بيرق

أسلحة السجين (5): نعيش الأمل

إن للسجين المكبل شعلة تضيء له ظلام طوامير السجون، وتجعله يتلبس القوة والشجاعة والمواصلة على درب النضال والصمود بوجه أعتى الطغاة، وهذه الشعلة هي شعلة الأمل الذي يحثه على النظر إلى أقصى الهدف فيراه متحققاً ماثلاً أمامه.

يرى انتصاره حتمياً لا شك ولا ريب فيه، فإما نصراً يجلو آثار التعب والسجن والتعذيب، فيحقق ما خرج من أجله وانتصر له، وإما نصراً بأداء التكليف وإبراء الذمة أمام الله عز وجل لقيامه لله وأداءًا لوظيفته الشرعية الملقاة على عاتقه.

هذا الأمل يحدو بالمجاهد ويلازمه في كل خطوة على طول خارطة الطريق، حيث يشحذ به همته عند كل تعب ونصب، وعند خسارة أي جولة من جولات النزال ومقارعة الظلم، وعند كل منحنى ومنزلق، وعند كل تضحية بالغالي والنفيس.

يوجد نوعان للأمل:

الأول: الأمل السلبي

يقول الله في محكم كتابه: {ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون} سورة الحجر: 13

وقال الإمام علي أمير المؤمنين (ع): (الأمل كالسراب يغرّ من رآه، ويخلف من رجاه). ميزان الحكمة ص131

وقال الإمام علي أمير المؤمنين (ع): (الأمل خادع غار ضار). ميزان الحكمة ص131

وكذلك: (الأماني تعمي عيون البصائر). ميزان الحكمة ص131

وكذلك: (ثمرة الأمل فساد العمل). ميزان الحكمة ص131

وكلامنا ليس عن هذا الأمل الذي يضر بالعمل والخدّاع والسراب، بل كلامنا عن الأمل الإيجابي الذي يدفع نحو العمل والإنجاز، الذي لا يسقط النفس في اليأس والغفلة بل يعطي النفس إرادة على مواصلة العمل وأن خلف الظلام يوجد نور يتمسك به لنصرة الحق والدين والقيم السماوية.

الثاني: الأمل الإيجابي

يقول الإمام علي أمير المؤمنين (ع): (الأمل رفيق مؤنس). ميزان الحكمة ص130

 وكما في تنبيه الخواطر: (بينما عيسى بن مريم (ع) جالس وشيخ يعمل بمسحاة ويثير به الأرض، فقال عيسى (ع): اللهم انزع عنه الأمل. فوضع الشيخ المسحاة واضطجع، فلبث ساعة فقال عيسى (ع): اللهم اردد إليه الأمل، فقام فجعل يعمل). ميزان الحكمة ص130

وكما في دعاء زين العابدين (ع): (اللهم رب العالمين … أسألك … من الآمال أوفقها). ميزان الحكمة ص130

وهذا أمل إيجابي وفطري مودع داخل النفس الإنساني، وإذا استعمله الإنسان كما ينبغي له كان عنصراً مؤثراً في مسيرته وحركته نحو الله وفي جهاده ضد الظلمة.

يعمل السجان على قتل الأمل داخل نفوسنا بالسجن والأحكام الطويلة والتعذيب المهين وخلق أجواء اليأس والإحباط، وهذا أمر مدروس عندهم وبرنامج يعمل عليه القائمون بدراسة ممنهجة، وعمل دؤوب؛ لكسر كل دافع نحو التحرر من العبودية المصطنعة للطاغوت.

فمؤنسك أيها المقاوم البطل داخل زنازين الظلم أمل يحدو بك لمواصلة طريق الحق والدفاع عن المظلومين، ونسأل الله أن يعطينا من الآمال أوفقها لكي ننجز تكليفنا الإلهي وتتحقق الإرادة الإلهية على وجه هذه الكرة الأرضية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى