ثقافة

الصراط أدق من الشعر وأحدّ من السيف

وهذا الصراط الذي يعبر عليه الناس يوم القيامة إلى الجنة دقيق، وحاد، وصعب.

وقد روي عن الإمام الصادق “ع”: «الصراط أدق من الشعر، وأحدّ من السيف»[1].

وهذا التعبير يرمز إلى دقة الحدود الشرعية، وصرامتها، وهذه الدقة والصرامة في الحدود الإلهية التي هي صراط الله المستقيم في الدنيا تنعكس على الصراط يوم القيامة، فيكون حاداً كالسيف دقيقاً كالشعر، لا يستطيع أن يمر عليه بسلام إلا من وعى حدود الله تعالى في الدنيا، وحفظها، وعمل بها، بدقة، وصرامة، وجدية.

يقول صدر المتألهين في الأسفار: «إن كمال الإنسان منوط باستعمال قوتيه: أما القوة النظرية فلإصابة الحق ونور اليقين في سلوك الأنظار الدقيقة التي هي في الدقة واللطافة أدق من الشعر، وأمّا القوة العملية فبتعديل القوى الثلاث، التي هي الشهوية والغضبية والفكرية في أعمالها، لتحصل للنفس حالة إعتدالية، متوسطة بين الأطراف غاية التوسط، لأن الأطراف كلها مذمومة، يوجب السقوط في الجحيم، ومنزل البعداء والأشقياء المردودين وقد علمت أن التوسط الحقيقي بين الأطراف المتضادة بمنزلة الخلو عنها، والخلو عن هذه الأطراف المسمى بالعدالة منشأ الخلاص عن الجحيم، وهي أحد من السيف، فإذن الصراط له وجهان أحدهما أدق من الشعر والآخر أحد من السيف».

إن سلوك الصراط المستقيم في الدنيا سلوك صعب، من الناحية النظرية، ومن الناحية العملية، أما من الناحية النظرية فإنَّ تشخيص حدود الله تعالى يتطلب الكثير من الدقة وإمعان النظر، وأمّا من الناحية العملية، فإنَّ تطبيق الحدود الإلهية يحوج الإنسان إلى الصرامة والحسم، والتسامح في هذا أو ذاك يُحرفَ الإنسان عن الصراط المستقيم.

وهذان هما وجها الصراط: (الدقة) و(الصرامة)، وهذان الوجهان قائمان في الصراط يوم القيامة فمن إستقام على الصراط في الدنيا على حدّيه، إستطاع أن يمر على الصراط يوم القيامة بيسر وراحة، ومن تخطى الصراط في أحد حديه في الدنيا إنزلق قدمه على الصراط في الآخرة في واحد من حديه.

أقرأ ايضاً:


المصادر والمراجع

[1] ـ مجمع البيان 3: 525.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى