ثقافة

علي (ع) هو الصراط

وبهذا الإيضاح نستطيع أن نفهم الروايات التي تحدثنا بأن عليّاً “ع” هو الصراط المستقيم، وهو الصراط إلى الجنة وبنوره وهداه يجوز الناس الصراط.

روى البحراني في (غاية المرام) عن قتادة، عن الحسن البصري في قوله تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ}[1] قال: هذا طريق علي بن أبي طالب وذريته طريق مستقيم، ودين مستقيم فاتبعوه، وتمسكوا به فإنه واضح لا عوج فيه[2].

وأخرج الخوارزمي في المناقب: الصراط صراطان، صراط في الدنيا وصراط في الآخرة، فأما الصراط في الدنيا فهو علي بن أبي طالب، وأما صراط الآخرة فهو جسر جهنم، من عرف صراط الدنيا جاز على صراط الآخرة[3].

وعن أبي هريرة: أن رسول الله “ص” قال: <أتاني جبرئيل، قال أبشرك يا محمد بما تجوز به على الصراط؟ قلت: بلى، قال: تجوز بنور الله، ويجوز عليٌّ بنورك، ونورك من نور الله، وتجوز أُمتك بنور عليّ، ونور علي من نورك {وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ}>[4].

وروى الصدوق عن أبي عبدالله (الصادق) “ع”، قال: <الصراط المستقيم أمير المؤمنين “ع”>[5].

فمما لا شك فيه أن علياً “ع” أحد أوضح مصاديق الصراط المستقيم في حياة الناس، وبالتالي هو الصراط إلى الجنة، فهو المقياس الدقيق للصراط المستقيم، وهو المعْلَم الواضح على هذا الصراط، وقيمة عليّ “ع” على الصراط المستقيم أنه تَحَرّك إلى جانب رسول الله “ص” شطراً من عمره، وخاض الحروب، وقاسى من ألوان المعاناة، وخاض من بعد رسول الله “ص” صراعاً طويلا على صعيد المواجهة المسلحة مع المارقين والقاسطين والناكثين، وأقبلت الدنيا عليه، واستلم مفاتيح بيت مال المسلمين، وتولى السلطان في رقعة واسعة من العالم، ورضى، وغضب، وظفر، وانتصر، وحورب… ومع ذلك كان في وسط هذه الساحة المزدحمة بالأحداث، في الرضا والغضب مقياساً دقيقاً لحدود الله تعالى وأحكامه، لم يخرجه عن الصراط المستقيم رضا ولا غضب، ولم يتجاوز حدود الله في يسر أو عسر، ولم يَشُطَّ عن الطريق السوي في حرب أو سلم.

وهذه الاستقامة على الصراط المستقيم في مثل هذه الظروف الصعبة التي مَرَّت على الإمام في حياته تجعل منه تجسيداً حيّاً وواقعياً للصراط المستقيم وبالتالي للصراط إلى الجنة.

أقرأ ايضاً:


المصادر والمراجع

  • [1] ـ الأنعام: 153.
  • [2] ـ غاية المرام: 432 باب 209.
  • [3] ـ الغدير 2: 311.
  • [4] ـ تفسير فرات بن إبراهيم: 104 ـ 105.
  • [5] ـ معاني الأخبار: 28.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى