ثقافة

لابد للناس من إمام هدى

الأول: سر الحاجة الى الامام المعصوم

هل قضيّة الإمامة عقائدية أم فقهية أو سياسية؟⠀
الشيعة تعتقد أنها عقائديّة كلاميّة، واِنّ ابعادها الفقهيّة والسياسيّة لها جنبة فرعيّة لا غير.⠀

لِمَ عقائدية؟⠀

لأنها تمثل الحلقة الضرورية في حلقات العقيدة فعقيدتنا بإله واحد مدبر.

⠀وأنه لم يخلق أيّ شيءٍ باطلاً أو عبثاً، وكلٌ يسير نحو كماله ومنه الإنسان وهو ذو الشعور والعقل ويتحرك في مسارين تكويني وتشريعي. والتشريعي نحو سعادة أو شقاء.⠀

لذا لله ربوبيتان تكوينية وأخرى تشريعية⠀

والتشريعية توفّر له الأسباب والمقدّمات للسير الاختياريّ والتي من بينها تعريفه بالهدف وتشخيص معالم الطريق الذي سيطويه للوصول إليه، كي يتيسّر له الاختيار عن تعقّل ووعي.⠀

على هذا الأساس فإنّ مقتضى الحكمة الإلهيّة هو ترميم النقص الحاصل في ادراكاته الحسيّة والعقليّة عن طريق علوم الوحي.⠀

وأين تكمن الخطورة

تكمن في التغيير والتحريف، العمديّ منه وغير العمديّ، فلابد من شريعة لا يطالها التحريف .

⠀والقرآن وإن كان محفوظاً: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾.

إلا أنه لا يكفي لعدم فهمنا له، والسنة طالها التزوير من زمن النبي. حتى اختلف الصحابة في الوضوء.⠀

ما هو المشروع الذي رسمته الربوبيّة الإلهيّة في سبيل تأمين هذه الحاجة؟⠀

أهل السنة والجماعة توجد في عقيدتهم حلقة مفقودة.

والشيعة لا حلقة مفقودة فالإمامة تبيين أحكام الإسلام وقوانينه وتفسير عموميّات القرآن الكريم ومتشابهاته. فهي امتداد لدور النبوة وتحفظ الدين وتبينه وتدفع عنه الزيف والتحريف. إذن هي عقائدية.

وهي مقتضى اللطف. ﴿كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ﴾.⠀

وفي مناظرة هشام بن الحكم مع عمرو بن عبيد أفحمه من فمه فإذا كان القلب ليميز ما يعرض الجوارح وأن الله لم يترك جوارح الإنسان بلا إمام يردها للحق فكيف ترك الأمة بلا إمام.⠀

الثاني: الاختلاف في فهم نص الغدير

الأفضل هو المنهج الاجتماعي التاريخي.

ما هو الإسلام؟ الإسلام هو الدين الوحيد الذي تضمن مبادئه الحلول الحكيمة لجميع المعضلات التي تواجه الإنسان في حياته الدنيا. فمعضلات الروح والجسد ومشاكل الفرد والأسرة والمجتمع قدم الإسلام لها الحلول الواقعية الكفيلة بان تقدم للإنسان لو اتبعها سعادة وتقدماً وازدهاراً لجميع قوى الخير فيه.⠀

المجتمع العربي قبل الإسلام

1-أنه كان مجتمعاً أمياً له فوة غب الأدب بلا ثقافة تضاهي غيره.
2- أفق أفراده بأفق القبيلة فالفرد متقوقع فيها..
3- ينظر للأنثى أنها عار بل قد يتفاخر بوأدها.
4- نظام قضائي متدني ويعتمد في بعض صوره على الكهانة.
5- يعيش الفردية عنيفة فلا يقدم لمجمتعه.
6- ديانته وثنية جافة لا طهر فيها.

مهمة الإسلام

1-القضاء على نظام القبيلة ليكوّن من المسلمين عرباً وغيرهم أمة. وكان عليه أن يفتح قلب العربي وعقله للعالم.
2- إيجاد المغزى الاجتماعي للثروة فيساهم بجهده بدل اللصوصية التي كان يتغنى بها.
3- أعاد الاعتبار الإنساني للأنثى.
4- اعتبر العدوان جريمة وليست بطولة.
5- سعى لكبح جماع الفرد لأجل استقرار المجتمع.
6- كوّن ضميراً دينيا قادراً على حمل الرسالة.

كيف يتحوّل المجتمع؟

لا يمكن أن يستلم أفراد المجتمع ويتخلوا عما كان عليه آباؤهم: ﴿قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾.

فهناك قوة شعورية وارتباط بما عليه الآباء يقاوم كل جديد ولا يستلم إلا تحت القوة وحينما يعمل تحت الخفاء لإضعاف الدين الجديد والقضاء عليه وإرجاع ما كان عليه الآباء.

لذا في عملية التغيير نحتاج لعقود لينقضي الجيل التي عاش الجاهلية والجيل الثاني الذي تربى عند من عاش الجاهلية بل والجيل الثالث لنتخلص من تمام الرواتب الجاهلية.

شروط قيادة المرحلة

وعمر النبي (ص) لا يطول بقدر ذلك فلابد من قيادة تتوفر على مواصفات تقود المسيرة إلى بر الأمان يطول وجودها لما بعد تلك الأجيال ومن شروط هذه القيادة:

1-الإحاطة التامة بالدين خالصاً.
2- تحس وتشعر بكل عنصر غريب يتلصص إليها ليتقمص أشكالها المادية ثم يقودها من الداخل.
3- الشجاعة فهي قادرة على مواجهة العالم ولا تتنازل.
4- لها صرامة في مواجهة قادة الجاهلية والسلوك التي قضى عليها الدين فالقائد يسد جميع منافذ التعبير عن الجاهلية ويعمل على تغلغل العقيدة الجديدة في كل مظاهر الحياة الاجتماعية والفردية.

من المسؤول على حفظ الشريعة وضمان وجود قائد يحميها؟

الرسول ولهذا نجد أنفسنا لا مضطرين إما أن نقول أن النبي قصر في حفظ الدين أو نقول أنه عيّن من يقود بذلك وكل النصوص الثابتة وعند الفريقين تؤيد وتثبت التعيين.

هل نص على الخليفة؟

نعم وبالتالي نفهم نص الغدير وغيره في ضوء المنهج التاريخ أنه تعيين لإمامة أمير المؤمنين عليه السلام. هل أعده؟

نعم لقد أشرف النبي (ص) على إعداد أمير المؤمنين فقد روي عن علي (ع) قوله: “وقَدْ عَلِمْتُمْ مَوْضِعِي مِنْ رَسُولِ اللَّه ( ص ) – بِالْقَرَابَةِ الْقَرِيبَةِ والْمَنْزِلَةِ الْخَصِيصَةِ – وَضَعَنِي فِي حِجْرِه وأَنَا وَلَدٌ يَضُمُّنِي إِلَى صَدْرِه – ويَكْنُفُنِي فِي فِرَاشِه ويُمِسُّنِي جَسَدَه – ويُشِمُّنِي عَرْفَه – وكَانَ يَمْضَغُ الشَّيْءَ ثُمَّ يُلْقِمُنِيه – ومَا وَجَدَ لِي كَذْبَةً فِي قَوْلٍ ولَا خَطْلَةً فِي فِعْلٍ – ولَقَدْ قَرَنَ اللَّه بِه ( ص ) – مِنْ لَدُنْ أَنْ كَانَ فَطِيماً أَعْظَمَ مَلَكٍ مِنْ مَلَائِكَتِه – يَسْلُكُ بِه طَرِيقَ الْمَكَارِمِ – ومَحَاسِنَ أَخْلَاقِ الْعَالَمِ لَيْلَه ونَهَارَه – ولَقَدْ كُنْتُ أَتَّبِعُه اتِّبَاعَ الْفَصِيلِ أَثَرَ أُمِّه – يَرْفَعُ لِي فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَخْلَاقِه عَلَماً – ويَأْمُرُنِي بِالِاقْتِدَاءِ بِه – ولَقَدْ كَانَ يُجَاوِرُ فِي كُلِّ سَنَةٍ بِحِرَاءَ – فَأَرَاه ولَا يَرَاه غَيْرِي – ولَمْ يَجْمَعْ بَيْتٌ وَاحِدٌ يَوْمَئِذٍ فِي الإِسْلَامِ – غَيْرَ رَسُولِ اللَّه ( ص ) وخَدِيجَةَ وأَنَا ثَالِثُهُمَا – أَرَى نُورَ الْوَحْيِ والرِّسَالَةِ وأَشُمُّ رِيحَ النُّبُوَّةِ – ولَقَدْ سَمِعْتُ رَنَّةَ الشَّيْطَانِ حِينَ نَزَلَ الْوَحْيُ عَلَيْه ( ص ) – فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّه مَا هَذِه الرَّنَّةُ – فَقَالَ هَذَا الشَّيْطَانُ قَدْ أَيِسَ مِنْ عِبَادَتِه – إِنَّكَ تَسْمَعُ مَا أَسْمَعُ وتَرَى مَا أَرَى – إِلَّا أَنَّكَ لَسْتَ بِنَبِيٍّ ولَكِنَّكَ لَوَزِيرٌ – وإِنَّكَ لَعَلَى خَيْرٍ”.

“وكُنْتُ إِذَا سَأَلْتُه أَجَابَنِي وإِذَا سَكَتُّ عَنْه وفَنِيَتْ مَسَائِلِي ابْتَدَأَنِي فَمَا نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّه (ص) آيَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ إِلَّا أَقْرَأَنِيهَا وأَمْلَاهَا عَلَيَّ فَكَتَبْتُهَا بِخَطِّي وعَلَّمَنِي تَأْوِيلَهَا وتَفْسِيرَهَا ونَاسِخَهَا ومَنْسُوخَهَا ومُحْكَمَهَا ومُتَشَابِهَهَا وخَاصَّهَا وعَامَّهَا ودَعَا اللَّه أَنْ يُعْطِيَنِي فَهْمَهَا وحِفْظَهَا فَمَا نَسِيتُ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّه ولَا عِلْماً أَمْلَاه عَلَيَّ وكَتَبْتُه مُنْذُ دَعَا اللَّه لِي بِمَا دَعَا ومَا تَرَكَ شَيْئاً عَلَّمَه اللَّه مِنْ حَلَالٍ ولَا حَرَامٍ ولَا أَمْرٍ ولَا نَهْيٍ كَانَ أَوْ يَكُونُ ولَا كِتَابٍ مُنْزَلٍ عَلَى أَحَدٍ قَبْلَه مِنْ طَاعَةٍ أَوْ مَعْصِيَةٍ إِلَّا عَلَّمَنِيه وحَفِظْتُه فَلَمْ أَنْسَ حَرْفاً وَاحِداً ثُمَّ وَضَعَ يَدَه عَلَى صَدْرِي ودَعَا اللَّه لِي أَنْ يَمْلأَ قَلْبِي عِلْماً وفَهْماً وحُكْماً ونُوراً فَقُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّه بِأَبِي أَنْتَ وأُمِّي مُنْذُ دَعَوْتَ اللَّه لِي بِمَا دَعَوْتَ لَمْ أَنْسَ شَيْئاً ولَمْ يَفُتْنِي شَيْءٌ لَمْ أَكْتُبْه أفَتَتَخَوَّفُ عَلَيَّ النِّسْيَانَ فِيمَا بَعْدُ فَقَالَ لَا لَسْتُ أَتَخَوَّفُ عَلَيْكَ النِّسْيَانَ والْجَهْلَ”.

“يا علي، أنا مدينة العلم وأنت بابها، وهل تؤتى المدينة إلا من بابها”.


ملخص الليلة التاسعة عشر من شهر رمضان المبارك ١٤٤١ هـ | سماحة الشيخ هاني البناء

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى