ثقافة

الإمام الخميني شخصية خالدة بإنجازاتها

بمناسبة الذكرى السنوية لرحيل مفجر الثورة الاسلامية

تمر علينا هذه الايام الذكرى الحادية والثلاثين لرحيل الإمام الخميني (ره) الذي ما زال حيا في قلب الإمة

ووجدانها وعقلها والغائب الحاضر والشاهد المشهود، اذ تعتبره الامة مقياسا للمبادئ والعدالة والحرية وأملا للقلوب البصيرة التي تبحث عن نفسها وعن واقعها. فأقواله وأفعاله خالدة بخلود المجد والعة والصلابة التي وهبها لإمته من مشرقها الى مغربها، وقد تحدث الكثير عن خصائص الإمام الخميني ونهضته، ومن این استمدت هذا الوضوح والنورانية في ادراك الامور؟ کیف يلمس الواقع حتى لا يكاد يخطئه وكأنه مسدد من عالم آخر . بأي شيء يتصل لينقل العالم كله الى قيم ومبادئ أكبر من عالمها الذي أنست به واعتادت عليه الى حياة أخرى.

وقد تميزت شخصية الإمام الخميني ايضا بالقدرة على القيادة بحكمة، ضمن المنهج الإسلامي، دون فرض الإسلام ، أو تحقير غير المسلم. كما أن سياساته العملية، وإنجازاته كافة، لم تقف عند حدود الزمن الذي عاش فيه رضوان الله علیه. بل تعدت ذلك الى العصور الحالية واللاحقة. وهو الأمر الذي جعل فكره، يستمر مع الزمن.

فيما شكلت شخصيته التي تميزت بالصفات القيادية الإسلامية، نموذجا للحكام والمسؤولين. فكيف يمكن بإختصار وصف شخصية الإمام ؟ وكيف أن إنجازاته ما تزال تنبض حتى يومنا هذا؟ ويمكن القول بأن أهم صفات الإمام هو الإيمان بضرورة أداء التكليف الشرعي، وضرورة إمتلاك القائد للرؤية الواضحة والتصميم والإرادة وأن يكون القائد صوتا للمظلومين والمستضعفين.

وهذه الصفات الأساسية، تشكل بحد ذاتها المواصفات التي تجعل القائد شخصا مقبولا عند الإمة. فقلما نجد في التاريخ السياسي المعاصر، شخصية قيادية عاشت كما يعيش ابسط الناس . كما أن طبيعة العلاقة التي كانت تجمع الإمام بالشعب والمسؤولين، والتي تبتعد عن الطرق التقليدية القائمة على التوارث في المسؤوليات أو الديكتاتورية في الحكم ، كلها صفات وخصائص، تجعل النموذج الخميني، يتمتع بروح المصداقية وقابلية الإستمرار.

حيث أن الإمام الراحل، لم يرث سلطته بل أتی باختيار وإصرار الشعب. كما أنه كان شخصية حقيقية وليس شخصية صنعها الإعلام. ودافع عن قضايا الإمة بالدم، وليس بأموال النفط. وحين وفاته، لم يستلم أحد

من أبنائه الحكم، بل كان القرار للنظام الإسلامي الديمقراطي الذي أنتجته الثورة الإسلامية. إن عظمة الإمام الخميني تكمن في إنجازاته. في حين يجب الوقوف عند تلك الإنجازات، مع الاستفادة منها اليوم ، وربطها بالواقع الذي تعيشه الأمة الإسلامية. وهنا لابد من القول باننا نعيش اليوم في ظل هجمة شرسة على الإسلام والأديان السماوية. ولعل ما يجري من محاولة لتشويه صورة الإسلام عبر الترويج له کدين إرهابي من خلال التنظيمات التكفيرية، هو من أكبر التحديات التي تدفع بالعقول الإسلامية لابتكار الطرق لمواجهة ذلك. وهنا فإن مفهوم إحياء الإسلام والذي سعى الإمام الخميني لتطبيقه، يعتبر الحل الأمثل لذلك. ولا شك أنه خلال القرنين الماضيين، كانت الاجهزة الاستعمارية الغربية، تسعى جاهدة إلى جعل الإسلام دينا منسيا عبر اتهامه بأنه دين التخلف.

وأنفقت لتحقيق ذلك أموالا طائلة من أجل إزاحة الإسلام من حياة الناس وعقولهم وسلوكهم الفردي والاجتماعي. فكان دور الإمام الخميني من خلال القيام بالثورة الإسلامية، دورا بارزا في تقديم نموذج الاسلام الحقيقي، إدراكا منه بأن الإسلام وتعاليمه الجامعة، يشكل العقبة الأكبر في طريق استمرار القوى الكبرى الاستكبارية في العالم، والهيمنة على مصالح الشعوب والأمم. وبالتالي فقد استطاع الإمام، إحياء الإسلام الصحيح، وهو الأمر هو الذي وجه ضربة قوية لمخططات الإستعمار والاستكباروساقها نحو الفشل.

على صعيد اخر نلاحظ أن الإمام هتف عاليا بمبدأ لا شرقية ولا غربية. الأمر الذي جعل الشعوب تلتفت الى ضرورة الاستيقاظ من شبات الإعتماد على الغرب. وهو ما نشعر بأننا بأمس الحاجة له اليوم، لا سيما وأن المنطقة تواجه اليوم تحديات عديدة. ولعل ما يرتبط وبشكل كبير بالإنجاز الذي سبق، ويؤس له، هو مسألة إحياء روح الثقة بالنفس لدى الشعوب. وهو الأمر الذي تعيشه إيران اليوم، بالإضافة الى محور المقاومة. حيث أن تلك المسألة، أسست لواقع عدم الإستسلام والرضوخ. وشكلت البذرة الأولى لتحرر الشعوب المستضعفة، وقدرتها على فرض مصالحها.

وهو ما نحتاجه اليوم في ظل الحرب الكونية التي تهدف بالظاهر الى تغيير الشرق الأوسط، وفي الباطن لضرب قدرة الشعوب على المقاومة والممانعة.

وإن الإنجازات تترابط في الكيفية والهدف، فإن مسألة بروز الأمة الإسلامية من جديد على الساحة العالمية، هو من أهم ما حققته سياسات الإمام الخميني. فالأمر لم يكتف فقط في تحقيق انتصار الثورة الاسلامية. بل تعدى ذلك لمسألة جعل الجمهورية الإسلامية الإيرانية، قوة عالمية. الأمر الذي يمكن رؤيته اليوم وبوضوح على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية .

من هنا فإن مسألة إعادة روح العزة للمسلمين، وما تتبعها من تفاصيل مهمة، أمر استطاع الإمام تحقيقه. حيث لم يعد الإسلام دينا من الأديان فحسب، يهتم فيه الباحثون من خلال الابحاث والتحليلات في الجامعات، بل أصبح موضع اهتمام المجتمعات في الغرب والعالم.

ودخل في صلب حياة الناس، الامر الذي جعل المسلمون أينما كانوا، يشعرون بالعزة والعنفوان. ولعلنا اليوم ومن خلال ذلك، نستطيع أن تسلط الضوء على مسألة أهمية وحدة المسلمين والبوصلة التي حددها الإمام الخميني، بإعتبار القدس هدف الشعوب المسلمة. لإنه عندما نعتمد معیارة واحدة، نستطيع من خلال ذلك الالتفات الى حقيقة المشهد السياسي في المنطقة. لا سيما في ظل التحالف الصهيوني الخليجي الراهن .

مما يجعلنها نفهم كيفية تحديد العدو وتمییزه من الصديق. الى جانب تمكننا من مواجهة من يدعون الإسلام، ومعرفة أصحاب الرأي الإسلامي الصحيح. لقد شكل الإمام نموذجا للقائد القادر على ربط الماضي بالحاضر والمستقبل.

كان الإمام رجلا إستراتيجيا حيث أنه أسس لمالم يفهمه أحد حينها، خصوصا عندما انتصرت الثورة وأصبحت القدس هدف الامة الاسلامية. أما اليوم، فإن العالم بأسره بدأ يدرس فكر الإمام الخميني كفكر إستراتيجي يصلح لكل زمن.

وهنا يمكننا وبموضوعية القول، بأن إنجازات الإمام الخميني من انتصار الثورة الى ترسيخ أهمية الوحدة الاسلامية وجعل القدس قبلة المسلمين، كلها تعد أسبابا لانجازات الشعوب المستضعفة في العالم، أو ما تسمه السياسة الدولية محور المقاومة والممانعة. لنصل الى حقيقة مفادها، بأن الإمام الخميني (قدسرہ) هو شخصية خالدة بإنجازاتها التي تتخطى حدود الزمن وتصلح لكل زمن.

هذا وسيظل الإمام الخميني رمزا كبيرا في السياسة والفكر والعرفان ، وفي القيادة والتطبيق العملي للفكر ، فلقد عاش مجاهدا طوال عمره من أجل الكلمة ، ومن أجل العدل وضد التكبر والظلم والاستعلاء والاستكبار، فكانت حياته سلسة مستمرة من العمل من أجل تطبيق أسس الثورة ضد الطغاة والمستكبرين والصهيونيين، وقد نجح في ذلك كثيرا رغم كل الصعوبات والحروب التي شنها الإعداء عليه من القوى العالمية والإقليمية، فكانت ومازالت أفكاره صالحة ومستمرة ينظر إليها الأصدقاء بالزهو ، والإعداء بالحسد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى