جولة الصحافة

رويترز: سرايا الأشتر “الجناح المسلح” لتيار الوفاء الإسلامي

المنامة/دبي (رويترز) – خلال شهر فبراير شباط تجمع عدد صغير من المهاجرين ورجال الدين من البحرين بمدينة قم المقدسة عند الشيعة في إيران لتأبين شاب متشدد قتل في معركة بالأسلحة النارية مع قوات الأمن البحرينية.

ألقى كلمة التأبين رجل دين بحريني يعيش في المنفى كان قد دعا الأغلبية الشيعية في البحرين لإزاحة النظام الملكي لأسرة آل خليفة السنية بالقوة.

قال رجل الدين مرتضى السندي، الذي تضعه الولايات المتحدة في قائمة خاصة للإرهابيين العالميين ويحظى بدعم من إيران، “خيار المقاومة بدأ يتسع وينتشر على الأرض”.

ويسلط هذا اللقاء الضوء على ازدياد نفوذ إيران في صفوف فصيل مسلح من المعارضة في البحرين التي تتمتع بقيمة استراتيجية كبيرة على صغر مساحتها. فالبحرين تستضيف قاعدة بحرية أمريكية كما أنها من الحلفاء المقربين للسعودية خصم إيران الرئيسي في المنطقة.

فقد ترافق تسارع وتيرة عمليات تفجير وحوادث إطلاق نار أغلبها غير متقنة مع حملة تضييق من جانب الحكومة بلغت ذروتها العام الماضي في حل جماعة المعارضة الرئيسية.

ولقي المتشدد رضا الغسرة (29 عاما) مصرعه بالرصاص عندما نصبت قوات الأمن كمينا للزورق السريع الذي يقله هو وهاربين آخرين فجر التاسع من فبراير شباط. وقبل بضعة أسابيع فحسب من ذلك هرب الغسرة من سجن كان يقضي فيه حكما بالسجن المؤبد بتهمة الإرهاب.

وظهر شقيقا الغسرة المطلوبان أيضا بتهمة التطرف في لقاء التأبين الذي عقد في مدينة قم. واستمع الحاضرون لرسالة مسجلة من رضا يقول فيها إن الزورق في طريقه. وأكدت حكومة البحرين إنه كان في طريقه للهرب إلى إيران.

ويصف تقرير سري أعده مسؤولون أمنيون في البحرين واطلعت عليه رويترز السندي بأنه زعيم جماعة “ألوية أشتر” المتشددة التي نفذت تفجيرات وعمليات إطلاق نار استهدفت الشرطة البحرينية. وفي بيان نشر على الإنترنت وصفت الجماعة رضا الغسرة عقب وفاته بأنه “القائد الشهيد”.

ويوضح التقييم الأمني أن السندي كلف الغسرة بتكوين خلايا من المتشددين بمساعدة إيرانية.

ووصفت وزارة الخارجية الإيرانية اتهامات حكومة البحرين بوجود دور لإيران في دعم السندي أو ألوية أشتر في أعمال العنف بأنها “لا أساس لها وملفقة”. ولم يرد السندي على طلبات للتعليق.

الزعيم الأعلى

في عام 2011 قمعت قوات الأمن البحرينية بمساعدة سعودية انتفاضة قام بها بعض أفراد الأغلبية الشيعية في البحرين.

وأعقب ذلك احتجاجات على مستوى محدود. فقد أدت اشتباكات مع الشرطة إلى مقتل العشرات من النشطاء ومن تحوم الشبهات حول اتجاههم للتطرف وفي الوقت نفسه تقول البحرين إن 24 من رجال الشرطة قتلوا.

ويشارك في أغلب الاشتباكات شبان يلقون بالحجارة وزجاجات المولوتوف الحارقة غير أن سلسلة من التفجيرات وقعت في السنوات الأخيرة. ويقول نشطاء المعارضة إن هذه الهجمات تبين أن الحملة التي تشنها الحكومة تدفع الشبان الشيعة إلى أحضان المتطرفين.

ويشير تحليل لبيانات النائب العام البحريني على مدى سنوات عن المشتبه في انضمامهم لعضوية ألوية أشتر إلى أن هذه الجماعة تعمل من خلال خلايا يقل عدد أفراد كل منها عن عشرة شبان يشرف عليهم متشددون مهاجرون مثل السندي يقيمون في إيران.

ويقول النائب العام في البحرين إن هؤلاء الشبان يتم تجنيدهم خلال رحلات دينية أو دراسية إلى إيران وإن المشتبه بهم يتلقون تدريبا على استخدام الأسلحة والمتفجرات في إيران أو العراق. وتنفي إيران تلك الاتهامات.

وللسندي حلفاء أقوياء في إيران التي يعيش فيها منذ خرج إلى المنفى عام 2012.

وفي ديسمبر كانون الأول الماضي نشر الموقع الرسمي للزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي مقالا للسندي اتهم فيه الولايات المتحدة بالمساعدة في قمع النشطاء الشيعة في البحرين.

وقد وضعت وزارة الخارجية الأمريكية السندي على قائمة الإرهابيين في 17 مارس آذار لينضم بذلك إلى قادة في تنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية.

وقالت الوزارة إنها استندت في قرارها إلى الصلات التي تربط السندي بألوية أشتر التي “تتلقى تمويلا ودعما من حكومة إيران.”

وتتهم البحرين السندي بتنظيم هجمات دموية على الشرطة وبتهريب أسلحة من إيران.

وتبين ملفات أمنية بحرينية عن الغسرة والسندي اطلعت عليها رويترز أن السلطات البحرينية تعتبر ألوية أشتر الجناح المسلح لتيار الوفاء الإسلامي الذي يتبعه السندي وهو حزب سياسي محظور في البحرين.

ولم يرد تيار الوفاء وألوية أشتر على طلبات للتعليق عن الصلة بينهما. ووافق شخص يمثل حزب الوفاء اتصلت به رويترز على نقل أسئلة إلى السندي لكنه لم يرد في نهاية الأمر.

وتقول الوثائق الأمنية إن السندي تلقى أموالا من الحرس الثوري الإيراني وكلف الغسرة بتنظيم تدريب عسكري للمتشددين البحرينيين في إيران على أيدي رجال الحرس الثوري وفي العراق على أيدي رجال كتائب حزب الله.

وأعلنت ألوية أشتر التحالف مع كتائب حزب الله المدعوم من إيران وذلك في بيان نشر على الإنترنت في فبراير شباط الماضي.

وتحدث السندي عن علاقته بالغسرة في رسالة إلى أتباعه على تطبيق تليجرام للتراسل في مارس آذار الماضي اطلعت عليها رويترز وجاء فيها “عرفته عاشقا لأهل البيت، مستعدا للتضحية في أعلى مراتب التضحية، مصمم على خيار المقاومة.”

واعترف ياسر شقيق رضا الغسرة في مكالمة مع رويترز من إيران بأن شقيقه رضا مقاتل لكنه نفى أنه تلقى مساعدة من إيران. وامتنع عن التعليق على العلاقات التي ربطت بين شقيقه والسندي.

فخور بكوني عدوا

في مارس آذار تحدث السندي لقناة العالم التلفزيونية الإيرانية فقل إنه فخور لأن أمريكا تعتبره عدوا لها.

ولم يعلق السندي مباشرة على اتهامات وزارة الخارجية الأمريكية لكنه قال إن الولايات المتحدة تستخدم تهمة الإرهاب وخطرا وهميا تزعم أن مصدره إيران من أجل بيع أسلحة لحلفائها في الخليج والحفاظ على نفوذها.

والسندي هو المسؤول الوحيد في حزبه الذي تفادى صدور حكم عليه بالسجن لفترة طويلة رغم أنه أمضى ستة أشهر وراء القضبان وسط احتجاجات عام 2011 وذلك بتهمة المشاركة في أعمال شغب. وبعد ستة أشهر رحل بطريق قانوني إلى إيران.

سجل السندي تجاربه في كتاب أعده في السجن وأطلق عليه اسم “ألم وأمل” نشر في إيران العام الماضي. وقال إنه عانى من التعذيب أثناء احتجازه وشاهد مقتل رفاق محتجزين على أيدي ضباط أردنيين وضباط أجانب آخرين وصفهم بأنهم “مرتزقة”.

ونفى مسؤولون أمنيون بحرينيون في تصريحات لرويترز أن السندي تعرض للتعذيب أثناء احتجازه. وقال مسؤول “حدثت انتهاكات متفرقة تم التحقيق فيها ومعالجتها لكنها لا تمثل ظاهرة منهجية.”

وفي يناير كانون الثاني دعا السندي المعارضة في البحرين إلى التخلي عن الاحتجاجات التي كانت في أغلبها سلمية في الساحات العامة وإلى حمل السلاح.

وقال في كلمة ألقاها في مدينة قم “نحن في تيار الوفاء الإسلامي نعلن أننا بدأنا مرحلة جديدة وأعلناها في بيان التأبين للشهداء. قبضة في الميدان وقبضة على الزناد، وسنتحمل هذه النتائج بأكملها ونحن جادون في هذا الأمر، وعلى النظام الخليفي أن يتحمل كامل التبعات والمسؤولية”.

وأضاف “اليوم كل شوارع البحرين تهتف بالمقاومة، اليوم كل أبناء شعب البحرين يدعون للمقاومين وينسبون أنفسهم لخيار المقاومة، المقاومة أصبحت أمرا واقعا في البحرين”.

ويبدو أن إعلاء إيران من شأن السندي يشير إلى موافقة على برنامجه. فإلى جوار علم إيراني وراية كتب عليها عبارة “الموت لآل سعود” وقف السندي يلقى خطبة الجمعة في أبرز مساجد البلاد في مدينة قم في شهر سبتمبر أيلول الماضي فيما يمثل تكريما استثنائيا.

كما كان للسندي موقع الصدارة في مؤتمر أهل البيت عام 2013 وهي رابطة عالمية أسسها خامنئي عام 1990.

وقد احتفى هذا المؤتمر بانتفاضة البحرين. وأبدى السندي امتنانه للإيرانيين لاسيما خامنئي الذي وصفه بأنه قائد المسلمين جميعا.

أما الزعيم الأعلى الإيراني فقد حذر في خطاب ألقاه في الصيف الماضي من أن تصرفات الحكومة البحرينية ضد كبار شخصيات المعارضة “تزيح عقبة من أمام الشبان البحرينيين الأبطال الذين يتقدون حماسا للقتال ضد نظام الحكم.”

المصدر

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى