ثقافة

النظرة… سهم مسموم

قال تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} هذه ساعة علم {وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا} الرسول أعظم مخلوق ومع ذلك يؤدبه الله بطلب العلم، العلم والقدرة والحياة من صفات الله الذاتية، إذًا العلم بلا نهاية وأن إلى ربك الرجعى.

لابد أن نبحث هذه المسألة المهمة والخطيرة من جهات:

الإنسان في بطن أمه لا يعلم شيئا، الله أعطاه العلم الحسي ثم الخيالي ثم الجزئي ثم الكلي. ثم إن الله سبحانه أعطى الانسان حواسا خمس تنقل الأحاسيس إلى العقل، ومن هذه الحواس هي النظر.

  • هناك نظرتانهناك نظرتان
  1. نظرة بصريّة
  2. نظرة قلبيّة (بصيرة)

فتارة تكون النظرة مادية دنيوية وأخرى روحانية أخروية، وهناك ارتباط وثيق بين الظاهر والباطن للإنسان أي بين البصر والبصيرة، فههنا ٤ حالات للإنسان:

  1. أعمى البصر والبصيرة.
  2. أعمى البصيرة ولكنه يبصر بعينه.
  3. منير البصر والبصيرة.
  4. مبصر بلا بصيرة.

ما يشتاقه القلب تراه بعينك: اتق فراسة المؤمن فإنه ينظر بعين الله، كذلك العاصي ينظر بعين الشيطان.

نهج البلاغة الخطبة 7، يبين أن قلب المؤمن عرش الرحمن ولكن الشيطان يطوف حتى يجد ثغرة لينفذ منها.

أمير المؤمنين يشبه الشيطان بطائر يأتي على الشجرة وينظر يمنى ويسرى فإذا لم يجد مزاحما أتى بعودة ويضعها فإن لم يجد من يزاحمه يكمل بناء عشه.

ومعنى ذلك أن الشيطان يعشعش ويفرخ في قلب هذا الإنسان التعيس، فلا يتكلم هذا الإنسان إلا بلسان الشيطان ولا ينظر إلا بنظرة إبليسية.

أما المؤمن فينظر بعين الله، في الحديث: “ما تقرب إليّ عبد بشيء أحب إليّ مما افترضت عليه، وإنه ليتقرب إليّ بالنافلة حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ولسانه الذي ينطق به ويده التي يبطش بها”.

أحد العلماء يقول: فصل الإنسان عن الحيوان بالعقل، وفصل طالب العلم عن غيره من الناس بصلاة الليل؛ لأن الله سبحانه يفيض عليه في هذه اللحظات من العلم والصفات العليا والحكمة.

ورد عندنا أن النظرة العفوية الأولى لك ولكن مباشرة غض بصرك عن المرأة الأجنبية واعرف أن النظرة الثانية تنتهي إلى المحرم لأنها سهم مسموم كما في الحديث.

ملكوت كل شيء باطنه، فإذا حجزت الظاهر منعت من تلوث الباطن، ولذا لعشرات المرات كنت أمشي خلف أستاذي السيد المرعشي النجفي فكنت أراه عندما يدخل حرم السيدة المعصومة (ع) يضع عباءته على وجهه ويمشي وكان آنذاك كبير السن ولكنه (رح) كان يريد دفع أي احتمال للحرمة.

الشيطان يأتي من الباب الحلال، مثلا يقول لك: النظرة الأولى حلال، وكان شخص في بغداد ينظر إلى النساء السافرات وحينما سئل عن ذلك قال إنما أنا خياط أنظر إلى لباسهن حتى أخيط مثله.

  • في كتاب ينابيع الحكمة تحت هذا العنوان (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا).
  • وفي الحديث عن أبي عبدالله (ع): النظرة سهم من سهام إبليس مسموم.
  • وعنه (ع): النظرة بعد النظرة تزرع في القلب الشهوة وكفى بها لصاحبها فتنة.
  • وعنه (ع): أول نظرة لك والثانية عليك ولا لك والثالثة فيها الهلاك.
  • عن النبي (ص): غضوا أبصاركم ترون العجائب.

في كتاب منازل الآخرة قصة شاب عند احتضاره كلما قالوا له تشهد قال: ورب قائلة يوما وقد تعبت  أين الطريق إلى حمام منجاب، إلى أن مات على هذا الحال.

وقصة هذا الشاب أن كان يوما جالسا على باب بيته فمرت امرأة وسألته عن حمام منجاب فأشار إلى باب فذهبت المرأة ودخلت وكان هذا باب بيته فدخل وأغلق الباب وقال: هيت لك، فامتنعت المرأة ولكنه أصر، فقالت: لا بأس ولكن هذا الأمر يحتاج تهيئة فاذهب إلى السوق واشتر شيئا نتهيئ به، فصدق وذهب وما إن خرج لاذت بالفرار ثم بقت الحسرة في نفسه حتى مماته.

في مقابل ذلك نرى سيدنا الأستاذ المرعشي في كتابه الذي لم يطبع سلوة الحزين يقول: كنت في سامراء وعندي ذكر معين أردده وذات ليلة رأيت أنوارا من السماء تنزل وتدخل حرم الامامين العسكريين، نعم هذه عين البصر والبصيرة.


الكاتب: سماحة السيد عادل العلوي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى