ثقافة

موارد التعميم – التعميم في الإِدانة والمسؤولية والعقوبة

إذا ارتكب قوم جريمة وعمَّهم الآخرون بالرضا عمتهم المسؤولية والإِدانة.

وقد سبق أن أشرنا إلى ذلك بداية هذا الحديث في تفسير الآيات الكريمة 181 ـ 183 من سورة آل عمران.

{سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ}.

ووجدنا أن الله تعالى يدين الأبناء بجرائم الآباء، ويعاقبهم بها، ويقول: {ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ}.

وقرأنا كلمة أميرالمؤمنين (ع) في نهج البلاغة: «وإنما قتلَ ناقة ثمود رجل واحد، فعمّهم الله بالعذاب لما عمّوه بالرضا، قال سبحانه: {فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ}».

ولا تُغير هذه السُّنَّة الإلهية في تعميم الإدانة والمسؤولية والعقوبة كثرةُ الراضين بها، فان الإدانة والمسؤولية واستحقاق العقوبة يشملهم جميعاً مهما كثروا، إذا كانوا راضين بالجريمة.

عن أبي سعيد الخدري: «وجد قتيل على عهد محمد رسول الله (ص)، فخرج (ص) مغضباً، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: يقتل رجل من المسلمين، لا يُدْرى من قتله، والذي نفسي بيدهِ لو أَنَّ أهل السماوات والأرض إِجتمعوا على قتل مؤمن أو رضوا به لأدخلهم الله في النار»[1].

وعن سليمان بن خالد عن ابن عبد الله (ع):

«لو أن أهل السماوات والأرض لم يحبوا أن يكونوا شهدوا مع رسول الله (ص) لكانوا من أهل النار»[2].

ولا يُغير هذه السُّنَّة الإلهية تباعد المكان، فلو أن رجلا قتلَ آخر ظلماً بالمشرقِ فرضي به آخر في المغرب لاستحق بذلك النار.

روي عن رسول الله (ص):

«لو أن رجلا قُتلَ بالمشرقِ، وآخر رضي به في المغرب، كان كمن قتلهُ وشرك في دمه»[3].

ودائرة الرضا دائرةً واسعةً تطوي الزمان والمكان، وتعم الناس في أوسع مساحة يتصورها الإنسان.

وقد روي «إن الراضين بقتل الحسين شركاء قتله. ألا وإن قتلتهِ وأعوانهم وأشياعهم والمقتدين بهم، براء من دين الله»[4].

وروي: >أن الحجة المنتظر (عج) إذا خرج يقتل ذراري قتلة الحسين (ع) لرضاهم بفعال آبائهم»[5].


أقرأ ايضاً:

الهوامش والمصادر

  • [1] ـ بحار الأنوار 104: 384 ح5.
  • [2] ـ بحار الأنوار 71: 262 ح6.
  • [3] ـ بحار الأنوار 104: 384 ح6.
  • [4] ـ بحار الأنوار 8: 311 ح 79.
  • [5] ـ مستدرك سفينة البحار4: 153 عن علل الشرايع، وعيون أخبار الرضا×.
تحميل الفيديو
الشيخ محمد مهدي الآصفي
المصدر
كتاب في رحاب القرآن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى