ثقافة

طريق ذات الشوكة – أعراض طريق ذات الشوكة

أعراض طريق ذات الشوكة

إن من أهم أعراض المسافات الطويلة التعب واليأس. وهما من أقوى عوامل التثبيط والتساقط والتخاذل، ولذلك يقل دائماً روّاد المسافات الطويلة ويكثر المترددون والسائرون على المسافات القصيرة، ويكثر المتساقطون على المسافات الطويلة والشاسعة.

فإذا دُعي الناس إلى طريق طويل هبّ للتحرك طائفة منهم، فإذا ضربوا في السير بدأ هذا الجمع بالتناقص، وكلما أمعنوا في السير كثر المتساقطون منهم. وهذه سُنَّة ثابتة في المسافات الطويلة والمحن التي تطول بالناس.

وسبب هذا التساقط والتردد والتخلف هو (التعب) و(اليأس). فقد يتعب العاملون عن مواصلة السير شأن كل من يبلغ به التعب حداً يعجزه عن التحرك.

وقد ييأس العاملون عن مواصلة الطريق إذا نظروا إلى طول الطريق وحجم العدو، وضخامة إمكاناته، وكثرة عدده وماله، ونظروا إلى قلة عددهم وشدة الفتن بهم، وتظاهر الزمان عليهم.

وان التعب واليأس يؤديان إلى التخلف والتساقط كما ذكرنا. وهما يؤديان إلى تبرير حالتي التخلف والتساقط، والتبرير يجر إلى التثبيط.

فإن الإنسان إذا برّر تخلفه، أَحب أن يقوى جانبه ويكثر عدد المتخلفين والمتساقطين من مثله، فيحاول أن يثبط الناس عن المواجهة والقتال.

وهذا الأخير يفصله عن جبهة الحق ويضعه في الجبهة المقابلة لها.

وهنا يتولد (النفاق) ويأخذ النفاق شكله ونسيجه السياسي الخاص به.

العجب والرياء:

وأخطر ما في هذه النقاط أنها تختفي عن صاحبها وعن الآخرين اختفاءاً كاملا في ساعات اليسر والرفاه، وتبرز مرة واحدة عند الشدة والابتلاء. وقد تكون نقاط الضعف هذه معروفة لصاحبها، ولكنه يعمل لإِخفائها عن أعين الآخرين ويتظاهر بما لا يملكه من صفات القوة والترائي بما ليس فيه. وهذا هو (الرياء).

وقد تختفي هذه الصفات عن صاحبها وهو اخطر ما في هذا الأمر فلا يعرف عن نفسه شيئاً حتى في لحظات الشدة والابتلاء.

والعامل الذي يخفي هذه الصفات عن صاحبها ويخفي الإنسان عن نفسه هو (العجب). فيتصور الإنسان لنفسه ما ليس عنده من نقاط القوة والكمال.

والعجب يخدع الإنسان عن نفسه وبالرياء يخدع الإنسان الآخرين عن نفسه، وهما اخطر العوامل في سلوك الإنسان.

المراحل الأربعة للسقوط:

وتتطور هذه الأعراض في حياة الناس إلى السقوط الكامل ضمن أربع مراحل:

في المرحلة الأولى: تبرز على سلوك الإنسان في لحظات الشدة والابتلاء ثلاث صفات هي:

1ـ الخوف والجبن.

2ـ البخل والشح.

3ـ اليأس.

وهذه الصفات الثلاثة إذا تمكنت من الإنسان في ساحات المواجهة عطّلت كل إمكاناته وقدراته تماماً، واستنفدت كل جهده ومقاومته. وهذه هي المرحلة الأولى.

وفي المرحلة الثانية: يبدأ الإنسان بالتخلّف والتغيّب والتهرّب عن ساحة العمل والمسؤولية فيغيب ويعتزل الساحة، ويطلب العافية في حياته. ويؤثر السلامة على المخاطرة والمجازفة.

وفي المرحلة الثالثة: يبدأ الإنسان بتوجيه غيابه وتخلفه عن الساحة

وتبرير هذا الغياب والتشكيك في شرعية الحضور والعمل. والدوافع الخلفية لهذا الموقف هو الدفاع عن التخلف والغياب والتشكيك في قيمة الحضور والتكذيب لدعوة الأنبياء. يقول تعالى:

{ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا السُّوأَى أَن كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ}[1].

وفي المرحلة الرابعة: يتحول الإنسان من موقف الدفاع إلى موقف الهجوم، فلا يقتصر أمره في الدفاع عن الموقف السلبي تجاه المسؤولية، وإنما يتحول إلى موقف هجومي في تعويق الناس وتثبيطهم عن التحرك والمواجهة وخوض الصراع وصدهم عن سبيل الله، وهنا يتحول الإنسان إلى الصف المقابل لصف الأنبياء والدعاة إلى الله، ويتحول عمله إلى نقض عمل الأنبياء وهو أقصى درجات السقوط.

المُعَوِّقون:

المُعَوِّقون

والتعويق والتثبيط نهاية السقوط في حياة الإنسان، وفي هذه المرحلة من السقوط يتحول الإنسان إلى صف المكذبين للأنبياء والناقضين لدعوتهم والصادين عن سبيل الله. فلا يكتفي الإنسان بالغياب عن المواجهة، ولا يكتفي بتبرير هذا الغياب والتشكيك في دعوة الأنبياء وتكذيبهم، وإنما يتجاوز ذلك كله إلى نقض دعوة الأنبياء والصد عن سبيل الله، ودعوة الناس إلى مشاقّة الأنبياء ومخالفتهم، وهؤلاء هم (المعوِّقون).

ولنقرأ هذه الآيات الكريمة من سورة الأحزاب التي تقدم لنا صورة دقيقة عن المعوِّقين. يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا * إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيدًا * وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاّ غُرُورًا * وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلاّ فِرَارًا * وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِم مِّنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلاّ يَسِيرًا * وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِن قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُولاً * قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لا تُمَتَّعُونَ إِلاّ قَلِيلاً * قُلْ مَن ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُم مِّنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلا يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا * قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلاّ قَلِيلاً * أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاء الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُوْلَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا}[2].

وهذه الآيات المباركات ترسم لنا صورة دقيقة عن المعوقين والظروف التي استدرجتهم إلى هذه العاقبة.

فتبدأ الآيات ببيان نعم الله تعالى العظيمة، والتنبيه إلى رحمة الله تعالى بالمؤمنين، وتأييده لهم في أحرج الساعات.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا}.

ثم تشير الآية الكريمة ـ في المقطع الذي يليها ـ إلى ساعات العسرة والشدة، حيث تزيغ الأبصار، وتبلغ القلوب الحناجر، ويظن الناس بالله الظنون، ويتعرض المؤمنون فيها لزلزال شديد.

{إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا}.

في هذه الساعات العسيرة وفي مثل هذه الابتلاءات الصعبة ينشطر الناس إلى شطرين متمايزين: الصادقين والكاذبين.

والصادقون هم المؤمنون، والكاذبون هم المنافقون.

ولقد كان الكاذبون كاذبين من قبل، ولكنهم كانوا يخفون كذبهم عن الآخرين، ولربما كان كذبهم يختفي عن أنفسهم، فلا يعرفون عن أنفسهم أنهم كاذبون فتكشفهم الابتلاءات العسيرة لأنفسهم وللآخرين وتفرزهم وتميزهم عن الآخرين… وها هنا مولد النفاق أو الموضع الذي يبرز فيه النفاق.

فيبرز النفاق فجأة {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاّ غُرُورًا}.

ولقد كان هذا المرض في نفوسهم من قبل لكنه كان خافياً عنهم وعن الآخرين، فلما حلّت بهم الفتن برز هذا المرض بصورة قوية ومفاجئة.

ثم ترسم الآيات المباركة صورتين من (النفاق).

الغياب والتهرب عن ساحة المواجهة.

والتعويق والتثبيط.

أما عن التهرّب عن المواجهة والاعتذار فيقول تعالى:

{وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلاّ فِرَارًا}.

أما عن التعويق والتثبيط والصدّ عن سبيل الله فيقول تعالى:

{وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا}ز

وتشرح الآيات الكريمة بعد ذلك درجة سقوط هذه الفئة ودرجة انهيارهم في الفتنة واستسلامهم لها وهي أقصى درجات الانهيار والاستسلام: {وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِم مِّنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلاّ يَسِيرًا}.

وتذكّرهم الآيات المباركة بعد ذلك بعهد الله الذي عاهدوا الله عليه والتزموا به، وقطعوه على أنفسهم… وتذكرهم بان الله تعالى سوف يسألهم لا محالة عن هذا العهد الذي قطعوه على أنفسهم، ويوقفهم موقف السؤال العسير يوم يوقف عباده للسؤال عن العهد.

{وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِن قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُولاً}.

ولا ينفعهم الفرار والهروب من القتل. وأنّى يفر الإنسان من قبضة سلطان الله تعالى وقضائه وحكمه.

{قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لا تُمَتَّعُونَ إِلاّ قَلِيلاً * قُلْ مَن ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُم مِّنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلا يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا}.

ثم ترسم لنا الآيات هذه الصورة العجيبة والرهيبة عن المعوقين الذين تناولت الآيات الكريمة أطرافاً من سلوكهم، وتناقضهم مع أنفسهم، وغيابهم، وتهرّبهم عن المسؤولية، وصدهم عن سبيل الله، فلنتأمل هذه الصورة العجيبة التي ترسمها هذه الآيات المباركات.

{قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلاّ قَلِيلاً * أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاء الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُوْلَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ}.

وإنها أوصاف عجيبة يحملها هؤلاء: لا يأتون البأس إلاّ قليلا، أشحّة عليكم، فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك، تدور أعينهم، كالذي يغشى عليه من الموت، أشحةً على الخير. هذه أوصافهم في ساعة العسرة.

أما في ساعات اليسر حيث يذهب الخوف: {فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ}.

وتشير الآية إلى الدور السلبي الذي يقوم به هؤلاء في الصد عن سبيل الله بعد الفرار والهزيمة والغياب {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا}.

ومن عجب أن هذه الأوصاف كانت موجودة في نفوسهم من قبل، إلاّ أنّها كانت كامنة. فإذا جاء الخوف برزت وظهرت، {فَإِذَا جَاء الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ}.

وفي نهاية هذه الصورة العجيبة يحكم الله تعالى حكمه الذي لا راد له بحق هؤلاء {أُوْلَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا}. وتعبير القرآن فيهم دقيق {لَمْ يُؤْمِنُوا} من أول الأمر، لأَنهم آمنوا فكفروا بعد ذلك.

هذه الحالة من التعويق والتثبيط واحدة من إفرازات ساعات العسر والشدة ولولا ساعات الشدة، وطريق ذات الشوكة لم ينفرز هؤلاء عن صفوف المؤمنين، ولأَثْقَلوا صفوف المؤمنين بما فيهم من ضعف وعجز وجبن وشُح، وأتعبوهم وأبطأوا حركتهم.


أقرأ ايضاً:

الهوامش والمصادر

  • [1] ـ الروم: 10.
  • [2] ـ الأحزاب: 9ـ 19.
تحميل الفيديو
الشيخ محمد مهدي الآصفي
المصدر
كتاب في رحاب القرآن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى