أدب المقاومة

نضب الشعر

نضب الشعر واستخار الذهابا *** وأبى في العناد إلا غيابا
ماله قد تعجل الرحيل سريعا *** جد منه السرى فحث الركابا
ما جفاني وصدني قبل هذا *** ما تعودت هجره والغيابا
دكني القحط والقريحة غارت *** والسنين العِذاب أمسن عذابا
شاخ فكري وناصبتني المعاني *** والقوافي تصر تأبى انسيابا
ماله الشعر ما به ما اعتراه *** ولِم الهجر هل يطيق اغترابا ؟!
أو بعد اللقا وعشرة عمر *** يا عشيقي تناصب الأحبابا !
أو بعدما شارفتُ سن الأرب *** عين أراك توصد بابا !
كان من قبل مشرعا كنت دوما *** أتغنى به ذهابا إيابا
والقوافي تراودنني كل سع *** وأنا مابرحت أفضي الجوابا
دونما موعد ولا طرق باب *** كان ما كان أن أريها العجابا
آه يا شعر ما دهاك أجبني *** أو ما كان مؤلما ذا العتابا
كيف قرّحت كيف تمضى حثيثا *** أم ترى مقتلا هواك أصابا
إذ من الكبر قد بلغتُ عتيا *** هل لشيخ بشيبه يتصابى ؟!
ودواتى انحنت كعرجون عذق *** فمن الحق أن تصير معابا
أ وبعدما عودها تيبس لأيا *** هل تراها تعود يوما شبابا ؟
ربة الشعر طلقتني ثلاثا *** لم يعد بينها وبيني انتسابا
لم تعد لى قوى وما بي صمود *** أن أخوض الوغى واطوي العبابا
كل فرد له من العزم حد *** وخطوط تحرم الإقترابا
غير إني على ذمة العهد أبقى *** لا أجر الخطى ولا أتحابى
حيث أبرمتُ صفقة الفوز حكرا *** معكم سادتي أجيز الحسابا
يا أبا الكون يا رسول البرايا *** سيدي جئت أطرق الأبوابا
لائذا قاصدا قراكم وإني *** موقن لن أعود إلا مجابا
يا أبا الغوث يا ملاذي أغثني *** من أسى الدهر إن طغى و أنابا
إنها كفك الندية فيضا *** لو تراها تمس جرحي لطابا
سكّن الروع وامسح الرأس إنا *** ألبسونا من الأسى جلبابا
أنت كهف الأمان أنت حمانا *** يا سنا الوحي رقة وانجذابا
رفعتك السماء عنا فصرنا *** في لجاج الهوى نموج إضطرابا
نورك الغر أزهر الكون بشرا *** ملأ العرش غبطة وانسيابا
رحمة جئت للأنام وأنسا *** مثلما الغيث هاطلا صبّابا
سيدي ليس لي من المدح حظ *** أنا ما كنت مادحا طنّابا
وأنا لا أحيك شعرا رخيصا *** لهوى الحاكمين نعقا نعابا
فمن العار أن تصاغ القوافي *** (طنطنات) لتمدح الأذنابا
إنما العشق سيدي قد كواني *** وبحضن الولاء شب التهابا
ذا طريقي ومنهجي واعتقادي *** رفض القوم أم صفّقوا إعجابا
يا أخ الشعر عن تكن ترتضيني *** أطلق الشعر من حشاك انسكابا
فى البهليل والأطايب مجدا *** من زكا أصلهم سموا فطابا
سادة الكون أحمد وعلي *** والميامين آل طه النجابى
كل من يبتغى سواهم ولاة *** ضل فى سعيه ولا شك خابا
كل من بدد القوافي هراء *** دونهم فهو قد أصاب انقلابا
والذي ينقلب على عقبيه خاو *** فى وحول الردى يضم الترابا
فاز والله من بكم قد تولى *** عارفا حقكم وبالعشق ذابا
كل مدح بغيركم فرقعات *** ضل طلابه فنالوا السرابا
فاحكر المدح فيهمو وتغن *** شاديا عطّر الفضا والرحابا
إن بيتا قباله بيت قدس *** عند رب العباد يعلو السحابا
غرفة في فناء ذلك البيت تكفي *** فاقبلوني وعرفوني الصوابا
خادما طائعا وما أعظم الفخر *** أن تروني أقبل الأعتابا
لن ترى مغنما وفوزا عظيما *** مثل ما نلت أو حظيت ثوابا
آل بيت النبي من ذا يداني *** فضلهم من يزاحم الأقطابا
فاز ولله من تمسك صدقا *** بهمو زاد رفعة ونجابا
هم أساس النظام سر خفيّ *** قد تجلى شهادة وغيابا
حبهم واجب وفرض أكيد *** وهو في الحشر من يقينا العذابا
خصهم ربهم بكل العطايا *** واصطفاهم لدينه نوابا
إنهم علة الوجود ولولا *** خلقهم لم يسبب الأسبابا
أجزاء الإحسان يا أمة الشؤم *** تنكروهم وتعلنون إنتخابا
لعن الله شانئيهم جميعا *** من غووا من تألبوا آلابا
إنه الفحش لفظ (يهجر) لما *** قالها قاصدا لها وتغابى
سهمه لم يزل يصوّب حتى *** كل وغد لقلب طه أصابا
ذاك من جرأ الأعادي تباعا *** وبفتواه قرروا الإغتصابا
هو لا غير حرّض الجرذ (رشدي) *** وانبرى يشتم النبي سبابا
والزنيم الرجيم (محفوظ) لما *** نال من قدره وغض الخطابا
كذب ما حظى من النجابة شيئا *** هل بأهل التقى نساوي الذبابا
زعموا إنه عميد وركن *** من خرافاته حوى الآدابا
إدعى أن حرية الرأي هذى *** ناصرا نهج صحبه الأعرابا
وهو يدري بهم أشد نفاقا *** ما استقاموا وكذبوا كذابا
ليست (الدانمارك) إلا صداه *** عجبي للخراف صارت ذئابا
أنا أدري نواصب هم وحتما *** فضلات الليوث تغري الكلابا
(يهجرٌ) أمّر العلوج الزواني *** في عراق الإباء دكوا القبابا
فخّخّوا فجّروا عثوا وأبادوا *** هجموا أسقطوا وشقّوا الكتابا
ملة الكفر وحدة لا تجزأ *** طيلة الدهر عصبة تترابى
قبة العسكري رفيّ شموخا *** جاوزي المجد رفعة ورحابا
وارتقي بالإباء فوق الثريا *** خلّفى تحت ناظريك السحابا
أزعمتم هدمتم القبر محوا *** واجتثثتم عراه صار خرابا
أحسبتم بأنكم قد ظفرتم *** يوم صيرتموه شلوا ترابا
أترى كان صخرة وحجارا *** فأمطتم عن اليقين الحجابا
إنما الله أعماكموا وخزاكم *** فلتزيحوا عن العيون النقابا
في حنايا الضلوع في كل قلب *** في سويداه نضرب الأطنابا
فانزعوا العشق من حشانا أذا ما *** شئتموا أن نحيد أو أن نهابا
هكذا ندفع الضريبة عشقا *** لو لقينا من الخطوب الصعابا
لا فو الله لن تنالوا مناكم *** حبنا ثابت أناخ الركابا
أعجز العالمين ما استوعبوه *** زاد وهجا فحيّر الألبابا
وختام القصيد ضجوا رعيدا *** عطّروا الفاه شيبة وشبابا
رب صل على النبي وسلم *** والميامين آل طه النجابى

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى