ثقافة

وقفات عقائدية في أدعية أهل البيت (ع)

يقول الله تعالى في كتابه العزيز: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}(1).

إن المتتبّع لمنهج أهل البيت (ع) في الدّعاء يرى بوضوح ما للدعاء من اثر كبير في صقل ورسم الشخصية الإسلامية واستكشاف أغوارها وذلك على جميع الأصعدة.

فلم يكن الدّّعاء عند أهل بيت العصمة والطهارة (ع) مجرد تبتلات تدعو إلى الخنوع والاستسلام لأي واقع ولو على حساب قيمة الإنسان ومبادئه، بل كانت ادعيتهم «صلوات الله عليهم» تحمل الخضوع والتسليم للمعبود بأعلى درجاته، وفي نفس الوقت كانت تحمل الشعور بعزّة الارتباط بالله في قبال ما هو دون الله هذا من جهة، ومن جهة أخرى كانت ــ ادعيتهم ــ تصنع الإنسان الذي يشعر بمعيّة الله دائماً، الإنسان الذي يشعر بوجود الله وأنه اقرب إليه من حبل الوريد. 

وفي هذه الأسطر محاولة للوقوف على بعض أدعيتهم (ع) والتي تمثّل مشعلاً يضيء لنا الطريق في شتى مجالات الحياة، محاولة لتبيين أن الدّعاء من قبل أهل البيت (ع) معالجة صريحة لكثير من القضايا وعلى شتّى الأصعدة سواءً العقائدية أو الأخلاقية أو غيرها الأمر الذي نحتاج إليه في مسيرتنا في هذه الحياة التي تآمرت فيها القوى الشيطانية لاختلاس روح الإنسان المسلم وعقله، وبأرقى التقنيّات الجذّابة، وهذه السطور وقفات مع الدّعاء لارتشاف معين ولو بسيط من أنفاس أئمتنا الأطهار (ع) مما ذكروه في ادعيتهم مما يمثّل منهجا يجيب على احتياجات أنفسنا ويصمد أمام تحديات هذا الزمن الذي التصق بالماديات وجعل غشاوةً على القيم والمبادئ، وسوف يكون السعي للوقوف على احد هذه الحقول واستكشاف بعض ملامح هذا الحقل ألا وهو: الحقل العقائدي، آمل أن أوفق في الوقوف على بعض الحقول الأخرى مستقبلاً.

 فالكلام فعلاً سوف يكون في الحقل العقائدي. 

الحقل العقائدي:  ويعدّ هذا الحقل من أهم الحقول التي لابدّ أن يعتنى بها، ذلك لأنه يمثل الأساس والأصل الذي تبتني عليه الفروع.

 وسوف يتبين من خلال هذه الأسطر إن شاء الله كيف أن مسألة الدعاء لها دورٌ فاعل في تثبيت العقيدة بل صناعة العقيدة السليمة.

ومن المسائل التي سوف يتم التطرق اليها هي المسائل الأم وهي: توحيد الله ومعرفته، العدل، النبوة والإمامة، المعاد. 

أولاً: التوحيد ومعرفة الله:  لقد تخبّط الكثير من ذوى المعتقدات والمذاهب في هذه المسالة فكلٌّ فهم التوحيد بمعنى معيّن، وأدّى الفهم الخاطئ لمسألة التوحيد في كثير من الأحيان إلى إثبات النقص لله تبارك و تعالى من خلال الصاق صفات النقص به تارة، وتشبيهه بكيفيات يجلّ عنها تارة أخرى وهكذا، ولكن في المقابل يقف مذهب أهل البيت (ع) من خلال جانب الدّعاء وقفةً تزيل الغشاوة عن الحقيقة وتبين التوحيد بأعلى معانيه وأصدقها فتنفي عن الله كل نقص وتثبت له كل كمال، وتطرح أرقى معاني المعرفة والتصديق بالله، هذه الوقفة مع الدّعاء تناغم الفطرة فتحييها وتخاطب العقل فيذعن لها وتنادي الضمير فيتجاوب معها. 

فها هو أبو عبد الله الحسين (ع) في دعاءه في يوم عرفة يُبيّن هذه الحقيقة بما تحمل من أعمق المعاني وأجلّها، يناجي ربّه يوم التاسع من ذي الحجة في عرفه مناجاة العارف الحقيقي بمعبوده الأقدس قائلاً «كيف يستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك، أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتى يكون هو المظهر لك، متى غبت حتى تحتاج إلى دليل يدلُّ عليك، ومتى بعدت حتى تكون الآثار هي التي توصل إليك»(2). 

وفي موضع آخر من نفس الدعاء (يا الله يا الله يا بديء يا بديع لا ندّ لك، يا دائماً لا نفاد لك يا حياً حين لا حي). 

ومن دعاء لزين العابدين (ع): «الحمد لله الذي لم يشهد أحدا حين فطر السموات والأرض، ولا اتخذ معينا حين برأ النسمات، لم يشارك في الإلهية ولم يظاهر في الوحدانية كلّت الألسن عن غاية صفته وانحسرت العقول عن كنه معرفته.(3)  وفي دعاءٍ آخر مروي عن السجاد (ع) من بعض ما جاء فيه: «يا من هو احد بل ضد، يا من هو فرد بلاند يا من هو صمد بلا عيب يا من هو عزيزٌ بلا ذل، يا من هو غنيّ بلا فقر، يا من هو ملكٌ بلا عزل، يا من هو موصوفٌ بلا شبيه»(4). 

وفي دعاء لأمير المؤمنين (ع):  «يا من دلّ على ذاته بذاته، وتنزّه عن مجانسة مخلوقاته، وجلّ عن ملائمة كيفياته، يا من قرب من خطرات الظنون وبعد عن لحظات العيون وعلم بما كان قبل أن يكون»(5). 

وفي دعاء آخر للأمير (ع) جاء فيه:  «يا من لا تحويه الفكر ولا يدركه بصر ولا يخفى عليه أثر»(6). 

ومن دعاء للسجاد (ع) أيضاً في هذا الجانب:  «الحمد لله الأول بلا أول كان قبله والآخر بلا آخر يكون بعده الذي قصرت عن رؤيته أبصار الناظرين وعجرت عن نعته أو هام الواصفين»(7). 

ودعاء آخر لسيد الساجدين (ع) أيضاً:  «أنت المسبّح في كل مكان، والمعبود في كل زمان، والموجود في كل أوان والمدعو بكل لسان»(8). 

وفي دعاء عظيم الشأن مروي عن الإمام الحجة (ع) مما جاء فيه: «يا باطناً في ظهوره، وظاهراً في بطونه ومكنونه، يا مفرّقاً بين النور والدّيجور، يا موصوفاً بغير كنه ومعروفاً بغير شبه حادّ كل محدود وشاهد كلّ مشهود، وموجد كلّ موجود، ومحصي كلّ معدود وفاقد كلّ مفقود، ليس دونك من معبود أهل الكبرياء والجود، يا من لا يكيّف بكيف، ولا يؤيّن بأين يا محتجباً عن كلّ عين يا ديموم يا قيوم وعالم كلّ معلوم»(9). 

وغيرها من الأدعية التي وردت عنهم (ع) أغض الطرف عنها خوف الإطالة. هذا من جهة توحيد الله ومعرفته. 

الجانب الثاني من حقل العقائد:  عدل الله سبحانه وتعالى:  وهنا نرى أن أدعية أهل البيت (ع) توضّح عدل الباري بمستوى يفوق فهم البشر، نرى ذلك التعبير العميق الذي يقضي إلى اطمئنان النفس بأن لا وجود لتصوّر الظلم في ميزان الله سبحانه، بل يشيرون في كثير من ادعيتهم إلى أنه إن كان هناك خوفٌ من الله فهو خوف من عدله سبحانه و تعالى. 

فها هو إمامنا السجاد (ع) يرينا كيفية التعامل من قبل الله تجاه هذا الإنسان الذي طالما تباعد عن ربه وتمادى على خالقه، وإن كان الإمام (ع) في أرفع مراتب القرب من الله. فها هو يخاطب المولى جل وعلا: «إلهي إن عفوت فمن أولى منك في العفو، وإن عذّبت فمن أعدل منك في الحكم»(10). 

ومن دعاء له أيضاً في يوم الأضحى والجمعة يخاطب الله فيه بقوله: «وقد علمت أنه ليس في حكمك ظلم ولا في نقمتك عجلة وإنما يعجل من يخاف الفوت وإنما يحتاج إلى الظلم الضعيف وقد تعاليت يا إلهي عن ذلك علواً كبيرا»(11). 

ومن دعاء للسجاد (ع) أيضاً «يا من لا يرجى إلاّ فضله، يا من لا يسأل إلاّ عفوه يا من لا ينظر إلاّ برّه يا من لا يخاف إلاّ عدله(12).  ومن دعاءٍ لزين العابدين (ع) أيضاً:  «فسبحانك ما أبين كرمك في معامة من أطاعك أو عصاك، تشكر للمطيع ما انت توليته له، وتملي للعاصي فيما تملك معاجلته فيه، أعطيت كلاً منهما ما لم يجب له، وتفضّلت على كلّ منهما بما يقصر عمله عنه ولو كافأت المطيع على ما أنت توليته لا وشك أن يفقد ثوابك… هذا يا إلهي حال من أطاعك وسبيل من تعبد لك فأما العاصي أمرك والمواقع نهيك فلم تعاجله بنقمتك لكي يستبدل بحاله في معصيتك حال الإنابة إلى طاعتك». 

وفي فقرة أخرى من نفس الدعاء: «فتباركت أن توصف إلاّ بالإحسان وكرمت أن يخاف منك إلاّ العدل، لا يخشى جورك على من عصاك، ولا يخاف إغفالك ثواب من أرضاك»(13). 

الثالث والرابع: مسألة النبوّة والإمامة:  وهذا جانب آخر من جوانب العقيدة اهتمت به أدعية أهل البيت (ع) وهو تثبيت مسالة النبوّة والإمامة. فالمتتبع لادعيتهم (ع) يرى الاهتمام البالغ في هذا المجال مما يدلل على أن أئمتنا (ع) كانوا يريدون أن يبقى الارتباط بالنبي (ص) والإمام (ع) ماثلاًً باستمرار في كل تحركاتنا ليكون التحرّك تحركاً مبتنياً على أسس صحيحة متينة بعيداً عن هوى النفس وما تملى، وبعيداً عن ضلال المتشبثين بمبتكرات فكر الأرض، فإن نفس الارتباط بخط محمد وأهل بيته الطاهرين يعطي ضماناً في الثبات على الدرب الشاق الطويل الذي لا ينحو فيه من تقدم أو تأخر عنهم بل ينجو اللازم لهم حسب، وكلماتهم وادعيتهم تشير إلى هذا المعنى بوضوح. 

ومما جاء في ذكرهم (ع) مرويّاً عن مولانا الإمام الحجة (ع):  بسم الله الرحمن الرحيم «اللهم صلّ على محمد سيد المرسلين وخاتم النبيين وحجة رب العالمين المنتجب في الميثاق المصطفى في الظلال المطهّر من كل آفةٍ البريءُ من كل عيب»(14). 

وفي مقطع آخر من نفس الدعاء:  «اللهم صلّ على محمد وأهل بيته الأئمة الهادين العلماء الصادقين الأبرار المتقين دعائم دينك وأركان توحيدك وتراجمة وحيك وحججك على خلقك وخلفائك في أرضك الذين اخترتهم لنفسك واصطفيتهم على عبادك وارتضيتهم لدينك وخصصتهم بمعرفتك…». 

ومما جاء في دعاء الندبة:  «إلى أن انتهيت بالأمر إلى حبيبك ونجيبك محمد صلى الله عليه وآله فكان كما انتجبته سيد من خلقته وصفوة من اصطفيته وأفضل من اجتبيته وأكرم من اعتمدته، قدّمته على أنبيائك وبعثته إلى الثقلين من عبادك…»(15). 

ومن دعاء للسجاد (ع) في هذا الجانب:  «والحمد لله الذي منّ علينا بمحمد نبيّه صلى الله عليه وآله دون الأمم الماضية والقرون السّالفة… اللهم فصلّ على محمدٍ أمينك على وحيك، ونجيبك من خلقك وصفيّك من عبادك إمام الرحمة وقائد الخير». 

وجاء فيه أيضاً: «وحارب في رضاك أسرته وقطع في إحياء دينك رحمه وأقصى الأدنين على جحودهم وقرّب الأقصين على استجابتهم لك ووالى فيك الأّبعدين، وعادى فيك الأقربين وأد أب نفسه في تبليغ رسالتك…» (16). 

ومن دعاء زين العابدين (ع) أيضاً في ذكر النبي (ص) وأهل بيته (ع) وشأنهم (ع): «اللهم يا من خصّ محمداً وآله بالكرامة وحباهم بالرّسالة وخصّصهم بالوسيلة وجعلهم ورثة الأنبياء، وختم بهم الأوصياء والأئمة وعلّمهم علم ما كان وما بقى…»(17). 

ومما جاء في أوصاف الائمة (ع) والتأكيد على التمسك بهم والامتثال إلى أوامرهم (ع).  ما جاء عنه مولانا السجاد (ع):  «ربّ صلّ على أطائب أهل بيته الذين اخترتهم لأمرك وجعلتهم خزنة علمك وحفظة دينك وخلفاءك في أرضك وحججك على عبادك وطهرتهم من الرجس والدنس تطهيراً بإرادتك وجعلتهم الوسيلة إليك والمسلك إلى جنّتك…» (18). 

وجاء في نفس الدعاء أيضاً:  «اللهم إنّك أيدت دينك في كل أوان بإمام أقمته علماً لعبادك ومناراً في بلادك بعد أن وصلت حبله بحبلك وجعلته الذريعة إلى رضوانك وافترضت طاعته وحذرت معصيته وأمرت بامتثال أمره والانتهاء عند نهيه وألا يتقدمه متقدم ولا يتأخر عنه متأخر، فهو عصمة اللائذين وكهف المؤمنين وعروة المتمسكين وبهاء العالمين…». 

وجاء في دعاء الندبة أيضاً إشارة إلى الأئمة (ع) وإلي قائمهم (ع) مع إلفاتٍ إلى مظلوميتهم:  «فعلى الأطائب من أهل بيت محمد وعلي صلى الله عليهما وآلهما فليبك الباكون وإيّاهم فليندب النادبون ولمثلهم فلتذرف الدموع… أين الحسن أين الحسين أين أبناء الحسين صالح بعد صالح وصادق بعد صادق»(19). 

وجاء في نفس الدعاء في إشارة لقائم آل البيت محمد (ع) وعلاقة الارتباط به: «أين المعدّ لقطع دابر الظلمة أين المنتظر لإقامة الأمت والعوج أين المرتجى لإزالة الجور والعدوان… أين السبب المتصل بين الأرض والسماء أين صاحب يوم الفتح وناشر راية الهدى… أين ابن النبي المصطفى وابن علي المرتضي وابن خديجة الغرّاء وابن فاطمة الكبرى… يا ابن السادة المقرّبين، يا ابن النجباء الأكرمين يا ابن الهداة المهديين… بنفسي أنت من مغيّبٍ لم يخل منّا بنفسي أنت من نازحٍ ما تزح عنّا». 

وفي دعاء منسوب للرضا (ع) يشير فيه إلى النبي الأكرم وأهل بيته وأهمية موالاتهم والالتزام بهم جاء في الدعاء:  «اللهم قلت في كتابك وقولك الحق الذي لا خلف له ولا تبديل يوم ندعو كلّ أناسٍ بإمامهم وذلك يوم النشور إذا نفخ في الصور وبعثر ما في القبور اللهم فإنّي أوفّي وأشهد وأقرّ ولا أنكر ولا أجحد، وأسرّ وأعلن وأظهر وأبطن بأنك أنت الله لا إله إلاّ أنت وحدك لا شريك لك وأن محمداً عبدك ورسولك صلى الله عليه وآله وأنّ عليّاً أمير المؤمنين سيد الأوصياء ووارث علم الأنبياء علم الدين ومبيد المشركين ومميّز المنافقين ومجاهد المارقين وإمامي وحجّتي وعروتي وصراطي ودليلي وحجتي ومن لا أثق بأعمالي ولو زكت ولا أراها منجيةً لي ولو صلحت إلاّ بولايته والائتمام به… وأقرّ بأوصيائه من أبناءه أئمةً وحججاًً وأدلّةً وسرجاً وأعلاماً ومناراً وسادةً وأبرارا…»(20)  الأصل الخامس المعاد: وجانب أخير من جوانب العقائد وهو جانب المعاد، وهو جانب يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالإنسان ولا يمكن أن يتفلّت من حوزته إلا بالتفافل أو إنمساخ الروح ولكن أهل البيت ومن جانب الدعاء احيوا هذا الجانب وجعلوه رطباً مائلاً على الدوام وفي ضمير الإنسان، وادعيتهم شاهدة على تثبيت هذا الأصل من خلال تحريك مكامن النفس وذلك بإلفاتها إلى مصيرها وما ينتظرها بعد هذه الدنيا الفانية. 

فها هو زين العابدين (ع) في دعاءه المعروف بدعاء الحزين نراه يصف عظمة يوم المعاد وما يحتاج من الاستعداد، يخاطب الله سبحانه: «مولاي يا مولاي أي الأهوال أتذكر وأيها أنسى، ولو لم يكن إلاّ الموت لكفى كيف وما بعد الموت أعظم وأدهى»(21)  وجاء في نفس الدعاء أيضاً: «ارحمني يوم آتيك فرداً شاخصاً إليك بصري مقلّداً عملي قد تبرأ جميع الخلق منّي نعم وأبي وأمي ومن كان له كدّي وسعيي، فإن لم ترحمني فمن يرحمني، ومن يؤنس في القبر وحشتي». 

ومن دعاءٍ للإمام السجاد (ع) أيضاً في ذكره للمعاد وأهميته:  اللهم صلّ على محمدٍ وآله واكفني ما يشغلني الاهتمام به واستعملني بما تسألني غداً عنه واستفرغ أيامي فيما خلقتني له(22). 

وفي دعاء آخر للإمام السجاد (ع) يبيّن فيه حقيقة المعاد التي لا تخفى على من يرى الموتى ويسمع عنهم كل لحظة وهنا السجاد يصوّر هذه الحالة ويبسط ضعفه وتقصيره أمام خالقه رغم تقواه وتنزهه عن كل ذنب بل عن كل مكروه، ينقل لنا صورةً معبرةً عن رحيل الإنسان ووقوفه بعد ذلك وحيداً في ذلك اليوم العصيب ليس له إلا عمله. 

«أبكى لخروجي من قبري عرياناً ذليلاً حاملاً ثقلي على ظهري انظر مرةً عن يميني وأخرى عن شمالي إذ الخلائق في شأنٍ غير شأني لكلّ امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة ووجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة وذلة».(23)  وفي فقرة أخرى من نفس الدعاء: «أسألك يا رب قرة العين والاغتباط، يوم الحسرة والندامة، بيض وجهي يا رب يوم تسود الوجوه آمنّي من الفزع الأكبر». 

مما تقدّم يتبيّن ولو بشكل مجمل كيف أن للدعاء معالجات في جوانب العقيدة ويستطيع من يريد الاستزاده تتبع أدعية أهل البيت وسيجد بحراً لا ينضب ليس على مستوى العقيدة فحسب بل في مختلف الحقول سواءً الأخلاقية أو الاجتماعية أو غيرها. آمل أن أوفق في مراتٍ أخرى في البحث ولو جزئياً في جانب آخر من الجوانب التي اهتمت بها أدعية أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله أجمعين).

المصادر والمراجع

  • 1 ــ غافر:60. 
  • 2 ــ مفاتيح الجنان للشيخ عباس القمي، دعاء عرفه للإمام الحسين (ع). 
  • 3 ــ الصحيفة السجادية، دعاء للإمام السجاد (ع) في يوم الاثنين. 
  • 4 ــ مفاتيح الجنان، دعاء الجوشن الكبير. 
  • 5 ــ مفاتيح الجنان، دعاء الصباح. 
  • 6 ــ مفاتيح الجنان، دعاء المشلول. 
  • 7 ــ الصحيفة السجادية، الدعاء الأول. 
  • 8 ــ الصحيفة السجادية، مناجاة الشاكرين. 
  • 9 ـ مفاتيح الجنان، الطبعة الخامسة، ذو القعدة 1412هـ. مطبعة النهضت الناشر مكتبة الفيروز آبادي. 
  • 10 ــ مفاتيح الجنان، دعاء أبي حمزة الثمالي. 
  • 11 ــ الصحيفة السجادية، وكان من دعاءه في يوم الأضحى والجمعة. 
  • 12 ــ مفاتيح الجنان، دعاء الجوشن الكبير: فقرة 20. 
  • 13ــ الصحيفة السجادية، بعنوان: وكان دمن دعائه (ع) في الاعتراف بالتقصير عن تأدية الشكر.
  • 14ـ مفاتيح الجنان، في أعمال نهار الجمعة، الطبعة الخامسة 1412هـ، مطبعة النهضت، مكتبة الفيروز آبادي ص 51. 
  • 15ــ مفاتيح الجنان، دعاء الندبة. 
  • 16ــ الصحيفة السجادية، في الصلاة على رسول الله (ص) الدعاء الثاني. 
  • 17ــ الصحيفة السجادية، في ذكر آل محمد (ص). 
  • 18ــ الصحيفة السجادية، دعاء السجاد (ع) في يوم عرفه. 
  • 19ــ مفاتيح الجنان، دعاء الحزين. 
  • 20ــ المنتخب الحسني، ص: 380، دعاء الإمام الرضا (ع) عند الشدائد.
  • 21ــ المنتخب الحسني، دعاء الحزين. 
  • 22ــ الصحيفة السجادية، دعاء مكارم الأخلاق. 
  • 23ــ مفاتيح الجنان، من دعاء أبي حمزة الثمالي.
المصدر
مجلة رسالة القلم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى