أدب المقاومة

الأربعون

الأَربَعُونَ حَادِثٌ يُهِجُيني *** ناراً بقلبي للحُسينِ تغتلي
أذكُرُ مولايَ الصريعْ *** و فوقَ صَدرِهِ الرَضيعْ
و صَيحةَ الحوراءِ من لمحملي *** و صَيحةَ الحوراءِ من لمحملي

الأربعونَ رِدتٌ إلى الدموعْ *** الأربعونَ للآسى يومُ الرجوعْ
فبي السبائي طفلةٌ تموتُ جوعْ *** و للسياطِ موقعٌ على الضلوعْ
فبي الكُفوفِ ساتِرٌ عَنِ الجُموعْ *** لحُرةٍ كانت لها الأهلُ خُشوعْ
الأربعونَ ظُلمةً بلا شموعْ *** حَيثُ الشموسُ غُيبة بلا طُلوعْ
الأربعونَ نِسوةٌ مُقيدةْ *** مِنَ الرِقابِ بحبالٍ واحدةْ
تّرفَلُ في قيدٍ ثقيلْ *** و بينها نادى العليلْ
مِنْ بعدِ سُئِلي صرتُ أرجو سائلي *** مِنْ بعدِ سُئِلي صرتُ أرجو سائلي

الأربعونَ الكربلاءَ الثانية *** هي الدِماءُ و الدُموعُ الجارية
على الذَبيحِ لا تكفُ الناعية *** على الحُسينِ باكيٌ و باكية
على مَذابيحُ الطفوفِ الظامية *** يا أدموعي خلي عيوني دامية
هيهاتُ أن تُرقى عيوني غافية *** هيهاتُ أن تُلقى ظنوني ساهية
فمن أنا حتى أنامَ من أنا *** و أبنُ النبيِّ رأسهُ على القَنا
مِنْ بلدٍ إلى بلد *** بِهِ يُطافُ و الجسد
على الصعيدِ بالهجيرِ يصطلي *** على الصعيدِ بالهجيرِ يصطلي

الأربَعونَ عودةٌ إلى الإباء *** و الأربَعونَ رَجعتٌ إلى الفِداء
الأربَعونَ يومَ لطمٍ و عزاء *** الأربَعونَ يومَ تَكريمِ الدِماء
الأربَعونَ يومَ دمعٍ و بُكاء *** الأربَعونَ مَحفلٌ للشُهداء
الأربَعونَ يومَ يُسرٍ و سِبى *** الأربَعونَ يَومَ فضحِ الأدعياء
فَضحِ يَزيدِ الجائرِ و أبنِ زياد *** و كُل من شايعهم إلى المعاد
يومُ افتضاحِ الجائرين *** القاتلين المؤمنين
الحاكمينَ في الورى بالباطلِ *** الحاكمينَ في الورى بالباطلِ

الأربَعونَ يومَ بعثٍ للشهيد *** الأربَعونَ يومُ قَتلٍ ليزيد
الأربَعونَ يومُ تحريرِ العبيد *** الأربَعونَ يومُ إشراقٍ جديد
الأربَعونَ ما هي ذِكرى فَقيد *** و إنما ذِكرى إلى النَصرِ المَجيد
نَصرُ الحُسينِ و الحُسينُ لا يَحيد *** صَبرٌ حَديدٌ خائضُ بَحرَ الحديد
هو الحُسينُ و الخُلودُ يَطلِبه *** مِنَ المماتِ ب الزماني ينهبه
فهذه الدُنيا حُسين *** كذلِكَ الأُخرى حُسين
فأعطي اللواءُ صادِقٍ لأبني علي *** فأعطي الولاءُ صادِق ٍ لأبني علي

الأربَعونَ يَومَ تأبينَ الأُبات *** الأربَعونَ يومَ ذِكرى التَضحِيات
ذِكرى ذَبيحٍ غَسَلتهُ الباتِرات *** و قَلبتهُ بالرمِيضِ العاديات
و كَفنتهُ بالصعيدِ السافيات *** و شيعتهُ للحودِ العاسِلات
و خلفهُ حللن تلك الحائرات *** تَهليلَ وَجدٍ حَنتٌ أو زَفرات
رَكبُ الصفاءِ بالبلاءِ مُحاط *** بَعدَ البَهاليلِ تُباريهِ السياط
مِنْ بَعدِ عباسُ الغيور *** و الهاشمينَ البُدور
يا زينبُ الحوراءُ ذُلٌ ولويلي *** يا زينبُ الحوراءُ ذُلٌ ولويلي

الأربَعونَ يَومَ سيرِ الضائعات *** بلا كَفيلٍ فالكفيلُ بالفُرات
الأربَعونَ يَومَ ذِكرى الهائمات *** إلى جريحٍ خائِرٍ على الفلاة
ألفينَ شِمرٍ فوقَ صَدرِ أبنِ الهداة *** يفري وريديَ السطورِ المُنزلات
و قد تَكاببنَّ عليه صائحات *** خلي أيا شمرُ قتيلَ العَبرات
فما برِحنَ صائحاتٍ يا علي *** إذا برأسِ السِبطِ فوقَ العاسلي
و الأرضُ ساحت بالدِماء *** و أرسلتها للسماء
كأنما تَشكو المُصابَ للعلي *** كأنما تَشكو المُصابَ للعلي

الأربَعونَ ذِكرِ مَشهدٍ فجيع *** إذا كُلُ رأسٍ فَوقَ خُطيٍّ رفيع
رأسُ الحُسينِ خيرةُ الربِ السميع *** اللهُ أكبر خَلفهُ رأسُ الرضيع
أ بعدُ هذا الخطبِ مِنْ خطبٍ فضيع *** هل بَعدِ هذا الأمرِ مِنْ أمرٍ مُريع
طِفلٌ رَضيعٌ من وريدهِ صَريع *** ضامي الفؤادِ في يدي السبطِ الشفيع
مهلاً رويداً يا أُمية الظالِمة *** سيبعثُ اللهُ قريباً قائِمة
و كُلُ شيءٍ قد بدا *** و الأمرُ صارَ للعِداء
و هَذهِ الأَرضُ بظُلمٌ تمتلي *** و هَذهِ الأَرضُ بظُلمٌ تمتلي

الأربَعونَ يَومُ شوق ٍ و حَنين *** إلى الذَبيحِ و لمقطوعي اليدين
طَابَ المنالُ و الهناءُ للزائرين *** طَابَ المقامُ في رُبوعِ الطيبين
يا ليتني ذا اليومَ بينَ المَشهدين *** أُشبعُ عينيَ بنورِ القُبتين
لكنني إن لم أكن بالشاهِدين *** فإنَ قلبي مرقدٌ إلى الحُسين
هذا الفؤادُ لا يُطيعُ لائمة *** مُتيمٌ بحُبِ آلِ فاطِمة
لفِتيةً مُغسلين *** بالدمِ دونَ العالمين
آلُ الصَفاءِ ب الكتابِ المُنزلِ *** آلُ الصَفاءِ في الكتابِ المُنزلِ

و قد روي عن أبنِ زينِ العابدين *** أمسوا على ما تنسى سيماتُ المؤمنين
نَهرٌ ببسم اللهِ ربُ العالمين *** مِنَ الصلاةِ و التختم باليمين
إحدى و خمسينَ صلاةُ الخاشعين *** فَرضاً و نفلاً ثُمَ تَعفيرِ الجَبين
ففي الخِتامُ ما يُنجي المُذنبين *** زيارةُ السِبطِ بيومَ الأربعين
فوجوهُ وجُهكم في كُلِ حين *** لكربلاء و سلِموا على الحُسين
و أهتفوا يا ثأرَ الزمان *** نرجو مِنَ اللهِ الأمان
بحُبكم يا آلَ بيتِ الفاضلِ *** بحُبكم يا آلَ بيتِ الفاضلِ

الأربَعونَ مُلتقى المُناضلين *** الأربَعونَ موقفُ المُجاهِدين
الأربَعونَ صَحيةُ المُعذبين *** بغيري ذَنبٍ في سجونِ الظالمين
الأربَعونَ عَودةُ المُسلبين *** الأربَعونَ دّمعةُ المُقيدين
الأربَعونَ شُحنةٌ للصامدين *** مِنَ الجَنوبِ لبلادِ الرافِدين
الأربَعونَ دَمعةُ الحُزنِ الأليم *** للصدرِ في إيرانَ من عينِ الحَكيم
فهو إلى الدهرِ حُسين *** و هذهِ ذِكرى الحُسين
الشيءُ في ذِكرهُ حتماً ينجلي *** الشيءُ في ذِكرهُ حتماً ينجلي


الشاعر غازي الحداد | ديوان الحزن المعشوق

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى