بيرق

أسلحة السجّان فترة السجن (5): لا لذلة النفس “هيهات منا الذلة”

الثائر في خارج السجن قد يعتاد على أمور معينة، وأفعال معينة، قد أخذها من بيئته أو غير ذلك، يعتاد مثلا على شرب السجائر، أو شرب الشاي والقهوة، يحب نمط معين من الأكل وغير ذلك من الطباع.

يتخذ السجّان هذه الأمور البسيطة للضغط على الثائر، ويتعمد إذلاله بها، وكسر عزته وكرامته، وأنفته وقوته، يعلم السجّان بذلك أن هذه وسائل ضغط يستطيع أن يميل بها الثائر لأي غرض استخباري أو لاأخلاقي لا سمح الله.

لا أذل نفسي لطلب يمكنني التخلي عنه، ولعادة ممكن تركها، ولأمر يمكن الصبر على فقدانه وتأخيره، هذا الأمر لا يتماشى مع القيام والثورة، والتمرد على الواقع الخطأ.

قد تتساءل، وماذا عن الأمر الضروري؟ هل يمكن أن أذل نفسي لأجله؟

الجواب واضح، أن الله لا يرضى للمؤمن الذلة والإهانة، أطلب حقك بكرامة، وإن لم تعطه، عليك مواصلة جهادك بالأساليب التي تفرض على السجّان الرضوخ لمطالبك وحقوقك، نحن أبناء هيهات منا الذلة، فيأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون.

لابد أن يبقى في الذهن ولا مجال للغفلة عن ذلك أبداً، أن الثورة لا تنتهي بدخولك السجن، وتقييدك بالأصفاد والسلاسل، بل تبدأ أيها الثائر المقاوم مرحلة أخرى من الجهاد والمقاومة، تختلف أساليبها وطرق المواجهة فيها، وهذا يسترعي منك التهيؤ لهكذا مرحلة بالبناء المسبق والاعداد، وامتلاك أعلى المهارات والقدرات.

تستطيع بذلك بناء بني جلدك واخوانك الثوار، ومدّهم بالمهارات والعلوم والقيم الفكرية والثقافية، فتصنع من السجن الذي أرادوا به كسر شوكتكم وتجهيلكم من خلاله، مدرسة وحوزة ومعهد ومسجد، تحيا فيه النفوس الأبية المقاومة الصامدة، وتعيش فيه المفاهيم حياة كريمة في النفوس العزيزة بالله والواثقة بوعده.

الثائر العزيز عليك بمقارعة الظلم الواقع عليك وعلى اخوانك والتمرد على القوانين المجحفة بحقكم وعدم الرضوخ لها وعد الرضوخ لإرادة السجّان مهما أمكن، وعدم الهدوء والمسكنة، وخلق المشكلات حتى لا يستطيعوا تنفيذ أجنداتهم بهدوء وسلاسة.

وأهم أمر هو خلق الجو العلمي والتعليمي والأخلاقي، أيّ: خلق مجتمع داخل السجن أقرب للمجتمع الذي تنشده وتأمل الحصول عليه، من خلال التكافل والتعاون ورفع المعنويات، وخلق الجو العبادي والأخلاقي، والتآلف الأخوي، وغير ذلك من الفضائل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى