّا أدى إلى وجود حالةٍ من الرّبط الساذج بين الاكتشافات والإنجازات العلمية لبلاد الغرب، والتفاعل مع النظريات الفكريّة والعقائدية لها، فلو قال مكتشف الذرة أو مخترع الطائرة أنّ وجود رجلٍ يسمّى المهدي عمره أكثر من ألف سنة غير ممكن عقلاً ويستدل بأن العلم يرفض مثل هذه النظريات التي تربط الإنسان بعالم الوهم والخيال، لتفاعل الكثير من الناس بل من نفس المسلمين مع كلامه لأنه قول مكتشف أو مخترع جهاز معيّن.

 وقد أدّى ذلك إلى اختراق الهويّة وتمييعها والتشكيك في المعتقدات الدينية وزعزعتها، ومن أهم المعتقدات التي عمد المخطط الغربي الكافر لحرفها والتشكيك فيها العقيدة المهدوية.

 وتحرّكت الأقلام المأجورة ونطقت الأفواه النتنة لتشكك الأمة في إمامها ومنقذها وراعيها، ويحتاج ذلك إلى التصدّي بمستوى الحملة البغيضة والمخطط الدنيء برفع مستوى الوعي الديني والعقائدي، وخصوصاً عقيدة وجود الإمام الثاني عشر ودوره في قيادة المشروع الإلهي العظيم وقيام الدولة المباركة عند المجتمع المسلم ما يمنع من اختراق وتأثير الفكر والنظريات الحديثة والعقائد المنحرفة.

فلابد للخطيب أن يتّخذ المنبر رسالة وهوّية لا هواية، وأن يحمل هذه الرسالة وهذه الهويّة الحسينية بأمانة وإخلاص إلى الأجيال، لكي نصنع مجتمعاً صالحاً قادراً على قيادة الحياة ومُمهّداً لدولة الإنسان الكامل دولة الإمام الحجة ابن الحسن#.

 السابعة: تتبُّع الخطيب للأخبار المحليّة والعالمية، وأوضاع المجتمعات وأحوال الشعوب، والاطلاع على النظريات الحديثة وخصوصاً ما له ربط بالدين والعقيدة، ليضع اليد على الجراحات ويكون قريباً من آلام وحاجات الناس، فالخطيب البارع هو الذي لا يقتصر على سرد سيرة المعصوم فقط، بل القادر على إحياء ما قامت من أجله السيرة وإيصال المجتمع إلى الهدف من خلال قراءة تحليلية للسيرة وبيان مواقع الغموض فيها وتوضيح ما ظاهره التناقض والتعارض بين أقوال ومواقف المعصوم(ع)، وربط الواقع بسيرة المعصوم المباركة ليعيش الفرد وعياً تاريخياً وعقائديا ودينياً، ما يكون له درعاً واقياً من اختراق الثقافات الملوثة والنظريات المسمومة، ويُساهم في تربية المجتمع من خلال طرح المشاكل الأخلاقية والاجتماعية المنتشرة وإيجاد الحلول المناسبة لها، فكم من عاصٍ تراجع عن غيّه فتاب من ذنبه عند سماعه موعظة الخطيب الحسيني، وكم من شخصٍ جاد بالمال عندما استعرض الخطيب قصّةً من الواقع تبيّن ألم الفقر وأثر السخاء وثوابه ومضرات البخل وعواقبه، وكم من إنسان اعترته الشبهات حول قضايا الدين، فتبدّدت شبهاتُه بفضل استماعه حديثاً من خطيبٍ حسيني، وهكذا كلمّا كان الخطيب أكثر اطّلاعاً وثقافةً بما حوله، كان أكثر دقةً وفائدةً وعطاءً لمن حوله.

التأثّر والتأثير بين السلب والإيجاب: من الطبيعي أن يتفاعل الإنسان ويتأثر بما حوله، وهذا التأثر بالمحيط الاجتماعي والبيئي تارةً يكون إيجابياً وآخر سلبياً، وينعكس ذلك على أقوال الفرد وأفعاله، فمثلاً: الإنسان الذي يعيش بين مجتمع محافظ ومتديّن، تكون فرصة اكتساب صفات الفضيلة بالنسبة إليه أكبر ممن يعيش في مجتمع ومحيطٍ تسوده صفة الفوضى والرذيلة، ومَن اتّخذ صديقاً صالحاً وجليساً عالماً فإنه سوف يكتسب الصلاح والعلم، ومَن كان خليلُه طالحاً وجليسه جاهلاً سيكتسب الطلاح والجهل.

عن أمير المؤمنين(ع): (فساد الأخلاق بمعاشرة السفهاء، وصلاح الأخلاق بمنافسة العقلاء، والخلق أشكالٌ فكلٌّ يعمل على شاكلته، والناس إخوانٌ، فمن كانت أخُوَّتُه في غير ذات الله فإنها تحوز عداوة، وذلك قوله تعالى: {الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِيْنَ})(19).

 ونحن إذ نعيش في زمنٍ وبيئةٍ مليئةٍ بالاختلافات والصراعات بين الأديان والطوائف والتيارات، وسيطرة ثورة الاتصالات والإعلام والدّعايات وأثرها على ثقافة وطريقة حياة الفرد والمجتمع، نلمس بوضوح حالة التأثر والتأثير الشديدين بين السلب والإيجاب، وبما أنّ الخطيب فردٌ من هذا المحيط فإنه في معرض التأثر والتأثير.

 وكلّ إنسان بيده تحديد نوع التأثر والتأثير ـ سلباً وإيجاباً ـ باختيار الجهة والطريقة التي يكتسب منها علمه وثقافته وفكره وأدبه وسلوكه وخلقه، فيجب على الخطيب الرساليّ أن يُبعد الحسابات المادّية والعاطفيّة والانتماءات الحزبيّة عن منبره، وأن لا يستجيب لنداء النفس الأمارة، أو لإغراءات ومساومات جهات سياسية أو تكتلات طائفية تجعل منه آلةً ومزماراً للوصول لأغراضها ومصالحها الشخصية والدنيوية.

فكم من إنسان كان يؤمن بمبادئ وقيم وثوابت، وفجأة يتخلّى عن تلك المبادئ والقيم، فيصير الحلال حراماً والحرام حلالاً، ويصبح الظلم عدلاً والعدل ظلماً، ومن أهم العوامل هو تــأثّـره بمنصبٍ وظيفيّ، أو بسلوك المحيط الأسري كالأب والأم والزوجة أو بنظريّة وفكر غربي غريب أو بفتاوى تخدم ميولاته ورغباته ومصالحه.

 وبما أنّ الخطيب الحسيني موظفٌ للمشروع الحسيني المبارك والتمهيد للدولة المهدويّة الكريمة، فلابد أن ينتهج نهج الحسين وأبناءه المعصومين(ع)، فيأخذ علمه منهم ويتخلّق بأخلاقهم فإنهم باب الله الذي منه يُؤتى، ومَنْ عندهم علم ما كان وما يكون. روى الكليني(رض) بإسناده عن الصيرفي قال: (سمعت أبا عبد الله [الصادق(ع)] يقول: إنّ عندنا ما لا نحتاج معه إلى النّاس، وإنّ الناس ليحتاجون إلينا، وإنّ عندنا كتاباً إملاء رسول الله وخطّ علي، صحيفةٌ فيها كلّ حلالٍ وحرامٍ)(20).

 صحيحٌ أن الخطيب يحصل على الأجر والثواب عند ذكره مصيبة الإمام الحسين(ع) وإبكاء المستمعين، وكذلك المستمع يحصل على الثواب الجزيل عندما يذرف دموعه في المجالس الحسينية، لكننا نحتاج إلى منبر متكامل يؤثر الأثر المطلوب، منبر يعمل على تعبئة المجتمع ويمدّه بالطاقة الحسينية والصمود الزينبي، ويبعث الأمة على النشاط والتحرّك نحو الإصلاح واجتثاث الفساد وتغيير الواقع إلى الأفضل، فالمنبر عَبرة وعِبرة وهذا ما تعنيه كلمة (أحيوا أمرنا)، فالإحياء الكامل هو ما اشتمل على العبِرة وهو الجانب العلمي عبر الاستفادة من سيرة المعصوم(ع)، وأحوال الأنبياء(ع) والأمم السالفة من خلال القصص القرآني، والعَبرة وهو الجانب العاطفي أي الدمعة والحرقة على مآسي ومصائب أهل البيت(ع)، التي تفتح شغاف القلب لتلقّي الفيوض الإلهية، وتشحن النفس شعوراً وإحساساً بالمسؤولية، وتسمو بالروح إلى مرحلة الصفاء والنقاء ببركة النبي وآله عليهم أفضل الصلاة والسلام، وإنّ إحياء جانبٍ وإهمال الآخر يكون إحياءً ناقص التأثير.

 قال الشيخ هادي كاشف الغطاء في منظومته المعروفة بالمقبولة الحسينية:

  جـديـــرةٌ بالفضــل والثنــــاء                         مجـالـــسٌ تُعقــــدُ للعــــزاءِ

  يُقيمهـــا الرجـــالُ والنســــاءُ                         يدعــو إليهــا الحـبّ والولاءُ

  مصابُ أهل البيتِ فيها يُذكرُ                         وذنبُ مَن يبكي عليهم يُغفرُ

  يُنشرُ فيهـا ذكرُ أهـل الذكــر                         يَحيــا بهــا أمــرُ ولاةِ الأمر

  مجالـسٌ قــال الإمام مُعلنــا                         إنّــي أحبُّهــا فأحيــوا أمرنــا

  دعـا لمُحيي أمرهم بالرحمـة                         فيــا لهــا مـن مِنّــةٍ ونعمــة(21)   

 خاتمة: إنّ النهضة الحسينية المباركة لم تكن فئويّة ولا طائفيّة بل إسلاميّة عالميّة، ثورةٌ حملت هموم المسلمين والمستضعفين في العالم، حركةٌ رفعت شعار التوحيد للأمة الإسلامية، نهضةٌ انطلقت تُرفرف راياتُها بشعارِ لا إله إلاّ الله محمد رسول الله(ص)، هدفُها الصلاح والإصلاح بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يقودها الحسين بن علي بن أبي طالب(ع)، ابن بنت رسول الله(ص)، رمز العدالة والحريّة.. رمز البطولة النبويّة.. رمز الكرامة الإنسانية، نسلُ الطهارة والصفاء والنقاء، نسلٌ تقلّب في أصلاب الطاهرين والأولياء، لم تُدنّسه الجاهلية بأنجاسها ولم تُلبسه من مُدلهمات ثيابها.

 نعم فهو إمامٌ لجميع المسلمين وليس للشيعة فقط، فقد ضحّى من أجلهم ولحفظ كرامتهم وسلامة دينهم، وإذا كان المسلمون يدينون بالإسلام فهو ببركة النهضة الحسينية، والتضحيات المخلصة.

 فللإمام الحسين(ع) حقٌّ على جميع المسلمين، ومن واجبهم إحياء ذكراه والتمسك بهديهِ وخطاه، من أجل كرامة الإسلام والمسلمين بل من أجل كرامة الإنسان.

 فواقعة كربلاء لم تكن حدثاً عابراً في صفحات التاريخ، بل هي حركةٌ ونهضةٌ تنبض بالحياة لأنها قضيّة الصراع بين الحق والباطل، بين الخير والشر، بين العدل والظلم، بين الإيثار والأنانية بين المبادئ والقيم السامية وبين المصالح والمطامع الوضيعة.

 سيديّ يا أبا عبد الله.. لَئِن قُطع رأسُك الشريف، ذلك لترفع به رأس الإسلام عالياً ألا وهو شعار لا إله إلاّ الله محمدٌ رسول الله، سيدي.. لئن فتّ قلبَك السهمُ المثلث ذلك لتفدي به قلب الإسلام، ألا وهو القرآن والعترة المعصومة، سيدي يا حسين.. لئن كَسّرَتْ صدرك خيولُ الأعوجية ذلك ليبقى جسدُ الإسلام سالماً ألا وهو الأمة الإسلامية. فسلامٌ عليك يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تُبعث حيّاً.. عظّم الله لك الأجر سيدي يا صاحب العصر والزمان..   مـــاذا يهيـجـــك إن صبــر                         ت لـوقــعـــة الطــف الفظيــعـــة   أتــــرى تــجــــيءُ فجيعــــةٌ                         بأمـضّ مــن تلـك الفجيـعــــة   حيث الحسين علــى الثـــرى                         خيلُ العـدى طحنت ضلوعــه   قـَتــلتــْـــــه آلُ أمــيــّــــــــة                         ظــام إلى جـنـب الشريـعــــة   ورضيـعُــه بـــدم الـــوريــــ                         ــد مخضــبٌ فـاطلـب رضيعـــــه   يـا غيــــــرةَ اللّـــه اهتفــــــي                         بحـميّـــةِ الـدّيـن المنيعـــــــة   وظُبـــــا انتقــامِــك جـــرّدي                         لِطُلـــى ذوي البغــيِ التليعـــة   ودعِـــي جـنـــود الله تمـــ                         ـــلأ هـذه الأرض الوسيعـــــة   مــا ذنــبُ أهــل البيـت حتــ                         ـــى منهــمُ أخلــوا ربوعــــــه   تـــركــوهـــمُ شــــتّــى مــــصــــا                         ئــبهُم وأجمـعُـهـــــــا فضيـعـــــــة(22)     {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إلى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي}(23)، السلام على الحسين وعلى عليّ بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين.

 وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين، وصلى الله على سيدنا وشفيع ذنوبنا محمد وآله الطاهرين.

المصادر والهوامش

  • (1) الصحيفة السجادية الإمام زين العابدين(ع) ص 472.
  • (2) سورة الحـج، الآية 78.
  • (3) سورة آل عمران، الآية 164.
  • (4) ميزان الحكمة – محمدي الريشهري ج 4 ص 3680.
  • (5) المستدرك 1/ 197.
  • (6) -نهج البلاغة- خطب الإمام علي(ع) ج 2 ص 187 ص188.
  • (7) رياض المدح والرثاء ص 230 للسيد جعفر الحلي.
  • (8) سورة التوبة، الآية 32.
  • (9) من وصيته(ع) لأخيه محمد بن الحنفية.
  • (10) اقتباس من كتاب تجاربي مع المنبر للشيخ الوائلي(ره).
  • (11) سورة هود، الآية 88.
  • (12) مسند أحمد، المجلد 4: 48، الحديث 11148.
  • (13) استفادة من كتاب تجاربي مع المنبر للشيخ الوائلي (ره).
  • (14) سورة البقرة، الآية 44.
  • (15) سورة الصف، الآيتان (2ـ3).
  • (16) مشكاة الأنوار 141.
  • (17) دور المنبر الحسيني في التوعية الإسلامية للشيخ محمد باقر المقدسي ص222.
  • (18) عدّة الداعي: 70.
  • (19) ميزان الحكمة – محمدي الريشهري ج 2 ص 1582.
  • (20) أصول الكافي 1: 15 نقلاً من كتاب دور المنبر الحسيني في التوعية الإسلامية.
  • (21) المقبولة الحسينية: ص46 للشيخ هادي كاشف الغطاء (ره) المتوفى سنة 1361.
  • (22) رياض المدح والرثاء: 50 للسيد حيدر الحلي (عطّر الله مرقده).
  • (23) سورة الفجر، الآيات (27) (28) (29).
المصدر
مجلة رسالة القلم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى