ثقافة

قامات إسلامية (2) : قراءة في بحث الإمام الخامنئي حول دور الشيخ المفيد في حفظ التشيع.

الشيخ المفيد شخصية مهمة في تاريخ التشيع، والكثير منا سمع بهذا الاسم، البحث الذي بين أيدينا عبارة عن ورقة بحثية كتبها الإمام الخامنئي لمؤتمر الشيخ المفيد المنعقد في العام 1413 هجرية في الذكرى الألف لرحيل الشيخ المفيد.

من هو الشيخ المفيد؟

هو محمد بن محمد النعمان العكبري نسبة إلى منطقة شمال بغداد، ولد 336  وتوفي ٤١٣ هج ودفن في بيته ثم نقل إلى حرم الامامين الكاظمين.

من لقبه بالمفيد؟

هناك قولان:

  1. الإمام الحجة (عج) .
  2. أستاذه علي بن عيسى الرماني.

كان يحفظ كتب العامة ولذلك كانت عنده قدرة عجيبة على مناظرتهم.

  • يشير السيد القائد إلى بعض ثمرات الدراسات حول العلماء كالشيخ المفيد:
  1. تعريف الجيل المعاصر بالعلماء مما يخلق أرضية للاستفادة من نتاجاتهم.
  2. تمكين المتعلمين من قراءة مسار الشيعة تاريخيا من خلال كتابات داخل المذهب نفسه.
  3. معرفة الأفكار والاعتقادات الشيعية من مصادرها الأصلية.

تكمن أهمية دراسة شخصية الشيخ المفيد باعتباره يمثّل أول حلقة في التغيير للمنهجية الفقية والكلامية في المدرسة الشيعية والتي سار عليها علماء المذهب إلى يومنا هذا.

  • خصص السيد القائد الكلام حول دور الشيخ المفيد في حفظ هوية المذهب الشيعي. 

كان الإمام المعصوم في زمن حضوره هو الشاخص والمحافظ على الهوية العامة والمسار العام للتشيع، وكذلك في زمن الغيبة الصغرى كان الشيعة على اتصال بالإمام عبر السفراء، فكان هو عليه السلام المفْصَل لبيان الحق من الباطل كما تصدى لبعض المنحرفين كالشلمغاني كما تصدى الأئمة السابقون للواقفة مثلا، هذا التصحيح العام لمسار التشيع غاب مع الغيبة الكبرى فاحتاج الشيعة لمن يقوم بهذا الدور فكان الشيخ المفيد يذب عن العقيدة الشيعية ويدفع الشبهات ويحفظ الكيان.

دور الشيخ المفيد في الحفاظ على المذهب

أشار الامام الخامنئي في ذلك إلى ثلاثة محاور:

  1. تثبيت الهوية الشيعية المستقلة: مع بداية الغيبة الكبرى لابد أن يستمر المذهب واضح المعالم حتى تهتدي الناس إليه، وأهم تلك المعالم التي أصلها الشيخ المفيد:

                   أ. مسألة قبول ولاية أمير المؤمنين عليه السلام.

                   ب. قبول الأئمة الاثني عشر ولا يشمل مثل الزيدي أو الاسماعيلي أو الواقفي وغيره.

                   ج. إبراز الحدود الفاصلة بين التشيع كمدرسة لها مرجعيتها وإمتدادها وبين الاعتزال؛ حيث كثيرا من يقع الخلط بين التشيع والاعتزال ونسبة التشيع للاعتزال مع التشيع أقدم وهذا من أسبابه هو تعريف الشيعة دون الرجوع لمصادرهم.

2. تأسيس إطار علمي صحيح للفقه الشيعي: قبل الشيخ المفيد كان الجو العام للفقه الشيعي إما فقه النصوص أي المعتمد في الفتوى على نص رواية من المعصوم عليه السلام، ومن أبرز هؤلاء الفقهاء هو الشيخ ابن بابويه والد الشيخ الصدوق، أو فقه القياس كما برز من مسلك ابن الجنيد مثلا.

 يقول الامام الخامنئي بأن مسلك الشيخ المفيد هو الصحيح من بين هذين الاثنين حيث استند إلى الرواية في الفتوى ومع ذلك فرّع كثيرا في الفقه واستعمل العقل في تحليل مداليل الروايات.

هناك بعض الكتب التي تكشف عن أسلوب الشيخ المفيد في الاستدلال: كتاب المقنعة وإن لم يكن كتاب استدلال ولكن فتاواه تكشف عن بعد استدلالي متين، يؤيد هذا الاستنتاج مطالعة ما كتبه الشيخ من أجوبة استدلالية كما في الرسالة العددية والمسائل الصاغانية، مضافا لما كتبه في علم الأصول وهو كتاب التذكرة فهو كتاب أصولي طرح فيه آراءه، والبعض منها ما زال حيا يتداول في علم الأصول مما يدلل على حيازته لنضج فكري في هذا المجال مع أن ذلك العلم لم يتطور بعد. 

3. تأسيس إطار منطقي للجمع بين العقل والنقل: بداية القرن الثالث الهجري ومع دخول الفلسفات إلى العلوم الاسلامية فقد أخذت موقعية العقل مساراً متطرفا وتمظهر عند المعتزلة، فظهرت حركة المحدثين كردّة فعل على تطرف الاتجاه الأول، في هذا الجو وضع الشيخ المفيد العقل الموضع الطبيعي من حيث الحركة في مجال إدراكه والتوقف عما لا يمكنه إدراكه كما حصل في تناوله صفة الارادة الالهية.

يشير السيد القائد في الختام إلى أن الشيخ المفيد حيث كان زعيم التشيع فقد تعرض إلى مضايقات من الخصوم حتى تعرض إلى نفي من بغداد كما ينقل التاريخ.

يختتم السيد القائد البحث بدعوته إلى “إن ما يجب أن تتعلمه الفرق الإسلامية اليوم وهي تنظر إلى مشاهد التاريخ المؤلمة تلك، هو درس المحبة والسلام، وطالما ظلت أصول الإسلام التي نهض من أجل إحيائها المفيد مهدّدة وفي معرض الخطر من قبل الأعداء الدوليين.. فإن على مفكري جميع المذاهب أن يفكروا في سبل الوحدة والتقارب والتعاون”.

كلمة بارزة

تكمن أهمية دراسة شخصية الشيخ المفيد باعتباره يمثّل أول حلقة في التغيير للمنهجية الفقية والكلامية في المدرسة الشيعية والتي سار عليها علماء المذهب إلى يومنا هذا.

إن ما يجب أن تتعلمه الفرق الإسلامية اليوم وهي تنظر إلى مشاهد التاريخ المؤلمة تلك، هو درس المحبة والسلام، وطالما ظلت أصول الإسلام التي نهض من أجل إحيائها المفيد مهدّدة وفي معرض الخطر من قبل الأعداء الدوليين.. فإن على مفكري جميع المذاهب أن يفكروا في سبل الوحدة والتقارب والتعاون.


الكاتب: سماحة الشيخ إبراهيم زين الدين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى