ثقافة

الاعتقاد بالمعاد ضمان استقامة

قال تعالى: ﴿مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وعَمِلَ صَالِحًا فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ﴾.

فجعل الإيمان بالمعاد عدلا للتوحيد.

وقيل أن القرآن تكلم عن شؤون الآخرة في أكثر من ألفي آية في سوره المختلفة.⠀

أهمية الاعتقاد بالمعاد

الاختلاف في النظرة إلى الدنيا: فالمؤمن يرى الدنيا معبر ومزرعة فيستثمرها وينضبط؛ وأما غير المؤمن فيراها هي النهاية فيستغلها في قضاء شهواته وهو ما يجره للاكتئاب والحياة الضنكا.

آثار الاعتقاد بالمعاد في البعد الاقتصادي

  • ١- تأطير عمله المنتج في إطار الأحكام الشرعيّة.⠀

وعن رسول الله (ص): “لا يزول قدم عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع… وعن ماله مما اكتسبه وفيما أنفقه”.⠀

  •  ٢-لا يسرق ولا يغصب.

يقول تعالى: ﴿إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا﴾، وعن رسول الله (ص): “لما أُسري بي إلى السماء رأيت قوماً تُقذف في أفواههم النار وتخرج من أدبارهم، فقلت: من هؤلاء يا جبرائيل؟ فقال: هؤلاء الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً”.⠀

  • ٣- لا يغش ولا يطفف.

يقول تعالى: ﴿وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ﴾.⠀

  •  ٤- لا يسرف ولا يبذر.

 ٥- يدفع الضرائب ومنها الزكاة والخمس.⠀

  •  ٦- يحافظ على الموارد والثروات.

آثار الاعتقاد بالمعاد في البعد الأخلاقي

محبَّة ومساعدة المظلومين والمحرومين، يقول تعالى: ﴿وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ﴾.

ويقول: ﴿رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ﴾، ويقول: ﴿يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾.

ويقول:﴿وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ﴾⠀
ويقول: ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ﴾.⠀
﴿وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ﴾.

آثار الاعتقاد بالمعاد في الجهاد والقتال

يقول تعالى: ﴿قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو اللّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾.

ويقول: ﴿لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنودِهِ﴾.

آثار الاعتقاد بالمعاد في المسائل السياسيّة والاجتماعيّ

يقول تعالى: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾.
ويقول: ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾.
ويقول: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾.

وفي الرواية قال عبد الله بن العباس: دخلت على أمير المؤمنين عليه السلام بذي قار وهو يخصف نعله فقال لي: “ما قيمة هذه النعل؟ فقلت: لا قيمة لها، فقال عليه السلام: والله لهي أحب إلي من إمرتكم إلا أن أقيم حقاً أو أدفع باطلاً”.

  •  لذا من آثار الاعتقاد:
  1. أداء الحقوق.
  2. إيجاد المجتمع العادل.
  3. ثبات الحكومة.
  4. نصرة المستضعفين.
  5. 5-محاربة المستكبرين وإطاعة القوانين الإلهيّة بشكل عام.

والثمرة المترتّبة على ذلك هي المجتمع الصالح الذي يملك رقيّاً.

 أسباب إنكار المعاد

  • الأول: إنكار كل أمر غيبي وغير محسوس.
  • الثاني: الرغبة بالتحلّل: يقول تعالى:﴿أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَلَّن نَجْمَعَ عِظَامَهُ * بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ * بَلْ يُرِيدُ الْإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ﴾.
  • الثالث: صعوبة جمع أجزاء الإنسان، يقول تعالى: ﴿وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُم بِلِقَاء رَبِّهِمْ كَافِرُونَ﴾، ويقول:﴿قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ﴾.

ويقول: ﴿أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ * بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ﴾.

ويقول: ﴿فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.

وفي روايةٍ أنّ أحد أصحاب النبي سأل النبي: كيف يحيي الله الموتى؟ قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “أما مررت بأرضٍ لك مجدبة ثم مررت بها مخصبة ثم مررت بها مجدبة ثم مررت بها مخصبة؟ قال: بلى. قال: ﴿كَذَلِكَ النُّشُورُ﴾ “.

 أدلة المعاد

  • ١- النقل

فالنصوص في المعاد من القرآن قيل أنها تبلغ 1400 آية وتواترت الروايات في ذلك.

  • ٢-العدل

يقول تعالى: ﴿أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ﴾ ويقول: ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ قَلِيلًا مَّا تَتَذَكَّرُونَ﴾.

  • ٣- دليل الحكمة

يوجد هدفٌ وغاية للخلق. ولا المعاد لما كان هناك غاية، يقول تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ﴾ ويقول: ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ﴾.

  •  ٤- الفطرة

ففي كل إنسان ميل نحو الحياة الأبديّة الدائمة فيتحرَّك لإرضاء هذا الميل الداخلي.

لذا لا يحبّ الإنسان الموت مهما كبُر في السن.

وقد صاغ الإمام الخميني دليل الفطرة بنحو آخر: فالإنسان مفطور على حب الراحة. فلو أنك في كل أدوار التمدّن والتوحّش، والتديّن والعناد، رجعت إلى هذا الإنسان، الجاهل والعالم، والوضيع والشريف، والمدني والبدوي، وسألته:
لِمَ كل هذا التعلّق المتنوِّع والأهواء الشتى؟

وما الغاية من تحمّل كل هذه المشقات والصعوبات والمعاناة في الحياة؟ كلهم بلسان الفطرة: الغاية النهائية والمرام الأخير وأقصى ما يتمنونه هو الراحة المطلقة الخالية من العناء.

وفي الدنيا جميع نِعمها يصاحبها العناء والعذاب المضني، وما من لذة إلاّ وفيها ألم.

وبناءً على ذلك فإنّ معشوق الإنسان لا يوجد في هذا العالم الدنيوي.

إنّ العشق الفطري لا يكون من دون معشوق موجود فعلاً.

إذاً، لا بُدَّ من أن يكون هناك في دار التحقّق وعالم الوجود عالم لا تشوب راحته شائبة من ألم وعذاب وتعب، راحة مطلقة لا يخالطها شيء من العناء والشقاق، سرور دائم خالص لا يعتوره حزن ولا همّ. وهو عالم يمكن إثباته بفطرة الحرية ونفوذ الإرادة الموجودة في فطرة كل إنسان. ولما كانت مواد هذا العالم وما به من العسر والضيق مما يستعصي على حرية الإنسان وإرادته، فلا بُدَّ إذاً، أن يكون هناك عالم آخر له الإرادة.

(عشق راحة وعشق حرية).


ملخص الليلة الثانية والعشرين من شهر رمضان المبارك ١٤٤١ هـ | سماحة الشيخ هاني البناء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى