ثقافة

مؤامرات قوى الشر العالمي على العقل – القسم الأول

قال تعالى: (قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ) سورة طه – الآية 123

منذ أن هبط نبي الله آدم إلى الأرض وهبط معه الشيطان بدأ الصراع بين معسكر الخير ومعسكر الشر، فقصة الصراع قديمة بقدم الخلق وهو مستمر ما دام الإنسان ومعه الشيطان.

محور الصراع   

السؤال: ما هو محور هذا الصراع؟ 

الجواب: ليس إلا الإنسانية، بعد أن خلق الله آدم ووهبه العقل وأمر الملائكة بالسجود له فسجد الملائكة بعدما علموا بعقله ومكانته العلمية وأبى إبليس.

الشيطان نظرته إلى الأمور نظرة مادية من منطلق القوة (خلقتني من نار وخلقته من طين) لم يعر العلم والعقل أية أهمية، خلافا للملائكة، فمشكلة الشيطان مع آدم لا مع الله، وهدفه القضاء على الإنسانيّة أي القضاء على العقل الإنساني وفي النهاية يريد أن يرسل رسالة: (أرأيتك هذا الذي كرمت عليّ لأحتنكن ذريته إلا قليلا)، وإذا قضى الشيطان على عقل الإنسان لم يعد الإنسان إنسانا، إذًا محور الصراع بين الشيطان والعقل.

العقل النظري والعقل العملي   

نذكر تقسيمات للعقل حتى نعرف أن الاستكبار العالمي يستهدف أي قسم منها.

  1. العقل النظري: ووظيفته التفكير فقط، وعدوه هي القوى الوهميّة، فهي تمنعه من التفكير في الموضوعات المجردة كالغيب وتحصره في الفكر المادي وتسجنه في المرتبة الحيوانية، العدو يستضعف العقل النظري عن طريق تقوية عدوه وهو الوهم بطرق سنشير إليها.

هذا العقل يمثل صوت الله في باطننا، وحينما يتعطل عن الفكر المجرد فإن هذا نوع من المرض حقيقة؛ لأن المرض ليس إلا اختلال الوظيفة الطبيعية للعضو، وقد دون الحكماء قوانينهم فهم أطباء يعالجون العقول.

العدو الكبير للانتهازيين هو العقل ومن مصلحتهم تعطيله حتى يقودوا الناس بكل يسر وسهولة كقطيع الغنم.

2. العقل العملي: وظيفته هي التدبير فقط، الجسم آلة الروح وهي مجردة عند الحكماء وهي من أمر الله وتنزل من عند الله بيضاء فيها استعداد للتكامل، والحواس نوافذ لتلقي العقل للعلم، فالجسم منفّذ ومحصل لكمالات الروح عن طريق الممارسات السلوكية كالصلاة.

نعم الجسم بنفسه له حاجات حتى ينحفظ، وهي شهوة الطعام والشراب والرغبة الجنسية لحفظ النسل البشري، والقوة الغضبية تدفع الضرر عن الجسد.

المشكلة في الشهوات أنها قوّة غير مميّزة للمشروع من الممنوع فهي تريد وفقط، وهنا تأتي وظيفة العقل العملي وهي تنظيم هذه القوى والشهوات وتوجيهها، ويأتي دور الجنود وأنت من تمد الجنود فإما أن تمد العقل بجنوده أو تمد  الشهوة بجنود لمواجهة العقل كما جاء في خبر جنود العقل والجهل، وأكبر هزيمة يمكن أن يقع فيها الإنسان هي هزيمة العقل.

عن الامام علي (ع): “كم من عقل أسير عند هوى أمير“.  طبعا العقل سيعمل على كل حال ولكن إذا انهزم فإنه سيعمل في صالح الشهوة، ولذلك التي عند معاوية كانت شيطنة وليست عقلا كما في الخبر.

العقل الطبي   

هنا يصبح العقل هو المخ، مخ الإنسان من ناحية بيولوجية لو فككناه لكان أكبر حجما من مخ الفيل مثلا فهذا يكشف أنه جزء مميز.

مركز التفكير في المخ مجاور لمركز الإحساس والانفعالات، واكتشف الأطباء أن المعلومات تمر أولاً على مركز الإحساس ثم تصل إلى مركز التفكير، وحينئذ يكون التفكير الموضوعي صعباً، قوى الشر دائما تحاول تمرير أجندتها عن طريق مركز الإحساس باستخدام مفردات براقة.

العقل الواعي واللاواعي   

وظيفة العقل الواعي هي التفكير المنطقي أي تحليل المعلومات الداخلة وتمييز الصحيح من السقيم حتى يحافظ على الأمن الفكري.

العقل اللاواعي هو قرص صلب للمعلومات، وبعد برمجته يعمل تلقائيا بلا تحكم فيه فهو كالبرنامج، والذي يعمل على برمجته هو العقل الواعي، فإذا تعطل هذا العقل فإن الذي يبرمج العقل اللاواعي هو الخارج، غيرك سيفكر عنك وغيرك سيحركك عن بعد، قوى الشر العالمي أول ما تعمل عليه هو تنويم العقل الواعي ثم تبرمج العقل اللاواعي، بعد أن تتم البرمجة تقول لك تلك القوى أنت حر!

 أية حرية؟ هي المؤطرة المبرمجة ؟! هذه حرية مزيفة.


الكاتب: سماحة الشيخ د.أيمن عبدالخالق المصري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى