ثقافة

شعور المرأة بالابتذال

والمرأة، انسانة، مرهفة المشاعر، حريصة على قيمتها الانسانية في المجتمع.

فهي في الوقت الذي تعيش قمة الشهرة، وبين اضواء آلاف الاستوديوهات… تشعر بالابتذال، وبأن الجمهور المعجب بها يعريها عن أية قيمة انسانية… وفي الوقت الذي تنشر لها المئات من مجلات (الفن) الصور المثيرة، وتعرض مئات الاستوديوهات صورها في المعارض العامة،… تشعر في دخيلة نفسها، بوضوح، انها تعرض جسدها، كما تعرض السلعة في السوق، وانها تساوم بجسدها،، وانها تفقد القيمة البشرية التي يملكها الآخرون.

تجارة الجنس

وقد استدرجت الجاهلية الحديثة المرأه الى أسواق النخاسة والتجارة، وسلبتها كل قيمة بشرية.

وقد عرف نخاسوا القرن العشرين كيف يستذلون المرأة، وكيف يثيرون نهمة الجنس في نفوس الرجال، ويجدون الطريق الى جيوبهم بسهولة ويسر.

ولم يقنع (تجار الرقيق الابيض) بهذا القدر من استرقاق المرأة وانماحاولوا ان يجعلوا من المرأة اداة طيعة لخدمة الاهداف السياسية والشبكات الجاسوسية العالمية.

الأدب في خدمة الغزيزة

كل ذلك، وكثير مما لم نذكره، ولا نعلم به، وربما لا تسعه تصوراتنا من حسابات الجاهلية الحديثة، أدى الى شيوع التحلل الخلقي والفساد والابتذال، وجاء الادب الحديث ليمد هذه الموجة، ويزيدها دفعا، وقوة، وامعانا في الهدم والتخريب ووجدت الجاهلية الحديثة في الادب المكشوف سلاحا مؤثرا، قوي التأثير، نافذا قوي النفوذ، وجاء كتاب كبار، خلقتهم الجاهلية الحديثة ونفخت فيهم من روحها، وملأتهم، كما تملأ الاعيب الاطفال، جاء كتاب كبار ليبرروا هذا الابتذال، وانهيار الكيان العائلي في المجتمع، وشيوع الفحشاء

نظرية مالتوس

وبعد ذلك جاء العلم ليخدم الجاهلية الحديثة. فجاء مالتوس العالم

الاقتصادي الانكليزي ليقول:

«ان نسبة تزايد السكان في العالم لا تلائم نسبة تزايد الغذاء في الطبيعة، ولذلك فلو مضت البشرية في التناسل والتوالد على هذا الغرار، فسوف يقضي عليهم الجوع في وقت قريب».

ولكي نأمن من هذا الخوف يجب أن نحتاط كثيراً في الزواج، وأن لا يقدم الانسان على الزواج الا في سن متأخر، وحاجات الشباب الجنسية تقضى عن طريق البغاء، ثم تمنع نتيجتها، أي الحمل بالوسائل الطبية الحديثة».

ويقول الدكتور دربيسدل:

«الحاجة ماسة الى اتخاذ التدابير التي تجعل الحب من غير قيد ومما يسر ان سهولة الطلاق في هذا الزمان لا تزال تمحق طريقة النكاح رويدا رويدا، ولم يعد النكاح الآن الا معاهدة بين شخصين على المعاشرة وهذه هي الطريقة الوحيدة للارتباط الجنسي».

وما تقدم من حديث يكفي لنلمس أبعاد المشكلة في الوقت الحاضر، ولنلمح شبح الخطر المخيف الذي يهدد مستقبل الانسان في الغد القريب.

ولا يصعب على القارىء ان يجد طلائع هذا الخطر في الغرب، في أوروبا، وفي امريكا، حيث يشيع الفحشاء والبغاء وتكثر وسائل الاغراء والاثارة.

ونحن لا نريد هنا ان نناقش شيئا من هذه الاعمال التي تقوم بها الجاهلية الحديثة، كما لانريد ان نناقش النظريات الفلسفية والادبية التي تستخدمها الجاهلية الحديثة لتبرير هذا الواقع.

..لا نريد شيئاً من هذا وذاك، وانما قصدنا من الاسهاب في هذا الحديث ان نضع ايدي القراء والمعنيين بالاصلاح على أبعاد المشكلة الجنسية والانحراف الجاهلي في معالجة هذه المشكلة.

الخطر يهدد الجيل القادم

 والخطر على خطوات منا، اذا لم نُعِدَّ العدّة لمواجهة فقد وفر الطب للبغاء العالمي وسيلة المنع عن الحمل. وكان الحمل من قبل عقبة في طريق البغاء. فأزيحت هذه العقبة، وكان على يد الطب، وقد قدر عدد ضحايا عقاقير الحمل في فرنسا سنوياً ستمائة ألف. وعدد ضحايا إسقاط الحمل أربعمائة ألف.

والطفل الذي يفلت من هذه العقاقير ومن عمليات الاجهاض يلقى في بعض دور الحضانة العامة، وفي هذه الدور ينشأ اللقطاء بعيدين عن عطف الامومة ورعايتها وفي أجواء لا توحي بالعطف، ولا تشعر بالحب، ولا تشف عن مودة، ومهما تبالغ دور الحضانة في رعاية اللقطاء وحضانتهم، فلا تبلغ جزءاً من رعاية الام وعنايتها بطفلها وحنانها عليه[1].

والاطفال والاشخاص غير الاسوياء في الغالب لم يتوفر لهم في سني الطفولة محيط عائلي هادئ وحنان الامومة وعاطفة الابوة، مما ترك أثراً سيئا عميقاً في نفوسهم.

فالطفل الذي لا يتذوق طعما لحنان الامومة وعطف الابوة ينشأ نشأة غير سوية، وينطوي على عقد نفسية مستعصية.

ولا يسد هذا الفراغ في نفس الطفل ما يجده من (عواطف الناس الغرباء)،فلا يكاد ان تسد أية عاطفة الفراغ الذي يملأه عطف الاب وحنان الام في نفس الطفل.

ويؤدي بهم هذا الفراغ النفسي كثيرا الى نضوب عاطفي في نفوسهم، مما يدفعهم كثيرا الى ممارسة الاعمال الاجرامية بقسوة ووحشية.

وقد يؤدي بهم هذا الفقر العاطفي والنفسي الى عقدة الحقارة مما يدفعهم في الغالب الى محاولة مستمرة للظهور والفات الانظار اليهم بأي ثمن.

ويعتبر علماء النفس والتربية ذلك عاملا هاما من عوامل الانحراف والشذوذ السلوكي في حياة الرجال والنساء، وبصورة خاصة في حياة الشباب والشابات غير الاسوياء.

ففي الحرب العالمية الثانية أبعد كثير من البيوتات الانجليزية أولادهم من انجلترا الى كندا لئلا يصيبهم شيء من كوارث الحرب المحتدمة في بريطانيا.

وبعد انتهاء الحرب حينما أستعادت البيوتات البريطانية اولادها من كندا لوحظ ان كثيرا من اولئك الاطفال قد اصيبوا بمرض العصاب، نتيجة لا بتعادهم عن اجواء البيت وانتهى (آنا فرويد) بعد دراسة طويلة لهؤلاء الاطفال بالمقارنة مع الاطفال الذين بقوا لدى ابائهم وامهاتهم في انجلترا تحت رحمة الحرب الكونية الى أن اخطار الحروب والقنابل في نفس الطفل وشخصيته أقل من خطر الابتعاد عن البيت والحرمان من حنان الامومة وعطف الابوة.


أقرأ ايضاً:

الهوامش والمصادر

  • [1] ـ ذكرت مجلة (ويسپر) الامريكية: انه يوجد في امريكا 000ر000ر10 طفلا لقيطا. وفي احدى مدن بريطانيا رفع تقرير الى جمعية الشؤون الاخلاقية للبلد عن وضع اللقطاء فكان مما فيه ان عدد اللقطاء يبلغ في هذا البلد معدل 50% من المواليد.
تحميل الفيديو
الشيخ محمد مهدي الآصفي
المصدر
كتاب في رحاب القرآن - الهجرة والولاء

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى