ثقافة

الهجرة والولاية

ـ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ.

ـ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُواْ وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ.

ـ وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ.

ـ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ.

ـ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ.

هذه الآيات المباركات من سورة الأنفال تتناول قضايا ثلاثة هامة وكبيرة ورئيسية نتناولها إن شاء الله بالدراسة بإيجاز… وهذه القضايا هي على نحو الإجمال.

  1. العلاقة العضوية بين المفاهيم الثلاثة المذكورة في صدر الآيات وهي: (الإيمان) و(الهجرة) و(الجهاد)، والتسلسل والترتيب الطبيعي بينها.

وأقصد بالعلاقة العضوية، والترتيب: أن الإيمان يؤدي إلى (الهجرة) والهجرة تؤدي إلى (الجهاد)، ولا يمكن فصل بعضها عن بعض، ولا يمكن الإخلال بالتسلسل القائم فيما بينها، كما ورد في صدر الآيات الكريمة.

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ}.

2. قيمة (الإيمان) و(الهجرة) و(الجهاد) وموقع هذه القضايا الثلاث من حركة التوحيد في التاريخ، فان الله تعالى يصف المؤمنين الذين (آمَنُوا) و(وَهَاجَرُوا) و(وَجَاهَدُواْ)… بأنهم المؤمنين حقاً. {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} ومفهوم ذلك بالضرورة أن المؤمنين الذين لم يهاجروا ولم يجاهدوا لا يكونون من المؤمنين حقاً. {وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}.

3. دور (الهجرة) في نسيج الأمة، ولكل أمة نسيجها الخاص بها، وهو شبكة العلاقات التي تربط الأمة بعضها ببعض، والتي تفرض على كل فرد في هذه الشبكة مسؤوليات وواجبات تجاه الآخرين، كما تجعل لهم حقوقاً على عهدة الآخرين، وللهجرة دور في صنع هذه الشبكة، فلا يدخلها إلا من (هاجر) و(آوى ونصر).

يقول تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُواْ}.

والنسيج المقابل لنسيج الولاء بين المؤمنين… هو نسيج الولاء بين الكفار، فكما يرتبط المؤمنون بعضهم ببعض بنسيج الولاء في علاقة عضوية متينة، كذلك يرتبط الكفار بعضهم ببعض بعلاقة عضوية، هي علاقة الولاء بين الكافرين.

يقول تعالى: {وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ}.

وبين هذين النسيجين صراع قديم على قدم التوحيد والشرك في التاريخ.

هذا إجمال للقضايا الثلاث التي تتحدث عنها الآيات المباركات من سورة الأنفال، وإليكم تفصيل هذا الإجمال:

أقرأ ايضاً

تحميل الفيديو
الشيخ محمد مهدي الآصفي
المصدر
كتاب في رحاب القرآن - الهجرة والولاء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى