أدب المقاومة

يا صاحبي هاتها طبا وداوينا – في مدح أمير المؤمنين(ع)

يا صاحبي هاتها طبا وداوينا *** وانشد ظلال أبي نواس واسقينا
وانسى حبيبا لزوم الدل شيمته *** ما كان أدنى جزاء الحب يجزينا
كأننا طاعة مخلوقة جسدا *** لروحه وهو روح من معاصينا
له عيونا إذا مرت لواحظها *** على الدوارس تنبتها رياحينا
سبحان من خلق الآجال في صور *** بألطف الحسن لا بالطعن تردينا
يسامر البدر حتى لا يرى بصر *** أي الجميلين نوارا دياجينا
ويصحب الفجر حتى قال ساربه *** أي الطلوعين قد أزهى نواحينا
وأضحك الشمس حتى صب شهوتها *** وخاطبت ربها يسر تلاقينا
والنجم لو خفض المنئى وقابله *** يبت كفيه لو أعطوه سكينا
معنى الجمال طليق في تحركه *** فإنه توقف صار الحسن تسكينا
كأنه قدر تقسي شمائله *** عنا الطراوة أو تدنوا فتدنينا
كأنه ملك للنور يرسله *** ليكسب الشمس وقت الفجر تلوينا
قد موج الأفق محمرا بقتلته *** من قبل أن يجرح الأحجار والطينا
وأمطر المعصرات السود من دمه *** فرحن من سيل نحر الدين هامينا
وعلم الفلك الدوار ندبته *** فأصبح الأفق في ذكراه ناعينا
إذا توارت ذكاء جاء من دمه *** ثاني الجديدين مخضوبا فيشجينا
قد علم المجد أن يصغي لرجزته *** ولقن الدهر معنى العز تلقينا
وكان في سيفه مليون بارقة *** تهدي بمليون حيد لحظة حينا
وكان يخفي بأنبوب القنا أجلا *** يريه بالطعن أكبادا المجارينا
إذا دعى في غمار الموت ذابله *** أين الفؤاد أجاب القلب آمينا
أو إن دعى برقاب القوم صارمه *** جاءت رؤوسهم حمرا ملبينا
ما طار في وسط الأعناق مرهفه *** إلا وطارت طيور الهام عالينا
كل الكماة أقرت في تجالده *** هذي يد الله تعلوا فوق أيدينا
هذا الحسين ومن لي بالحسين فتى *** أحلى من الشمس إشراقا وتكوينا
تستنشق الشمس حسنا من وسامتة *** فتعطي للبدر من زفراتها زينا
هذا الشهيد ومن لي بالشهيد حمى *** حتى من الغضب القدسي يحمينا
هذا الشفيع ومن لي بالشفيع إذا *** ظلت جوارحنا تبدي مساوينا
يأتي كأن بساط الحشر في يده *** يطوي ويبسط ترويعا وتأمينا
يأتى بفرد على الأشهاد تعقده *** من السلاسل ما تذرعه سبعينا
فياله من أخيذ لا عشيرته *** تنجيه كلا ولا دعوى بأهلينا
إذا بسوط تغض الخلق نبرته *** مهابة وجمال فاق تعيينا
يقول خلوا محبا كان يعشقنا *** وكل عاشور محزونا يعزينا
هذا محبي وما في النار مزدجر *** عن حب من حبه فرض المصلينا
سبط النبي وما كانت لوالده *** كهذه وهو ثان بعد هادينا
سبط النبي وتكفي هذه شرفا *** إذا تطلع ما فوق النبيينا
ابن الوصي وما كانت لوالده *** أبو تحت ظل العفو تأوينا
ابن البتول وما كانت لوالده *** أما إذا غضبت يغتاض بارينا
من حبها نبت الأيمان وأفترعت *** شتيلة الدين اثني عشر نسرينا
أخو الزكي الذي تبدوا صحائفه *** كأنها الذكر مصفوحا لتالينا
كأنما سيرة القرآن سيرته *** تستوجب السمع لو تتلى لمصغينا
المجتبى سبق الأحسان فائضه *** وجاوز البدر ليل النصف تحسينا
فهذه أسرة المظلوم فانطرحي *** عن كعبه يا بني حواء تثمينا
سما فكان السهى نحل لأخمصه *** ورأسه فوق كرسي العرش تزيينا
عليه إن سلمت في الأرض شيعته *** ترد أهل السما عشرا بعشرينا
وكلما صلت الأملاك واحدة *** عليه صلى إله العرش سبعينا
لكل حي يعي عشق لموقفه *** كأنه الحب في كل المحبينا
بل مثل ماء السما والعشب أفئدة *** تدعوه يابسة أبرق بوادينا
أثنت عليه من الأصلاب أنسجة *** تمخضت بهم الأرحام مثنينا
لا ينبري الدهر إلا شاكرا يده *** فقد أجل عطاه بالمضحينا
بالغامر البطل الجساس صعدته *** صدر الذي اتخذ الأقدار تحصينا
يشيع الرمح للأحشاء متخذا *** من لحمة القلب تغسيلا وتكفينا
أتى وقد شد كف الدهر قبضته *** على الفرات فصار الشد تليينا
وقد تلاهب برد الماء من ضمئ *** به فرواه إخلاص الموفينا
ما سائل يطلب القربان من يده *** إلا بسيفه أعطاه القرابينا
كأنما الجود حد في مهنده *** جائته يوم الوغى الهامات عافينا
فكان أسخى من السحب الثقال حيا *** إذا اهتمى سيفه خوذ المبارينا
في ظلمة الجيش لا تعدوا صواعقه *** وقع الصواعق في ليل المظلينا
سطى فما أرتد طرف الدهرعن بطل *** بلا يدين يخط البين تبيينا
كأنه ملك للأمر ممتلك *** مد الجناحين أم أرخاهما حينا
أو أحمد ليلة المعراج مكنه *** من السماء براق النور تمكينا
أو ابن مريم مصلوبا على خشب *** وهم يرائى وقد أعلاه بارينا
مذ خر يندب فيه الفضل عزته *** إذ خلف الفضل بعد العز مسكينا
عباس ما كنت قبل اليوم مجترئا *** بأن أصفك شبيه بالنبيينا
حتى وجدتك بالأعماق تهتف بي *** أقدم فإني فتى خير الوصيينا
أنا كفيل بنات الوحي تعرفني *** باب الحوائج بدر الهاشميينا
فكنت عندي مسيحا صادقا سمحا *** وكنت حولك من بعض الحوارينا
عباس للمجد غايات بهامته *** وكان يسعى لها سعي المجدينا
لكنه للحسين السبط ناولها *** وقال عذرا إذا كنا مقلينا
خذها إليك أبا السجاد بعض فدا *** يا من له قل إكثار المفدينا
ياليت لي ألف عمر مونق نظر *** تذبله دونك أسياف المعادينا
هذا قليل وإن جائت لتكثره *** مقاتل لبني الكرار تدمينا
مقاتل ضمنت من غصنه خضل *** إذا تؤد يا سبحان منشينا
من فرط ما تغمر الأنوار وجنته *** عن طلعة البدر في الليلاء يغنينا
إذا مشى الأكبر الوضاح خلت به *** طه وفاطم والكرار ماشينا
كأنما قد رمته عين حاسدة *** فخر للموت في أحضان واشينا
والسبط فرت من الأضلاع مهجته *** تصله حينا وجفه أحايينا
على الذي مذ أتى للخدر يحمله *** ظن الملائكة المحمول ياسينا
الله يا جلد المظلوم كم رقصت *** بعرسه راقصات البين ناعينا
معرسا قد تولى الموت زفته *** فكان فيها هناه والمهنينا
وقد تولت سيوف القوم حنته *** فأوفت الكف والخدين تزيينا
وقد أنيب إلى الحوراء ملبسه *** فألبسته برود السعد تكفينا
هذا الحسين عصي المدح دون شجى *** فمدحه دون آل البيت يشجينا
وإن رثيناه عاصانا وقال لنا *** أيرثى حي بأرواح الموالينا؟؟
حي ولكن تباريح مخلدة *** لن يخب زند لظاها لحظة فينا
حي ولكن رزايا وقعها قطع *** من الليالي بصبح السعد تعمينا
حي أرق من الألطاف يعبثه *** لطف المهيمن ترحيما وتحنينا
حي معاهده في كل معظلة *** كالسبزاوراي والخوئي تهدينا
والمرعشي والبهشتي ضمن كوكبة *** عدوا كأنصار يوم الطف سبعينا
ومن نجيب بكلبيكان أهدى لنا *** مهذبا قد سمى علما وعرنينا
والصدر منه وروح الله إذ بهما *** جاء الشهيد من الفردوس يحمينا
أموات كنا نظن الدمع يرجعنا *** إلى الحياة ولطم الخد ينجينا
فظل موكبنا يمشي بأغنية *** ما هيجت طربا إلا مآقينا
زهاد كنا عن الأخرى زهادتنا *** عباد كنا إلى الدنيا مصلينا
حتى أستخف بسحر الشاه دون عصى *** أخو أبن عمران في قم خمينينا
ثعبانه سبحة تسعى على يده *** فأبطلت سحر حكام فراعينا
إذا الجماهير تدعوا وهي ساجدة *** ما غير رب لروح الله والينا
والصدر نادى من الوادي الذي ارتفعت *** تخومه فوق أفضال الأراضينا
باسم الخميني يا أجراس حوزتنا *** دقي بوجه طغاة البعث إسفينا
ولحني لي لحن الخلد منشنقا *** لا أرتضي غير دين المصطفى دينا
لا يصرع الويل والتعذيب وقفتنا *** هي الثبات ومعناه معانينا
نحن اللذين رمينا المعضلات بها *** وبالزمان مع البلوى ترامينا
ترمي فنرمي بآمال مؤمنة *** أن العواقب نصر في مرامينا
لأننا أمة في كل نائبة *** من الحسين تعلمنا تفانينا
فمن ظماه ورض الخيل أضلعه *** وحرقة السهم ألهمنا تأسينا


الشاعر غازي الحداد | ديوان الحزن المعشوق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى