بيرق

أسلحة السجّان فترة السجن (2): التشكيك في حقانية الثورة ورجالاتها

عندما تشتد الأزمة والمحنة، ويضيق أفق الفرج، وتكون عزيزي الثائر تحت الضغط الشديد الذي لا تحتمله الجبال الرواسي، وعندما تُلقَن اليأس كما أسلفت في السلاح الأول، ممكن أن تلقي باللائمة على أيٍّ كان، وتحمله مصيرك الذي آلت نفسك إليه، وتصب جامّ غضبك عليه، فتصل إلى مرحلة التشكيك بأصل الثورة والقيام، والتشكيك برجالاتها الأشداء الذين لم يخافوا في الله لومة لائم، وبذلوا غاية المجهود لتحريرك من قيد العبودية المذلة للظالم والمستكبر، وأناروا لك طريقك وطريق الأمة ببصيرتهم وشجاعتهم وفكرهم وعملهم.

وهذا ما يصيب الثائر القائم لله في مقتل؛ لأنه يؤدي إلى ضرب القاعدة الفكرية والثقافية لديه، ويستدعي بالضرورة ترك المبادئ والقيم التي يدافع عنها، وبَذلَ ما بذل من ماله وعمره من أجلها، ومن أجل زرعها في المجتمع المقاوم.

لابد من البصيرة والوعي التامين في هذه المرحلة وعدم التراجع مهما كانت الظروف الصعاب، وتصعيد الثقة بالقيادات والرموز الأبية لأعلى الدرجات، حتى آخر نفس يتنفسه الثائر في هذه الحياة.

هؤلاء القادة والرموز إنما قاموا لله، لأداء التكليف، وما يرونه صائباً للحركة الثائرة ضد الظلم والطغيان، ولدفع الضرر الحالي والمستقبلي، ولتأمين متطلبات العيش الكريم للناس عن السحق من قبل السلطان الجائر المتكبر، خرجوا لإلغاء التمييز السياسي والعنصري، والتجنيس السياسي والتغيير الديمغرافي، ولانتشال الناس من عبودية السلطان إلى عبودية الله الواحد القهار، فإذا كانت هذه المعاني حاضرة في ذهنك وتحت نظرك دائماً، فإنك نجحت في التغلب على هذا السلاح الفتاك الذي يضرب هذه الحركة الثائرة في مقتل.

ومن مخاطر التشكيك في الثورة ورجالتها، منها ما يكون آني، ومنها ما يكون مستقبلي:

أما الآني فأنت تضرب أيّ رأي قد يطرحه القائد أو الرمز، ويكون ذلك محلاً للتشكيك والترديد لديك ولدى كل من اتصف بهذه الصفة، وهذا يمنع التحاق الثوار الجدد لعدم توفر الثقة بهؤلاء القيادات والرموز المقاومة، وهذا يخلق الجو الذي يؤدي إلى التخلي عن المبادئ والحقوق الأساسية الكريمة لك ولأمتك.

وأما المستقبلي يجعل التشكيك في أي قيادة ستظهر في المستقبل، وتجعل القائد نفسه يتردد كثيراً في اتخاذ القرارات الشجاعة بسبب ضعف الوعي الجماهيري، واعتقاده بأن الجماهير ستخذله في أي مواجهة شجاعة ضد الظلم والسلطات الجائرة، لقرب التجربة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى