تقارير سياسية

بعد هزيمة مجلس الأمن.. هل تستطيع أميركا إعادة فرض العقوبات على إيران؟

مثّل رفض مجلس الأمن الدولي مشروع قرار أميركي يمدد حظر تصدير السلاح لإيران ضربة كبيرة للدبلوماسية الأميركية.

ودفع رفض المجلس الواسع لخطوة واشنطن إلى توعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالرد على رفض مجلس الأمن، وذلك من خلال اللجوء إلى آلية “سناباك” التي تتيح إعادة فرض كل العقوبات الأممية على إيران، بدعوى أن طهران انتهكت التعهدات المنصوص عليها في الاتفاق النووي.

لكن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني عام 2018 أثار شكوكا واسعة في أهلية واشنطن إطلاق هذه العقوبات من جانب واحد، حيث ترى دول حليفة للولايات المتحدة أن اللجوء لآلية سناباك سيعني انسحابا إيرانيا كاملا، والقضاء على الاتفاق التاريخي الذي وقعته إيران مع الدول الكبرى عام 2015.

كما تشهد واشنطن خلافا بين فريق مؤيد لتفعيل آلية العقوبات، وآخر يشكك في قانونية السعي الأميركي لفرض هذه العقوبات، وذلك لكون واشنطن انسحبت بالفعل منذ عامين من الاتفاق النووي المبرم مع إيران عام 2015.

دبلوماسية معزولة

واعتبر بعض الخبراء أن فشل الولايات المتحدة في تمرير قرار تمديد مشروع القرار بشأن تمديد حظر الأسلحة على إيران غير مسبوق، حيث صوتت لصالح مشروع القرار دولتان فقط هما الولايات المتحدة وجمهورية الدومينيكان، وعارضته روسيا والصين، فيما امتنعت 11 دولة، بينها بعض حلفاء واشنطن مثل بريطانيا وفرنسا.

وغرد دينيس روس المسؤول السابق بإدارة الرئيس باراك أوباما “ما أظهره التصويت في مجلس الأمن هو أن الولايات المتحدة وليس إيران هي المعزولة سياسيا”.

https:\/\/al-abdal.net//al-abdal.net//twitter.com/ABlinken/status/1294852372649455617

في حين أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية مورغان أورتاغوس في مقابلة مع محطة “فوكس نيوز” (FOX NEWS) أن “إسقاط مشروع القرار الأميركي لتمديد حظر الأسلحة على إيران في مجلس الأمن يمثل فقدانا للشجاعة الأخلاقية”.

بدوره، غرد السيناتور الديمقراطي كريس ميرفي بالقول إن فشل مشروع القرار الأميركي الخاص بتمديد حظر الأسلحة على إيران في مجلس الأمن يشكل هزيمة نكراء.

وأضاف ميرفي في سلسلة تغريدات على منصة تويتر “لم تكن خسارة، لقد كانت هزيمة نكراء، من بين أعضاء مجلس الأمن الـ15 لم تصوت معنا إلا جمهورية الدومينيكان، هكذا باتت أميركا ضعيفة بصورة مذهلة، وهكذا تنظر بقية العالم إلى إستراتيجية ترامب الكارثية حيال إيران”.

https:\/\/al-abdal.net//al-abdal.net//twitter.com/ChrisMurphyCT/status/1294639902286651392

جدل بشأن آلية سناباك

وطبقا لقرار مجلس الأمن 2231، يمكن لأي دولة مشاركة في الاتفاق النووي المبرم مع إيران في 2015 أن تلجأ إلى آلية “سناباك” لإعادة فرض العقوبات على إيران، غير أن إمكانية تفعيل الولايات المتحدة لهذه الآلية تثير جدلا لكون واشنطن انسحبت من الاتفاق بقرار من ترامب نفسه.

وأشار أنتوني بلينكن مستشار الأمن القومي السابق وأحد مهندسي الاتفاق النووي مع إيران إلى أن بلاده لا يمكنها استخدام آلية سناباك.

وقال بلينكن في تغريدة له “تقتصر إمكانية اللجوء إلى تفعيل آلية سناباك على الدول المشاركة في الاتفاقية، وبعد الانسحاب من الاتفاق لم تعد للولايات المتحدة أي حقوق يمكن أن تنادي بها، ما كان لنا أن ننسحب من اتفاق كان فعالا وحازما”.

لكن الخبير ريتشارد غولدبرغ -من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات والمعروف عنها العداء لإيران- أكد أنه يحق لواشنطن اللجوء لآلية سناباك طبقا للقرار 2231.

ولا يؤمن غولدبرغ بأن قرار مجلس الأمن رقم 2231 يلزم الدول بالامتثال للاتفاق النووي مع إيران كي تستطيع اللجوء لما نص عليه القرار.

وطبقا لغولدبرغ، فإن “الأحكام الأخرى في قرار مجلس الأمن 2231 ملزمة، بما في ذلك تلك المتعلقة بالعقوبات والقيود المؤقتة المفروضة على إيران، وبإجراءات التراجع عن القرارات السابقة إذا لم تنفذ إيران التزاماتها بشكل كبير”.

ويقول أيضا “لقد أيدت الولايات المتحدة جميع الأحكام الملزمة لقرار مجلس الأمن 2231، ولهذا السبب لا تزال الولايات المتحدة تمتثل امتثالا كاملا لقرار مجلس الأمن 2231 وتحتفظ بحقها في التراجع عن العقوبات وإعادة فرض القيود السابقة المفروضة على إيران”.

ما هي آلية سناباك؟

وسناباك هي آلية إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على جمهورية إيران بسبب أنشطتها النووية طبقا لقرار مجلس الأمن 2231 الذي صدر تأييدا للاتفاق النووي مع إيران عام 2015.

وبمقتضى هذه الآلية، تتم إعادة فرض الكثير من العقوبات والقيود، والتي صدرت طبقا لقرارات مجلس الأمن السابقة، والتي أوقف العمل بها القرار 2231، ومن هذه القرارات: القرار رقم 1696 (صدر سنة 2006)، والقرار 1737 (صدر سنة 2006)، والقرار 1747 (صدر سنة 2007)، والقرار 1803 (صدر سنة 2008)، والقرار 1835 (صدر سنة 2008)، والقرار 1929 (صدر سنة 2010).

ومن العقوبات والقيود التي يمكن أن يعاد فرضها على إيران:

  • حظر غير محدد المدة على نقل الأسلحة التقليدية من إيران وإليها.
  •  حظر لأجل غير مسمى على الدعم الدولي لبرنامج إيران الصاروخي.
  •  حظر صريح على جميع التجارب الإيرانية المتعلقة بتطوير القذائف ذات القدرة النووية.
  •  طلب وقف جميع الأنشطة المتعلقة بالتخصيب.
  •  حظر سفر مسؤولين عن البرامج النووية والصاروخية الإيرانية وتجميد أرصدتهم.

وأنهى قرار مجلس الأمن 2231 أثر القرارات السابقة على إيران، وتضمن تغييرات كبيرة على العقوبات والقيود المفروضة عليها.

كما ألغى القرار الطلب بأن توقف إيران جميع الأنشطة المتصلة بالتخصيب، وبدلا من منع طهرن من إجراء تجارب صاروخية اكتفى قرار مجلس الأمن 2231 بمناشدة إيران عدم القيام بمثل هذه الأنشطة.

وبالإضافة إلى ذلك، حدد القرار تواريخ انتهاء صلاحية القيود التي كانت غير محددة من قبل، إذ يتم رفع حظر الأسلحة وحظر السفر في منتصف أكتوبر/تشرين الأول 2020، ويتم رفع القيود المفروضة على برامج الصواريخ عام 2023، ورفع مجموعة واسعة من القيود النووية بحلول عام 2031.

كيف يتم تفعيل آلية سناباك؟

تبدأ عملية إعادة العقوبات السابقة -التي أوقفها القرار 2231- عندما تقوم “دولة مشاركة في (الاتفاق النووي مع إيران) أو ما تعرف بخطة العمل المشتركة الشاملة -كما هو محدد في قرار مجلس الأمن 2231- بإخطار مجلس الأمن بقضية أو انتهاك يُعتقد أنها تدخل ضمن “عدم تنفيذ الالتزامات الكبيرة بموجب الاتفاق”.

وما لم يتخذ مجلس الأمن قرارا في غضون 30 يوما بخصوص الشكوى يتم تفعيل جميع أحكام قرارات مجلس الأمن السابقة ضد إيران، والتي تم إنهاؤها بموجب القرار 2231.

ويعتقد إريك براون -من مركز السياسات السياسة والإستراتيجية بواشنطن- في دراسة له أن “قرار لجوء واشنطن إلى آلية سناباك سيكون خطأ إستراتيجيا فادحا ومكلفا، وسيأتي مع مجموعة من العواقب السلبية”.

ويؤمن براون بأن تفعيل هذه الآلية من شأنه دفع إيران للانسحاب من اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية، وهو ما يؤدي إلى وجود إيران نووية على غرار نموذج كوريا الشمالية، في وقت قريب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى