ثقافة

حرمات الله – حرمة الحق والدفاع عنه

وهي من حرمات الله التي لا يجوز تجاوزها، فإن الله تعالى جعل للحق حرمة لا يجوز تجاوزها، وجعل للدفاع عن الحق، إذا تعرض الحق للظلم، حرمة لا يجوز السكوت عنها.

وإذا مات المؤمن الذي تعرض للظلم، فلم يدافع عن نفسه، ولم يواجه الظالم، ولم يهاجر منطقة الظلم، أوقفته الملائكة موقف الحساب، واعتبروا سكوته عن الظلم وخضوعه للظالم من الظلم لنفسه، وعاقبه الله بذلك بأقسى العذاب.

يقول تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيراً}([1]).

وبعكس اهتمام القرآن الكبير بالحق والدفاع عنه، نجد فيما بين يدينا من العهد الجديد (الإنجيل) تسامحاً كبيراً في هذا المجال، ففي لوقا: (من جذبك من طرف ردائك فاترك له الثوب كله، ومن أخذ الذي لك فلا تطالب به)([2]).

وفي مرقس 12: (من ضربك على خدك الأيمن، فأدر له خدك الأيسر)، ونحن نشك أن تكون هذه التعليمات من تعليمات المسيح عيسى بن مريم (ع)، ونحتمل أن تكون هذه التعليمات قد أدخلت على المسيحية بفعل العوامل السياسية، في ظروف نشأة المسيحية التاريخية.

بخلاف ذلك نجد اهتماماً كبيراً في الإسلام بالحق والدفاع عنه، حتى أن الإسلام اعتبر القتل في سبيل الدفاع عن الحق من الشهادة.

عن رسول الله (ص): >من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد<([3]).

وقد روي أن رجلاً جاء إلى رسول الله (ص)، فقال:

>يا رسول الله، أرأيت إن جاء رجل يريد أن يأخذ مالي؟

فقال (ص): فلا تعطه مالك. قال: أرأيت إن قاتلني؟

قال (ص) قاتله. قال: أرأيت إن قتلني؟

قال (ص): فأنت شهيد. قال: أرأيت إن قتلته؟

قال (ص): هو في النار<([4]).


أقرأ ايضاً:

الهوامش والمصادر

  • [1] ـ النساء: 97.
  • [2] ـ لوقا 6: 28 ـ 29.
  • [3] ـ مسند أحمد 1: 190.
  • [4] ـ المحلى لابن حزم 11: 13.
تحميل الفيديو
الشيخ محمد مهدي الآصفي
المصدر
كتاب في رحاب القرآن - الهجرة والولاء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى