ثقافة

نظرية العلاقة الزوجية في القرآن الكريم – الجانب القيمي من العلاقة الزوجية

الجانب القيمي من العلاقة الزوجية

ما تقدم من حديث في اختلاف الرجل عن المرأة في التكوين، ومن ثم في الوظيفة، تبعا لذلك، لايعني بوجه وجود فارق بين الرجل والمرأة في القيمة في النظرية القرآنية.

ولكل من الرجل والمرأة من الناحية الانسانية قيمة مساوية للآخر، وكل منهما انسان، لايقل انسانية عن الجنس الآخر، ولا يزيد.

وذلك بعكس الاتجاهات الجاهلية القديمة والحديثة في فهم العلاقة بين الجنسين، حيث تتأثر في تقديرها لقيمة الجنسين بالجانب التكويني من العلاقة الجنسية.

وبذلك تتم عناصري (الواقعية) و(العدالة) في أطراف العلاقة الزوجية في النظرية الاسلامية.

فهي من الناحية الوظيفية تقوم بإدارة شطر من الحياة.. بينما يقوم الرجل بإدارة شطر آخر من الحياة.

الا أن هذا الاختلاف في الوظيفة لايؤثر في تقييم مكانة المرأة.. فلابد في كل «تزواج» جانب يقوم بدور الفعل والتأثير وجانب آخر يقوم بدور الانفعال.. ولابد من الجانبين معا حتى تسير الحياة وتتم (عملية التزاوج) في الكون وفي حياة الحيوان والانسان.

وكمال كل طرف ان يُحسن اداء الدور الذي يؤهله له تكوينه الخاص.

فكمال الابرة يكمن في قوتها، وكمال القماش يكمن في لطافته.. والقماش الذي لايخضع للابرة كالابرة التي لا تؤثر في القماش، لاقيمة له.

وكذلك الرجل والمرأة، يحتل كل منهما في نظر الاسلام جانبا من الحياة… ولا علاقة لذلك بتقدير مكانة المرأة والرجل.

والمرأة النموذجية هي التي تحسن القيام بدور الانوثة في الحياة الزوجية.. والرجل المثالي هو الذي يحسن القيام بدور الرجولة في الحياة.

فاذا اضطربت المقاييس،… فقد الرجل والمرأة معا مكانتهما.

وعلى هذا الاساس البشري يبني الاسلام تقديره لمكانة المرأة.

ولا يستطيع الانسان أن يلمس مدى ما رفع الاسلام من مكانة المرأة في المجتمع وقيمتها، مالم يقرأ طرفاً من نظرة الحضارات الجاهلية السابقة على الاسلام في المرأة واحتقارها وانتقاصها لقيمة المرأة.

في مثل هذه الظروف الحضارية، قرر الاسلام مبدأ مساواة المرأة للرجل في القيمة البشرية والمكانة الاجتماعية، مع الاعتراف بأختلافهما من حيث الوظيفة والتكوين[1].

على الصعيد النظري

قرّر القرآن على الصعيد النظري قبل كل شيء مبدأ مساواة المرأة للرجل في الانسانية، بعد ان كان ذلك موضع شك وترديد، بل وموضع انكار… فقال تعالى: ـ

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ}[2].

{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا}[3].

{وَهُوَ الَّذِيَ أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ}[4].

في العبادة والعمل

وقرر انها والرجل سواء في هذه الحياة والدار الآخرة.. ان أَعَدّا لهما عدتهما، من التقوى والفضيلة والسعي.. ولا تقل المرأة عن الرجل في شيء من ذلك فقال تعالى:

{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}[5].

وقال عزّوجلّ: {وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا}[6].

وقال تعالى: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ}.

وما أجمل موقع هذا التعقيب في الآية الكريمة «بعضكم من بعض».. وانه ليغني عن اطالة في الحديث، وامعان في الفلسفة واسهاب في الكلام وتعليق.

وقال عز من قائل:

{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}[7].

وهذا أمعان في التأكيد على مساواة المرأة. ولأمر مايعدد القرآن الكريم مظاهر الفضيلة في النساء والرجال بهذا الشكل.

فالمرأة اذن في نظر القرآن الكريم كائن بشري، لا تختلف عن الرجال في شيء من القيم الانسانية، وان كانت تختلف عنه في التكوين والوظيفة… تملك مؤهلات الفضائل الانسانية كلها، على قدم المساواة مع الرجل، وتبلغ من هذه الحياة والدار الآخرة ما يبلغها الرجال، سواء بسواء، من مكانة وقيمة.

وتلك ثورة في القيم، وفي تقييم الحياة الزوجية بالمقارنة مع الحضارات الجاهلية القديمة التي كانت تشكك في أن المرأة يحل فيها روح الانسان… وبالمقارنة مع الحضارة الجاهلية الحديثة، التي تتعامل مع المرأة، كما تتعامل مع أيّة سلعة للتجارة، تدر الارباح للتجار.

في الجانب الاجتماعي

ورفع الاسلام من مكانة المرأة في الجانب الاجتماعي فقرر مبدأ تعليم المرأة حينما كانت المرأة تعيش في ظلمات الجهل.. وقد كان النساء عهد النبي (ص) يحضرن مجلس النبي ويستمعن اليه.

وورد عنه (ص): «طلب العلم فريضة على كل مسلم» وقد اشتهر عنه هذا الحديث باضافة «ومسلمة» الى آخر الحديث.. ولا واقع له في متون الاحاديث… ولسنا بحاجة الى هذه الاضافة فـ «المسلم» بحد ذاته يشمل الجنسين معاً، ولم يقصد به الرجل فقط. ومثال ذلك في القرآن والسُنَّة كثير فخطابات: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ} في القرآن لا تخص الرجال وحدهم.. كما ان كلمة (المسلم) مثلا في قوله (ص): «المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه» لا تخص الرجال وحدهم.

وجعل القرآن الكريم، بعد ذلك، لها من الحقوق مثل ما عليها من الواجبات {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}[8].

العناية بها داخل الاسرة

وأكرمها الاسلام بعد، ورفع مكانتها: واوصى بها الرجل أماً وزوجاً وبنتا واختا..

ومما يلاحظ: ان الاسلام قدم إكرام الأُم.. وأولى الامومة عناية بالغة يندر وجودها في غير هذا الدين. وزاد إكرام الأُمومة على إكرام الأُبوة، زيادة ملحوظة.

عن أبي عبد الله (ع):

«جاء رجل الى النبي (ص) فقال: يارسول الله من أبر؟ قال: أمك: قال: ثم من؟ قال: امك. قال: ثم من؟ قال: امك. قال: ثم من؟ قال: أباك»[9].

وعن رسول الله (ص):

«من دخل السوق فاشترى تحفة فحملها الى عياله كان كحامل صدقة الى قوم محاويج. وليبدأ بالاناث قبل الذكور فإنه من فرح ابنته، فكأنما اعتق رقبة من ولد اسماعيل»[10].

وعن أبي عبد الله (ع) قال:

«جاء رجل وسأل النبي (ص) عن بر الوالدين فقال: أَبرر أمك، أَبرر امك، أبرر أمك.. أَبرر أباك، أبرر اباك، ابرر أباك.. وبدأ بالام قبل الاب»[11].

وعن جابر، قال:

«اتى رسول الله (ص) رجل، فقال: اني رجل شاب نشيط واحب الجهاد، ولي والدة تكره ذلك، فقال له (ص): ارجع فكن مع والدتك فوالذي بعثني بالحق لأُنسها بك ليلة خير من جهاد في سبيل الله سنة»[12].

وفرض بعد ذلك العناية بالبنات والاخوات.

وكان العرب قبل ذلك في الحياة الجاهلية يستخفون بالبنات مخافة الفضيحة، ويجدون في البنت عارا على الأُسرة، وربما كان يبلغ الامر بهم الى مواراة البنات في التراب بعد ولادتهن. فانكر تعالى عليهم هذه العادة السيئة، يقول تعالى: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ}[13].

وحرم قتلها ووأدها.. فقال تعالى:

{وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ}[14].

واسبغ الاسلام على البنات مكانة محترمة داخل الاسرة…

عن أبي عبد الله (ع) أيضا قال:

«قال رسول الله (ص) من عال ثلاث بنات او ثلاث أخوات وجبت له الجنة. فقيل: يا رسول الله، واثنين؟ فقال واثنين فقيل: يارسول الله: وواحدة؟ فقال: وواحدة»[15].

وعن أبي عبد الله (ع) قال:

«قال رسول الله (ص) نعم الولد البنات: ملطفات، مجهزات، مؤنسات، مباركات، مفليات»[16].

واتى رجل وهو عند النبي (ص) فأخبر بمولود اصابه، فتغير وجه الرجل. فقال له النبي (ص): مالك؟ فقال: خير. فقال: قل. قال: خرجت والمرأة تمخض فأخبرت انها ولدت جارية. فقال النبي (ص): >الارض تقلها والسماء تظلها والله يرزقها وهي ريحانة تشمها»[17].

والتعبير هنا عن مكانة المرأة داخل الأُسرة، وقيمتها البشرية وموقعها من الانسانية… ينبثق عن تكوين المرأة الانثوي، وعما فيها من روح خفيفة، ولين وعاطفة «ملطفات، مجهزات، مؤنسات، مباركات».

في الجانب الحقوقي

وجعل الاسلام ولا يتها لوليها قبل ان تبلغ.

والولاية هنا: الرعاية والعناية بها.

فاذا بلغت رشدها، استقلت في شؤونها، وكانت لها أهلية ايقاع العقود والالتزامات المالية وغيرها… ولا يصح تزويجها من أحد من غير إحراز رضائها وقبولها للزوج.

وبشكل عام: جعل الاسلام المرأة بمستوى الرجال في الجانب الحقوقي في مختلف التصرفات المالية والشخصية.

وفيما يخص الطلاق: فسح لها المجال ـ كما ذكرنا ـ عن طريق الحاكم الشرعي، ليتولى طلاقها فيما اذا أستعصى الرجل او غاب ولم يظهر، او لم ينفق عليها.

الجانب الاقتصادي

وسمح لها، بعد ذلك بالموارد الاقتصادية بما، لم تسمح لها بها القوانين البشرية من قبل:

فسمح لها بأن ترث بنتا وزوجا واختا واماً صغيرة وكبيرة بتفصيل يذكره الفقهاء.. ولم يحرمها من الارث كما كانت تفعل بعض الحضارات السابقة على الاسلام. قال تعالى: {لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا}.

وسمح لها ـ بعد ذلك ـ ان تكتسب، وجعل لها نصيبا في كسبها كما ان للرجال نصيب من كسبهم.

وفي ذلك يقول ـ تعالى ـ: {للرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ}.

وبنحو من ذلك نجد أن الاسلام قام بتحقيق مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في القيم وفي المكانة الاجتماعية، وقضى نهائيا على فكرة تفضيل الرجل على المرأة.

وأعلن ان المرأة كائن انساني يتمتع بحقوق اجتماعيه وسياسية ومالية، ويتمتع بمكانة اجتماعيه وقيمة بشرية كاملة.

وأتاح لها ـ بعد ذلك ـ من فرص الكمال ما أتاح للرجل، بشكل سواء. وكان ذلك ثورة على القيم والاعراف والتقاليد الجاهلية، وهزة قوية للكيان الجاهلي.. أتاحت للمرأة دهر طويل من الزمن ان تسترجع مكانتها في المجتمع البشري ومن الاسرة. وتلك هي المعجزة التي صنعها القرآن على وجه الارض، ومدها بضمانات تشريعية تكفي لمحافظتها.

وقبل أن ننتهي من هذا الحديث نختمه بباقة من رياض الحديث النبوي، هي مسك الختام لحديثنا هذا.

حديث وافدة النساء:

أخرج البيهقي عن أسماء بنت يزيد الانصاريّة، أنهّا أتت النبي (ص) وهو بين أصحابه فقالت:بأبي انت وأُمي! إنّي وافدة النساء إليك، وأعلم، نفسي لك الفداء، أنّه ما من أمرأة كائنة في شرق ولا غرب، سمعت بمخرجي هذا إلا وهي على مثل رأيي، إن الله بعثك بالحق الى الرّجال والنّساء، فآمنّا بك وبإلهك الذي أرسلك، وإنا معاشر النّساء محصورات مقصورات، قواعد بيوتكم، ومقضىّ شهواتكم، وحاملات أولادكم، وإنّكم معاشر الرّجال فضّلتم علينا بالجمعة والجماعات وعيادة المرضى وشهود الجنائز والحجّ، وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله، وإنّ الرّجل منكم إذا خرج حاجّاً أو معتمراً أو مرابطاً حفظنا لكم أموالكم، وغزلنا لكم أثوابكم وربّينا لكم أموالكم[18]فما نشارككم من الأجر يارسول الله؟.

فألتفت النبي (ص) الى أَصحابه بوجهه كلّه، ثمّ قال:هل سمعتم مقالة قطّ أحسن من مساءلتها من أمر دينها من هذه؟ فقالوا: يارسول الله ما ظننّا أن أمرأة تهتدي الى مثل هذا!. فالتفت النبي (ص) إليها، ثم قال لها: أنصرفي أيتّها المرأة، وأعلمى مَن خلفك من النّساء: أنّ حُسْن تبعّل إحداكنّ لزوجها، وطلبها مرضاته، واتباعها موافقته يعدل ذلك كلّه.

فأدبرت المرأة وهي تهلّل وتكبرّ استبشاراً[19].

نهاية المطاف

وقبل ان أختم البحث، اودّ ان اعيد على القارىء منهجة البحث مرة اخرى ليستعيد بذاكرته ما تقدم من حديث، وليخرج عن هذا البحث بنتيجة، ارجو ان تكون نافعة.

فقد حاولنا ان نبرز في هذا الحديث الوجه التكويني لمسألة الرجل والمرأة من خلال القرآن الكريم، ونعرض معالجة القرآن الكريم لقضايا المرأة من هذة القاعدة التكوينية.

وقد علمنا ان القرآن الكريم يستمد أصول العلاقة الزوجية في حياة الانسان من أصول الزوجية الكونية في الكون.

ومن دراسة «الزوجية العامة» في الكون نخرج بأصول ثلاثة، عميقة الصلة بالعلاقة الزوجية في حياة الانسان.

وهذه الجهات هي:

1ـ الجانب التكويني:

فالزوجية ضرورة كونية لاغنى عنها في النظام الكوني ولا يستقر هذا النظام في الكون من دون قانون الزوجية العامة.

2ـ الجانب الوظيفي:

ووظيفة الزوجية ـ تقتضي وجود طرفين: يقوم احدهما بدور الفعل ويقوم الآخر بدور الانفعال ولكي يمثل كل منهما دوره في العلاقة الزوجية، يجب ان تتوفر لديه المؤهلات الخاصة بذلك.

ومؤهلات الطرف الفاعل تختلف عن مؤهلات الجانب المنفعل.

3 ـ الجانب القيمي:

والاختلاف في التكوين والوظيفة لايعني الاختلاف في القيمة.

وامتدادا من هذه القاعدة التكوينية، ومن هذه الاصول الثلاثة..

يعالج القرآن الكريم قضايا المرأة خطوة خطوة.

1 ـ فالحياة الزوجية في نظر القرآن الكريم: ضرورة حياتية واستقرار وركون.

{خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً}..[20].

{هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُم وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ}[21].

2 ـ والرجل والمرأة في العلاقة الزوجية، بعد، يختلفان من حيث التكوين… ويختلفان من حيث الوظيفة تبعاً لاختلافهما في التكوين، وهذا الاختلاف يُؤَهّل المرأة للبيت والامومة، ويؤهل الرجل للعمل خارج البيت.

وقد رزقت المرأة فيضا من العاطفة والاغراء، ورزق الرجل حظاً من القوة والصلابة.. وذاك يؤهّل المرأة لادارة البيت وهذا يؤهل الرجل لقوامة البيت و{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء}[22] ويتشاطران معاً مسؤولية البيت ويختص كل فنهما بشطر منه.

3 ـ والمرأة والرجل، من حيث القيمة البشرية على مستوى واحد… فتتمتع المرأة بكل ما يتمتع به الرجل من قيمة انسانية ومؤهلات فاضلة {خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ}[23].

ومن حيث المكانة الاجتماعية والحقوق المدنية والشخصية تضاهي الرجال ـ فيما عدا الموارد المتقدمة ـ {لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ}.

تلك هي الاصول الثلاثة التي يستمدها الاسلام من القاعدة التكوينية لمسألة الزوجية، ويعالج على ضوئها أهم قضايا المرأة.

وفيما استعرضنا من هذا الحديث، وجدنا ان النظرية القرآنية في معالجة هذه المشكلة كانت متناسقة، موحدة، مرتبطة،… يشد بعضها بعضاً، ويأخذ كل جانب منها بعاتق الجانب الآخر، ويكمل كل طرف منه الطرف الذي يليه… تستمد أصولها من تكوين كل من الرجل والمرأة،…

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


أقرأ ايضاً:

الهوامش والمصادر

  • [1] ـ ذكرت جريدة ابي الهول عدد 98 2 / 1 / 1341 هـ عن فتاة انكليزية هي الانسة ورنيج قالت «… ولا أغالي بأعتباري مسيحية اذا قلت: ان تعاليم الاسلام للمرأة المسلمة كفيلة براحة العالم طرا، سواء في ذلك المسلم والمسيحي. ورأيي الخالص ان للتعاليم الدينية أثرا كبيرا في نفس المرأة، وقد نصت تعاليم المسلمين على اشياء كثيرة تكفل حقوق المرأة في المجتمع. ويقول لينتز في رسالته التي نقلها كتاب «ديانات العالم» الانكليزية «… ولقد رفع محمد تعاليم المرأة ورقاها رقيا عظيما.. فانها بعد ما كانت تعد كمتاع مملوك صارت مالكة، وحكمها مؤيد وحقوقها محفوظة.
  • [2] ـ النساء: 1
  • [3] ـ الاعراف 189.
  • [4] ـ الانعام: 98.
  • [5] ـ النحل: 97.
  • [6] ـ النساء: 124.
  • [7] ـ الاحزاب: 35.
  • [8] ـ البقرة: 228.
  • [9] ـ الكافي 1: 159 ح9.
  • [10] ـ بحار الأنوار 101: 69 ح2 عن أمالي الصدوق.
  • [11] ـ الكافي2: 162 ح17.
  • [12] ـ الكافي2: 163 ح20.
  • [13] ـ النحل: 58 ـ 59.
  • [14] ـ التكوير: 8
  • [15] ـ الكافي6: 6 ح10.
  • [16] ـ الكافي6: 5ح5.
  • [17] ـ الكافي6: 5ح6.
  • [18] ـ هكذا في المصدر والظاهر (وربّينا لكم اولادكم).
  • [19] ـ الدّر المنثور2: 153.
  • [20] ـ الروم: 21.
  • [21] ـ البقرة: 187.
  • [22] ـ النساء: 34.
  • [23] ـ النساء: 1.
تحميل الفيديو
الشيخ محمد مهدي الآصفي
المصدر
كتاب في رحاب القرآن - الهجرة والولاء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى