ثقافة

مفاتيح الدخول الى رحاب القرآن

التأهيل لقراءة القرآن بالطهور

ان للطهور (الوضوء أو الغسل أو التيمم) تأثيراً على نفس القارئ في قراءة القرآن وتناول معانيه و معارفه.

وقد روي عن الامام أميرالمؤمنين علي بن ابي طالب×: (لا يقرأ العبد القرآن اذا كان على غير طهور حتى يتطهر)[1].

كما روي عن الامام×: (لقارئ القرآن بكل حرف يقرؤه في الصلاة، قائماً مائة حسنة، وقاعداً خمسون حسنة، ومتطهراً في غير صلاة خمس وعشرون حسنة، وغير متطهر عشر حسنات)[2].

وليس من ريب ان ارتفاع وهبوط حسنات القارىء لكتاب الله، يرتبط مباشراً بدرجة تفاعل القارئ وانفتاحه القلبي والعقلي عليه.

وهذا الانفتاح يكون في اعلى درجاته عندما يقرأ الإنسان القرآن وهو قائم بين يدي الله للصلاة، ثم يقرؤه وهو جالس في الصلاة، ثم اذا كان جالساً للتلاوة مع الطهور في غير الصلاة، ثم في غير صلاة ولا طهور.

وقد ورد في النصوص الاسلامية التأكيد على البقاء على الطهارة في كل الحالات.

ففي رواية انس عن رسول الله2: (وان استطعت ان تكون بالليل والنهار على طهارة فافعل)[3].

ومهما يكن من امر فإن للطهارة ـ من دون ريب ـ تأثيراً على نفس الإنسان وقلبه في الانفتاح على كتاب الله ونوره، وليس بإمكاننا ان نشرح طبيعة هذه العلاقة بين الطهارة وانفتاح القلب، ولكن النصوص الاسلامية تشير الى ذلك بصورة واضحة.

(حضور القلب) وتجريد النفس عن الشواغل

إن الذي يستمع الى كتاب الله انما يستمع الى كلام الله وندائه وهتافه، فاذا وعى الإنسان هذه الحقيقة فلايمكن أن يقبل بقلبه على شيء آخر غير كلام الله، ولايمكن أن ينصرف بنفسه ن هتاف الله وندائه، ولايمكن أن يشغله عن ذلك شيء. ومهما قلَّ وعيه وادراكه لهذه الحقيقة ازداد تشتت باله عن القرآن.

وقد سُئِلَ احد الصالحين: اذا قرأت القرآن تحدث نفسك بشيء؟ فقال: او شيء احب الىّ من القرآن احدث به نفسي؟ وكان بعضهم اذا قرأ السورة ليس فيها نفسه اعادها.

فمسألة حضور القلب قي قراءة القرآن وكذلك في الصلاة، وتجريد النفس حين قراءة القرآن وحين الصلاة عن كل الشواغل التي تتوزع نفس الإنسان من اهم المسائل الروحية التي تهم قرّاء القرآن والمصلين… ذلك ان روح الصلاة والقراءة بحضور القلب وانصراف النفس اليهما، فاذا تجردت الصلاة والقراءة من حضور القلب، فلا يبقى منهما إلاّ صورة فارغة عن المحتوى، وقشور من دون لباب.

الخروج من دائرة نفوذ الشيطان والهوى

لكي يدخل الإنسان في دائرة نفوذ القرآن لا بد ان يخرج من دائرة نفوذ الشيطان والهوى، فان لهاتين الدائرتين موقعين مختلفين ومتعاكسين في حياة الإنسان، فاذا كان الإنسان في احدهما فلا يمكن ان يكون في الاخرى.

ولكل من هاتين الدائرتين فعل، وجاذبية، ونفوذ معاكس للآخر كما ذكرنا.

ولذلك فقد أمرنا الله ـ تعالى ـ ان نعوذ بالله، كلما قرأنا القرآن: {فَاذا قَرَأْتَ الْقُرانَ فَاسْتَعِذْ بِالله مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجيمِ}[4].

والاستعاذة هي الخروج من دائرة نفوذ الشيطان، والهوى ـ وانما نقرن الهوى بالشيطان لان الشيطان يعمل في مساحة الهوى دائما ـ .

والاستعاذة ليست (قولا)، ولا من مقولة القول، وإنما هي (فعل)، ومن مقولة الفعل، وكلمة (اعوذ بالله من الشيطان) ليس إلاّ تعبيرا عن هذا الفعل.

فاذا هجم سبع مفترس على انسان في واد، وهو على مقربة من قلعة حصينة يمكنه ان يدخلها، ويلجأ اليها، ويحمي بها نفسه، ولا يكفي ان يعوذ بهذه القلعة بالكلام فقط، فان هذا الكلمة لا تحميه من سوء أو اذى، والاستعاذة الحقيقية ان يدخل القلعة، ويغلق ابوابها، ويحتمي بها من الحيوان المفترس الذي يريد ان يفترسه.

وهذا الفعل يتكون من جزئين، (فرار من الشيطان)، و(لجوء الى الله)، وهما يشكلان وجهي قضية واحدة، في الوجه الأول ـ الفرار ـ يقول تعالى: {فَفِرُّوا إلَى الله إنّي مِنهُ لَكُمْ نَذيرٌ مُبينٌ}[5].

والوجه الثاني ـ اللجوء الى الله ـ يقول تعالى: {وَإمّا يَنْزَغَنَّك مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِالله}[6].

ولا ينفع الفرار من الشيطان دون اللجوء الى الله تعالى، فاذا عاذ الإنسان بالله، ولجأ اليه تعالى فان الشيطان لا يتمكن من استعادته واجتذابه الى دائرته من جديد، فقد عاذ الى معاذ منيع، فان معنى الاستعاذة هو طلب اللجوء والحماية من الله تعالى، فاذا كان الإنسان صادقا في طلبه من الله، فلا شك ان الله تعالى يمنحه اللجوء والحماية، واذا منح الله ـ تعالى ـ عبده اللجوء بجنابه، والاحتماء بعزته وسلطانه، فان الشيطان يعجز عن استعاذة السيطرة والسلطان عليه، وجذبه، واحتوائه.

والصلاة والقراءة تعني أمرين: الاول، حضور العبد بين يدي الله وبمحضر الله ـ تعالى ـ والثاني حضور الله تعالى عنده وفي كل مكان، وان لم يتمكن العبد من الاحساس بالامر الاول فلابد من الاحساس بالثاني، فانه من ضرورات وشروط الايمان بالله. فلابد ان يشعر اولا بحضوره هو بين يدي الله ـ تعالى ـ، فتمتلأ نفسه بالاحساس بجلال الله، وجماله، وعظمته سبحانه، وهذا ما لا يمكن في حالة الغفلة، وانشغال النفس بالشواغل الكثيرة الصغيرة التي تلم بالنفس ، من هنا وهناك، وتستهلك النفس، ومشاعر الإنسان.

فإن الإنسان في حالات الغفلة والنسيان والانشغال يأتي بالعبادة وهو غائب عنها، ولا يستشعر لذة الحضور بين يدي الله في نفسه وعقله وقلبه، فتكون العبادة فارغة عن محتواها الحقيقي.

واذا لم يتمكن من هذا الاحساس، فلابد أن يتنزل الى الدرجة الثانية وهو الاحساس بحضور الله تعالى في كل مكان في هذا الكون، فان الكون محضر الله تعالى، ولا يغيب سبحانه عن شيء ولا عن مكان، ولا عن زمان. وهذا الاحساس درجة نازلة بالنسبة الى الاحساس الاول، وقد يكون هذا المعنى هو المقصود في الرواية النبوية المعروفة:

«اعبد الله كأنك تراه فان لم تكن ترا ه فإنه يراك»[7].

وكأن الرّواية تقرّر أن الاحساس الاول الذي يجب ان يتملّك الإنسان في حالة القراءة والصلاة هو الاحساس بجلال الله وجماله: (كأنك تراه)، فلا يبقى في نفسه شاغل يشغله عن الله، وينصرف بكل قلبه ومشاعره الى رؤية جلال الله وجماله، وهذا هو معنى حضورالعبد بين يدي الله وحضور القلب، فان لم يمكن ذلك فلا أقل من الاحساس بحضور الله تعالى، وهذا الاحساس الثاني من لوازم ومتطلبات الايمان بالله، فلا بد ان يشعر ان الله حاضر في كل مكان، وحاضر عنده، ومحيط به وبكل شيء، ولا تخفى عنه خافية.

{وَهُوَ اللهُ في السَّمواتِ وَفي الأْرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ، وَيَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ}[8].

{وَما تَكُونُ في شَأن، وَما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرآن، وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَل إلاّ كُنّا عَليْكُمْ شُهُوداً، إذْ تُفيضُونَ فيهِ، وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّك مِنْ مِثْقالِ ذَرَّة في الأْرْضِ وَلا في السَّماءِ، وَلا أصْغَرَ مِنْ ذلِك ، وَلا أكْبَرَ إلاّ في كِتاب مُبين}[9].

وهذا هو الاحساس الثاني: (ان لم تكن تراه فانه يراك)، فاذا كان الاحساس الأول لا يتأتى للانسان في قراءته وصلاته فلا بد من ان يتأتى له الاحساس الثاني، ويشعر بحضور الله تعالى واحاطته به، وانه بحضور الله ـ عزّ وجلّ ـ لا يخفى من امره عليه شيء.

ومن دون هذا الاحساس وذاك فان العبادة تكون عبادة غيابية، وابتلاء الإنسان في القراءة والصلاة بهذا الغياب والشرود النفسي كثير، ولايتم للانسان هذا الاحساس المزدوج بحضوره عند الله إلاّ بالسعي في تفريغ القلب في ساعات القراءة والصلاة عن غير الله.

ويتم للانسان هذا الامر الهام بمحاولة استشعار جلال الله، وجماله، وصفاته، واسمائه الحسنى، واستشعار الوقوف بين يدي الله ـ تعالى ـ واستشعار خطابه، وهتافه، وندائه لعباده ـ اولا ـ ، وبالتكرار، والتأمل، والمحاولة، والسعي لفهم آيات الله، واستحضار معانيها وتأكيدها في النفس، وتعميق الاحساس بها ـ ثانياً ـ .

وكلما تتكرر المحاولة والسعي من الإنسان يرتفع الخط البياني للاحساس بحضور الله تعالى، ومثول العبد بين يديه ـ عز شأنه ـ ، كما ينزل الخط البياني للجهد والمعاناة التي تتطلبها هذه المحاولة، حتى يبلغ الإنسان مرحلة من الوعي لحضور الله ـ تعالى ـ لا يحتاج فيها الى كثير من معاناة وجهد. وهذه موهبة يمنحها الله ـ تعالى ـ لمن يحب من عباده، ممن يجاهد، ويسعى لتحقيق هذه الحالة في نفسه {وَالَّذينَ جاهَدُوا فينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا}[10].

الانصات للقرآن

ومن مفاتيح القرآن الانصات للقرآن، وتوقير القرآن بالاستماع له والانصات اليه.

يقول تعالى: {وَإذا قُرِئَ الْقُرآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}[11] وفي كلمة «لعلّكم ترحمون» دلالة لا تخفى على اهلها فيما ذكرنا من ان الانصات مفتاح من مفاتيح فهم القرآن ووعيه.

وقد روي عن اميرالمؤمنين×: (من استمع قارئا يقرأها «اي سورة الحمد» كان له قدر ثلث ما للقارئ، فليستكثر احدكم من هذا الخير المعروض له، فانه غنيمة، فلا تذهبن أوانه فتبقى في قلوبكم حسرة)[12].

وعن الامام الصادق×: (من استمع حرفا من كتاب الله، من غير قراءة، كتب الله له حسنة، ومحا عنه سيئة، ورفع له درجة)[13].

وقد وردت جملة من الروايات في وجوب الانصات لقراءة القرآن، كماقد يستظهر من الآية كريمة.

وروي عن الامام الصادق×: «يجب الانصات للقرآن في الصلاة وغيرها، واذا قرأ عندك القرآن وجب عليك الانصات والاستماع»[14].

وعن معاوية بنوهب عن الامام الصادق×: «قال سألته عن الرجل يؤم القوم، وانت لا ترضى به في صلاة يجهر فيها بالقراءة فقال: اذا سمعت كتاب الله يتلى فانصت له. فقلت انه يشهد عليّ بالشرك. فقال: ان عصى الله، فاطع الله، فرددت عليه فأبى ان يرخص لي.

قال: قلت اذن اصلي في بيتي ثم اخرج اليه؟ فقال: انت وذلك وقال: ان عليّاً× كان في صلاة الصبح فقرأ ابن الكواء (من الخوارج المعروفين في عدائه للامام×) وهو خلفه {وَلَقَدْ اُوحيَ إليك وإلى الَّذينَ مِنْ قَبْلِك لَئِنْ أشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ}[15] فانصت علي× تعظيما للقرآن،حتى فرغ من الآية، ثم عاد في قراءته ثم اعاد ابن الكواء الآية، فانصت علي× أيضاً، ثمّ قرأ فاعاد ابن الكواء فانصت علي× ثم قال: {فَاصْبِرْ إنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ، وَلا يَسْتَخِفَّنَّك الَّذينَ لا يُوقِنُونَ}[16] ثم اتم السورة وركع قرأ»[17].

الدعاء والطلب:

وهو من أهم هذه المفاتيح فنحن لا نستطيع ان ننال القرآن وندخل في رحابه بجهدنا وامكاناتنا الشخصية، فلا بد ان نستعين بالله تعالى في ذلك، ونطلب منه عزوجل ان يؤهلنا لبلوغ افق القرآن، وللعيش في رحابه والارتواء من نميره.

و(الدعاء) من أهم ابواب الرزق. وفهم القرآن ووعيه من أفضل مايرزق الله عباده من الرزق، وبالدعاء نتوصّل الى هذه الغاية. فمن قرع باب رحمة الله تعالى فتحه الله له.

عن رسول الله2: «من تمنى شيئا وهو لله ـ عز وجل ـ رضى لم يخرج من الدنيا حتى يعطاه»[18].

وعنه2 اذا اراد الله ان يستجيب لعبد اذن له في الدعاء[19].

وعن أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب×: «من قرع باب الله سبحانه فتح له»[20].

وليس من الممكن ان يدعوا الله تعالى عباده الى الدعاء، ويعدهم الاستجابة، فيخزن عليهم الاستجابة {اُدْعُوني أَسْتَجِبْ لَكُمْ}[21].

وعن رسول الله2: «ما كان الله ليفتح لعبد الدعاء فينغلق عنه باب الاجابة. الله اكرم من ذلك»[22].

وعن الامام الحسن بن علي‘: «ما فتح الله على أحد باب مسألة فخزن عنه باب الاجابة».

وليس من أمر في دائرة رحمة الله الواسعة لا يمكن ان يناله الإنسان بالدعاء عن الامام الصادق×: «أدع ولاتقل ان الامر قد فرغ منه، ان عند الله منزلة لا تنال إلاّ بمسألة»[23].

وعن الامام الصادق× ايضا: «ادع الله عزوجل ولا تقل ان الامر قد فرغ منه»[24].

قال زرارة: انما يعني لا يمنعك ايمانك بالقضاء والقدر ان تبالغ في الدعاء وتجتهد فيه[25].

جمل من الأدعية المأثورة في القرآن

ونحن نذكر هنا جملة من الادعية المأثورة عن رسول الله2 واهل بيته^عند تلاوة القرآن، وفي ختام التلاوة. وقراءة هذه الادعية واستعراضها ينفع في معرفة المسائل التي كانت موضع اهتمامهم وعنايتهم ـ عليهم السلام ـ في تلاوة القرآن.

واليك طرفا من هذه الادعية:

كان الامام ابوعبدالله الصادق جعفر بن محمد× يدعو عند قراءة كتاب الله فيقول: اللهم فحبب الينا تلاوته، وحفظ آياته، وايماناً بمتشابهه، وعملا بمحكمه، وسببا في تأويله وهدى في تدبيره، وبصيرة بنوره.

اللّهم وكما انزلته شفاء لاوليائك، وشقاءا على اعدائك، وعمى على اهل معصيتك، ونورا لاهل طاعتك، اللهم فاجعله لنا حصنا من عذابك، وحرزا من غضبك، وحاجزا عن معصيتك، وعصمة من سخطك، ودليلا على طاعتك، يوم نلقاك، نستضيء به في خلقك ونجوز به على صراطك ونهتدي به الى جنتك.

اللّهم انا نعوذبك من الشقوة في حمله، والعمى عن عمله، والجور عن حكمه، والعلو عن قصده، والتقصير دون حقه.

واليك طرفا من هذه الادعية:

كان الامام الصادق× يدعو عند قراءة القرآن فيقول:

اللّهم احمل عناثقله، واوجب لنا اجره، واوزعنا شكره، واجعلنا نراعيه ونحفظه، اللّهم اجعلنا نتبع حلاله، ونجتنب حرامه، ونقيم حدوده، ونؤدي فرائضه، اللهم ارزقنا حلاوة في تلاوته، ونشاطا في قيامه، ووجلا في ترتيله، وقوة في استعماله، في آناء الليل (واطراف) النهار.

اللّهم واشفنا من النوم باليسير، وايقظنا في ساعة الليل من رقاد الراقدين، ونبهنا عند الاحايين، التي تستوجب فيها الدعاء من سنة الوسنانين.

اللّهم اجعل قلوبنا ذكاءا عند عجائبه التي لا تنقضي، ولذاذة عند ترديده، وعبرة عند ترجيعه ونفعاً بيّنا عند استفهامه.

اللّهم انا نعوذ بك من تخلفه في قلوبنا، وتوسده عند رقادنا، ونبذه وراء ظهورنا، ونعوذ بك من قساوة قلوبنا لما به وعظتنا.

اللّهم انفعنا فيه بما صرفت فيه من الآيات، وذكرنا بما ضربت لنا به من المثلات (الامثال)، وكفر عنا بتأويله السيئات، وضاعف لنا به في الحسنات، وارفعنا به ثوابا في الدرجات، ولقنا به البشرى بعد الممات.

اللّهم اجعله لنا زادا توقينا به في الموقف بين يديك، وطريقا واضحا نسلكه به اليك، وعلما نافعا نشكر به نعمائك، وتخشّعا صادقا نسبح به اسماءك، اللّهم اجعله لنا وليا يثبّتنا من الزلل، ودليلا يهدينا لصالح العمل، وعونا هاديا يقوّمنا من الميل حتى يبلغ بنا افضل الامل[26].

من دعاء الامام علي بن الحسين عند ختم القرآن:

اللّهم فكما جعلت قلوبنا له حملة، وعرفتنا برحمتك شرفه وفضله، فصلّ على محمد الخطيب به وعلى آله الخزان له، واجعلنا ممن يعترف بانه من عندك، حتى لا يعارضنا الشك في تصديقه، ولا يختلجنا الزيغ عن قصد طريقه.

اللّهم صل على محمّد وآله، واجعلنا ممن يعتصم بحبله، ويأوي من المتشابهات الى حرز معقله، ويسكن في ظل جناحه ويهتدي بضوء صباحه ويقتدي بتبلج اسفاره، ويستصبح بمصباحه، ولا يلتمس الهدى في غيره.

اللّهم وكما نصبت به محمداً علماً للدلالة عليك، وأَنهجت بآله سبل الرضا اليك، فصل على محمد وآله، واجعل القرآن وسيلة لنا الى أشرف منازل الكرامة وسُلّما نعرج به الى محل السلامة، وسببا نجري به النجاة في عرصة القيامة، وذريعة نقدم بها على نعيم دارالمقامة.

اللّهم صل على محمّد وآله، وأحطط بالقرآن عناثقل الاوزار، وهب لنا حسن شمائل الابرار، وأقف بنا آثار الذين قاموا لك به اناء الليل وأطراف النهار، حتى تطهّرنا من كل دنس بتطهيره، وتقفوا بنا اثار الذين استضاءوا بنوره، ولم يلههم الامل عن العمل، فيقطعهم بخدع غروره.

اللّهم صل على محمد وآله، واجعل القرآن لنا في ظلم الليالي مؤنسا، ومن نزغات الشيطان وخطرات الوساوس حارسا، ولاقدامنا عن نقلها الى المعاصي حابسا، ولالسنتنا عن الخوض في الباطل من غير ما آفة مخرسا، ولجوارحنا عن اقتراف الآثام زاجرا، ولما طوت الغفلة عنا من تصفح الاعتبار ناشرا، حتى توصل الى قلوبنا فهم عجائبه، وزواجر أمثاله التي ضعفت الجبال الرواسي على صلابتها عن احتماله.

اللّهم صل على محمّد وآله وأدم بالقرآن صلاح ظاهرنا، وأحجب به خطرات الوساوس عن صحة ضمائرنا، واغسل به درن قلوبنا، وعلائق اوزارنا، واجمع به منتشر أمورنا، وارو به في موقف العرض عليك ظمأ هواجرنا، واكسنا به حلل الامان يوم الفزع الاكبر في نشورنا.

اللّهم فصل على محمد وآله، واجبر بالقرآن خلتنا من عدم الاملاق، وسق الينا به رغد العيش وخصب سعة الارزاق، وجنبنا به الضرائب المذمومة ومداني الاخلاق، واعصمنا به من هوّة الكفر ودواعي النفاق، حتى يكون لنا في القيامة الى رضوانك وجنانك قائدا، ولنا في الدنيا عن سخطك وتعدي حدودك ذائدا، ولما عندك بتحليل حلاله وتحريم حرامه شاهدا[27].

وكان اميرالمؤمنين× اذا ختم القرآن قال:

اللّهم اشرح بالقرآن صدري، واستعمل بالقرآن بدني، ونوّر بالقرآن بصري، واطلق بالقرآن لساني، وأعنني عليه ما ابقيتني فانه لا حول ولا قوة إلاّ بك[28].

وكان الدعاء الذي يدعو به الامام الصادق جعفر بن محمد× عند الفراغ من القرآن:

اللّهم اني قد قرأت ما قضيت من كتابك الذي انزلت به على نبيك الصادق ـ2 ـ فلك الحمد ربنا. اللّهم اجعلني ممن يحل حلاله، ويحرم حرامه، ويؤمن بمحكمه ومتشابهه، واجعله لي أنساً في قبري، وأنسا في حشري، واجعلني ممن ترقيه بكل آية قرأها درجة في أعلى عليين[29].

الطلب والمحاولة

ان الله تعالى جعل رزق العباد مخبوءاً في الطلب والمحاولة، والطلب والمحاولة من ابواب الرزق، وقد شاء الله تعالى ان يكون الطلب والجهد الإنساني مفتاحا من أهم مفاتيح كنوز رزقه ورحمته تعالى لعباده، ولا يقرع احد ابواب رزق الله ورحمته بالجهد والمحاولة والطلب، ويلح في الطلب إلاّ ويفتح الله تعالى له الباب.

روي عن الامام الصادق×: «ليس من باب تقرع إلاّ يوشك ان يفتح لصاحبه»[30].

وفهم كتاب الله ووعيه من الرزق الذي يمنحه الله لعباده، وكنوز المعاني والمعارف في القرآن من الرزق الذي يفتحه الله تعالى على عباده، بالجهد والمحاولة الصادقة والطلب الجاد.

وهذا الرزق له مدخلان: العقل، والعاطفة، وكل منها باب الى القلب، يفتح مغاليق القلب، وإِنّما يفتح الإنسان ابواب قلبه على المعرفة والعلم والنور عن طريق احد هذين المدخلين أو بهما معاً.

التدبّر والتكرار

من اجل تأكيد فهم القرآن، وتعميق وعي ايات كتاب الله في النفس امامنا محاولتان مفيدتان احداهما كيفية والاخرى كمية.

اما المحاولة الكيفية فهي التدبر والتأمل في القرآن، وهي حالة في القراءة تقابل حالة المرور السريع العابر بآيات كتاب الله، يستخدم فيها الإنسان كل قدرته العقلية لاكتشاف الاعماق غير المرئية لآيات الله، والقيام بانطباع قوي عن القرآن.

وهاتان المهمتان (اكتشاف الاعماق غير المرئية للقرآن، وانطباع مفاهيم القرآن في النفس) تطلبان الامعان في النظر في القرآن والتأمل والتدبر. فان آيات القرآن، كما اشرنا من قبل، خزائن المعرفة، وكلما امعن الإنسان النظر في القرآن وتدبره وتأمله وصل الى اعماق أبعد للقرآن، وأكتشف آفاقا جديدة لم يكتشفها من قبل، واستطاع ان يقوم بانطباع أقوى من القرآن.

وقد روي عن رسول الله2: «ان اردتم عيش السعداء وموت الشهداء، والنجاة يوم الحشر، والظل يوم الحرور، والهدى يوم الضلالة فادرسوا القرآن»[31].

ودراسة القرآن هي الإِمعان في القرآن، والتأمل والتدبر في معانيه، وهي تختلف تماما عن المرور السريع العابر به. والهدى والنجاة وعيش السعداء وموت الشهداء التي اشارت اليها الرواية ليست من قبيل الجزاء الذي يعطيه الله تعالى لمن درس القرآن وانما هي من قبيل النتائج المترتبة على دراسة القرآن وان كان الكل من الله تعالى، كما ان الرزق من نتائج السعي والنجاح من نتائج الكدح.

روي عن اميرالمؤمنين علي بن ابي طالب×: «الا لا خير في قراءة لا تدبر فيها»[32] فان الخير الذي يرزق الله عباده من قراءة القرآن هو في دراسة القرآن والتدبر فيه. واختلاف حظوظ الناس من هذا الخير يرجع الى اختلافهم في دراسته والتدبر فيه، واكتشاف اعماقه وآفاقه.

وعن الإمام الصادق×: «ان هذا القرآن فيه منار الهدى، ومصابيح الدجى، فليجل حال بصره، ويفتح للضياء نظره، فان التفكر حياة قلب البصير، كما يمشي المنير في الظلمات بالنور»[33] ان القرآن منار ومصباح، فاذا فتح الإنسان بصره لضيائه جلا به بصره، والا فان الله يحجبه عن ضياء القرآن، وبقدر ما يفتح الإنسان بصره يرزقه الله من ضياء القرآن (فان التفكر حياة قلب البصير) ان قلب البصير يعيش ويحيى بالتفكر، وحياته تفكره، ومن دونه يموت القلب، كما ان حياة الإنسان بالتنفس، ومن دونه يموت الإنسان.

وهذا هو الجانب الكيفي في تأكيد وعي القرآن في النفس، اما الجانب الكمي فهو في تكرار آيات القرآن مرة بعد اخرى، فان لكل قراءة نكهة، وفي كل مرة يجد الإنسان من طعم القراءة، ونكهتها مالم يجدها من قبل، وكلما تكرر القرآن اكثر من ذي قبل يكتشف الإنسان في كل مرة من اعماق هذا القرآن وآفاقه مالم يكتشفها من قبل. ان امر هذا القرآن عجيب كلماكرره الإنسان ازداد اليه شوقا، وفتح القرآن له كنوزه اكثر، وانطبع في نفسه انطباعا اقوى.

وقد روي ان رسول الله2 كرر ذات يوم {بِسمِ الله الرَّحمنِ الرَّحيمِ} عشرين مرة[34].

وعن ابي ذرK قال: اقام بنا رسول الله2 فقام ليلة بآية يرددها {وَ ان تُعَذِّبهُم فانَّهُم عِبادُكَ}[35].

والآيه هي {وَإن تُعَذِّبهُم فإنَّهم عِبادُكَ وإن تَغفِرلَهُم فإنَّك أنتَ العَزيزُالحَكيمُ}[36] وهي من خطاب عيسى بن مريم× لله تعالى، يحكيه القرآن، يخاطب الله تعالى فيه: ان تريد عذابهم فإنهم عبادك، وانت اولى بهم، تملك كل امرهم، وامرهم اليك .

وفي هذا الخطاب من الاستعطاف لله تعالى، والاذعان له بالملك والسلطان والامر، ما يستوقف الإنسان طويلا، وما يخشع له القلب . وفي كل مرة يقرأ الإنسان هذه الآية الكريمة يشعر من وجوه الاذعان والاعتراف لله بالربوبية والسلطان والملك ، واستعطافه، سبحانه وتعالى، والتذلل بين يديه، مالم يجده من قبل.

وقام سعيد بن جبير& ليلة يردد هذه الآية: {وَامتازُوا اليومَ أيُّها الُمجرِمُونَ}[37] وانها لآية رهيبه تملأ النفوس المؤمنة، رهبة، وخوفا من ذلك الخطاب الذي يأمر يوم القيامة بتمييز المجرمين عن غيرهم، فيتميز المجرمون عن غيرهم في لحظة واحدة من بين ذلك الجمع العظيم، فيقادون الى جهنم وبئس المصير.

وكلما يكرر الإنسان هذه الآية العظيمة تملأ نفسه اكثر من ذي قبل رهبة وخشوعا، وتملك الرهبة عليه آفاق نفسه.

وقام احدهم للصلاة في مقام ابراهيم ليلاً فلما بلغ قوله تعالى: {ام حسب الذين اجترحوا السيئات ان نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات، سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون}، فاخذ يكررها، ويبكي حتى اصبح الصباح وكان فضيل اذا بلغ هذه الآية يكررها كثيراً ويقول: ليت فضيل يعلم من اي الطائفتين هو؟.

وقام احد الصالحين في سورة «هود» ستة اشهر لايفارقها[38] يعيدها ويكررها ويتأملها ويتدبر فيها… وهذه هي السورة التي قال عنها رسول الله2 «شيبتني سورة هود»، ولئن اراد الإنسان ان يقف عند مواقف ومنعطفات وآفاق واعماق هذه السورة المباركة، وما فيها من معاناة الانبياء مع اممهم وتعنت الناس في مقابلهم لما استطاع ان يفارق هذه السورة سريعا.

اننا يجب ان نقرأ القرآن كما نشرب الماء، ونرتوي منه فلا نترك الآية والسورة من القرآن حتى نرتوي منها، والإنسان من نفسه على بصيرة، ولا ينبغي ان يقوم عن القرآن حتّى يرتوي، ويذهب ظمؤه.

التجاوب مع القران:

ومن مفاتيح القرآن التجاوب معه عند التلاوة، والقراءة الصحيحة للقرآن هي التي تشد القارئ الى القرآن، وتأخذ منه، وتعطيه، وهذه حالة التجاوب مع القرآن، حيث يستشعر القارئ ان الله سبحانه و تعالى يعنيه بخطابه، وندائه، وتوبيخه، وانكاره، وترغيبه، وترهيبه، وتبصيره، وتحريكه… فيتجاوب مع القرآن في كل ذلك، ويلبي دعوة الله، ونداءه، وهتافه، ويعبر عن مشاعره واحاسيسه في كل حالة بما يناسب تلك الحالة.

يقول حذيفة: صليت مع رسول الله2 فابتدأ سورة البقرة وكان لايمر بآية عذاب الا استعاذ ولا بآية رحمة الاسأل، ولابآية تنزيه الاّ سبّح، فإذا فرغ قال، ما كان يقوله صلوات الله عليه عند ختم القرآن: «اللّهم ارحمني بالقرآن، واجعله الي اماما، ونورا، وهدى، ورحمة. اللّهم ذكرني منه ما نسيت، وعلمني منه ما جهلت، وارزقني تلاوته آناء الليل والنهار، واجعله حجة لي يا رب العالمين»[39].

وروي عن الصادق× أنه إذامرَّ في القرآن بـ {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} قال: لبيك ربنا، واذا قرأ: {آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ} قال: الله خير، الله اكبر، واذا قرأ: {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ} قال: كذب العادلون بالله، واذا قرأ {الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ} كبّر ثلاثا، واذا فرغ من الاخلاص، قال: كذلك الله ربّي[40]. ويستحب ان يقول القارئ عند قراءة قوله تعالى: {فَمَنْ يَأتيكُمْ بماء مَعين}[41]:الله ربنا، وان يقول عند قوله تعالى: {ألَيْسَ ذلِك بقادِر عَلى اَنْ يُحْيي الْمَوتى}[42]: سبحانك بلى، وعند قوله تعالى: {أأنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ}[43]: بل انت الله الخالق، وعند قوله تعالى: {اَمْ نَحْنُ الزّارِعُونَ}[44]: بل انت الله الزارع، وعند قوله تعالى: {اَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤونَ}[45]: بل انت المنشئ، وعند قوله عزوجل: {فَبِأىِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ}[46]: لابشيء من الائك رب اكذب[47].

وروى ابن الضحاك قال: كان الرضا× في طريق خراسان يكثر بالليل في فراشه من تلاوه القرآن، فاذا مرّ بآية فيها ذكر جنة او نار بكى وسأل الله الجنة، وتعوذ به من النار[48].

و كان الرضا× اذا قرا {قُلْ هُوَالله أحَدٌ} قال سراً {الله احد}، فإذا فرغ منها قال: كذلك الله ربنا، وكان اذا قرأ سورة الجحد قال في نفسه سرا: {يا أيُهّا الْكافِروُنَ}فاذا فرغ منها قال: (ربي الله وديني الاسلام)، ثلاثا، وكان اذا قرأ: {وَالتّين وَالزَّيْتُونِ} قال عند الفراغ منها: سبحانك اللّهم وبلى، وكان اذا فرغ من الفاتحة قال: {أَلْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعالَمينَ}، واذا قرأ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّك الأعْلى} قال سرّاً: سبحان ربي الاعلى، واذا قرأ {يأيُّهَا الذّينَ امَنُوا} قال: لبيك اللّهم لبيك[49].

وروى السيوطي في الدرالمنثور، قال: كان النبي2 اذا قرأ هذه الاية: {أَلَيْسَ ذلِك بِقادِر عَلى اَنْ يُحْيِي الْمَوْتى} قال: سبحانك اللّهم وبلى.

وعن البراء بن عازب قال: لما نزلت هذه الاية: {اَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِر عَلى اَنْ يُحيِي الْمَوْتى}[50] قال: سبحان ربي وبلى.

وعن ابي هريرة: ان رسول الله2 كان اذا قرأ: {ألَيْس ذلِكَ بِقادِر عَلى اَنْ يُحْيِي الْمَوْتى} قال: سبحانك، فبلى.

وعن ابي امامة، قال: صليت مع رسول الله2 بعد حجته فكان يكثر قراءة لا اقسم بيوم القيامة فاذا قال: {اَلَيْسَ ذلِك بِقادِر عَلى اَنْ يُحْيِي الْمَوْتى} سمعته يقول: بلى، وانا على ذلك من الشاهدين[51].

وعن علي×أنه قرأ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّك الأعلى} فقال: سبحان ربي الاعلى، وهو في الصلاة، فقيل له: اتزيد في القرآن؟ قال: لا، انما امرنا بشيء فقلته[52].

وعن ابن عباس: قال: كان رسول الله2 اذا تلا هذه الاية: {وَنَفْس وَما سَوّاها فَألْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها}وقف، ثم قال: (اللّهم آت نفسي تقواها، انت خير من زكاها انت وليها ومولاها)[53].

وعن ابي عبدالله الصادق×: «اذا مررت بآية فيها ذكر الجنة فقف عندها واسأل الله تعالى الجنة، واذا مررت بآية فيها ذكر اهل النار فقف عندها وتعوذ بالله من النار»[54].

والاحاديث في هذا الشأن كثيرة لا نريد استقصاءها.

التحزين والتباكي

تحدثنا عن نزول القرآن بالحزن والامر بقراءته بالحزن و(ان القرآن نزل بالحزن فاقرأوه بالحزن)[55].

وتحدثنا عن البكاء عند قراءة القرآن، والحزن والبكاء اعلى درجات التفاعل مع القرآن.

ومفاتح الحزن والبكاء هو التحزين والتباكي، وهو محاولة الحزن والبكاء… وهذه المحاولة تؤدي ـ عند صدق المحاولة ـ الى الحزن والبكاء. وقد ورد في النصوص الاسلامية الامر بالتحزين والتباكي عند قراءة القرآن.

ففي خطبة المتقين لامير المؤمنين×في صفة المتقين عند قراءة القرآن في اناء الليل: «اما الليل فصافّون اقدامهم يرتّلون القرآن ترتيلا، يحزنون به انفسهم ويستثيرون دواء دائهم»[56].

والعلاقة بين التحزين والاستثارة في هذه الفقرة من النص تلفت النظر، وكأن الحزن عند تلاوة آيات القرآن هو دواء داء النفوس، والتحزين هو استثارة دواء داء نفوسهم، واستخراج هذا الدواء.. ومن العجب ان هذا الدواء كامن فى عمق نفوسهم وليس يأتيهم من الخارج، وليس على الإنسان الا ان يستثيره، ويستخرجه من داخل نفسه ليداوي به ما في نفسه من الادواء.

وروي عن رسول الله2 «ان القرآن نزل بحزن فاذا قرأتموه، فتحازنوا»[57]. والتحازن ليس هو التظاهر بالحزن لغرض التظاهر، وانما هو التظاهر بالحزن لغرض التحزين وإِثارة الحزن في النفس.

وروى الكليني في الكافي في طريقة التلاوة عن امير المؤمنين×: «بيّنه تبيانا، ولاتهذّه هذالشعر، ولاتنثره نثر الرمل، ولكن اقرع به القلوب القاسية، ولايكون همّ احدكم اخر السورة»[58].

وقد ورد مثل ذلك في الاحاديث القدسية فيما خاطب الله تعالى به موسى ابن عمران×وعيسى بن مريم×في طريقة تلاوة التوراة والانجيل.

وروى القطب الراوندي في دعواته عن الصادق×: «ان الله تبارك وتعالى اوحى الى موسى×: اذا وقفت بين يدي فقف موقف الذليل الفقير، واذا قرأت فاسمعنيها بصوت حزين». ثم قال الصادق×: وكان موسى (أي الامام الكاظم موسى بن جعفر‘) اذا قرأ كانت قراءته حزنا وكأنما يخاطب انسانا»[59].

وهذه الالتفاتة في رواية الامام الصادق وتلاوة الامام الكاظم جديرة بالاهتمام (وكأنما يخاطب انسانا)، فالقراءة الصحيحة للقرآن هو ان يستحضر الإنسان ذكر الله تعالى قلبه ويخاطب الله تعالى حتى كأنه يخاطب انسانا بكل مشاعره، فتمتلئ نفسه بعظمة الله وَجلاله وَجماله وَصفاته وَاسمائه الحسنى ويتملكه الخشوع والرهبة والحب لله تعالى.

روى الصدوق في الامالي عن ابي عبدالله الصادق×: قال:

كان فيما وعظ الله تبارك وتعالى به عيسى×: «يا عيسى شمّر فكل ما هوآت قريب ، واقرأ كتابي، وانت طاهر، و أسمعني منك صوتا حزينا»[60].

والصوت الحزين ـ وسيلة من وسائل تحزين النفس فاذا كان الإنسان لا يملك الصوت الحزين، ولا يقدر فليسمع القرآن من ذي صوت حزين.

و اذا كان التحزين مفتاحا للحزن، فان التباكي وسيلة للبكاء وقد قلنا من قبل ان البكاء يعتبر أعلى درجات التفاعل مع القرآن، والانشداد به وللبكاء تأثير عجيب في إزالة الصدأ المتراكم و الرين المتحجر على القلوب، وان الشهقة من البكاء تكسّر الجليد المتراكم على القلب، عبر سنين طويلة، وعبر السيئات و الذنوب العظيمة، و تطهر القلب و تزكيه.

فاذا لم يتسن للانسان البكاء، و كانت الذنوب و السيئات و شواغل الدنيا قد سلبت من القلوب الرقة، فالتباكي هو الوسيلة التي تفضي الى البكاء… و ليس المقصود بالتباكي التظاهر بالبكاء، فان التظاهر بالبكاء لا يغني الإنسان شيئا، اذا لم يكن اداة ووسيلة لاثارة النفس وتحزينها وتفجيرها بالبكاء.

وان النفس لتتفجر بالبكاء أحيانا كما تتفجر الارض عن الماء، كذلك البكاء قد يكون انفجارا في داخل النفس، و اسعا، و كبيرا، يزيل عنها الصدأ والرين المتراكم على القلب، يستخرج منها ما أودع الله تعالى فيها من هدى وما ألهمها من التقوى.

والتباكي هو اداة هذا الانفجار.

عن رسول الله2، قال: «اتلوا القرآن، و ابكوا، فان لم تبكوا فتباكوا»[61] وعن رسول الله2: «ان القرآن نزل بالحزن فاذا قرأتموه، فابكوا، فان لم تبكوا فتباكوا»[62].

وعن الامام الصادق×: «ان رسول الله2 أَتى شبابا من الانصار، فقال: إِني أريد أن أَقرأ عليكم فمن بكى فله الجنة. فقرأ آخر الزّمر: {وسيقَ الَّذينَ كَفَروا إلى جَهَنَّمَ زُمَراً}[63] الى آخر السورة فبكى القوم جميعا الاّ شابا، فقال: يا رسول الله قد تباكيت، فما قطرت عيني.

قال2: اني معيد عليكم فمن تباكى فله الجنة.

فاعاد2 عليهم فبكى القوم و تباكى الشاب»[64].

وقال ابو سليمان الداراني: ما رأيت احداً ظهر الخوف على وجهه كالحسن بن صالح قام ليله بعمَّ يتساءلون، فغشى عليه فلم يختمها الى الفجر[65].

ان القراءة ينبغي ان تجسّد حالة الخشوع و الرهبة و الخوف و الحزن، و هذه هي الطريقة الصحيحة للقراءة، و المعبّرة عن القرآن، و الاحاديث الواردة في تحسين القراءة تعني هذا الامر بالذات.

فقد روي عن رسول الله2

«ان احسن الناس صوتا بالقرآن الذي اذا سمعته يقرأ (رأيت) انه يخشى الله عزوجل»[66].

وعنه2 ايضا: «لا يُسْمع القرآن من أحد اشهى منه ممن يخشى الله تعالى»[67].

وروي عن امير المؤمنين× في طريقة و اسلوب قراءة القرآن «بيّنه تبيانا، ولا تهذّه هذّ الشعر، ولاتنثره نثر الرمل، ولكن اقرع به القلوب القاسية، ولايكون همّ احدكم آخر السورة».[68]

والقراءة الخاشعة تقرع القلوب القاسية. أرأيت كيف يكون قرع الحديد بالحديد، كذلك ينبغي ان تقرع القلوب المتحجرة والقاسية بالقرآن، في أمره ونهيه وزجره وتوبيخه واستنكاره، وتخويفه، وترهيبه واسلوب القارئ وطريقته في القرآن كفيل ببلورة وتحقيق هذه الحالات الى حد كبير.

فان القراءة الصحيحة هي التي تكمل دور القرآن، وتعين القارئ والمستمع على تلقي معاني القرآن والتأثر والانطباع به والتفاعل معه.

وقد روي انه2 استمع ذات ليلة الى عبدالله بن مسعود فقال: «من اراد ان يسمع القرآن، غضا، كما نزل، فليقرأه على ابن ام عبدالله»[69].

وكان علي بن الحسين‘ احسن الناس صوتا بالقرآن، وكان السقاؤون يمرون عليه فيقفون ببابه يستمعون قراءته[70].

قراءة القرآن في الصلاة

قراءة القرآن في الصلاة عند القيام بين يدي الله، ولا سيما في آناء الليل، حيث يفرغ القلب لله تعالى، لها تأثير كبير في تأكيد حالة الخشوع، والحزن، والوعي عند تلاوة القرآن، وقد وردت نصوص في التأكيد على ذلك.

عن علي×: «من قرأ القرآن، وهوقائم في الصلاة كان له بكل حرف مائة حسنة، ومن قرأه، وهوجالس في الصلاة، فله بكل حرف خمسون حسنة،… وما كان من القيام بالليل فهوافضل لانه افرغ للقلب»[71].

والتعليل لارتفاع درجة الثواب مذكور في النص (لانه افرغ للقلب)، والثواب يرتبط ارتباطا سببيا بهذا التعليل، وكان الثواب هوالنتيجة الطبيعية لتفرغ القلب لاستقبال القرآن والتفاعل معه.

وروى الشيخ الكليني عن الامام الحسين×: «من قرأ آية من كتاب الله في صلاته، قائما، يكتب له بكل حرف مائة حسنة، فان قرأها في غير صلاة كتب له بكل حرف عشر حسنات، فان استمع القرآن كتب له بكل حرف حسنة، فان ختم القرآن ليلا صلت عليه الملائكة حتى يصبح، وان ختم نهارا صلت عليه الحفظة حتى يمسي، وكانت له دعوة مجابة، وكان خيرا له مما بين السماء والارض.

وقلت: هذا لمن قرأ القرآن فمن لم يقرأ؟

قال: «يا اخا بني اسد إِن الله جواد ماجد كريم اذا قرأ ما معه اعطاه الله ذلك».[72]

قراءة القرآن في آناء الليل

وفي آناء الليل يفرغ القلبلله تعالى اكثر من أي وقت آخر، ويتخلص القلب من الكثير من الشواغل التي تلم بالقلب. ولذلك فان لقراءة القرآن في الليل، وفي السر وقع أقوى على نفس الإنسان.

وروى الصدوق في عيون أخبار الرضا عن رجاء بن الضحاك عن الحسين× في سفره الى خراسان: (وكان يكثر بالليل في فراشه من تلاوة القرآن، مرّ بآية فيها ذكر جنة اونار بكى، وسأل الله الجنة، وتعوذ به من النار)[73].

وعن نوف قال: (بت ليلة عند امير المؤمنين×، فكان يصلي الليل كله، ويخرج ساعة بعد ساعة، فينظر الى السماء ويتلوالقرآن)[74].

يقول ابن الجوزي: كان احد الصالحين اذا جنّ عليه الليل أخذ في البكاء والعويل، فقالت له أمّه ليلة: يا بني أرفق بنفسك، فقال: يا اُمّاه ان لي موقفاً طويلا بين يدي رب جليل، فلا أدري ما يؤمر بي الى ظل ظليل اوالى شر مقيل اني اخاف عناءً لا راحة بعده، وتوبيخاً لا عفوٌ معه.

فمرّت به ليلة وهويتهجد بهذه الآية {فَوَرَبِّكَ لَنَسْألَنَّهُمْ أجْمَعينَ، عمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ}[75] فبكى واضطرب وغشى عليه، فجعلت أمّه تناديه، ولا يجيبها فقالت له: قرة عيني اين الملتقى؟ فقال بصوت ضعيف: ان لم تجديني في عرصة القيامة فسألي مالكاً (خازن النار) عني ثم شهق شهقة فمات[76].

الاستشعار بنداءات القرآن

من مفاتيح القرآن ان يستشعر القارئ بخطابات القرآن، ونداءاته، وهتافه للمؤمنين والناس جميعا، فان القرآن نزل من لدن الله تعالى على رسوله2 لدعوة الناس، وتذكيرهم، وتنبيههم، وهدايتهم. والناس كل الناس هم المعنيون بما في هذا القرآن من دعوة، وتوجيه، وتذكير، وذكر، يقول تعالى {لَقَدْ أنْزَلْنا إلَيْكُمْ كِتاباً فيهِ ذِكْرُكُمْ}[77] {وَ اَنْزَلْنا إلَيْكَ الذِّكْرَ لِتبَيّنَ لِلنّاسِ ما نُزِّلَ إلَيْهِمْ}[78] {هذا بَيانٌ لِلنّاس وهُدىً وَ مُوْعِظَةً لِلْمُتَّقينَ}[79] والاحساس بهذا التكريم الالهي للانسان، والاستشعار بنداءات الله تعالى للانسان في القرآن، وتخصيصه بالنداء، دون سائرالكائنات يفتح مغاليق القلوب.

والإنسان إِذا وعى هذا التخصيص الالهي له بالنداء والهتاف {يا أيُّهاالَّذينَ امَنُوا} او {يا أيُّها النّاسُ} انفتح قلبه للقران ولبّى نداء الله تعالى من كل قلبه.

ومن لا يعي تخصيص الله تعالى له بالنداء، ولا يستشعر عمق هذا التكريم الالهي له يبقى محجوبا عن القرآن، مهما اوتي من علم وعرفان في القرآن.

والناس يقرأون القرآن على احدى ثلاث حالات:

الأُولى: ان يرى نفسه بين يدي الله، يتلوكتابه، فيكون حاله حال التضرع، والدعاء، والسؤال.

الثانية: ان يرى نفسه موضع خطاب الله تعالى، وندائه، وهتافه، فتمتلأ نفسه خشوعا، وهيبة، ورهبة، وحياء، وتعظيما لله، واقبالا على فهم كلام الله، والتدبر في خطابه، والتلبية، ولاستجابة لندائه وهتافه.

الثالثة: طائفة من الناس يرون في كلام الله صفاته واسماءه الحسنى فيستغرقهم القرآن ويمتلك عليهم كل مشاعرهم، واحاسيسهم وافئدتهم.

وقد روي عن الامام الصادق× في هذه الطائفة «والله لقد تجلى الله لخلقه في كلامه، ولكن لا يبصرون»[80].

وقليلون أولئك الذين ينعمون بهذه الرؤية، وهذا الوعي، ولوان الناس قرأوا القرآن بهذا الوعي، ووعوا في قراءتهم هذا التكريم، والتخصيص الالهي لهم لم يشبعوا من القرآن، ولم يجدوا لذة فوق لذة تلاوة القرآن.

وقد كان حذيفة يقول: (لو طهرت القلوب لم تشبع من القرآن)[81].

ونقل عن بعض العلماء العارفين: (كنت اقرأ القرآن، فلا اجد له حلاوة حتى تلوته كأني اسمع رسول الله2 يتلوه على اصحابه، ثم تلوته وكان جبرئيل يلقيه على رسول الله2، ثم تلوته، وكأنّ الله يخاطبني، فوجدت فيه لذّةً ونعيماً، لا اصبر عليه).


الهوامش والمصادر

  • [1] ـ الخصال للشيخ الصدوق (في حديث الاربعمائة). 2/164.
  • [2] ـ عدة الداعي: 212.
  • [3] ـ وسائل الشيعة: 1/268ـ 269 عن امالي المفيد: 38.
  • [4] ـ النّحل: 98.
  • [5] ـ الذاريات: 50.
  • [6] ـ الاعراف: 200، وفصلّت: 36.
  • [7] ـ أمالي الطوسي: 526.
  • [8] ـ الانعام: 3.
  • [9] ـ يونس: 61.
  • [10] ـ العنكبوت: 69.
  • [11] ـ الاعراف: 204.
  • [12] ـ تفسير الامام العسكري عنه من المستدرك: 1/293 الطبعة الاولى.
  • [13] ـ مستدرك الوسائل: 1/295 الطبعة الاولى.
  • [14] ـ بحار الأنوار: 92/220.
  • [15] ـ الزّمر: 65.
  • [16] ـ الروم: 60.
  • [17] ـ التهذيب: 2/255; والكنى والالقاب: 1/389; والمحجة البيضاء: 2/234ـ233.
  • [18] ـ بحار الأنوار: 93/365.
  • [19] ـ كنز العمال: ح 3156.
  • [20] ـ غرر الحكم.
  • [21] ـ كنز العمال: ح 3155.
  • [22] ـ بحار الأنوار: 78/113.
  • [23] ـ اصول الكافي: 2/338; كتاب الدعاء باب فضل الدعاء: ح 3.
  • [24] ـ اصول الكافي: 2/339; المكتبة الاسلامية 1388، كتاب الدعاء باب فضل الدعاء: ح 7.
  • [25] ـ المصدر السابق.
  • [26] ـ الكافي: 2/ 418.
  • [27] ـ الصحيفة السجادية: الدعاء رقم 42.
  • [28] ـ مصباح المتهجد كما في بحار الأنوار: 92/209.
  • [29] ـ الاختصاص: 241، بحار الأنوار: 92/207.
  • [30] ـ الكافي: 2: 467.
  • [31] ـ بحار الأنوار: 92/19 وقريب منه في تحف العقول: 204.
  • [32] ـ معاني الاخبار: 67.
  • [33] ـ الكافي: 2/600.
  • [34] ـ المحجة البيضاء: 2/237 .
  • [35] ـ اخرجه ابن ماجه ح1350 .
  • [36] ـ المائدة: 118.
  • [37] ـ المحجة البيضاء: 2 : 238
  • [38] ـ المصدر السابق.
  • [39] ـ المحجة البيضاء 2: 227 وروى صدر هذا الحديث احمد وابو يعلي كما في مجمع الزوائد (نقلا عنهامش المحجة).
  • [40] ـ المحجة البيضاء: 2: 228.
  • [41] ـ الملك: 30.
  • [42] ـ القيامة: 40.
  • [43] ـ الواقعة: 59.
  • [44] ـ الواقعة: 64.
  • [45] ـ الواقعة: 72.
  • [46] ـ الرحمان: 12.
  • [47] ـ المحجة البيضاء: 2/ 229.
  • [48] ـ عيون الاخبار: 2/ 183.
  • [49] ـ المصدر السابق.
  • [50] ـ القيامة: 40.
  • [51] ـ الدر المنثور: 6/ 296.
  • [52] ـ الدر المنثور: 6/ 338.
  • [53] ـ الدر المنثور: 6/ 356.
  • [54] ـ الكافي: 2/ 617.
  • [55] ـ الكافي: 2/ 614.
  • [56] ـ نهج البلاغة: الخطبة رقم 193 المعروفة بخطبة المتقين.
  • [57] ـ المحجة البيضاء: 2/ 226 ورواها ابو نعيم في الحلية.
  • [58] ـ الكافي: 2/ 614.
  • [59] ـ بحارالأنوار: 92/ 191، ومستدرك الوسائل الطبعة الثانية (مؤسّسة آل البيت): 4: 270، ودعوات الراوندي: 3.
  • [60] ـ امالي الصدوق:  418 و رواه الكليني في الكافي: 8/ 135، و المستدرك: (طبعة ال البيت) 4/ 217.
  • [61] ـ المحجة البيضاء: 2/ 225، واخرجه ابن ماجة في السنن: ح 4196 كما في الهامش دون قوله (اتلوا القرآن).
  • [62] ـ جامع الاخبار: 57.
  • [63] ـ الزّمر: 71.
  • [64] ـ المجالس:  325.
  • [65] ـ الكنى و الالقاب 1/ 164، ط. النجف.
  • [66] ـ رواه الدارمي في 2/ 417 من سننه.
  • [67] ـ المحجة البيضاء 2/ 246، و رواه الحاكم في المستدرك في كتاب فضائل القرآن، كما في الهامش من المحجة.
  • [68] ـ تفسير علي بن ابراهيم: 2/ 392، والكافي: 2/ 614، و مستدرك الوسائل (ط. مؤسسة آل البيت): 4/270، وبحارالأنوار: 92/ 614.
  • [69] ـ اخرجه ابن ماجه في السنن ح138.
  • [70] ـ الكافي: 2/ 614.
  • [71] ـ المحجة البيضاء: 2/ 220 وروى شطرا منها الكليني& عن ابي جعفر الباقر× 2/ 611.
  • [72] ـ الكافي: 2/ 611.
  • [73] ـ عيون اخبار الرضا: 2/ 182.
  • [74] ـ الخصال للصدوق:  337.
  • [75] ـ الحجر: 92 ـ 93.
  • [76] ـ التبصرة لابن الجوزي 1/ 29.
  • [77] ـ الانبياء: 10.
  • [78] ـ النّحل: 44.
  • [79] ـ آل عمران: 138.
  • [80] ـ المحجة البيضاء: 2/ 247.[81] ـ جامع السعادات للنراقي: 3/302.
تحميل الفيديو
الشيخ آية الله محمد مهدي الآصفي
المصدر
كتاب في رحاب القرآن 1 (وعي القرآن)

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى