ثقافة

نِعَم الله تعالى وفضله على الإنسان

يذكر القرآن الكريم الناس بنعم الله تعالى وفضله عليهم باسهاب وتفصيل، ويشرح ويلفت نظرهم باستمرار الى ما حولهم من الوان النعم الإلهية الظاهرة والباطنة. يقول تعالى:

{وَإنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ الله لا تُحْصُوها}[1].

ويذكر الإنسان بخلقه من سلالة من طين حتى انشاءه خلقاً سوياً: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِنْ سُلالَة مِنْ طين، ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً في قرار مَكين، ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً أنْشَأناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَك الله أحْسَنُ الْخالِقينَ}[2].

وخلق الله الإنسان من ضعف ثم جعل له من بعد ضعف قوة: {الله الَّذي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْف ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْف قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّة ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَهُوَ الْعَليمُ الْقَديرُ}[3].

وخلق الله تعالى للانسان السمع والبصر والفؤاد: {ثُمَّ سَوّاهُ وَنَفَخَ فيهِ مِنْ رُوْحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ والأبْصارَ وَالأفْئِدَةَ قَليلا ما تَشْكُرُونَ}[4].

واتم خلقه في احسن تقويم: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان في أَحْسَنِ تَقْويم}[5].

وعلمه ما لم يعلم: {عَلَّمَ الإنسان مالَمْ يَعْلَمْ}[6].

ومكّن له في الارض وسخّر له ما في السماوات والارض: {وَلَقَدْ مَكَّـنّاكُمْ في الأْرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فيها مَعايشَ قليلا ما تَشْكُرُونَ}[7].

{أَلَمْ تَرَوْا أنَّ الله سَخَّرَ لَكُم ما في السَّماواتِ وَما في الأْرْضِ وَاسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وباطِنَةً}[8].

واستخلفه في الارض: {وَإذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إنّي جاعِلٌ في الأْرْضِ خَليفَةً}[9].

{هُوَ الَّذي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ في الأْرْضِ}[10].

واكرمه وفضله على كثير من خلقه: {وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَني آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ في البَرِّ وَالْبَحْرِ ورَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثير مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضيلا}[11].

والهمه الخير والشر والفجور والتقوى: {فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها}[12].

وهداه السبيل: {إنّا هَدَيْناهُ السَّبيلَ أمّا شاكِراً وَإمّا كَفُوراً}[13].

ويسّر له سبيل الهداية: {ثُمَّ السَّبيلَ يَسَّرَهُ}[14].

وهداه النجدين: {وَهدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ}[15].

وبعث اليه الانبياء والمرسلين ليأخذوا بيده اليه تعالى: {لَقَدْ أرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَأنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْميزانَ لِيَقُومَ النّاسُ بِالْقِسْطِ}[16]

وليخرجهم من الظلمات الى النور: {لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ اِلَى النُّورِ}[17].

وارسل معهم اليهم كتابا فيه برهان ونور: {يا أيُّهَا النّاسُ قَدْ جاءَكُم بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأنْزَلْنا إلَيْكُمْ نُوراً مُبيناً}[18].

واكمل لهم نعمة (الدين) واتم عليهم نعمته ورضي لهم الاسلام دينا: {ألْيَوْمَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دينَكُمْ وَأتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتي وَرَضيتُ لَكُمْ الإْسْلامَ ديناً}[19].

ودعاهم الى الحياة الحقيقية: {يا أيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اسْتَجيبُوا لله وَلِلرَّسُولِ إذا دَعاكُمْ لِما يُحْييكُمْ}[20].

ودعاهم ـ بفضله ـ الى الايمان به والاستجابة له: {فَلْيَسْتَجيبوا لي وَلْيُؤْمِنُوا بي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}[21].

واكرمهم بالدعوة الى عبادته: {يا أيُّها النّاسُ اُعْبدُوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُمْ وَالَّذينَ مِنْ قَبْلِكُمْ}[22].

وفتح لهم باب الدعاء ودعاهم اليه واكرمهم بالقرب منه تعالى: {وَإذا سَأَلَكَ عِبادي عَنّي فَإنّي قَريبٌ اُجيبُ دَعْوَةَ الدّاعِ إذا دَعانِ فَلْيَسْتَجيبُوا لي وَلْيُؤْمِنُوا بي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}[23].

واكرمهم بالدعوة الى ذكره وشكره: {يا أيُّهَا النّاسُ إذْكُرُوا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ}[24].

{فَاذْكُرُوني أذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لي وَلا تَكْفُرُونَ}[25].

ودعاهم الى الحياة الطيبة: {يا أيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اسْتَجيبُوا لله وَلِلرَّسُولِ إذا دعاكُمْ لِما يُحْييكُمْ}[26].

{مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَر أوْ اُنْثى وَهُوَ مُؤمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبةً}[27].

ودعاهم الى دار السلام والامن: {وَالله يَدْعُوا إلى دارِ السَّلامِ وَيَهْدي مَنْ يَشاءُ إلى صِراط مُسْتَقيم}[28].

ووعدهم ـ ان امنوا واتقوا ـ نورا يمشون به في الناس وكفلين من رحمته: {يا أيُّهَا الَّذينَ امَنُوا اتَّقُوا اللهَ وآمَنوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ}[29].

وفتح لهم ـ اذا اسرفوا على انفسهم ـ باب التوبة من رحمته ودعاهم الى التوبة والعودة اليه: {قُلْ يا عِبادِيَ الَّذينَ أسْرَفُوا عَلى أنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ الله إنَّ الله يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَميعاً إنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحيمُ}[30].

ووعدهم ـ ان امنوا واتقوا وعملوا الصالحات ـ ان يوفيهم اجورهم ويزيدهم من فضله في الدنيا والاخرة: {فَأَمَّا الَّذينَ امَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ فَيُوَفّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ}[31].

ذلك هو الطرف الاول من القضية فيما يتعلق بعلاقة الله تعالى بعباده وهو كما قال عز اسمه: {وَإنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ الله لا تُحْصُوها}[32].

فلننظر الى الطرف الآخر من القضية في علاقة الإنسان بالله.


الهوامش والمصادر

  • [1] ـ ابراهيم: 34.
  • [2] ـ المؤمنون: 12.
  • [3] ـ الرّوم: 54.
  • [4] ـ السّجدة: 9.
  • [5] ـ التين: 4.
  • [6] ـ العلق: 5.
  • [7] ـ الأعراف: 10.
  • [8] ـ لقمان: 20.
  • [9] ـ البقرة: 30.
  • [10] ـ فاطر: 39.
  • [11] ـ الاسراء: 70.
  • [12] ـ الشمس: 8.
  • [13] ـ الدهر: 3.
  • [14] ـ عبس: 20.
  • [15] ـ البلد: 10.
  • [16] ـ الحديد: 25.
  • [17] ـ الحديد: 9.
  • [18] ـ النساء: 174.
  • [19] ـ المائدة: 4.
  • [20] ـ الانفال: 24.
  • [21] ـ البقرة: 186.
  • [22] ـ البقرة: 21.
  • [23] ـ البقرة: 186.
  • [24] ـ فاطر: 3.
  • [25] ـ البقرة: 152.
  • [26] ـ الأنفال: 24.
  • [27] ـ النّحل: 97.
  • [28] ـ يونس: 25.
  • [29] ـ الحديد: 28.
  • [30] ـ الزّمر: 54.
  • [31] ـ النساء: 173.
  • [32] ـ ابراهيم: 34.
تحميل الفيديو
الشيخ آية الله محمد مهدي الآصفي
المصدر
كتاب في رحاب القرآن 1 (وعي القرآن)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى