تحية إلى الصدر
السَلامُ على الصَدرِ في الخالدين *** على من خِضابُهُ دَمُ الحُسين
على صَانعِ العِزِ في الرافدين *** سَلامٌ على الصَدرِ في العالمين
و آنا بِكَ أخَسرُ الفاقدين *** لِمجدٍ و عِزٍ و عِلمٍ و دين
إلى الصَدرِ قومي أيا كربلاء *** و ضُميهِ في قَبرِ من جُدِلا
بِحَرِ الضما و فَيضِ الدِماء *** فقد حَبهُ سَيدُ الشُهُداء
جِراحاتُنا لَذعُها مأسكه *** تُهيجُها حادِثاتِ الزَمن
ففي كُلِ يَومٍ يَموتُ وطن *** و في كُلِ يَومٍ يَقومُ وثن
و يُردى الحُسينُ و يُرمى الحَسن *** سِهاماً تُمزِقُ نُورَ الكَفن
قَوافِلُ تترى بِوجهِ يزيد *** تُحرِكُها صَرخاتُ الشَهيد
و حَزِ النُحور و هَتكِ الستور *** خُدورِ البَتول خَيرُ النِساء
أَنسمع بِقصتِها و الشَرف *** و مِيزانُ عَدلٍ عليها أنعرف
بَكى مَجلِسُ الأمنِ لما عَرف *** بِلُبنانَ وَفدُ السَلامِ أنخطف
و لما جَنوبُ العِراق ِ أنقصف *** تَضاحَكَ و الدَمعُ مِنهُ وَقف
لأنه دِمنا تُحبُ الحُسين *** و سَفكِها حَلا على الناصبين
فَمنهم عداء و مِنا ولاء *** إلى أن يَرُفَ علينا اللواء
على البَصرةَ الدَمعُ لا يُسعِفُ *** لِطولِ البُكاء نَبعهُ يَضعِفُ
مِنَ الجُوعِ أطفالُها نُحفٌ *** و أن طَلبت قوتها تُقصَفُ
بيوتاً على أهلها تُنسَفُ *** و جُندِ السلامِ بِها وُّقفُ
تَباركَ أيا جُندُ هذا السلام *** تَباركَ غُصنكمُ و الحَمام
سَلامُ الكِبار يَدوسُ الصِغار *** و يَمشي إلى العَدلِ فَوقَ الدِماء
على كَربلاء فالّتَصِبُ الدَموع *** فَقد شَبِعت من قاذِفاتٍ و جَوع
و عَلمُنا طائفيُ النُزوع *** يُشرِدُ طه و يأوي اليَسوع
يُحبُ الذين أَحبُ الخُضوع *** و يَكرهُ من يَرفِضونَ الخُضوع
لِهذا أجاعَ مُحبيِّ الحُسين *** و أَطلقَ للبَعثِ تِلكَ اليدين
عسى يَنتهون إذا يُنزَفون *** بِدمعٍ و دَمٍ شَبابُ الولاء
لقد ثَارَ شَعبُ الطُفوفِ الأسير *** وَحيدٍ فَريداً بِغيرِ نَصير
لأنَ الحُسينِ إليهِ أمير *** و فِكرُ الحُسينِ عَليهم خَطير
يَرى العَيشَ بِعيشِ الذُلِ حَقير *** و مَوتَ المَعزةِ خَيرُ نَصير
لِهذا يَخافونَ صَوتَ العَزاء *** لأنهُ ذِكرى لِتلكَ الدِماء
دُموعٌ و دَم سُجونٌ و سَم *** لكي يُطفوا النَورَ من كَربلاء
أيا عَلمَ الكُفرِ يا ذا النُجوم *** أنرحل فإنا عِراقٌ بالتُخوم
ثَبِتَ على دِمِنا و اللحوم *** شَبِعتَ بِخيراتِنا كي نَصوم
و تُفطِرُنا الجُوعَ يَوماً بيوم *** لي نَركعَ ذُلاً كي لا نَقوم
نَقومُ و نَهضتُنا بالحُسين *** نُجدِدُ عاشوراء و الأربعين
لِذكرى الشَهيد و كُلِ شهيد *** بِوجهِكَ يا صَنمَ الكبرياء
عَزاءٌ على ماءِ شَطِ الفُرات *** فقد حَمرتهُ دِماءُ الأُباة
دِماءُ الحُسينِ بِهِ سائلات *** و قَيدٌ على صَدرِ بالتَفنات
و زَينبُ و أبنتُها حاسِرات *** تَلوذُ بِقبرٍ رَمتهُ الطُغاة
جُروحٌ بِينا كَربلاء *** لا أندِبال لها من ذبيحٍ بِحرِ الرِمال
سَيبقى الحُسين على الخافقين *** يُلطِخُ آفاقِنا بِالدماء
الشاعر غازي الحداد | ديوان الحزن المعشوق