ثقافة

الفرقان في المجتمع

اللبس والتشابك في المجتمع:

وقد يكون اللبس والتداخل بين الحق والباطل في المجتمع، وليس في النفس فقط، فيجمع المجتمع الجميع تحت غطاء الصلاح والتقوى والإسلام الصادق منهم والكاذب، والمؤمن والمنافق، والقوي والضعيف، والصالح والفاسد، ويباري الكاذب الصادق في الصدق، ويباري المنافق المؤمن في الإيمان، ويباري الضعيف القوي في القوة.

وأكثر ما يحدث هذا الخلط واللبس في المجتمع في أوقات اليُسْر والعافية، حيث تبرز العناصر الضعيفة في صفوف المؤمنين ويحتلون المواقع الأمامية من هذه الصفوف، ويختلط المؤمن بالمنافق، حتى لا يمكن تمييز هذا من ذاك. يقول تعالى: {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلاّ قَلِيلاً * أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاء الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُوْلَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً}[1].

إن اليسر والعافية من العوامل التي تجعل هذا الخليط الإنساني غير المتجانس في صف واحد وتحت مظلة التقوى والصلاح.

والشدة والابتلاء والخوف من العوامل التي تفرز بعضهم عن بعض فيتقدم المؤمنون الصادقون ويتأخر المنافقون والكاذبون.

فرقان في الآخرة:

والفرقان بين الناس اثنان: في الدنيا والآخرة، فليس في الحياة الآخرة لبس وخلط كما في الحياة الدنيا،… إن الدنيا دار لبس وخلط، والآخرة دار فصل وفرز.

يقول تعالى: {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ}[2]، ويقول تعالى عن حياة الآخرة: {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ}[3]، فلا يتمكّن يومئذ أحد من إخفاء سريرته، وستر باطنه، يومئذ يظهر الناس على حقائقهم وهذا هو الفرقان في الآخرة وفي الدنيا كذلك فرقان.

فرقان الدنيا:

وفي الدنيا فرقانان يفصلان الناس بعضهم عن بعض، ويفرزان الصادق عن الكاذب، والمؤمن عن المنافق، هذان الفرقانان يومان، هما يوم (الفتنة)، ويوم (الخوف). في هذين اليومين يتميز الناس بعضهم عن بعض.

الفتنة والخوف:

في يوم الفتنة، تتمكن الفتنة من عقول الناس، وتغلب على نفوسهم وأفكارهم وتسلب منهم الرؤية والبصيرة، فيلتبس عليهم الحق بالباطل، ويلتبس عليهم أهل الحق بأهل الباطل، فلا يميزون هؤلاء عن أولئك، ولا هذا عن ذلك، ولكن الفتنة تفرز قلة، يعصمهم الله تعالى عنها، ويرزقهم بصيرة نافذة، فيقفون إلى جانب الحق، وان قلّ أهله ورواده، ويقارعون الباطل وإن كثر أهله.

ومن العجب أن (الفتنة) تخلط الحق بالباطل في نفوس عامة الناس، كما ذكرنا من قبل في الحديث عن اللبس في النفس والرؤية، ولكنها في نفس الوقت تفرز فئة قليلة من الناس يرزقهم الله بصيرة ووعياً، ويعصمهم الله تعالى من الفتنة، ويرزقهم عزماً وقوة.

وقد كانت أيام (الجمل) و(صفين) و(النهروان) و(الطف) أيام فتن في تاريخ الإسلام.

وبلغت عتمة هذه الفتن في رؤى الناس ونفوسهم يومئذ حداً لم يَعُد الناس يميزون معها بين علي والحسن والحسين^ من جانب وبين معاوية ويزيد من جانب آخر.

وقد عَمَدَ بنو أمية إلى تعميق هذه الفتنة في نفوس الناس وتضليلهم وتعتيم الرؤية لديهم إلى حدود مخيفة.

وكان أبلغ هذه الفتن وأقواها يوم الطف، حيث وقف الإمام الحسين× ومعه كوكبة محدودة من أهل بيته وأصحابه في مقابل سلطان بني أمية وملكهم الواسع، ووقف معهم جماهير الناس يومئذ، ويعجب الإنسان أن تنفذ الفتنة هذا النفوذ العميق في قلوب الناس، فلا يستجيب لدعوة الحسين× إلى الخروج على سلطان بني أمية وغيهم يومئذ غير اثنين وسبعين نفرا من المسلمين.. رغم حرص الحسين× وإصراره على دعوة المسلمين يومئذ إلى الخروج على يزيد وإنهاء هذه الفتنة التي عمّت العالم الإسلامي، وأفسدت على الناس دينهم وأخلاقهم.

وليس يضر إمام الحق أن يقف في الفتنة بهذا الجمع الصغير.. فقد وقف من قبله إبراهيم× رائد التوحيد وأبو الأنبياء وحده في الفتنة التي ألقوه فيها في النار، فجعلها الله تعالى عليه برداً وسلاماً.

يقول تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[4]، كان إبراهيم× يومئذ لوحده أمة موحداً لله تعالى، يعبده ولا يشرك به.

وقد سمى الله تعالى يوم بدر بيوم الفرقان، حيث وقف عدد قليل من المسلمين في الساحة أمام كل قوى الشر في العالم.

يقول تعالى: {يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ}[5].

واليوم الآخر للفرقان في المجتمع يوم الخوف والضراء. فإن الأمن والعافية يخلطان الناس والخوف والابتلاء يفرزان الناس، {فَإِذَا جَاء الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ}[6].

إن النواة الصلبة للمجتمع الإسلامي في صدر الإسلام تكونت في ضراء مكة وبأسائها، فنصرهم الله تعالى في (بدر)، وبعد أن أخذتهم نشوة النصر والتحق بهم من لم تكسبه أيام البأساء والضراء هذه الصلابة والقوة هزمتهم قريش في (اُحد).

نتائج الفرقان:

وللفرقان بين الحق والباطل في المجتمع وفي النفس نتائج وآثار كبيرة، فإن نصر الله تعالى ينزل على المؤمنين عندما تخلص جماعتهم من العناصر الكاذبة والمنافقة والضعيفة، وبعكس ذلك ينفذ الشيطان في النفس والمجتمع عندما يختلط الحق بالباطل، يأخذ ضغثاً من هذا وضغثاً من ذاك، كما يقول أميرالمؤمنين×، فيخدع الناس ويضللهم به.

فإذا خلص الحق من الباطل في النفس والمجتمع استنزل الحق رحمة الله تعالى، فإن الله تعالى ينصر المؤمنين بالحق، ويرزقهم بالحق، ويؤلف بين قلوبهم بالحق، ويوحّد صفهم بالحق ويعزّهم بالحق.

وأن (الحق) يستنزل من رحمة الله تعالى نوره ورزقه ما لا يستنزله شيء أخر، وقد ورد في دعاء الافتتاح: >اللهم ما عرفتنا من الحق فحملناه، وما قصرنا عنه فبلغناه. اللهم المم به شعثنا، وأشعب به صدعنا، وارتق به فتقنا، وكثّر به قلتنا، واعزز به ذلتنا، واغني به عائلنا، واقض به عن مغرمنا، واجبر به فقرنا، وسد به خلتنا، ويسّر به عسرنا، وبيّض به وجوهنا، وفك به أسرنا، وانجح به طلبتنا، وأنجز به مواعيدنا، واستجب به دعوتنا، وأعطنا به سؤلنا، وبلغنا به من الدنيا والآخرة آمالنا، وأعطنا به فوق رغبتنا<.

إن الحق إذا خلص من الباطل في النفس وفي المجتمع، كان من أعظم منازل رحمة الله تعالى فيعزّ الله تعالى به المؤمنين، ويحفظهم وينصرهم، ويعزهم، ويرزقهم به، وييسر به أمورهم، وينجح به طلباتهم، ويرزقهم به كل ما يرغبون، ويرزقهم به فوق ما يرغبون.

الفرقان والتمحيص في آيات آل عمران:

والآن نتوقف قليلاً عند هذه الآيات المباركات من سورة آل عمران، لنجد كيف يجعل الله تعالى أيام البأساء والضراء فرقانا في حياة الناس، يقول تعالى: {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ * أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ}[7].

وهذه الآيات نزلت بعد نكسة أحد، ونكسة (أحُد) أقسى نكسة وأمرّها في حياة المسلمين في الصدر الأول من الإسلام.

وتحوّل هذه الآيات، هذه النكسة المرّة في حياة المسلمين إلى قوة واستعلاء، وتنتزع منها الخوف والوهن {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ}، وهو انقلاب عجيب في ماهية الأحداث، حيث تتحول النكسة إلى استعلاء، ويتحول الوهن والخوف إلى قوة وأمن.

وعامل الانقلاب هو (الإيمان) {إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}.

ثم تذكرهم الآيات الكريمة أن ما أصابهم من القروح في المعركة هي من متطلبات المعركة والمواجهة.

ولما كانت المواجهة مع أئمة الكفر قضية حتمية من قضايا الدعوة إلى الله، فإن ما أصابهم من القروح في المعركة يدخل في حتميات الدعوة إلى الله وليس منها بد. ولكن مع ملاحظة نقطتين:

النقطة الأولى: إن ما أصابهم من القروح أصاب أعداءهم كذلك {إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ}

وهذه هي النقطة المشتركة بين الحزبين.

والنقطة الثانية: هي التي يختص بها حزب الله دون حزب الشيطان وتشير إليها الآية 104 من سورة النساء: {إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ}.

ثم تقرر الآية الكريمة إن هذه النكسة وتلك النشوة وهذه الهزيمة وذلك الفوز أجزاء من حركة التاريخ، وفي هذه الحركة يداول الله تعالى أيام النصر والنكسة بين الناس، ومن خلال ذلك يدير الله تعالى حركة التاريخ {وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} إلاّ أن العاقبة دائماً في هذه المداولة للمتقين، ولن تتغير هذه النتيجة، مهما كانت النكسة مرّة أيام النكسة {قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}[8].

وبعد هذه الحقائق يأتي دور الفرقان أن هذا التداول في الفوز والنكسة ونشوة الفوز ومرارة النكسة، {وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ}، والله تعالى يعلم من دون ذلك من دون ريب، والمقصود ليفرز الله الذين آمنوا حق الإيمان عن الذين لم يؤمنوا حق الإيمان، وليفصل الله الذين صدقوا عن الكاذبين، والذين ترسّخ الإيمان في قلوبهم وصدورهم عن الذين أخذوا الإيمان عارية موقتة.

إن القروح التي أصابت المسلمين في معركة أحد كان لابد منها لفرز هؤلاء من أولئك {وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ}، وهذا هو التمحيص على الخط الأفقي في المجتمع، والفرقان الأول في المجتمع ومن دون التمحيص على والفصل والفرقان في المجتمع لا تستطيع هذه الأمة أن تستلم دور القيمومة والإمامة على وجه الأرض، ولا يمكن أن يتخذ الله تعالى منهم شهداء وقيّمين على حياة الناس، {وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}. فإن الله تعالى لا يتخذ الشهداء من الظالمين فإذا دخلت الأمة التمحيص، وخضعت للفرقان، وانفرز فيها المؤمنون الصالحون عن غيرهم، عندئذ يتخذ الله منهم شهداء.

وإذا كان هذا التمحيص والفرقان تمحيص في سطح المجتمع (على الخط العمودي).. فإن الله تعالى يريد بهذه القروح تمحيصاً وفرقاناً آخر (على الخط الأفقي) داخل النفوس {وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ}.

وهذا التمحيص تمحيص في العمق، وداخل النفوس ففي نفوس المؤمنين أيضاً يقين وشك، وصلاح وضلال، وصدق وكذب وقوة وضعف، وتقوى وفجور، وتوحيد وشرك، والله تعالى يريد للمؤمنين التمحيص، حتى يطرد من نفوسهم الشك، والضلال، والكذب، والضعف، والفجور، والشرك، وتخلص نفوسهم من ذلك ويكون لهم اليقين، والصلاح، والصدق، والقوة، والتقوى، والتوحيد، نقيا خالصاً من كل شوب.

وكما لا تخلص ذرات الذهب المشوبة بالتراب إلاّ عبر المرور بدرجة عالية من الحرارة لتنفصل فيها ذرات التراب عن المعدن ويخرج المعدن نقيّاً من وسط التراب العالق به، كذلك لا تصفو نفس الإنسان إلاّ من خلال قروح الضراء والبأساء التي يمرر الله تعالى المؤمنين من خلالها.

ولا تختص هذه المعاناة بالمؤمنين، فإن هذه القروح كما قال الله تعالى تصيب هؤلاء وأولئك على نحو سواء {إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ}.

إلاّ أنها للمؤمنين نقاء وتمحيص، وللكافرين محق وهلاك{وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ}. وشتّان بين معاناة ومعاناة، معاناة تؤدي إلى التمحيص وأخرى تنتهي إلى السقوط والمحق.

ثم تشير الآية الكريمة أن كلّ هذا التمحيص ليصلح المؤمنين للجنة، فإن الجنة دار السلام ودار الطيبات، ولا يدخلها إلاّ الطيب، فإذا كان في نفوس المؤمنين تقوى، وفجور، وتوحيد، وشرك، وصدق، وكذب، فلابد أن يذهب من نفوسهم هذا الخليط السيئ من الشرك والكذب والفجور، لتخلص الطيبات في نفوسهم من الخبائث.. عندئذ يدخلون الجنة التي أرادها الله تعالى لهم.

{أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ}[9].

وهذا هو التمحيص والفرقان الثاني داخل نفوس المؤمنين، والحمد لله رب العالمين.


أقرأ ايضاً:

الهوامش والمصادر:

  • [1] ـ الأحزاب: 18 ـ 19.
  • [2] ـ يس : 59.
  • [3] ـ الطارق: 9.
  • [4] ـ النحل: 120.
  • [5] ـ الفرقان: 41.
  • [6] ـ الأحزاب: 19.
  • [7] ـ آل عمران: 139 ـ 142.
  • [8] ـ الأعراف: 128.
  • [9] ـ آل عمران: 142.
تحميل الفيديو
الشيخ محمد مهدي الآصفي
المصدر
كتاب في رحاب القرآن - الهجرة والولاء

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى