ثقافة

الجانب التكويني في العلاقة الزوجية

الزوجية حاجة أصيلة في نفس الانسان وضرورة من ضرورات الحياة لا يستقر بدونها الانسان، ولا يطمئن على حال… جبلت في فطره الانسان، وارتبط بها في اكثر من وجه من وجوه الحياة.

وحينما نقول حاجة أصيلة في النفس، وضرورة من ضرورات الحياة وفطرة راسخة في الكينونة الانسانية نعني ما نقول، فليست الزوجية حاجة طارئة على النفس، او عرفا اجتماعيا يرتبط بظروف تاريخية خاصة وتخص اطارا اجتماعياً خاصا.

ورغم مايقوله البعض من ان الزوجية سلوك اجتماعي خاص لاشباع حاجة معينة يمكن تعويضه بشكل آخر من السلوك… نجد أن «ظاهرة الحياة الزوجية» واكبت التاريخ البشري منذ وعى الانسان نفسه ومنذ فتح عينه على الحياة الى اليوم في مختلف المجتمعات والحضارات. وهذا يدل على أصالة هذه الحاجة في النفس ورسوخها في الطبيعة البشرية.

فلا تكاد ان تثبت ظاهرة اجتماعية كالحياة الزوجية بمالها من ملابسات في حياة الانسان، على امتداد تاريخها الطويل، رغم التقلبات الحضارية الكثيرة التي لازمت حياة الانسان، مالم تكن لها في النفس البشرية جذور بعيدة، ومالم تكن تجد لها في النفس استجابة دائمة ورغبة ملحة فيها.

ولا تقتصر ضرورة الحياة الزوجية على هذه الرغبة الغريزية الكامنة في النفس والاستجابة النفسية الدائمة، وانما هي تغذي، بعدُ، حاجة أخرى في النفس لا تقل اصالة ورسوخا عن الحاجة الى الحياة الزوجية، وهي حاجة الانسان الى ان يضمن استمرارية بقائه من بعده، في اعقابه، ويواصل وجوده فيمن يخلفه من عقب بعده، يحكيه، ويمثله.

{جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ}[1].

{نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ}[2].

{وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء}[3].

ولإصالة هذه الحاجة في النفس وضرورتها للحياة، فقد أحاط الله تعالى هذه العلاقة بضمانات تكوينية وتشريعية كافية تيسر لكل انسان أن يستجيب لها بسهولة، مما نستعرض جزءاً منه في المجالين معا خلال هذا البحث، في موضعه الخاص من المنهج الذي رسمناه لهذا الحديث.


أقرأ ايضاً:

الهوامش والمصادر

  • [1] ـ الشورى: 11
  • [2] ـ البقرة: 223.
  • [3] ـ النساء: 1
تحميل الفيديو
الشيخ محمد مهدي الآصفي
المصدر
كتاب في رحاب القرآن - الهجرة والولاء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى