ثقافة

العلاقات الدولية في القرآن الكريم (القسم الثاني)

المحاضرة الثالثة أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الغوي الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين، واللعن الدائم على أعدائهم إلى قيام يوم الدين.

 عنوان الجهاد وقد عبّر عنه بالحرب الابتدائية وكما يسميه البعض، ويعبّر عن هذا النوع من الجهاد بالدفاع؛ لأنّه -في تحليل ما- إنما هو في واقعه دفاع، والدليل الإجمالي على الحرب الابتدائية –وأعني بالدليل الاجمالي هنا هو ما يدلّ على الحرب الابتدائية في مجملها بغض النظر عن التفصيل فيها-، الدليل يتأثر في أكثر من أمر ومن هذه الأمور هذه المجموعة من الآيات الكريمة: 1- {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ}(2) لا تضع الآية سببا آخر لهذا القتال غير الكفر، فهو العنوان الذي وضع عليه الحكم لوجود القتال، فيأتي بذلك أنّ الكفر سبب كاف للقتال في نظر الإسلام. أمّا كون القتال للذين يلوون فليس بلحاظ أنّ القتال محصور عليهم، وإنما لأنّهم الأقرب خطراً، والأكثر انكشافاً، إلى أمور أخرى تجعل تقديم مقاتلتهم قبل تقديم البعيد إلا إذا تميّز البعيد بالضرورة أو بمميزات موضوعية أخرى بالمقاتلة تستوجب البدء بقتالهم.

 2- {فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}(3)، وسبيل الله هو دينه وإعلاء دينه، وعزّة دينه، والحفاظ عليه ونشر دينه، وسبيل الله توحيده وعبادته، فالمقاتلة في هذا السبيل تكون واجبة بمقتضى الأمر في الآية.

3- {وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}(4)، حتى لا يكون تخلّف، وحتى لا يكون خروج في القتال عن سبيل الله وأحكام دينه، وأن تبقى النيّة عند المقاتلين هي التقرّب إلى الله بنصرته وإعزاز دينه.

 4- {قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}(5).

هناك آيات جاءت في الكتاب الكريم تخصّ المشركين من غير أهل الكتاب، وهذه الآية موضوعها المشركون من أهل الكتاب من اليهود والنصارى ويلحق بهم المجوس والصابئة.

وهل لأهل الكتاب كلّهم أو بعضهم حسب عطاء هذه الآية الكريمة؟ يختلف المفسرون؛ فمنهم من يرى أنّها تخصّ طائفة من أهل الكتاب؛ وهم الذين لا يدينون دين الحق -دينهم-(6)، {وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ} و{مِنَ} هنا تبعضية، وهذا البعض هم الذين لا يدينون دين الحقّ، فيتخلفون عن دينِهم وعن غيرِ ما يقتضيه دينهم من اتّباع رسول الله الأعظم (صلَّى الله عليه وآله)، وبعضهم يرى “مِنَ” بيانية بمعنى أنّ الذين لا يدينون دين الحقّ هم الذين أوتوا الكتاب؛ فيكون الأمر بالقتال شاملا لكلّ أهل الكتاب.

 فالحرب تستمرّ مع أهل الكتاب {حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}، ويمكن لهم أن يبقوا على دينهم في هذا الفرض ويدخلون في أهل الذمّة، ولا تستمر الحرب معهم حتى يسلموا، وأمّا المشركون فالحرب القائمة معهم تستمرّ حتى يسلموا.

 – الأهداف المتصوّرة للحرب في الإسلام: والتركيز هنا على الحرب الابتدائية لأنّ الحرب الدفاعية بالمعنى المصطلح المقابل للجهاد فأمره واضح جدّا ولا خلاف فيه حتى بين العقلاء.

أهداف الحرب الابتدائية -يمكن أن نضع- عدة فروض: الفرض الأول: أن يستهدف الإسلام المكاسب المادية، والتوسّع الجغرافي، وبسط السيطرة باستغلال ثروات الآخر وفرض الهيمنة على الآخر، وإذلال الآخر، وتوسّع موارد الدولة الإسلامية.

الفرض الثاني: أن تكون الحرب تعطّشا للدّم كما يحدث في الساحة الإسلامية الآن -تقريبا في بعض صور ما يحدث-.

 الفرض الثالث: أن يكون الهدف هو الإكراه في الدين، وفرض حالة الإيمان على شعوب العالم.

 الفرض الرابع: إنهاء قوّة الكفر ودعوته، ومقاومته، وإنهاء تعطيله لحالة الإيمان والتوحيد الذي يريد إقامة القسط، وغاية الحياة، وإنهاء حالة العبودية للمخلوقين، وتبقى للخالق الواحد الأحد دون سواه، وهذا يدخل تحت عنوان إعلاء كلمة الله.

نعرض هذه الأهداف المتصوّرة على هذه المجموعة من الآيات الكريمة، فنجد أنّ هدف التعطّش للدم محذوف وأنّ الإسلام يرى أنّ من قتل نفساً واحدةً فكأنّما قتل الناس جميعاً -وهذا بغير حقّ- مشدّداً على حرمة الدّم، وحرمة الدّم من أشد الحرمات في الإسلام وفيها الاحتياط، وحيث تقوم شبهةٌ في جناية يتوقف الحدّ بالقتل.

{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انتَهَوْا فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ}(7) ما هي تلك الفتنة؟ وتفسّر بأنّها الشرك، ومع الشرك الإضلال والصدّ عن دين الله، وتخريب طريق الناس بالأخذ بالهداية.

والآية الكريمة تقول {وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ}، فالقتال يستمرّ حتى يكون الدين لله وهو الطاعة لله وحده، وإن كانت هناك طاعة ثانية فهي تبعية وليست طاعة بالأصالة.

{فَإِنِ انتَهَوْا فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ} فهل انتهائهم هو انتهاء حربهم على الإسلام؟ حسب السياق معناه أنّهم انتهوا عن الفتنة، وإذا فُسّرت الفتنة بالشرك فمعناها أنّهم انتهوا عن الشرك، وينتهوا عن أيّ دين ثاني، فالمطلوب حسب ظاهر الآية حتى يتفرّد دين الله (عزَّ وجلَّ) بالساحة البشرية(8).

 {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}(9).

لا بدّ من الانتهاء من الصدّ عن دين الله {مِنَ الْقَتْلِ}، القتل بشع وعظيم ومنكر وكبير جدا، لكنّ الفتنة بإخراج الناس من دين الله، وبإضلال الناس عن دين الله بالشرك فهو أكبر من القتل.

 والكفر لا يريحه أن يكون في الأرض دينان، والكفر لا يطمئنّ بأنْ يكون للإسلام وجود في الأرض، {حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ}، وهذا هو سبب الأمر بالقتال.

 {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}(10)، هل المطلوب الحجّة للدين الإسلامي فقط؟ أم المطلوب الظهور في تسهيل الأمور، وقيادة الحركة الإنسانية على وجه الأرض؟ {بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ} أي بالطاعة، وهذا المنهج الصحيح {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} فالمشركون يضرّهم بأن يقوم إسلام على وجه الأرض، وآيات القتال ليظهر الإسلام على الدين كلّه.

{وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيراً الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً}(11) جبهتان في الأرض؛ جبهة تقاتل في سبيل الطاغوت وهي جبهة الكفار، وجبهة الذين آمنوا تقاتل في سبيل الله، ومأمور بالقتال لإنقاذ المستضعفين من فتنة الشرك من رجال ونساء وولدان، {الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا}، وإنقاذهم من كلّ أنواع الظلم، وأكبر أنواع الظلم هو فرض الشرك ترويجه، والصدّ عن سبيل الله (سبحانه وتعالى).

{وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}(12)  فالحرب المقدّسة في الإسلام هي الحرب في سبيل الله، فالقتلى لا يُعدَّون أمواتا بل هم أحياء في سبيل الله تبارك وتعالى، وهذه هي الحرب المقدّسة في الإسلام، وهذه ليست حرباً لأيّ هدف آخر.

 {انْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}(13) أكثر آيات الحرب مقيَّدة أن تكون في سبيل الله، وبعضها تكون مذيّلة بالأمر بالتقوى.

{وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ}(14)، والحقّ هو الإسلام وهو آخر دين ارتضاه، {وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ}، والمطلوب في النهاية أن ينقطع أمر الكافرين في الأرض والكفر.

 {يُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ}(15)، المطلوب حرب تحقّ الحقّ وتبطل الباطل، وهذا الإنهاء الذي يريده الله تعالى هو إنهاء وجود الكافرين.

 ومن كلّ هذا يتبيّن هل أنّ الهدف من القتال هو المكاسب المادية والتوسّع الجغرافي وبسط السيطرة؟ فتجيب الآية الكريمة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً}(16)، والآية الكريمة تعالج مسألة حادث خارجي وهو أنّ المسلمين طلبوا أن يبقوا على الأسرى لمكاسب مادية، والأسير يكون في الخدمة ومكاسبه لي ويكون تحت تصرفي، وكان يعرف بأنّه من أدوات التاجر ومن مصادر الدّخل،  ومعروف أنّ الرقيق ساهموا بشكل كبير في بناء الأرض التي يتواجهون فيها؛ ولذلك كان يطمع بأن يبقى الأسير ولا يقتل ويكسبه المحارب المسلم ويستفيد منه نتاجاً مادياً.

 {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرا}(17)، فكان البعض يحاربون من أجل حربه وأسره، ولكنّ الآية الكريمة تقول لهم ليس الأمر كذلك! فإن كان مؤمناً ويعترف بالشهادتين فيجب أن يقبل منه إيمانه وقد ألقى السلام، فلا يقتل.

{مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}(18)، بمعنى أن يبالغ في القتل حتى تحقيق النصر للإسلام وينتهي الكفر.

{تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}(19)، فالإثخان في الأرض ليس تشفياً، وليس سفكاً للدماء، وليس لأغراض دنيوية، وإنما الهدف هو رضا الله.

 {لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ اللّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}(20)، فهذا الميل لأن يكون أكثر الأسرى من الطرف الآخر، بغض النّظر عن النتائج الموضوعية التي تترتب على عدم استئصال حالة الكفر وعدم إنهاكه حتى لا يقوم مرّة ثانية {َلوْلا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} فهذا فيه تهديد من الإسلام، فالمطلوب هو أن يتحقق الهدف الإسلامي بظهور الإسلام وإعلاء كلمة الله، وإن تطلّب الإثخان في الأرض.

 {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَراً وَرِئَاء النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَاللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ}(21) حبّ الظهور والسيطرة والهيمنة وكلّ هذا لا يرضى الإسلامُ أن يكون هدفاً من أهداف الإسلام ولا مشاركاً للهدف.

 بالنسبة للهدف أن تكون الحرب من أجل الإكراه بالدين، فالإسلام لا يوافق على هذا الهدف، والإكراه في الدين غير ممكن، والآية الكريمة واضحة جداً: {لاَ إكراه فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْد مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}(22)، {لاَ إكراه فِي الدِّينِ}، إمّا أن تكون قضيّة خبرية تتحدّث عن واقع الأمر عن أنّ الإكراه في الدين غير ممكن؛ لأنّ الدين يقوم على العلم والاعتقاد والإذعان من النفس برضى وقناعة بالفكرة والقضية، وواضح جداً أنّ السيف والقتل يمكن أن يهزمني خارجا، ولكن لا يستطيع أن يغيّر قناعة كاملة ورؤية واضحة وجلية عندي، أو أن يرفع شكّ الكافر، ولا تخلق يقينا واطمئنانا وإيمانا بالقضية، وهذا السبيل لو شرّعه الإسلام فلن يكون كلّ شيء في مكانه.

وهذا الإخبار بأنّ هذا الأمر غير ممكن معناه أنّه لا يشرع، أو معناه أنّ الإسلام ينفي التشريع للإكراه في الإسلام.

 {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإيمان}(23)، فالآية الكريمة تقول أن الإيمان لا يخلقه الإكراه، وآيةٌ كريمةٌ أخرى تقول إن الإيمان لا يرفعه الإكراهُ، فقلب مطمئنٌ بالإيمان فهو مؤمن ومتوفر على الإيمان، فالإكراه لم يرفعه، وحقيقة الإيمان باقية، فالإيمان لا يتأثّر سلبا بأن يرتفع ولا إيجابا بأن يوجد بمجرد الإكراه، فوسيلة الإكراه فاشلة في هذا الباب.

 {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ}(24) الذي يستطيع أن يخلق حالة الإيمان في القلوب خلقا جبريا هو الله (سبحانه وتعالى)، وهو (سبحانه وتعالى) يشاء أن تكون القلوب قادرة على أن تكون مؤمنة أو منكرة للإيمان والكفر بها، {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ} فرسول الله (صلَّى الله عليه وآله) ليس بيده ولا بالآلة الحربية التي عنده أن تخلق حالة الإيمان في القلوب وليس له ذلك، فالأمر الذي لا يريده الله بأن يدخل حالة الإيمان بالجبر والإكراه فكذلك لا يريده لرسول.

{قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمان فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}(25)، فهناك إيمان وهناك إسلام، فالآية الكريمة فرّقت بين الإيمان والإسلام، واعترفت للأعراب الذين أعلنوا الشهادتين بأنّهم مسلمون، ونفت عنهم أنّهم مؤمنون، فهنا دعوى كاذبة أن يقولوا آمنا، والصّدق في لسانهم أنّهم أسلموا الإسلام المقابل للإيمان، على أنّ الإسلام قد يأتي بمعنى الإيمان، ولكن حيث يتقابلان يكون الإسلام غير الإيمان، وهو الإعلان والقبول الظاهري للإسلام هو إسلام، وبما أنزله الله (عزَّ وجلَّ) على رسوله (صلَّى الله عليه وآله) هو إسلام، وأمّا الإيمان فهو قضية مستقرّة في القلب، ويحتضنها  القلب ويعيشها.

{قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمان فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}(26)، نعرف أنّ الإسلام قَبِلَ من الأعراب قولهم: (أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنَّ محمداً رسول الله)، وقبولهم الظاهري للإسلام بحيث رتّب عليهم آثار الإسلام في هذه الحياة الدنيا.

 خلص الكلام إلى أنّ الهدف المنسجم مع دلالات الآيات الكريمة من بين الأهداف الأربعة المذكورة هو الهدف الرابع المذكور آنفاً وهو “إنهاء قوّة الكفر ودعوته، ومقاومته، وإنهاء تعطيله لحالة الإيمان والتوحيد الذي يريد إقامة القسط، وغاية الحياة، وإنهاء حالة العبودية للمخلوقين، وتبقى للخالق الواحد الأحد دون سواه”.

 نقاط متممة: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ}(27)، فالفتنة هي الشرك، وكون الدين كلّه لله والدين بمعنى الإيمان الحقّ الذي يعيشه القلب ويستقرّ فيه، وهو الدين الواقعي الذي تعيشه القلوب، وتكون العبادة في الأرض وفي الخارج لله (سبحانه وتعالى)، ويكون الأمر والنهي له، والحكم حكمه، وأن يقود الحركة في الأرض دينُه، في السياسية والاجتماع وبقية مجالات الحياة، وهذا الدين -دين القلوب- لا تحقّقه الحرب، وإنما هدف الحرب تحقّق الوجود الظاهري للدين، وأن يكون القائم هو الكيان الديني.

 – القتل على الإيمان يفتن المؤمنين، فمن آمن قتل، فهنا تكون فتنة بلا أدنى شك، وهو صدّ عن سبيل الله، وهذا يقطع سبيل الإيمان الظاهري.

– منع وصول الخطاب الديني الصحيح فتنة وإضلال، فقيام دولة كافرة تمنع وصول خطاب الرسالة المحمدية إلى شعبها؛ بأن تحكّم الكفر وعبادة غير الله (عزَّ وجلَّ) وتضع سدوداً وحواجز عن وصول الخطاب الديني الرئيس وهو توحيد الله (عزَّ وجلَّ) -توحيده في العبادة والأخذ بدينه-.

– إفساد الفطرة يعتبر فتنة وإضلالاً، فالفطرة هي مرتكز الدين والطريق إلى وجود الدين في القلوب، وفي الخارج هو بقاء الفطرة التي فطر الله الناس عليها.

 – قيام دولة كافرة وكلّ الأوضاع القائمة فيها مترشحات من عقيدة الكفر -إذا صحّ التعبير عنها بعقيدة-، فالأوضاع القائمة على الأرض في تلك الدولة الكافرة هي منسجمة ومتّسقة ومترشّحة عن قضية الكفر بالله (سبحانه وتعالى)، فهذا لا يبقي الفطرة على وضعها، بل يدخل على الفطرة الخسّ والتشويه والضلال والانحراف، وهذا فيه صدٌّ عن سبيل الله، وهذا من خلال الآيات محارب، وهذا قطع لدين التوحيد، والمطلوب أن يكون له وجوده في الأرض، ويكون هو الظاهر في الأرض، وأن يكون هو الوجود السائد في الأرض.

 فالأوضاع العملية والبناء الاجتماعي والاقتصادي مبنية على أساس الكفر والاهتراء الخلقي الذي يرعاه الكيان الكافر هو فتنة وإضلال.

 – إنكار ألوهية الربّ الخالق ووجوده والشّرك به والترويج لذلك مكابرة للحقّ الذي يريد الإسلام أن يظهره، والتأسيس لكلّ ألوان الانحراف والفساد وفصل الحياة عن خطّها الصحيح، وغايتها التي كانت من أجلها.

 – قد يرد على بعض النفوس التشكيك في العقيدة وتنتابها الشبهة فيها(28)، فكيف يتعامل معها الإسلام؟ فكما مرّ أنّ إظهار وإعلان الكفر والدعوة له، وإقامة أوضاع عملية كافرة تغري بالكفر وتصدّ عن ذكر الله عز وجل، وتطرد الناس عن طريق الله (عزَّ وجلَّ)، فالإسلام يقف في وجه كلّ هذا، ويمكن أن تعلن قوة ظاهرية عن كفه وإنهائه.

 لكن هذا الشك لا ترفعه القوّة الخارجية، وقد يعلو على الإنسان قهراً، لنقص ذهني أو ترويج شبهة، أو عقدة نفسية لديه، أو موقف مسيء من عالم دين كبير فيخلق لديه ردة فعل في نفسه مما تجعله يشك، أو أصابته بمرض نفسي يجعله على طريق الانحراف النفسي، أو غير ذلك، فإن كانت المقدمات من عندي وأنا من سعى لها وقامت على مقدمات اختيارية، كأن تكون عندي سلوكيات قذرة ووسخة فسببت لي هذا الشك، وخلقت في نفسي هذه الحالة من الاضطراب النفسي، فاضعفت نفسي عن تحمّل الإيمان، فبدأ الشكّ في أصل العقيدة تبريراً لسلوكي المنحرف فأنا أتحمّله بالحفاظ على أصل الإيمان، فعليّ تحمّله.

 ولكن مرة يفاجئني الشك، وقد يكون ذهني قاصراً، فهنا الإسلام يعطيك حقّ البحث والمناقشة والاستيضاح والطرح العلمي والطرح الصريح لشبهاتك بقصد توصلك إلى الحقّ، ولكن لا يعطيك حقّ الدعوة للشرك، ولا يعطيك الحقّ أن تتخذ من شكّك منطلقا لتشكيك الآخرين في العقيدة، وهذا لا يضعك على طريق هدم عقيدة الإيمان عند الآخرين، ولا يبيح لك أن تقيم كياناً يقود الحياة.

كالذي يمتلك قدرات سياسية هائلة، أو عنده قدرات مالية جداً، أو عنده علاقات واسعة ودخله الشكّ في الإسلام، فصار يقيم دولة كافرة يقود بها حركة الحياة في الناس، فهذا يقف، ولا يسمح له، بل عليه أن يطلب العلم وأن يسعى لرفع الشبهة، وأن يطرح كلّ أسئلته ليتلقّى أجوبة توصله إلى قناعة علمية.

 – إقرار الكفر هو خلاف الرحمة الإلهية، فالدين يأتي ويقول أنّه يقرّ الكفر في الأرض ويبيح للناس أن يكفروا، فالله (سبحانه وتعالى) أقدرَ القلوب على الكفر والإيمان، وهذه هي الإرادة التكوينة.

وأمّا على مستوى الإرادة التشريعية الله خيّرك بأن تكفر أو تؤمن! هذا خلاف الرحمة الإلهية، أمّا التخيير التكويني فهو من أجل أن يكون قاعدة للتكليف، واستحقاق الثواب والعقاب؛ فإقدار القلوب على أن تكفر أو تؤمن فهو ضروري حتى يصحّ الجزاء بالثواب والعقاب، وحتى يكون هناك تكليف، وإلا إن كنت مجبوراً على الكفر أو الإيمان فعلامَ التكليف؟! فلا يكون تكليف مع الجبر ولا يوجد تحمل للمسؤولية.

 فإقرار الكفر من ناحية تشريعية، فإن أراد أحد أن يؤمن فهو مباح له، وإن أراد الكفر فهو مباح له فهو مرخّص، فهذا خلاف الهدف الديني، وخلاف الرحمة الإلهية، فما الفائدة من إيجاد تكاليف وبعد ذلك يقول لي أنت مخيّر من ناحية تشريعية فهذا تناقض وتهافت، وهو أمر وينقضه الترخيص، فواضح جداً أن الإلزام يتنافى مع الترخيص.

 فإن كنتَ ملزماً بترك الكفر فهل تكون مرخصاً بترك الكفر؟ فهل تكون مرخصا بين الكفر والإيمان؟ وإذا كنتُ ملزماً بالإيمان فهل أرخّص بين الإيمان والكفر؟ فنزول الدين من أجل أن يلزم الناس بالإيمان، فهنا تناقض.

والقول بأنّ إقرار الكفر هو خلاف الرحمة الالهية لأنّه لا إنسانية ولا أوضاع مستقيمة على الأرض ولا جنّة، ووجود عذاب شديد وسقوط إنساني ذريع جدا وفوضى، وخروج على الحقّ بالكامل حين يحكم الكفر ويُطرد الإيمان، وحين يُعبدُ غير الله ويُكفرُ بالله (عزَّ وجلَّ)، فالرحمة التشريعة والتكوينة حين يتعلّق العباد بالله (سبحانه وتعالى)، فمن أين الهدى؟ ومن أين الوجود؟ ومن أين الحياة؟ ومن أين نستضيء الطريق؟ إذا قال لنا الله (عزَّ وجلَّ) أنتم مرخّصون في أن تأخذوا طريقاً غير طريق الإيمان، فهل هذا رحمة؟ بل الرحمة أن ينادينا ليل نهار (سبحانه وتعالى) من خلال رسالته وآياته أن تعالوا وتوبوا وارتبطوا بالله (عزَّ وجلَّ)، فالرحمة هنا {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}(29)، فرحمة الله في الإخراج من الظلمات إلى النور، والأخذ بطريق الإيمان والتسليم لله، وعبادته، وليس أن خرّجك للكفر والكفار ومن النور إلى الظلمات.

وإن رخّصني تشريعاً فليس عليّ عقاب في الأخذ بالإيمان أو الأخذ بالكفر، ولا إقامة حدّ ولا أي أثر دنيوي، فنجد أنّ هنا تهافتاً شديداً أن يؤدي الكفر أداء الإيمان، فمساواتنا بين الكفر والإيمان في التشريع فلا بدّ من المساواة بينهما في التكوين، فلا بد من أن يكون أثر الكفر هو نفس أثر الإيمان، فإما أثرهما معاً سقوط الإنسان وخسارته، أو يكون أثرهما معاً ربح الإنسان ونجاحه حتى يتساويا في الحكم.

وإلا إذا كان أحدهما يقتل والآخر ينجي فهل يتساويان في الحكم؟ لا.

وإذا كان الله (عزَّ وجلَّ) لا يعطيني الخيار التشريعي في حقّ نفسي بأن أختار لها الجنة أو النار، بل أعطاني الخيار التكويني، وعليّ أن لا أسلك طريقاً غير طريق الجنة، وينهاني كلّ النهي أن أسلك طريق النار، أليس هذا هو التكليف؟ والله لم يعطني الحقّ في نفسي، فهل يعطيني الحقّ في نفسك، وفي حقّ المجتمع الإنساني بأن أخذ به إلى طريق النار وهو الكفر؟ لا يمكن على الإطلاق أن يقول لي الإسلام أني أنهاك أن تختار إلى نفسك طريق النار، ثمّ يقول لي أبيح لك أن تختار لعبادي الآخرين طريق النار، وتجرّهم إليها من خلال إقامة كيان كافر، وإظهار الكفر، والدعوة إلى الكفر، وبنشر الكفر والتسهيل له، ومحاربة الإيمان والصدّ عنه.

والحمد لله رب العالمين   المحاضرة الرابعة أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الغوي الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم إلى قيام يوم الدين.

الجهاد بين زمن الحضور والغيبة هناك آراء في هذا الأمر، فأصل وجوبه لا شكّ فيه بين فقهاء الإمامية، فالقدر المتيّقن من هذا الأمر وهو الجهاد الابتدائي -بغض النظر عن كونه في زمن الغيبة أو الحضور أو بحضور الإمام- يكون بأمر الإمام أو نائبه، والإمام يسميه باسمه وشخصه، فيقول له أمرتك على الشيء الفلاني فينصبه لخوض حرب كمالك الأشتر، ومالك الأشتر إنما يحكم لأنّه أمر من الإمام (عليه السلام) بوظيفة أو أكثر من وظائف الإمامة وهو وتحت إشراف الإمام ويبقى خاضعاً باستمرار لأمر الإمام (عليه السلام).

وأما النائب العام هو ما جاء من تنصيب الفقيه المستجمع لشروط الفتوى من إفتاء المؤمنين في شؤون دينهم ومن وظائف أخرى في إطار من الأطر التي قد يتفق على بعضها وقد يختلف على البعض الآخر، فلم يسمي الإمامُ (عليه السلام) السيدَ الخوئي نائباً ولم يسمي السيدَ الإمام نائباً، وإنما وضع شروطاً ومواصفات، وهذا هو التعيين العام، ويسمون بنواب عامين.

 فالقدر المتقين عند الفقهاء كلّهم هو أنّ الجهاد الابتدائي هو بأمر الإمام أو نائبه الخاص، وأنّه يجب على المسلمين الاستجابة له.

وأمّا المسألة على مستوى الإطار الإسلامي العام بمذاهبه المختلفة، فيقول السيد الخوئي في كتابه “الجهاد”: فلا خلاف بين المسليمن قاطبة -بغض النظر عن التفاصيل-.

والجهاد الابتدائي استدلّ عليه من الكتاب الكريم والروايات التي أخذ منها هذا الأمر، والكتاب الكريم مرّة يعبّر عن المشركين بأهل الكتاب، ومرّة بالمشركين وهم المنكرون لله (عزَّ وجلَّ) أو ما يسمون بالوثنيين.

 الجهاد الابتدائي الواجب ضدّ المشركين له غاية، وينتهي عند أمر واحد، وهو التسليم للإسلام، فما لم يسلّم المشركون للإسلام فلا تتوقف، ولا تتوقف بدفع الجزية، وإنما الهدنة أمر آخر.

والجهاد الابتدائي كما يكون ضدّ المشركين يكون ضدّ أهل الكتاب من يهود ونصارى وصابئة، وهنا الحرب تقف بالتسليم للإسلام أو بدفع الجزية. الجهاد في أصله هو محل إجماع الإمامية بل محل إجماع المسلمين كما يذكر السيد الخوئي رحمه الله وأجزل ثوابه وأعلى مقامه.

 الجهاد الابتدائي في زمن الغيبة مختلَف فيه بين الوجوب والحرمة، والمشهور فيه هو الحرمة بين الفقهاء، فلا يجوز إلا في زمن حضور الإمام وأمره أو أمر نائبه الخاص كما سلف، وهناك البعض ممن يقولون بالوجوب منهم السيد الخوئي -أعلى الله مقامه- (وقد استنتجوا من عدد من الأقوال للفقهاء بالقول بالجواز وليس بالحرمة أو الوجوب).

والوجوب عند السيد الخوئي في زمن الغيبة وهو أن الجهاد الابتدائي إنما يأتي من باب الحسبة، وأنّه ليس من الأمور التي يفرّط فيها المسلمون، ويضرّ بالإسلام تعطيله، ولكن كيف نصل إلى جهاد من ناحية عملية على أساس الحسبة؟ يقول إذا شخّصَ أهلُ الخبرة أن في الجهاد مصلحة إسلامية مع أمن الهزيمة، بحيث قدّر خبراء ومتخصّصون في هذا المجال أن الظرف مناسب جداً لانتصار المسلمين وتحقق الهدف من الجهاد الابتدائي، فالمعطيات في الواقع العملي بأن احتمال هزيمة المسلمين وأن يخسروا المعركة احتمال ضئيل جدّاً، وأنّه من صالح الإسلام ولا يلحق الإسلام ولا المسلمين ضرر من خوض هذه الحرب الابتدائية، فما هو دور الفقيه الجامع لشروط الفتوى في هذا الظرف؟ إذا ترك أمر الجهاد لأكثر من طرف ولأناس غير فقهاء، وأمر الحُسبة يكون بيد الفقيه، وإن لم يوجد فقيه فهو لغير الفقيه، أو أنّ هناك فقيهاً ولا يمكن الوصول إليه فلا يتعطل أمر المسجد أو أمر حفظ مال اليتم أو الانفاق عليه، وهما مثالان من الأمور التي تدخل في الأمور الحسبية.

 السيد الخوئي يختار أن يكون الأمر متروكاً للفقيه وتشخيص أهل الخبرة، بأنّ الحرب ليس فيها أذىً للإسلام والمسلمين، وحتى لا يسود الهرج والمرج والفوضى بين المسلمين، ولكي لا يكون ذلك فالأمر يصدر من الفقيه.

 وأمّا البعض الآخر يرى أنّ وجوب الحرب الابتدائية متروكٌ للفقيه الجامع للشرائط إذا شخّص الأمرَ بنفسه، أو سمع رأي أهل الخبرة، فهنا يصدر أمره بالجهاد الابتدائي.

يتّجه عدد من الكتابات إلى أنّ الحرب الابتدائية في الإسلام هو الردّ على اعتداء المشركين، وسبق القول أنّ الهدف من الحرب الابتدائية في الإسلام ليس ذلك.

 – فهدف الحرب الابتدائية عند الطرف الآخر هو إنهاء القدرة على المقاومة والقوة.

 – أن لا يكون للكفر حالة ظهور وعزّة يمتلكها على الأرض.

 الجهاد وأحكامه وآدابه – الدعوة إلى الإسلام قبل القتال {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ……..}، فهذا الأسلوب ومقوّمات هذا الأسلوب لا بدّ أن يتقدم الحرب الابتدائية، فلا بدّ من المحاولة من إقناع الطرف الآخر بالإسلام، وإن كان عنده رأي فليطرحه وليناقش وإن أصرّ فتكون الحرب.

– عدم جواز الفرار، إذا كان عدد المشركين ضعف المسلمين وصار الجيش أقل، فلا يجوز الفرار من القتال إلا متحرّفاً لقتال أو متحيّزاً لفئة، فلا يجوز الفرار للنجاة بالنفس.

 – حرمة رمي السمّ في المياه أو الأرض، وهناك رأيان أحدهما الحرمة والآخر الكراهة.

 – حرمة قطع الأشجار إلا مع الضرر.

 – حرمة قتل النساء والصبيان والمجانين حتى مع التذرّع بهم، إلا إذا توقّف النصر على ذلك، وهذا حكم الاضطرار.

 – لا يجوز التمثيل بهم.

– قتل الغدر حرام.

 – عدم جواز قتل الشيخ الفاني، إلا إذا كان من أهل الرأي.

– ولا يجوز قتل البشر ولا الحيوانات وحرق الأشجار.

 هناك فوارق في النظرة الأساس للعلاقات الدولية في الإسلام بين وجهة نظر الإسلام والنظرة المادية، وهذا الأساس قائم على النظر إلى الكون وهل له سيّد؟ فرأي الإسلام أنّ الكون له سيّد ومالك وآمر وناه، ويرى أنّ الإنسان يجب عليه أن يأتمر بأمر الله وينتهي بنهيه، فالإسلام يرى أنّ يد المسلم لا تنطلق إلا بأمر الله، وأمّا النظرة المادية المؤمن بها يرى أنّ يدَه مطلقة لأنه يرى.

فكم هو الفرق الشاسع بين هذه النظرة وبين تلك النظرة، فالنظرة الايجايبة تقيّد يد الإنسان وتمنعها منعا باتاً للاتجاه إلى الشر.

الكون عند المشرك غير هادف، والكون عند المؤمن هادف، والمشرك لا يرى أنّ بعد الحياة هدف، وكلّ أهدافه من هذه الحياة نفسها من أجل الحياة، وأمّا المسلم فإنّه يرى أنّ الهدف من الحياة هو من أجل ما بعد هذه الحياة، وعدم التحرّك في أمر كبير أو صغير إلا بما يرضي الله.

إرادتي فوقها إرادة، وعليها أن تتأدّب وتتوقّف عمّا تمليه النفس ويشتيهه الهوى، وما يصل إليه اجتهادي بعيداً عن الإسلام، وأمّا المشرك فيرى أنّ إرادته حرّة، وليس فوق مشيئته مشيئة.

حقيقة الإنسان ما هي؟ وما الذي يحدّد علاقات الإنسان؟ هل استبيح الظلم أم لا؟ هل أنشر الفساد أم لا؟ إذا آمنتُ بالإسلام فأنا مقيّد به، وحقيقة الإنسان في الإسلام ما هي؟ هل هو قبضة طين ونفخة روح؟ أين كرامة الإنسان؟ فذاك يرى الحقيقة أن الإنسان قرد وليس من مشكل أن تقتل وتهين قرداً! وأنت حر وهذا قرد، ولكن تعامله أيّ معاملة؟ فمن أيّ جانب تهتمّ به؟ من الجانب المادي والجسدي ولا تحسب أي حساب للجانب الروحي، فالقرد ليس عنده روح إنسانية.

الانسان الذي تراه النظرة المادية بأنه قرد فهذا يشبع ويكسى حينما يكون له اهتمام ويؤوى، ولكن جانبه الروحي وتطلّعه للسمو والارتباط الحقيقي بالله عز وجل واقتباس صفات من صفات الله عز وجل والتقرب إليه وهذا الشوق للكمال والذي يشده لله عز وجل فهذا غير محسوب، لأنهم يرون أن حقيقته جسد ومادة وقبضة طين.

فحينما أنظر إلى الكافر بغض النظر عن كفره وأنظر إليه كإنسان قبل أن يكون كافراً فانظر إليه أنه جنبة من مادة وجنبة من روح، وإذا كانت العناية بالكافر من ناحية جسدية وعندي حساب الكافر من ناحية جسدية وحرمة جسده فأنا عندي حساب أكبر بحرمة إنسانيته ونفخة الروح فيه، وإذا عزّ عليّ أن يُقتل الكفار ظلماً من حكامهم عزّ عليَّ أكثر من ذلك أن يُضلّلوا روحياً وأن يُصرفوا عن الله وأن يُصّدوا عن ذكر الله سبحانه وتعالى وتقطع علاقاتهم بالله سبحانه وتعالى من حكامهم.

فأنت إن أردت أن تحارب من أجل سلامة المجتمع الكافر من ناحية مادية وجسدية ومن أكل وشرب فعليك أن تحارب قبل ذلك لسلبهم هدايتهم الفطرية وتوجههم وقدرتهم ولو بالإضلال على توجههم لله سبحانه وتعالى لأن في هذا هدر للإنسانية، وهدر للجانب الأعز والجانب الأكرم وهو الجانب الروحي ففيه تضييع.

 الإنسان كريم في النظرة الإيمانية على أساس ما يتمتع به من نفخة روحية أسجدت الملائكة له بأمر الله سبحانه وتعالى.

الإنسان الخاوي من الروح الذي هو عبارة عن مادة فقط، والمادة مثل الأرض ندوسها، ونستغلها تمام الاستغلال، ونتخذها وسيلة لقضاء حاجاتنا فقط، فإذا كنت مادة فقط فشأني مثل شأن الجماد، وإن كنت سأكون أكثر سيكون شأني شأن الحيوان كوني أمتلك عواطف فمن الممكن أن تحسب عواطفك لعواطفي.

 فمجتمع الإيمان والقيادة الإيمانية الحقيقة يحكمها الرسالية، وأما القيادة الكافرة التي تنطلق من قيادة الكفر وكل وجودها من أجل الشهوة، وليس هناك أيّ معنى لوجودي بلا شهوات وبلا لذائذ في هذه الدنيا، وليس لدي شيء وراء هذه الحياة، فعلي أن أعبَّ ما استطعت أن أعبَّ من شهوات هذه الدنيا، وأن أجمع من لذائذها ما أجمع.

 الرسالية والشهوانية، منطلقان لطريقين مختلفين، ولسلوكين مختلفتين متباينتين، فالأساس عند القيادة الإيمانية وقيادة المعصوم هو الأساس الخلقي، وأما القيادة الكافرة كأبي جهل وصناديد قريش الذين واجهوا رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) الأساس عندهم هو الأساس المنفعي والمصلحة المادية.

العلاقات الدولية المنشأ فيها عند جبهة الكفر هو منشأ رعاية المنفعة، فإن كانت المنفعة المادية تقتضي إيقاف حرب لتقف الحرب، وإن كانت المنفعة المادية تقتضي شن حرب أو استمرار حرب.

 أما في القيادة الإيمانية فتوقف حرب أو استمرار حرب او شن حرب فالأساس فيها هو المنطلق الخلقي، فالأخلاق الحقيقية هنا وهي تتلقى من الفطرة والدين، فما الذي تقتضي مصلحة الأخلاق ومصلحة الإنسانية وما تقتضي المبدئية؟ هل تستمر الحرب أم تتوقف أو تشن حرب أو لا تشن حرب؟ هدف الحرب عند الحضارة المادية التي تتحكم في المنظمات الدولية الكبرى، فما جاء في ميثاق الأمم المتحدة “أن الحرب أو التهديد بالحرب أمر يهم جميع الدول الأعضاء في عصبة الأمم” فأي بلد تشن حرب أو هددت بحرب فهذا الأمر يهم جميع الدول في عصبة الأمم.

 وفي إعلان الأمم المتحدة “جميع الأعضاء ملزمون في علاقاتهم الدولية بالامتناع عن التهديد بالقوة أو اللجوء إليها، واستخدامها ضد أي سيادة أي دولة أو استقلالها السياسي أو استخدام أي سلوك أو طريقة تتنافى ومقاصد سائر الشعوب الأخرى” فملخص الكلام أن حرب تشنها دولة على دولة أخرى لإسقاط سيادة تلك الدولة أو إلغاء استقلالها السياسي، أو أي حرب تؤثر على الشعوب الأخرى بحيث تهز أمنها  أو تتعدى عليها أو تضعفها فهو غير مقبول وعصبة الأمم والعلاقات الدولية لا تقبل هذا الأمر ويهم كل الدول ولا يختص بالدولة نفسها وهذا أمر ممنوع في القانون الدولي، وجاء استثناء على هذه المادة وهو الدفاع.

 أمر آخر وهو حفظ السلام والأمن العالمي.

 فوجود حرب داخلية في بلد معين أو لم تكن حرب داخليه، ولكن حاكم هذا البلد لديه سلاح كيمياوي أو ذرّي أو نووي والقرائن تدل على أنه ربما يستخدمه على مستوى العالم وهو يهدد السلم العالمي، فهذه المادة من القانون الدولي تبيح الحرب ضده.

نجد ما صدر من مجلس الأمن من قرار سنة 1991م للتدخل المباشر في العراق استناداً إلى مسؤولية مجلس الأمن في حفظ الأمن والسلام والعالمي.

وصدر قرار أيضا سنة 1992م وهو يسمح للقوات الأمريكية بالتدخل في الصومال بسبب تهديد النظام الصومالي آنذاك للسلام والأمن العالميين.

طرح أخيراً على مستوىً دولي ما يسمى بالتدخل للأغراض الإنسانية، فهذا يختلف عن تهديد السلم والأمن العالميين، فهذا الوضع الحاكم في بلد معين كما قد يطبق عندهم على سوريا بأن هذا الوضع فيه عدم اعتراف بإنسانية الإنسان، فإذا استمر هذا الأمر وهو السحق بالسلاح الكيمياوي للشعبة، فهو لم يدخل في حرب مع أحد ولم يهدد السلام العالمي، ولكن غرض الانسانية أن لا يتنافى مع الانسانية استعمال السلاح الفتاك بصورة شاملة تهلك المجرم والبريء.

ولكن لا يوجد نص في القانون الدولي يستثني هذه الحالة من حرمة الحرب ضد بلد معين، فالبندان الموجودان هما الدفاع وحفظ الأمن والسلام العالميين، أما الحالة الثالثة لا يوجد بها نص في القانون الدولي ولذلك وإن كان هذا المنطلق لكنهم يدخلون تحت حفظ السلام والأمن العالمي لعدم وجود نص في مواثيق عمل الدول بالوجه الأول.

 وهنا سؤال: فالإسلام يرى شن الحرب الابتدائية لحفظ أمن الشعوب من ناحية مادية ولأمن الشعوب من ناحية روحية معنوية، وأن إضلال شعب وأمّة وأخذها لزاوية الكفر يخالف الأغراض الإنسانية، والوقوف بها عن السير إلى غايتها الكبرى وهو غاية كمال الإنسان باتصاله وعبادته لله عز وجل، وعن غاية نيله السعادة الأخروية، وأن يخرج من هذه الحياة ملكاً لا أن يخرج حيواناً منحطاً، فقطع هذه الغاية والوقوف في طريق الإنسان بالإضلال وانتفاخ قوة الكفر وهيمنته الظاهرية وامتلاكه من القدرة وانتشار بريقه المادي في الأرض، فهذا الذي يضل أمّة في الأرض أو الإنسانية ويعطل سيرها إلى غايتها ويفصلها عن بارئها سبحانه وتعالى، وعما فيه شرفها وكرامتها وسعادتها، أليس فيه منافاة للأغراض الإنسانية أو لا؟ الكافر يقول: إن منافاة الغرض الإنساني أن يستخدم السلاح الكيمياوي فيقضي على حياة الناس المادية، ففيه تصفيه جسدية لغير المحارب، فلماذا هذا الفرق؟ أما الثاني فيضل وينتشر الكفر وأن يتبذّخ الكفر وأن يدْبِر كل البشر عن الله عز وجل وأن يخرجوا من هذه الحياة أحطّ من مستوى الحيوان فلا ينافي الأغراض الإنسانية؛ لأنه في الأصل لا يرى للروح قيمة.

 فعرفنا الفرق من أين في النظر!! وأن لا يرى صحة الحرب الابتدائية وحرب غير المهاجم وحرب غير المهدد، فلماذا يرى عدم صحة هذه الحرب إذا كانت من أجل حفظ الغاية الكبرى من هذه الحياة؟ وبقاء صلة الناس بالله عز وجل قوية، وأن الناس لا يعبدون الطواغيت وإنما يعبدون الله سبحانه وتعالى، فهو يرى عدم صحة هذه الحرب لأنه في الأصل لا يرى الله ولا وجوداً له، ولا يرى لك قيمة من ناحية الروح، فإذا أراد أن يحترمك ويعطف عليك ويرعى مصلحتك، فمصب نظرته البدن لا غير.

أما الإسلام الذي يرى جانب الروح أكبر من جانب البدن، وأن غاية الحياة أكبر من الحياة وما الحياة إلا وسيلة لها، ويرى أن قيمة الإنسان في كمال جانبه الروحي وليس في تبذّخه المادي، ألا يعطي هذا الأولوية لجانب الروح أم لا؟ وكما يجيز لنفسه أن يشن الحرب الابتدائية لحفظ جانب البدن، ألا يجيز لنفسه أن يشن حرباً ابتدائية لحفظ جانب الروح أم لا؟ فحسب هذه النظرة فالإسلام يجيز ذلك.

والحمد لله رب العالمين.

المصادر والمراجع

  • (1) هذا القسم هو عبارة عن محاضرتين ألقاها سماحته في جمعية التوعية الإسلامية في البحرين بتاريخ 11 شوال 1434هـ الموافق 19-08-2013 و23 ذو القعدة 1434هـ الموافق 29-09-2013.
  • (2) سورة التوبة: 123.
  • (3) سورة النساء: 74.
  • (4) سورة البقرة: 244.
  • (5) سورة التوبة: 29.
  • (6) لأنّ دينهم دين حق.
  • (7) سورة البقرة: 193.
  • (8) أي نوع من التفرّد ذاك موضوع آخر.
  • (9) سورة البقرة: 217.
  • (10) سورة الصف: 9.
  • (11) سورة النساء: 75-76.
  • (12) سورة آل عمران: 169.
  • (13) سورة التوبة: 41.
  • (14) سورة الأنفال: 7.
  • (15) سورة الأنفال: 8.
  • (16) سورة النساء: 94.
  • (17) سورة النساء: 94.
  • (18) سورة الأنفال: 67.
  • (19) سورة الأنفال: 67.
  • (20) سورة الأنفال: 68.
  • (21) سورة الأنفال: 47.
  • (22) سورة البقرة:256.
  • (23) سورة النحل، 106.
  • (24) سورة يونس: 99.
  • (25) سورة الحجرات: 14.
  • (26) سورة الحجرات: 14.
  • (27) سورة البقرة: 193.
  • (28) فهل يستطيع الإنسان أن يمنعها عن نفسه؟ لا يستطيع، فقد تنتابه شبهة فيها، وقد يعيش حالة من القلق وحالة من الاضطراب.
  • (29) سورة البقرة: 257.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى