ثقافة

قراءة في كتاب (3): حقيقة الدين – تأليف سماحة آية الله السيد محمد باقر السيستاني

هدف الكتاب

في الحياة نهاية ولكن نهايتنا تكون بداية لعالم آخر يكون صنيعة أيدينا وبقدر ما صنعنا هنا نجني هناك، والدنيا مسرح للصراعات والتقاتل بين الإنسان والإنسان من جهة، والإنسان والشيطان من جهة أخرى.

إذا كان الهدف هو العبور إلى عالم الآخرة بسلام فهنا لا شك سيقف إبليس حجر عثرة لمنع الإنسان من الوصول إلى الحقيقة المنجية له في الآخرة.

بين هذه وهذه قد يضيع الإنسان فيترك ما يجب الاعتقاد به، بل كثيراً ما يبني الإنسان عقيدة مستندة على وهم وخيال.

من هنا يأتي هذا الكتاب ويدعو إلى التثبت في القضايا الدينية، والبحث في المعتقد حتى يكتشف الانسان حقيقة دينه.

المؤلف قسم كتابه إلى خمسة أقسام

  1. حقيقة الدين: معنى الدين، وهو موقوف على وضع رؤى كونية وانسانية وتشريعية، وكل واحدة منها تحوي خطوطا عامة.
  2. اتجاه الدين في مناحي الحياة: لا يوجد أهم من القضايا العقائدية، فيتحدث عن العلم والحكمة والأخلاق وما له ربط بتغير فكر الإنسان.
  3. المعرفة الدينية: وهي ضرورة لكل راشد في الحياة، لا يمكن تحقيق النعيم الأخروي إلا بالعمل المبتني على معرفة دينية صحيحة. 
  4. القاعدة العامة الراشدة للمعرفة وما هي القواعد التي يستند إليها الإنسان في بناء عقيدته.
  5. إثبات وجود الله ورسالته وبقاء الإنسان بعد الموت.

ضرورة البحث عن الدين

عندما نريد ترغيب شخص إلى شيء ما فإننا نبين له المكاسب التي سيجنيها بعد عمله.

المؤلف ذكر هنا المكسب من الكتاب، فهو يعطي فائدة تغطي جانبين من الحياة: نظري وعملي سلوكي.

أهمية البحث عن الدين تكمن في مساسه بحياة الإنسان في جميع شؤونه.

ولأنه يبين أيضا الرؤية الكونية عن هذا الكون، فهل نحن نمتلك رؤية واضحة عن هذا الكون؟  أو كما يقول الماديون أن الكون صائر إلى زوال نتيجة عوامل الطبيعة؟

الحقائق الثلاث: الله والإنسان وعالم ما بعد الموت

يجب على كل إنسان مهما كان انتماؤه المذهبي أن يبحث بشرط أن يتثبت، نحن ولدنا وتربينا في بيئة تؤمن بالله، ولكن هل تثبتنا؟ أو انجررنا وراء البيئة التي عشناها؟

إذا لم نتثبت فلن نبلغ الاعتقاد التام، ولن نستطيع إقناع الآخر بما نعتقد.

وسائل التثبت

هل أمدني الخالق بوسائل تؤهلني إلى البحث والتثبت في الدين؟

نعم، أمدني بوسائل الحس والعقل، وكلها أدوات قادرة على التعامل مع الأدلة الموصلة إلى اليقين.

عندنا أساليب لإقناع أنفسنا وحينئذ نقدر أن نقنع الآخر، منطق القرآن في الإقناع هو منطق العقل في الإقناع، اذا اعتقد الإنسان بمنطق عقلاني فلابد أن يسمع من منطق قرآني لأن المنبع واحد.

لذلك يركز المؤلف على هذه النقطة حتى لا يتهرب الإنسان من القرآن ويقول عقلي يقول كذا وعقلي لا يصدق كذا، إذا اصطدم عقلك مع القرآن فتثبت في دليلك فإنك مخطئ في بعض مقدماتك.

ميدان العقل والشرع

في الشريعة يوجد تعبد ونلتزم بما جاءت به الشريعة بكل رضا، ولا يستقيم منطقيا إقحام العقل في الأحكام التعبدية للشارع إلا إذا هو بيّن لنا علة الحكم فحينئذ يمكننا التوسع إلى جزئيات أخرى.  

ومع ذلك أيضا فقد بيّن الله تعالى أن بعض التعاليم الدينية لا يمكن بلوغها إلا عقلا مثل إثبات وجود الله، في مجال العقل لا نتجاوز ميدان العقل أي ميدان العقل لا نقحم فيه الشرع، وكذا ميدان الشرع لا يصح إقحام العقل فيه فالقضايا الغيبية مثلا لا يمكن للعقل اقتحامها لأنها خارج نطاق قدرته.

توهم صراع العقل والنقل

اليوم نسمع بصراع بين العقل والنقل وينسبون التنافي بينهما، ولكن في الحقيقة يجب أن يفسر هذا بأنه صراع العاطفة مع العقل.

لا يوجد عندنا تنافر بين الدين والعقل، اذا ظهر لك بدوا تناف بين رواية مثلا وحكم عقل فشك في المقدمات التي توصلت بها إلى هذه النتيجة.

بعضنا تربى في بيئة تؤمن بالله ولكن بعد أن اكتسب ثقافة توصّل إلى نتيجة تخالف ما تربى عليه من الإيمان بالله فهنا يجب التثبت.

مثال: للذكر مثل حظ الانثيين.  يقولون بأن الشريعة ذكورية تعطي للذكر أولوية وتظلم المرأة..

لو تثبتنا لوجدنا هذا تشريعا يتوافق مع الفطرة، فالرجل هو المسؤول عن الإنفاق على الزوجة حتى لو كانت غنية، وكذا بقية الشؤون المالية.

  • والنتيجة: يحذرنا الكاتب: لا تختلط علينا المشاعر النبيلة مع العاطفة التي ندعي أنها عقل وتعقل.

بعض الناس يتألم لمجرم يعدم أو يتألم لقطع يد سارق، هي مشاعر نبيلة في نفسها ولكن هذا الشخص أطلق لها العنان فلم يستطع توظيفها في محلها فطغى ورقّ في عاطفته تجاه السارق، الشارع يراعي المشاعر حينما يكون هناك مظلوم سُلب حقه، ولكن في مورد آخر يريدني الشارع قويا صلبا لا تؤخذني في الله لومة لائم.

أو آخر يعتقد بحقوق الحيوان فيرق قلبه على دجاجة تذبح، ولكنه يرى شعباً يباد لمجرد انتمائه المذهبي فلا يحرك ساكنا بل يقول بأنهم خارجون على القانون!!


الكاتب: سماحة الأستاذ الشيخ ياسر القطيش

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى