ثقافة

صورة رائعة عن الحياة الزوجية

فلنتأمل هذه الصورة البيانية الرائعة للحياة الزوجية في القرآن الكريم:

{هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ}[1].

أرأيت جمال هذا التعبير وروعة هذا التصوير؟

فكما ان اللباس يستر الانسان عن الحر والبرد، ويصونه عن الاذى، كذلك الحياة الزوجية تحفظ الانسان من الانزلاق، وتعصمه في جو من العطف والرحمة التي تظلل الاجواء العائلية عن شدائد الحياة ومكروهاتها، وتحفظ جسد المرأة عن الانظار الجائعة الشرهة، انها حصن للرجل وستر للمرأة.

فلا شيء يحفظ الرجل عن الانزلاق، وعن شدائد الحياة ومكروهاتها، ولا شيء تطمئن اليه المرأة في الحياة، ويسترها عن النظرات الشرهة مثل الحياة الزوجية.

وفي الحياة العائلية وحدها، وفي جو الزوجية فحسب… يجد الانسان استقراره وهدوءه، فيطمئن بها، ويركن اليها، ويستريح الى ما فيها من هدوء وانسجام.

تشعر المرأة انها ليست وحدها تعيش في خضم الحياة، وانما هي تعود الى بيت، وتتعلق برجل يقف الى جانبها، ويمدها ويعينها، في أمرها وان هناك اطفالا صغارا وكبارا يتعلقون بها، ويخصّونها، هي وزوجها، دون الآخرين.

ويشعر الرجل كلما خاض غمار الحياة من وراء لقمة العيش انه لا يضيع في زحمة الحياة وضجيجها، ولا يتيه في غمار هذا الخضم… فأن هناك محورا لنشاطه وسعيه، وهو البيت، وان هناك ملجأ يلجأ اليه اذا جنَّ عليه الليل، وان هناك امرأة تتعلق به وتنتظره في البيت، تستقبله حين يعود الى البيت وقد اجهده التعب، وأضناه العمل، طيلة النهار… وعلى شفتيها ابتسامة، وفي قلبها حب، وان هناك اطفالا صغارا ينتظرونه، ولا تأخذ عيونهم النوم قبل ان يلتقوا به، يملأون البيت ضجيجا كلما حل عليهم ابوهم في البيت.

ان الرجل يشعر، وهو يعود الى البيت، كل هذا الشعور فيملأ قلبه الاطمئنان، والرضا، وتعلو شفتيه ابتسامة لايسعها الفضاء ولا تسعها الحياة.

ارأيت وردة النيلوفر تلتف حول السنديانة، وتعتمد عليها، وارأيت كيف تسندها السنديانة، وتعطيها نفسها.

فاذا هبت زوبعة، وتهشمت اغصان الشجرة التي كانت تسند الوردة من قبل، فسوف تلف الوردة اغصان السنديانة هذه المرّة، وتحفظها عن السقوط كذلك الحياة الزوجية جو مشبع بالعطف والحب، يملؤه الرضا، ويظلله الحنان.

تلقي المرأة بنفسها على الرجل، ليسندها في الحياة وليعيلها، ويوفر لها الحياة السعيدة، وليكون لها سترا جميلا، ويحتمل ثقلها فاذا امتحن الدهر الرجل ببعض ما يمتحن به الرجال وابتلاه بشيء من البلاء، وهزته زوبعة من زوابع الدهر، مما يلاقيها الرجال في مضطرب الحياة… عاد الرجل الى البيت ليلتجئ الى احضان زوجته، وليطمئن اليها، ولتستقبله هي بقلبها العامر بالحب والرضا، والعطف، ولتحنو عليه، وتسبغ عليه فيضا من حنانها وعطفها.

فينسى في هذا الجو المشبع بالرضا والود وجه الحياة المكفهر، ومكروه الدهر، وشدائده، كذلك الحياة الزوجية هدوء، واستقرار، واطمئنان، وركون، تظللها المودة، وتشيع عليها الرحمة.

{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً}[2].


أقرأ ايضاً:

الهوامش والمصادر

  • [1] ـ البقرة: 187.
  • [2] ـ الروم: 21.
تحميل الفيديو
الشيخ محمد مهدي الآصفي
المصدر
كتاب في رحاب القرآن - الهجرة والولاء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى