ثقافة

الوفاء بالعقود (القسم الثاني)

مقدمة تربط بين القسم الأول والثاني ذكرنا في القسم الأول من البحث أنّ الكلام في آية (الوفاء بالعقود) تارة يقع في مرحلة المقتضي وأخرى في مرحلة المانع، ففي المرحلة الأولى يتم البحث في جهتين، أولاهما: المراد من العقود في الآية، والأخرى في المراد من (أوفوا) وقد انتهينا في القسم الأول من البحث عن الجهة الأولى.

 أما الجهة الثانية فقلنا: إنّ هناك عدة مسالك في تفسير المراد من الوفاء في الآية تعرضنا فيما مضى إلى مسالك ثلاثة من الأعلام وهم: الشيخ الأعظم الأنصاري، والمحقق الأصفهاني، والمحقق النائيني ، وبيّنا الإشكالات الواردة على كل مسلك.

وبقي علينا في هذا الـقسم التـعرض إلى مسـلك المحقق السـيد الخوئي -الـذي هو المبحث الـرابع في هذه الجهة- ومسـلك الـشيخ الوحيد الخراساني~، وبه سينتهي البحث عن مرحلة المقتضي، ثم نتكلم في مرحلة رفع المانع، أي: نقوم بدراسة الإشكالات التي ذكرت حول الاستدلال بالآية.

 المبحث الرابع: بيان نظر السيد الخوئي والإشكال عليه ذهب السيد الخوئي إلى أنّ الآية يستفاد منها الإرشاد كما ذكر أستاذه المحقق النائيني ولكنه ذكر تقريباً آخر للإرشادية وحاصله[1]: توجد قرينة على حمل الأمر بالوفاء في الآية على الإرشادية وبها نرفع اليد عن الظهور الأولي للأوامر في المولوية وهذه القرينة هي أنّه لو حملنا الأمر بالوفاء على الوجوب لكان لازم ذلك أنّ فسخ العقد حرام تكليفاً وهو باطل بالضرورة؛ إذ الفسخ ليس من المحرمات الشرعية بضرورة الفقه، وبناءً على ذلك يرتفع كلا الإشكالين اللذين أوردا على بيان المحقق النائيني .

 وقد نوقش هذا التقريب بمناقشات أهمها ما يلي: المناقشة الأولى: إنّ ما ذكره مبني على أنّ الأمر بالوفاء يعني الأمر بعدم الفسخ فيقال حينئذٍ: إنّ عدم الفسخ ليس واجباً مولوياً أو الفسخ ليس حراماً بالضرورة، ولكن لا نسلّم بأنّ المراد بالأمر بالوفاء ذلك، فقد تقدّم عند استعراض كلام المحقق الأصفهاني أنّ الأمر بالوفاء إشارة إلى وجوب الوفاء العملي وحرمة النقض العملي ولا يعقل أن تكون الآية دالة على عدم الفسخ.

المناقشة الثانية: أشرنا سابقاً عند مناقشة كلام الشيخ الأعظم أنّه يوجد عندنا عهد وعقد على النتيجة وعهد وعقد على الفعل، وبناءً عليه نقول: لو كانت الآية ناظرة إلى خصوص العقد على النتيجة لتنزّلنا عن الإشكال الأول وسلّمنا أنّ معنى الوفاء هو عدم الفسخ؛ إذ العقد على النتيجة لا يستتبع فعلاً كما تقدم بيانه، فيكون معنى وجوب الوفاء بعقد البيع الذي يعني ملكية الدار للمشتري هو عدم الفسخ، ولكنّ الأمر بالوفاء في الآية يشمل العقود والعهود على الأفعال والنتائج -كما سيأتي بيانه في الإشكال الثالث- فلا بدّ من تفسير الوفاء بمعنى يناسبهما.

 المناقشة الثالثة: تخصيص آية الوفاء بالعقد على النتيجة ممنوع؛ لأنّ نفس المستدل وهو السيد الخوئي التزم بأنّ معنى العقود في الآية هو العهد أو العهد الموثق، وهذا المعنى هو الذي ذهب إليه أكثر الأعلام كما اتضح سابقاً، وهو ما جاء في رواية ابن سنان الواردة في تفسير الآية، فلا وجه لتخصيص الآية بالعقد الاصطلاحي، وحينئذٍ لا بدّ من أن يفصّل بين العقد على الفعل والعقد على النتيجة، فيحمل الأول على التكليف ويحمل الثاني على الإرشاد، وهذا مما لا يمكن الالتزام به؛ إذ لا يعقل حمل مفاد {أَوْفُواْ} على كليهما؛ لأنّ التكليف من سنخ الإنشاء، والإرشاد من سنخ الإخبار، فلا يعقل الجمع بينهما، وعلى فرض معقوليته فهو خلاف ظاهر الآية.

 والنتيجة: أنّه لا يصح حمل الآية على الإرشاد، والوجه في ذلك ما ذكرناه سابقاً من أنّ صيغة الأمر ظاهرة في المولوية لصدور الطلب من المولى، ولا تحمل على الإرشادية إلا بالقرينة، وهي مفقودة في المقام.

 المبحث الخامس: بيان نظر المحقق الشيخ الوحيد الخراساني~[2] التزم بأنّ مفاد الآية هو الوجوب التكليفي المولوي كما ذهب إليه الشيخ الأعظم ولكن طريقة الاستدلال مختلفة، ويمكن بيان كلامه في مرحلتين: ففي المرحلة الأولى نقوم بإثبات المقتضي، وفي المرحلة الثانية نرفع المانع وهي الإشكالات التي سجلها الأعلام على كلام الشيخ .

 المرحلة الأولى: إثبات المقتضي لا بدّ من تفسير مفاد {أَوْفُواْ} بالحكم التكليفي المولوي وذلك للأسباب التالية:

1-مقتضى القاعدة الأولية في الأوامر هو حملها على المولوية والتكليف كما تقدم، فحمل الصيغة على الإرشاد مخالف لأصالة الظهور.

2-حمل الآية على الإرشاد منافٍ لظهور الآيات الدالة على أنّ الوفاء المأمور به تكليفي وهذه الآيات هي: أ-قوله تعالى: {وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ}[3] والمفروض أنّ العهد هو العقد.

 ب-قوله تعالى: {وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً}[4].

 ج-قوله تعالى: {بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ}[5].

 د-قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ}[6].

هـ-قوله تعالى: {قلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِف الله عَهْدَهُ}[7].

 فهذه الآيات تدل على أنّ نقض العهد مبغوض والوفاء محبوب، وهذا يتنافى مع حمل الآية في مقامنا على الإرشاد للزوم. فمن الواضح أنّه لا فرق بين قوله تعالى: {أوفُوا بِالْعُقُودِ} وبين قوله: {وأوفُوا بِالْعَهْد}، فلا يصح حمل الأولى على الإرشاد والثانية على التكليف.

 3-حمل الأمر بالوفاء على الإرشاد إلى اللزوم مناف للأخبار الدالة على أنّ الوفاء بالعهد والعقد حكم تكليفي مولوي، وهذه الأخبار هي ما نقله العلامة المجلسي في بحار الأنوار في كتاب العِشرة وهي ما يلي: أ-ما رواه الصدوق في الخصال بسنده عن الحسن بن مصعب قال: سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: >ثلاثة لا عذر لأحد فيها، أداء الأمانة إلى البر والفاجر، والوفاء بالعهد للبر والفاجر، وبر الوالدين برين كانا أو فاجرين<[8].

 ومن الواضح دلالة الرواية على أنّ الوفاء بالعهد حكم مولوي تكليفي وليس هو حكم وضعي وذلك لقرينتين في الرواية: القرينة الأولى: الرواية في صدد نفي المعذورية المساوق للتنجيز، وهذا إنّما يتصوّر في الحكم التكليفي دون الوضعي؛ إذ لا يتعلق الوعيد به. القرينة الثانية: قرينة السياق، حيث سيقت الفقرة المستدل بها في المقام وهي الفقرة الثانية بين فقرتين الحكم فيهما تكليفي وهما: أداء الأمانة وبر الوالدين، فقد قال تعالى: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}، وقال تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً}[9].

 وحيث إنّ المحمول في الفقرات واحد فيتعين كون المراد من الفقرة الثانية هو الحكم التكليفي.

 ب-ما رواه الشيخ الصدوق في الخصال عن عنبسة بن مصعب عن أبي عبد الله (ع) قال: >ثلاث لم يجعل الله لأحد من الناس فيهن رخصة: بر الوالدين، برين كانا أو فاجرين، ووفاء بالعهد بالبر والفاجر، وأداء الأمانة إلى البر والفاجر<[10].

 ومن الواضح أنّ الترخيص وعدمه إنّما يرتبطان بالتكاليف دون الأحكام الوضعية، مع أنّ نفي الترخيص مثبت للوجوب التكليفي دون الوضعي.

 جـ-ما رواه الشيخ في الخصال بسنده عن عبد الله بن بكير عن أبيه عن أبي جعفر (ع) قال: >أربعة أسرع شيء عقوبة: رجل أحسنت إليه ويكافيك بالإحسان إليه إساءة، ورجل لا تبغي عليه وهو يبغي عليك، ورجل عاهدته على أمر فمن أمرك الوفاء له ومن أمره الغدر بك، ورجل يصل قرابته ويقطعونه<[11]. ومن الواضح أنّ الرواية تدل على ترتب العقوبة على الأمور الأربعة، ولا يعقل ترتبها على الحكم الوضعي بل هي تترتب على الحكم التكليفي ابتداءً أو الحكم الوضعي المترتب عليه حكم تكليفي.

 د-ما رواه الشيخ الصدوق في الخصال بسنده عن عبد الله بن مسعود عن النبي| قال: >أربع من كن فيه فهو منافق، وإن كانت فيه واحدة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: من إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر<[12]. ولا يخفى دلالة الرواية على الحكم التكليفي.

 هـ-ما رواه الشيخ المفيد في أماليه بسنده عن الحسن بن زيد عن الصادق عن آبائه (ع) قال: قال رسول الله|: >أقربكم غدا مني في الموقف أصدقكم للحديث، وأداكم للأمانة، وأوفاكم بالعهد، وأحسنكم خلقاً وأقربكم من الناس<[13].

 وهناك روايات أخرى من قبيل هذه الروايات تدل على الترغيب في الوفاء بالعهد وتنهى عن نقض العهد والخيانة.

النتيجة: من كل ذلك أن المستفاد من هذه النصوص وغيرها فضلاً عن دلالة الكتاب أنّ وجوب الوفاء بالعهد وجوب تكليفي وليس إرشاداً إلى حكم وضعي، خصوصاً مع مناسبة مادة الوفاء والنقض للحكم التكليفي، فكل ذلك يوجب الخروج عن إجمال الآية ويتعين ظهورها في التكليف وفاقاً للشيخ الأعظم والمحقق الأصفهاني ، بل نترقى أكثر من ذلك ونقول: إنّ حملها على الحكم الإرشادي يلزم منه تالٍ فاسد؛ وذلك لأنّه يوجد ثلاثة احتمالات في المقام وهي: الاحتمال الأول: أن يقال بدلالة هيئة {أَوْفُواْ} على الحكم الإرشادي دون التكليفي، وهذا فاسد لأنّه يلزم رفع اليد عن ظهور هيئة الأمر في المولوية والتكليف.

 الاحتمال الثاني: أن يقال بدلالة الهيئة على كلا الحكمين أي التكليفي والوضعي، وهذا أيضاً باطل لمحذورين:

 1-لزوم استعمال هيئة افعل في معنيين، وهو إما محال أو خلاف الظاهر كما حقق في محله.

 2-لزوم الجمع بين الحكمين المتضادين، إذ الحكم التكليفي متقوّم بما فيه الاقتضاء والتخيير، أما الحكم الوضعي فهو متقوّم بما ليس فيه الاقتضاء والتخيير، فهما حكمان متضادان لأنّ النسبة بينهما هي الوجود والعدم.

 الاحتمال الثالث: استعمال الهيئة في الجامع بينهما أي الجامع بين الحكم التكليفي والحكم الوضعي، وهذا الاحتمال فاسد أيضاً؛ لعدم إمكان تصوّر جامع حقيقي بينهما، نعم كلاهما مشتركان في إطلاق الحكم عليهما ولكن مجرد الشركة العنوانية غير مجدية في وجود الجامع بينهما بعد التباين الحقيقي بينهما، فلا يمكن تصوير الجامع بينهما.

 هذا تمام الكلام في المرحلة الأولى وهي إثبات المقتضي، واتضح دلالة الآية على الحكم المولوي التكليفي كما ذكر الشيخ . المرحلة الثانية: رفع المانع: في هذه المرحلة نحاول رفع الإشكالات الواردة على الاستدلال السابق وما أثاره الأعلام من لوازم فاسدة على حمل الآية على الحكم التكليفي.

 الإشكال الأول وجوابه: ما هو المانع من فرض أنّ الآية {أوفُوا بِالْعُقُودِ} قضية حقيقية، ومقتضى الانحلال في القضايا الحقيقية تعدّد المصاديق فيتبعه تعدّد الحكم من كونه تكليفياً أو إرشادياً؟ وبعبارة أخرى، إننا لا نقول إنّ الآية بنفسها تدل على الحكمين الوضعي والتكليفي حتى تأتي الإشكالات السابقة، بل إنّ الحكمين تابعين لتعدّد المصاديق الحاصلة بسبب انحلال القضية الحقيقية، فكل مصداق يتبعه الحكم المناسب له فلا يلزم استعمال الهيئة في معنيين.

 الجواب عن ذلك: بأنّ انحلال القضية الحقيقية إلى قضايا عديدة بعدد مصاديقها إنّما يكون بعد فرض صلاحية اللفظ لذلك كما في مثل (أكرم العلماء)، فالعقل يقوم بتحليل هذه القضية وتطبيقها على مصاديقها مع وحدة المعنى في الجميع، ولكن مع اتحاد اللفظ وتعدد المعنى لا يصح الانحلال لأنّنا نقع في مشكلة استعمال اللفظ في أكثر من معنى.

 ولهذا في المقام عندنا هيئة واحدة {أوفُوا} إما هي مستعملة في الحكم التكليفي، أو الإرشادي، أو كليهما، أو الجامع بينهما، وقد عرفت سابقاً بطلان الاحتمالات الثلاثة الأخيرة فيتعين الاحتمال الأول فالحكم التكليفي مستفاد من الهيئة، وليس الحكم مستفاد من مقام التطبيق كما ذكره المستشكل.

 الإشكال الثاني وجوابه: ما أشكل به الآخوند على الشيخ الأعظم ، وخلاصته: أنّ المراد من الوفاء هو وجوب العمل بمقتضى العقد، وبالتالي نقول: إنّ حرمة التصرف في المبيع من مقتضيات الملكية الحاصلة بسبب العقد فليس هو-التصرف في المبيع- مقتضى العقد، بل مقتضى مقتضاه، أي الملكية، وعليه لا معنى لتفسير وجوب الوفاء بالعقد بالحكم التكليفي وهو حرمة التصرف في المبيع.

 وقد أجاب بعض الأعلام المعاصرين~ بقوله: “مناقشة المحقق الآخوند صحيحة لا غبار عليها فيما لو التزمنا بأنّ المراد من الوفاء هو وجوب العمل بمقتضى العقد ليس إلا، فيصبح حينئذٍ عدم جواز التصرف في المبيع من مقتضيات الملكية الحاصلة دون ذات العقد إلا أنّ البحث في أصل هذه الدعوى، وأنّ وجوب الوفاء هل منحصر في خصوص الأمر الاعتباري -وهو التزام العمل بمقتضى العقد وعدم الفسخ دون غيره- أم أنّ الوفاء يقتضي فضلاً عن ذلك القيام بالعمل الخارجي ولو على نحو الموجبة الجزئية؟ وهذا ما ينبغي التحقيق حوله.

 فنقول: لا شك [في] أنّ الوفاء أمر عرفي يجب أن نعود إليه في تحديد المصداق فالمرجع في صدق الوفاء بالمعاملة هو العرف العام والوفاء عندهم -فضلاً عن دلالة اللغة- بمعنى إنهاء الأمر وانتهاء الشيء وإتمامه، ولذا نجدهم لا يحددون المصداق بخصوص الأمر الاعتباري بل يتجاوزون إلى الأمور الخارجية ويؤكدون أن تسليم المبيع إلى المشتري بعد العقد من مصاديق الوفاء بالعقد حقيقة ويتعلق به التكليف، ولا يخفى أنّه مع إمكان تعلق التكليف بالأمر الخارجي ولو بالموجبة الجزئية يصبح رفع اليد عن ظهور الهيئة في التكليف وحملها على الوضع مخالفاً للقاعدة.

 نعم لا ندّعي أنّ عدم جواز التصرف في المبيع يعد من مقتضيات العقد حتى يرد علينا ما سبق ذكره، بل دعوانا أنّ العرف وارتكاز العقلاء يرى تسليم المتاع وإقباض المثمن من مقتضيات العقد ومن لوازم الوفاء به على نحو الدوام والاستمرار حيث يلام المتخلف عن الوفاء بهذا الشرط الارتكازي ويترتب على تخلفه خيار عدم التسليم.

 والنتيجة: أنّه لو فسخ العاقد فإنّ عموم وجوب الوفاء يقتضي تسليم المال إلى المشتري مما يكشف عن عدم نفوذ الفسخ وبقاء المال على ملك المشتري، وعليه فلو كان متعلق الوفاء أمراً اعتبارياً صح ما ذهب إليه طائفة من الأعلام -أي الإرشاد إلى اللزوم- ولكن بعدما ثبت أنّ متعلقه غير اعتباري فيتعلق به التكليف فيتحقق ظهور آية الوفاء في المولوية دون غيرها برهاناً، ويثبت صحة مدّعى الشيخ نختلف معه في طريقة الاستدلال”[14].

 وقريب منه ما أشار إليه العلامة سماحة السيد كاظم الحائري~[15].

 ثم قام~ بتوجيه كلام الشيخ بحيث لا يرد عليه إشكال الآخوند ، وخلاصته: أنّه لو تصرف الشخص في المال المنتقل عنه بالعقد بعنوان أنّه مال الغير فلا يكون نقضاً للعقد ولا مخالفاً مع لزوم الوفاء به، فلا يرد عليه الإشكال السابق، نعم هو حرام للأدلة الأخرى الدالة على حرمة التصرف في مال الغير بدون رضاه وطيب نفسه.

 ولكن لو تصرف فيه بعنوان أنّه ماله فلا شك في أنّه من مصاديق نقض العقد؛ إذ مقتضى العقد الامتناع عن التصرف في العين المباعة بعنوان أنّه ماله، إذ هذا التصرف بعنوان أنّه ماله يعد نقضاً عملياً للعقد، وعليه لو كان مراد الشيخ أنّ العقد بذاته يقتضي عدم جواز التصرف في العين المنتقلة عنه بعنوان أنّه ماله فهو تام.

 الإشكال الثالث وجوابه: ما أشرنا إليه سابقاً وهو أنّه لو حملنا وجوب الوفاء على الوجوب التكليفي وحرمة التصرف في المبيع فإنّه يستلزم تعدد العقاب؛ إذ يؤدي لمخالفة حكمين تكليفيين: أحدهما التصرف في مال الغير والآخر نقض العقد، وهو ما لا يمكن الالتزام به، فالتالي باطل وعندها يبطل المقدم، أعني حمل وجوب الوفاء على الحكم المولوي التكليفي.

 الجواب عن ذلك بأحد وجهين:

1-لا مانع من الالتزام بتعدد العقوبة؛ إذ تعددها تابع لتعدد عناوين المخالفة، وهنا يوجد عنوانان للمخالفة: أحدهما التصرف في مال الغير وعدم تمكين المالك من ماله، والآخر عدم الوفاء بالعقد، فتتعدد العقوبة لتعدد المخالفة، ولا يوجد محذور عقلي أو نقلي أو إجماع يمنع من هذا الالتزام.

 2-ما ذكره أحد السادة الأعلام~ حيث قال: “فإن قلت: إنّ لازم ذلك أنّ البائع مثلاً لو خالف التكليف الشرعي وغصب العين المبيعة يشتدّ عقابه لأنه فعل حرامين، أحدهما الغصب والثاني ترك الوفاء بالعقد، مع أنّه لا إشكال في عدم الفرق بينه وبين أيّ إنسان آخر أجنبيّ عن هذه المعاملة يأتي ويغتصب هذه العين.

 قلت: إن ثبت بمثل ضرورة فقهية أو وضوح لا يقبل الشك أو بظهور عرفي ناشئ من المناسبات أنّهما سيّان عرفنا أنّ السببين وهما الغصب وترك الوفاء بالعقد يتداخلان عند الاجتماع ويوجبان حكماً واحداً ليس بأشدّ وآكد من واحد من الحكمين كما هو الحال في كلّ حكمين بين موضوعهما عموم من وجه، لو علمنا من الخارج بعدم التأكّد في مادة الاجتماع فلو ورد أكرم العالم وأكرم الهاشمي وعلمنا بعدم تأكّد الحكم في العالم الهاشمي ثبت عليه حكم واحد غير آكد من وجوب الإكرام في مادة الافتراق”[16].

 هذا تمام الكلام في بيان المسالك في تفسير مفاد هيئة {أوفُوا}، واتضح أنّه هناك اتجاهان في ذلك: أحدهما: حمل الأمر على المولوية كما ذهب إليه الشيخ الأعظم والمحقق الأصفهاني وبعض الأعلام المعاصرين~، وإن اختلفوا في تقريب ذلك كما تقدم تفصيله. واتجاه آخر حمل الآية على الإرشاد للزوم كما ذهب إلى ذلك المحقق النائيني ووافقه تلميذه السيد الخوئي_.

 وبهذا يتم الكلام في المقام الثاني. والنتيجة: هي أنّ الآية تدل على اللزوم إما بالدلالة المطابقية أو الالتزامية على اختلاف المسالك.

 أما صحة العقد فيستفاد من الدلالة الالتزامية، حيث إنّ لزوم العقد ملازم لصحته، فلا يصح التفكيك بينهما بأن يكون العقد لازماً ولكنه فاسد.

 الفصل الرابع الإشكالات العامة على الاستدلال بالآية والجواب عنها نتحدث في هذا الفصل عن الإشكالات العامة على الاستدلال بالآية والجواب عنها.

 الإشكال الأول: ما ذكره الآخوند في حاشيته على المكاسب[17]، وحاصله: إنّ التمسك بالآية بعد صدور الفسخ من أحد المتعاقدين تمسك بالعام في الشبهة الموضوعية وهو غير جائز؛ إذ بعد صدور الفسخ نشك في وجود العقد لاحتمال زواله بالفسخ، ومع عدم إحراز صدق العقد كيف يتمسك بإطلاق الآية؟! وهناك إجابات على هذا الإشكال: الجواب الأول: ما أفاده المحقق النائيني [18]: وحاصله: هناك احتمالان في مادة العقد والعهد وهما: الاحتمال الأول: أن يراد المعنى المصدري وبالتالي يكون الملحوظ جهة الفعل فيكون المعنى يجب الوفاء بما قمتم به من فعل وهو الالتزام.

 الاحتمال الثاني: أن يراد من العقد الاسم المصدري الذي هو نتيجة المصدر -أعني الالتزام- وهو العقد.

 والإشكال المذكور إنّما يرد لو كان الظاهر من الآية هو الاحتمال الثاني؛ للشك في صدق العقد بعد الفسخ، فيكون تمسك بإطلاق الدليل في الشبهة الموضوعية، أما لو كان المراد هو الاحتمال الأول فلا يرد الإشكال؛ إذ موضع وجوب الوفاء هو الالتزام الصادر من العاقد، وهذا لا يزول بمجرد فسخه؛ لأنّ الالتزام صدر وانتهى.

 والظاهر من الآية هو الاحتمال الأول؛ إذ المناسب عرفاً للفظ الوفاء أن يكون متعلقه الفعل والجهة الصدورية من الفاعل، فإذا قام بعمل يقال له عليك الوفاء بما قمت به، وهذا يعني أنّ الملحوظ جهة الفعل الصادر من العاقد فيكون المراد من العقد المعنى المصدري، فلا يرد الإشكال. وهذا الجواب مبني على استظهار الاحتمال الأول ويسلّم بورود الإشكال على الاحتمال الآخر.

 الجواب الثاني: ما أشار إليه السيد الخوئي [19]: وحاصله: لا فرق بين كون متعلق الوفاء هو المعنى المصدري أو اسم المصدر، فالإشكال على كل حال لا يرد؛ لأنّ موضوع وجوب الوفاء إلى الأبد إنّما هو العقد حدوثاً، فإنّه بمجرد حدوثه يثبت له وجوب الوفاء إلى الأبد، فيكون العقد حدوثاً موضوعاً لوجوب الوفاء المستمر بقاءً، فلا يكون مشكوكاً في نفسه لكونه مقطوعاً في ظرفه، فيتمسك بالإطلاق بعد الفسخ أيضاً.

 وعلى الإجمال، إنّ العقد حدوثاً يكون موضوعاً لوجوب الوفاء بقاءً، وهو ليس بمشكوك أصلاً حتى لا يفيد التمسك بالإطلاق ويُلتجأ إلى الاستصحاب، بل هو مقطوع بعد الفسخ وقبله، نعم بعد تحقق الفسخ تكون الملكية مشكوكة ولكنها لا ترتبط بما نحن فيه. وعلى هذا فكلما نشك في ارتفاع ذلك، أي وجوب الجري على طبق العقد السابق فيتمسك بالإطلاق.

 وقد وافقه على ذلك بعض تلامذته[20]. الإشكال الثاني: ما أشار إليه العلامة في المختلف[21] من أنّ الآية لا دلالة فيها على اللزوم؛ إذ غاية ما يستفاد منها وجوب العمل على مقتضى العقد من اللزوم والجواز، فلا تثبت لزوم كل عقد بل تقول إن كان العقد لازماً فالتزم به وإن كان العقد جائزاً فلا يجب الالتزام به، أمّا أن هذا العقد بخصوصه لازم أو جائز فهي ساكتة عن ذلك.

 والجواب عن ذلك بوجهين:

 1-اللزوم والجواز حكمان شرعيان ومن المجعولات الشرعية يترتبان على المعاملة وليسا داخلين في مدلولها، فلا يعقل أن يكون موضوع وجوب الوفاء هو العقد اللازم أو الجائز؛ إذ لا يعقل أن يكون الحكم جزء من الموضوع للزوم ما فرض متأخراً متقدماً وهو محال.

 2-إنّ اللزوم والجواز ليسا من مقتضيات العقد، فإذا تعلق الأمر بالوفاء بالعقد فمعناه وجوب الوفاء بمقتضى العقد، ومقتضى العقد هو مدلوله ومفاده، مثلاً مفاد عقد البيع هو الملكية وحصول النقل، فوجوب الوفاء بمقتضاه ومدلوله عبارة عن ترتيب آثار الملكية، والسر في ذلك أنّ العقد طبيعة واحدة ومقتضاه أيضاً ملكية واحدة ولم يؤخذ في مقتضاه كون الملكية جائزة أو لازمة، بل ما يقتضيه العقد نفس الملكية، فإذا اقتضى العقد نفس الملكية في جميع العقود فإذا جاء الأمر بالوفاء بمقتضاه بمعنى الأمر بترتيب آثار الملكية ومقتضى إطلاق هذا الأمر ترتيب آثار الملكية حتى بعد الفسخ وهذا هو الدال بالدلالة الالتزامية على اللزوم، بل مقتضى العموم الأحوالي للأمر -وهو {أوفُوا}- وجوب العمل على مقتضى العقد على نسق واحد في جميع العقود وهو ترتيب آثار الملكية فُسِخَ العقد أو لم يُفْسَخ وهو مساق للزوم إلا إذا قام دليل مُخَصِّص لـ {أوفُوا بالعُقُود} ودلّ على أنّ العقد جائز كما في عقد الهبة، وإلا فمقتضى إطلاق الأمر بالوفاء هو لزوم المعاملة سواء تعقبها الفسخ أم لا، فهذا الإشكال الذي طرحه العلامة ومن تبعه غير وارد.

 الإشكال الثالث: النصوص قد دلّت على أنّ المراد من العقود في الآية هي العهود وحينئذٍ نقول: إنّ المعاملات الجارية اليوم في السوق لا يصدق عليها العهد عرفاً، فلا يصح التمسك بالآية لإثبات لزوم المعاملات الجارية بين الناس لعدم صدق موضوع الآية عليها.

 والجواب عن ذلك: الصحيح أنّ كل عقد هو عهد، إذ حقيقة العهد هو الالتزام بالشيء، نعم قد يكون بينهما فارق مفهومي كما أشرنا إليه سابقاً، لكن هذا لا يؤثّر شيء في المقام إذ يوجد بينهما اتحاد مصداقي، ففي المورد الذي يوجد فيه عقد فهناك عهد معه، فهما متّحدان مصداقاً -وإن قلنا بالتمايز المفهومي بينهما- فلا إشكال في صدق العهد -وهو الالتزام- على المعاملات السوقية الجارية بين عموم الناس، فجميع المعاملات مصاديق للعهد، والمهم في مقام الاستدلال ملاحظة المصاديق فما كان مصداقاً لموضوع الخطاب فإنّ الخطاب يشمله.

الإشكال الرابع: إنّ الآية مخصصة بمخصصات كثيرة، وهذا يوجب وهناً في الاستدلال بها فيكون عموم الآية ساقط عن الحجية. وبيان ذلك: إنّ هناك عقوداً كثيرة باطلة شرعاً كالمعاملات الربوية وبيع الكالي بالكالي و…، فيكون أكثر مصاديق العام قد خرج بالتخصيص، وهذا مع كونه قبيحاً فإنّه موجب لعدم بقاء ظهور الآية في العموم، فلا يمكننا الرجوع إلى أصالة العموم عند الشك في لزوم عقد ما فيسقط ما هو المهم منها.

 والجواب عن ذلك بأمرين:

 1-إنّ دعوى كثرة التخصيص الوارد على عموم الآية متوقف على إثبات شمول الآية ابتداءً إلى هذه العقود الباطلة شرعاً كالعقد الربوي والغرري والسفهي وما شاكل ذلك، والحال أننا لا نسلّم ذلك بل نقول إنّ عموم الآية منصرف عن هذه العناوين الباطلة فلا موضوع للتخصيص أصلاً، فضلاً عن كونه كثيراً مستهجناً. أما وجه الانصراف فلأنّ مناسبات الحكم والموضوع تقتضي أنّ ما كان من قبيل النظام الثانوي كالوفاء بالعقد أو الشرط أو النذر لا بدّ من أن يكون في إطار الأنظمة الأولية والأحكام الموجودة في الشريعة، فلا معنى لشمول دليل الإمضاء لعقد يراه الشارع باطلاً، فإنّ هذا لا يخلو من استهجان عرفي يمنع من شمول دليل الإمضاء له.

 2-لو سلّمنا شمول الآية لهذه العناوين من أول الأمر وقلنا بالتخصيص، ولكن هذا التخصيص ليس مستهجناً عرفاً.

 وبيان ذلك: إنّ التخصيص في مورد القضايا الحقيقية على نحوين:

 أ-التخصيص الكثير بلحاظ العناوين، وذلك بأن يخرج من القضية أكثر العناوين ولا يبقى تحت العام إلا العناوين القليلة، كما لو قال المتكلم:(أكرم العلماء)، ثم أخرجنا أكثر العناوين كالنحوي والبلاغي والفلكي و…، ولم يبقَ إلا الفقيه، فإنّ هذا النحو من التخصيص مستهجن عرفاً لا ينبغي حمل خطاب الشارع عليه.

 ب-التخصيص الكثير بلحاظ الأفراد، وذلك بخروج أكثر الأفراد ذات العناوين القليلة وبقاء الأفراد القليلة المندرجة تحت العناوين الأكثر تحت العام، ومثال ذلك أنّه في المثال السابق لو أخرجنا من تحت العام عنوانين كالنحوي والفلكي، ولزم من ذلك خروج أفراد كثيرة وبقي تحت العام العناوين الأخرى الكثيرة، ولكن الأفراد المندرجة تحتها قليلة، فهنا لا نسلّم استهجان العرف لمثل هذا التخصيص ما دام بقي تحت العام أكثر العناوين، حيث إنّ القضية حقيقية، فالملحوظ فيها قابلية الانطباق؛ إذ الموضوع فيها مقدّر الوجود.

 وبالجملة إنّ تخصيص الأكثر مستهجن بلحاظ الحالة الأولى دون الثانية، وكل ذلك بالرجوع للمرتكزات العرفية، ومقامنا من قبيل الثاني؛ إذ الباقي بعد التخصيص أكثر عناوين العقود فالعناوين المخصصة ليست بتلك الكثرة الموجبة للاستهجان العرفي، نعم قد يكون الخارج أكثر الأفراد -على تأمل في ذلك- لكن هذا لا يضرُّ كما عرفت.

 الإشكال الخامس: إنّ الآية مجملة فلا يصح التمسك بها لإثبات حكم سواء كان تكليفياً أو وضعياً، وبيان ذلك في نقاط:

 1-يوجد عندنا ظهوران في الآية: أولهما: ظهور هيئة الأمر في المولوية. ثانيهما: ظهور لفظ العقود في العموم لكونه جمعاً محلى باللام، وبالتالي الآية تشمل العقد على الفعل كما في نذر الفعل، وتشمل العقد على النتيجة كما هو الحال في البيع وأمثاله من العقود الاصطلاحية.

 2-مقتضى الظهور الأول اختصاص لفظ (العقود) في الآية بالعقد على الفعل؛ إذ هو الذي يتصوّر فيه الحكم التكليفي؛ إذ لو عممنا الآية للبيع مثلاً لكانت الآية تدل على حرمة فسخ العقد، وهو باطل بالضرورة؛ إذ الفسخ بعنوانه ليس محرماً في الشريعة قطعاً، وبالجملة لو أردنا الحفاظ على الظهور الأول للزم رفع اليد عن الظهور الثاني.

 3-مقتضى الظهور الثاني رفع اليد عن ظهور الأمر في المولوية، فنتصرف في الظهور الأول بحمله على الإرشاد. وبالجملة الحفاظ على الظهور الثاني يقتضي رفع اليد عن الظهور الأول.

 والنتيجة أنّه يدور الأمر في الآية بين ظهورين لا يمكن الجمع بينهما، وهذا يقتضي التصرف في أحدهما، ولا مرجح في البين، فتكون الآية مجملة فلا يصح التمسك بها لإثبات حكم شرعي سواء كان تكليفياً أو وضعياً.

 الجواب: يمكن الجواب عن ذلك بوجهين: الوجه الأول: هذا الإشكال مبني على أنّه لا يعقل كون العقد على النتيجة كالبيع وأمثاله حراماً تكليفاً، ولهذا قال المستشكل: إنّ حمل صيغة الأمر على المولوية يقتضي تخصيص لفظ (العقود) بالعقود على الأفعال، ولكن لا نسلّم ذلك؛ حيث ذكرنا عند التعرض لمناقشة كلام السيد الخوئي أنّه لا مانع من الالتزام بأنّ صيغة الأمر في الآية ظاهرة في التكليف، ولا قرينة على رفع اليد عن ذلك، وما ذكر كقرينة في المقام وهو دعوى أنّ الفسخ ليس من المحرمات الشرعية بالضرورة ليس تاماً؛ وذلك لأنّه يمكن الالتزام بحرمة الفسخ، ولعله وقع الخلط بين صورتين وهما: الصورة الأولى: مجرّد إنشاء الفسخ بحيث لا يستتبعه أي أثر بل مجرد قول الشخص: (فسخت) ككلام صوري.

 وهذا لا إشكال في عدم حرمته للارتكاز المتشرعي الضروري. وليس هذا المعنى هو مراد من يلتزم بحمل الآية على المولوية التكليفية كالشيخ الأعظم والمحقق الأصفهاني_.

 الصورة الثانية: أن يكون الفسخ مستتبعاً لحصول الأثر، كرجوع كل مال إلى صاحبه الأصلي، ولا مانع فقهياً من الالتزام بأنّ الآية تدل على حرمة إيجاد هذا الفسخ المستتبع لزوال العقد.

 ومراد الأعلام القائلين بحمل الآية على الحكم التكليفي هذا المعنى ولا ضرورة تقتضي بطلانه. نعم هذا الجواب لا يصلح بناء على ما التزم به السيد الخوئي من أنّه لا يمكن الالتزام بأنّ فسخ العقد محرم تكليفاً، فنحتاج إلى جواب آخر.

الوجه الثاني: إنّ المستشكل خلط بين معنيين للحكم الإرشادي. وبيان ذلك: أنّ الحكم الإرشادي له إطلاقان:

 1-يطلق الحكم الإرشادي بمعنى كون المتكلم ناصحاً مرشداً ومشيراً لحكم عقلي وليس في مقام إعمال المولوية كأوامر الطبيب، وبهذا المعنى يكون مقابلاً للحكم المولوي؛ لأنّ الحكم الإرشادي بهذا المعنى في حقيقته إخبار، وأما الحكم المولوي فهو إنشاء، ولا شك في أنّ الإخبار غير الإنشاء.

 2-يطلق الحكم الإرشادي ويراد من الدلالة على الحكم الوضعي كاللزوم والصحة في مقابل الحكم الشرعي التكليفي. والحكم الإرشادي بهذا المعنى مولوي لأنّه حكم وضعي، والأحكام الوضعية أحكام شرعية تصدر من المولى كما هو واضح.

 إذا اتضح ذلك فنقول: إنّ المراد من الحكم الإرشادي في المقام هو الثاني، فلا يصح التقابل الذي ذكره المستشكل، فلا دوران بين الإرشادية والمولوية في المقام، نعم غاية ما في المقام أننا نرفع اليد عن ظهور الصيغة في المولوية التكليفية ونحملها على المولوية الإرشادية، فلم نتصرف في المولوية أصلاً؛ إذ أنّ إمضاء العقد وجعله غير منفسخ بالفسخ حكم مولوي شرعي، وبالجملة حمل الآية على الإرشاد ليس فيه تصرف في المولوية.

 وعليه فالآية تدل على لزوم كل عقد سواء كان عقد فعل أو عقد نتيجة؛ إذ المراد من الأمر المولوي هو اعتبار شيء في ذمة المكلف من تكليف أو وضع، ففي مورد عقد الفعل هناك حكم تكليفي في ذمة العبد، وفي مورد عقد النتيجة كالبيع يوجد اعتبار للزوم. وقد أشار السيد الخوئي إلى ذلك في مصباح الفقاهة أيضاً[22].

 الإشكال السادس: نسلّم أنّ مقتضى الظهور الأولي هو حمل لفظ العقود على العموم لكونه جمعاً محلى باللام، ولكن نرفع اليد عن ذلك في الآية لاحتفاف الكلام بالقرينة، أو لا أقل من احتفاف الكلام بما يصلح للقرينية، وذلك مانع عن استظهار العموم كما حُقّق في علم الأصول.

 وهذه القرينة هي تقدم طلب بعض أفراد العقود، إذ سورة المائدة نزلت في أواخر عهد النبيّ|، ولا شكّ في أنّ قبل نزولها قد علم من الشارع وجوب الوفاء بطائفة من العقود، كالعقود التي بين اللّه سبحانه وبين عباده، بل بعض العقود التي بين الناس بعضهم مع بعض. وتقدّم طلب الوفاء بتلك‌ العقود قرينة لإرادتها من قوله {أوفُوا بالْعُقُود} خاصّة أو يصلح قرينة لإرادتها، فلا يمكن التمسّك لإرادة جميع الأفراد من الجمع المحلّى.

 والقرينة الثانية على ذلك أنّ قوله تعالى: {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ} إلى آخره تفصيل لبعض العقود أيضاً، وهذا أيضا ممّا يضعّف الحمل على العموم.

 والجواب: أما القرينة الأولى وهي تقدم طلب بعض أفراد العقود فلا تصلح للقرينية على اختصاص الآية بتلك الأفراد، خصوصاً مع ملاحظة أنّ طلب الوفاء بهذه الأفراد تدريجي وخلال عشرين سنة -بناء على أنّ الآية نزلت في أواخر عهد النبي|-، وهذا لا يوجب رفع اليد عن العموم المتأخر فهو كما لو قال المولى لعبده: (أكرم زيداً)، ثم بعد مدة قال له: (أكرم بكراً)، وهكذا في فترات متفاوتة، وكانوا من العلماء، ثم جاء وقال: (أكرم العلماء)، فلا يتوقف العرف في استفادة العموم من هذا الخطاب، ولو ترك العبد إكرام عالمٍ ما بدعوى أنّه ليس هناك ظهور في العموم لتقدم طلب إكرام بعض أفراد العلماء لما قبلوا منه هذا الكلام.

 نعم نسلّم دخول تلك الأفراد تحت العموم، ولكن دعوى الاختصاص فاسدة .

 وأما القرينة الثانية فالجواب عنها بأنّ مجرد تعقب الآية بقوله: {أُحلَّتْ لَكُمْ بَهيمَةُ الْأنعام} لا يصلح قرينة على صرف لفظ العقود في الآية إلى العقود الإلهية، أعنى التكاليف الشرعية. ولو سلّمت قرينيّة ذلك فإنّما هي قرينة على شمول الآية للعقود الإلهيّة، حيث إنّها تعتبر مواثيق مأخوذة من البشر في عالم الذرّ أو الفطرة كما قال تعالى: {وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذَا غَافِلِين}[23] فيصحّ تعلّق الوفاء بذلك، ولكنّ هذا لا يعني اختصاص الآية بالعقود والمواثيق الإلهيّة، بل مقتضى إطلاقها شمولها للعقود التي تكون بين الناس.

 الإشكال السابع: إنّ حمل الآية على العموم يوجب كونها تأكيداً بالنسبة إلى العقود التي تقدّم طلبها على نزول الآية وتأسيساً بالنسبة إلى ما لم يسبق طلبه، فيكون أمر واحد تأكيداً وتأسيساً معاً كما في استعمال المشترك في معنييه وهذا غير جائز.

 والجواب عن ذلك واضح، إذ إنّ صيغة الأمر لم تستعمل تارة في التأسيس وأخرى في التأكيد حتى يرد هذا الإشكال، بل الصيغة استعملت في النسبة الإرسالية والبعثية، أما التأسيس والتأكيد فهما أمران منتزعان بعد الاستعمال، فإذا كان الشيء مسبوقاً بالطلب ثم جاء المتكلم وطلبه مرة أخرى فننتزع التأكيد، وإن كان الطلب ابتدائياً فننتزع التأسيس. وبالجملة التأكيد والتأسيس ليسا داخلين في المعنى المستعمل فيه اللفظ أصلاً.

 تنبيهان التنبيه الأول: حول شمول الآية للعقود الإذنية أشرنا في المباحث التمهيدية[24] إلى تقسيم العقود إلى أقسام ثلاثة: (العقود الإذنية – العقود العهدية التعليقية – العقود العهدية التنجيزية).

 وقلنا إنّ المراد بالعقود الإذنية -حسب ما أفاده النائيني – هي ما كان قوامه بالإذن ومجرّد طيب ولي الأمر ومالكه ورضاه ولا يكون فيه عهد والتزام، وهذه كالوديعة والعارية، بناء على أن يكون مفادها الإباحة المجانية.

 وقد أفاد أنّ هذا القسم لا ينطبق عليه عنوان العقد عرفاً ولا لغةً، بل هو عقد باصطلاح الفقهاء فيكون خارجاً عن قوله: {أوفُوا بالعُقُود} تخصّصاً لا تخصيصاً؛ إذ العقد هو العهد المؤكد وما يكون فيه إلزام والتزام، وإنّما تسمى عقوداً لأنّها ترتبط بشخصين، لا أنّ فيها عهداً وعقداً.

 ولكن يلاحظ عليه:

 1-إنّ تعريف العقد بأنّه العهد المؤكد وما يكون فيه إلزام والتزام محل إشكال؛ إذ إنّ العرف واللغة لا يساعد على ما ذكره، أما اللغة فلما عرفت عند التعرض لكلماتهم في المباحث التمهيدية أنّ الصحيح هو أنّ العقد مطلق العهد فيشمل مثل الوديعة، فقيد التأكد ليس مندرج في مفهوم العقد لغةً، وكذا الحال لو رجعنا للعرف فإنّه لا يتوقف في إطلاق العقد على العقود الإذنية ويرى أنّ صدق العقد عليها كصدق العقد على البيع والإجارة بلا فرقٍ، فالعقد في العرف هو ارتباط شيء بآخر، فلا محل للتأكد في الارتكازات العرفية.

 نعم ذكر السيد الخوئي نكتة أخرى لعدم شمول الآية للعقود الإذنية عند التعرض لإثبات أنّ المضاربة من العقود الجائزة حيث قال: “الوجه هو قصور أدلة اللزوم عن الشمول للعقود الإذنية التي لا يكون فيها أي التزام من أحدهما بشيء كي يشمله {أوفُوا بِالْعُقُودِ} وأنّ من التزم بشيء فعليه أن ينهاه، وإنّما هي مجرد إباحة وإذن في التصرف من أحدهما وقبول من الآخر كالعارية، وعليه فمتى ما رجع الإذن في إذنه لكونه مسلطاً على ماله يتصرف فيه كيف يشاء، ارتفع الموضوع ومعه ينتفي الحكم لا محالة”[25].

 2-العقود الإذنية ليست مجرّد الإذن والإجازة والإباحة؛ فإن هذه الأمور إيقاع وليست بعقد، بل المراد بالعقود الإذنية هي العقود التي يكون بناء الطرفين فيها على إمكان فك الالتزام فيعلم، كلا الطرفين أو أحدهما أنّ له فك الارتباط بقاءً، سواء كان هذا الفسخ سببه الخيار أم لا -كالعقود الجائزة- وهذا بخلافه في العقود اللازمة التي لا خيار فيها.

 التنبيه الثاني: حول شمول الآية للعقود الجائزة وقد أفاد سيدنا العلامة~ أنّ الصحيح هو التفصيل في هذه المسألة[26]، فإنّ العقود الجائزة على قسمين: القسم الأول: ما كان جوازه جوازاً حكمياً كالهبة مثلاً، فجواز العقد فيها بحكم الشارع، ولذا لا يمكن إلغاؤه أو إسقاطه ما لم تكن الهبة لذي رحم، أو يتصرّف الموهوب له تصرّفاً مغيّراً للعين، ففي هذا القسم -وهو ما يكون الجواز حكمياً- قد يقال بالخروج التخصصي؛ إما لأنّ الهبة ليست بعقد أصلاً كما إذا عرّفنا العقد بأنّه ربط التزام بالتزام، وليست الهبة التزامات، فتخرج الهبة عن العقد تخصصاً، فلا تشملها الآية من الأساس، أو أنّ الهبة وإن كانت عقداً إلا أنّ مورد الآية ما يصدق عليه الوفاء والنقض، حيث إنّ كل عقد يصدق على إبقائه عنوان الوفاء وعلى فسخه عنوان النقض يكون مندرجاً تحت الآية، وهذا لا ينطبق على عقد الهبة؛ فإنّه لا يصدق على إبقائه عنوان الوفاء؛ لأنّه ليس فيه تعهد والتزام بالملكية المطلقة وإنّما هو متضمن لإنشاء الملكية، فلذلك لا يكون إبقاء العقد وفاءً ولا رفع اليد عنه نقضاً؛ فإنّ الإبقاء والنقض فرع وجود التزام بالملكية المطلقة، والهبة خالية عن ذلك، فلما لم يصدق على إبقائه الوفاء وعلى رفع اليد عنها النقض فهي خارجة عن الآية خروجاً تخصّصياً.

 نعم لو قلنا بأنّ المراد بالوفاء الوفاء العملي فقط بمعنى ترتيب الأثر، فكأنّه قال: من عقد عقداً فليرتب الأثر عليه، فحينئذٍ يصدق على بقاء الهبة عنوان الوفاء وعلى رفع اليد عنها عنوان النقض، لأنّ المراد بالوفاء مجرّد ترتيب الأثر، ومن النقض عدم ترتيبه، فلذلك يكون حكم الشارع بجواز فسخ الهبة تخصيصاً لقوله {أوفُوا بالعُقُود} وليس خروجها خروجاً تخصّصياً.

القسم الثاني: ما يكون الجواز فيه جوازاً حقيّاً عن طريق الخيار كما في البيع، والمراد بالجواز الحقي الجواز الذي جعله الشارع حقاً للمتعاقدين، فلهما إسقاط هذا الحق ولهما إبقاؤه، كما في الجواز عن طريق الخيار فإنّه جواز حقي، وبالتالي فالجواز الحقي أيضاً على نوعين: أ-الخيار عن طريق الشرط: كما لو اشترط البائع لنفسه الخيار في ضمن متن العقد، أو اشترط المشتري لنفسه الخيار في ضمن متن العقد، فهنا في هذه الصورة يلحقه حكم الهبة؛ لأنّه من الأول لم يلتزم البائع بالملكية المطلقة؛ لأنّه اشترط لنفسه الخيار أو لم يلتزم المشتري بالملكية المطلقة؛ لأنّه اشترط لنفسه الخيار فيأتي ما ذكرناه في الهبة من أنّه إذا كان المراد بالوفاء الوفاء العملي بمعنى لزوم ترتيب الأثر شملته الآية، ولكن ما دلّ على جواز هدم العقد ببركة شرط الخيار تخصيص للآية، وأما إذا قلنا بأنّ المراد بالوفاء في الآية البقاء على الالتزام فالمفروض أن لا التزام في هذا البيع المشروط بالخيار بالملكية المطلقة، فإذا لم يكن هناك التزام بالملكية المطلقة من الأول فلا يصدق على إبقاء العقد عنوان الوفاء، ولا يصدق على رفع اليد عنه عنوان النقض، فيكون خارجاً عن الآية خروجاً تخصّصياً.

 ب-الخيار المجعول من قبل الشارع كخيار المجلس وخيار الحيوان وخيار الغبن والعيب، فإنه مما جعله الشارع لا مما جعله البائع لنفسه بملاك الشرط، ففي مثل هذا المورد سواء قلنا بأنّ الوفاء عبارة عن الوفاء العملي أو قلنا بأنّ المراد بالوفاء التقيد بالالتزام فإنه على كلا التعريفين تكون الآية شاملة لهذا العقد، وإن كان فيه خيار المجلس أو خيار الحيوان أو خيار الغبن والعيب.

فإذا كان الخيار لأحد الطرفين دون الآخر فمن الواضح حينئذٍ إنّ الآية تشمل الطرف الآخر الذي ليس له خيار؛ فإنّه يجب عليه التقيّد بالعقد؛ إذ ليس له خيار وإن كان الخيار للطرفين فإنّ الآية أيضاً تشمل ذلك؛ إذ يجب على كل منهما التقيّد بالعقد ما لم يفسخا، فما لم يفسخا فإنّ عليهما أن يلتزما بالعقد لو لا ما دلّ على جواز الفسخ بأدلة الخيار الأخرى، فأدلة الخيار الأخرى تعتبر تخصيصاً للآية وإلا فالآية في نفسها شاملة للعقد الجائز جوازاً حقياً.

 وبهذا نختم البحث حول هذه الآية سائلاً المولى القبول، وأن يوفقنا للعلم والعمل الصالح، وأن ينظر إلينا نظرة رحيمة يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سميع.

 الخلاصة وفي ختام هذا القسم يمكن استعراض بعض نقاط من هذا البحث: 1-هناك أربعة أقوال مهمة في تفسير الوفاء بالعقد الوارد في الآية، تقدمت أقوال ثلاثة في القسم الأول وهي: القول الأول: ما ذهب إليه الشيخ الأعظم وخلاصته: أنّ الآية تدل بالمطابقة على الحكم التكليفي واللزوم منتزع منه.

 القول الثاني: الآية يستفاد منها الحكم التكليفي المولوي المحض وهو الأمر بالوفاء عملاً وحرمة النقض العملي بمعنى التعامل مع العقد معاملة العقد المؤثر حتى بعد الفسخ.

 القول الثالث: ما ذهب إليه المحقق النائيني من أنّ {أوفُوا} صيغةُ أمرٍ ظاهرة في الإرشاد إلى اللزوم، لأنّ القاعدة في باب المعاملات تقتضي أن تحمل الصيغة على الإرشادية ولا دلالة لها على التكليف، إذ من المقطوع به بحسب الارتكاز المتشرعي أنّ مجرّد الفسخ ليس حراماً تكليفاً.

 القول الرابع: ذهب السيد الخوئي إلى أنّ الآية يستفاد منها الإرشاد كما ذكر أستاذه المحقق النائيني ، ولكنه ذكر تقريباً آخرَ للإرشادية وهو أنّا لو حملنا الأمر بالوفاء على الوجوب لكان لازم ذلك أنّ فسخ العقد حرام تكليفاً وهو باطل بالضرورة.

القول الخامس: ما نسب إلى أحد الأعلام المعاصرين~ في العقد النضيد: وهو أنّ الآية يستفاد منها الحكم التكليفي وهو وجوب الوفاء بالعقد وحرمة نقضه تكليفاً وذلك لسببين:

 1-مقتضى القاعدة الأولية في الأوامر هو حملها على المولوية والتكليف كما تقدم، فحمل الصيغة على الإرشاد مخالف لأصالة الظهور.

 2-حمل الآية على الإرشاد منافٍ لظهور الآيات والروايات الدالة على أنّ الوفاء المأمور به تكليفي. ولا يوجد مانع من الالتزام بهذه النتيجة؛ إذ الإشكالات الواردة على هذا القول كلها غير تامة.

 النتيجة الآية تدل على اللزوم إما بالدلالة المطابقية أو الالتزامية، أما صحة العقد فيستفاد من الدلالة الالتزامية؛ حيث إنّ لزوم العقد ملازم لصحته، فلا يصح التفكيك بينهما بأن يكون العقد لازماً ولكنه فاسد.

 في الجهة الأخيرة تعرضت إلى أهم الإشكالات الواردة على الاستدلال بالآية وهي سبعة إشكالات كلها غير تامة.

ثم أشرث إلى تنبيهين في آخر البحث، وقد ثبت شمول الآية للعقود الإذنية خلافاً للمحق النائيني ، أما شمولها للعقود الجائزة ففيه تفصيل بين موارد الحواز الحكمي والحقي.

المصادر والمراجع

  • [1] الخوئي، السيد أبو القاسم الموسوي، مصباح الفقاهة، ج4، ص30.
  • [2] لاحظ العقد النضيد، ج1، ص 287 / ج6، ص48.
  • [3] البقرة، الآية: 177.
  • [4] الإسراء، الآية: 34.
  • [5] آل عمران، الآية: 76.
  • [6] المؤمنون، الآية: 8.
  • [7] البقرة، الآية: 80.
  • [8] الصدوق، محمد بن علي بن الحسين، الخصال، ج1، ص61.
  • [9] البقرة، الآية: 83.
  • [10] المصدر السابق، ص 63.
  • [11] المصدر السابق، ص 109.
  • [12] المصدر السابق، ص 121.
  • [13] المفيد، محمد بن محمد بن النعمان، أمالي المفيد، ص66.
  • [14] القمي، محمد رضا الأنصاري، العقد النضيد، ج6، ص48-49.
  • [15] لاحظ فقه العقود للسيد كاظم الحائري، ج1، ص281.
  • [16] الخباز، السيد منير، دروس في فقه العقود، غير مطبوع.
  • [17] لاحظ حاشية المكاسب للآخوند، ص146.
  • [18] النائيني، ميرزا محمد حسين غروي‌، منية الطالب، ج2، ص5.
  • [19] الخوئي، السيد أبو القاسم، مصباح الفقاهة، ج4، ص27.
  • [20] التبريزي، جواد بن علي‌، إرشاد الطالب إلى التعليق على المكاسب، ج‌4، ص24.
  • [21] الحلّي، العلامة، حسن بن يوسف بن مطهر أسدي‌، مختلف الشيعة، ج6، ص255.
  • [22] الخوئي، السيد أبو القاسم، مصباح الفقاهة، ج4، ص27.
  • [23] الأعراف، الآية: 172. [24] تقدّم في القسم الأول من الموضوع في العدد السابق.
  • [25] الخوئي، السيد أبو القاسم، مباني العروة الوثقى، ج‌1، ص39.
  • [26] ذكره العلامة السيد منير الخباز• في درسه في فقه العقود.
المصدر
مجلة رسالة القلم

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى